مواضيع في حياة اللغة للكاتب مروان بركات.
عبد المجيد محمد خلف
يقسم الكتاب إلى مقدمة، وخمسة وعشرين فصلاً، تشير جميعها إلى أهمية اللغة بشكل عام، ودورها الكبير في حياة الأمم، كوسيلة لا غنى عنها للتواصل، والوصول إلى الغاية التي يسعى الإنسان إليها، من خلال التعامل مع الآخرين، مستخدماً إياها بسهولة، بعدما كانت تعتمد – وخاصة عند بعض الشعوب التي مازالت اللغة عندهم عاجزة عن إيجاد مخارج لها؛ بسبب ضعف وسائل التعبير عندها–على الاستعانة باليد، أو الحركات الإيمائية؛ للتوصل إلى الطلب، والغاية المراد منها، وهذا ما يفرض على العاملين في اللغة، في أي بلد كان، ضرورة إيجاد مخرج لأزمتها، وابتكار بدائل عن النقص الكائن فيها، وتطوير قواعدها، وأساليبها التعبيرية؛ لتحقيق الراحة، والتطور لعملية التدوين لديها، والكاتب يتحدث في مقدمة الكتاب عن أهمية علوم اللغة، وعلاقتها المتواشجة مع الفكر الإنساني؛ فهي طريقتها، ووسيلتها الأولى والأخيرة لفهم الكون والحياة، وما فيها من الأشياء، والأسرار، ولكشف المجهول من حقائق هذا الوجود، وتنوعها لدى المجتمعات ليس إلا دليلاً على تنوع العقليات، ومن هنا نشأت أهمية التحليل الدقيق، والمفصل، لعضوية كل لغة، حتى تتم المقارنة بين خصائص بنيتها، وخصائص بنية اللغات الأخرى، والتفوق فيها بالتالي هو برهان أكيد على تفوق الذهنية والعرق، هذه اللغة نشأت عبر تاريخ الإنسان الطويل في الحياة، واختلفت بذلك نظرياته في تأويلها، ومصدرها؛ فمنهم من أشار إلى أنها وحي وإلهام من الله للبشر، ومنهم من قرر أنها أبدعت، واستحدثت بالتواضع والاتفاق، وارتجال ألفاظها ارتجالاً،ومنهم من أكد على أن الفضل في نشأتها يرجع إلى غريزة خاصة، زُوّد بها في الأصل جميع أبناء النوع الإنساني، ولعل أهم النظريات في هذا المجال هي التي تقرر بأنها نشأت من الأصوات الطبيعية، واقتبست منها بالمحاكاة، والتقليد للأصوات في الطبيعة.
وتعتبر الكتابة في اللغة من أبرز، وأهم الإبداعات، والنتاجات التي قامت بها البشرية خلال مسيرة تطورها التاريخي الطويل، وهي إحدى المنعطفات الحضارية التي قام بها الإنسان؛ فهي التي حافظت على العلوم، وجميع فروع المعرفة عبر التدوين.
وللغة فصائل كثيرة متنوعة، تتنوع حسب النظريات التي أولتها اهتماماً، ولكن أبرز هذه النظريات، هي التي أرجعتها إلى ثلاث فصائل، وهي نظرية (مكس مولر):
– الفصيلة الهندو أوربية.
– الفصلية السامية الحامية.
– الفصيلة الطورانية.
وتشتمل كل منها على طوائف متعددة، من اللغات. وتختلف كل منها عما عداها، في درجة رقيها، ومدى بعدها عن أصولها الأولى، فمنها ما يزال جامدة على خصائصها القديمة كاللغة الكردية، التي تغلب على أهلها صفة المحافظة على القدر الكبير من القديم، ومنها من قطعت أشواطاً كبيرة على طريق الارتقاء، ومواكبة العلوم المختلفة كاللغة الإنكليزية. ومنها من سارت بخطىً بطيئة كاللغة الفارسية.
وهذه اللغات تعتبر مثلها مثل حالة الكائن الحي، فيحدث لها ما يحدث بين أفراد الكائنات الحية، وجماعاتها من صراع، واحتكاك، وتنازع على البقاء، والسير وراء الغلبة، والسيطرة، وتختلف نتائج هذا الصراع باختلاف أحوال أصحابها. إضافة إلى تأثرها ببعضها بشكل كبير، نتيجة التعامل، والعلاقات التجارية والاجتماعية بين أصحابها، فتكثر عمليات الاقتباس من بعضها فيما بينها، خاصة إذا كان هذا الاحتكاك قوياً بين أصحابها.
وقد تتوسع لغة على حساب أخرى، وهذا بالطبع يعود إلى جملة من الأسباب، أهمها:
– الصراع اللغوي بين لغتين، حيث تأخذ اللغة المنتصرة طريقها إلى التوسع والانتشار.
– بقاء الاستعمار في بلد لفترة طويلة من الزمن، فيتسع بذلك مدى انتشار لغتهم، والأمثلة هنا كثيرة، ومعروفة لدى الجميع، مدى تأثر اللغة الأصلية بلغة المستعمرين للبلدان التي احتلوها. وتلعب هنا المدة الزمنية لبقاء الاستعمار في ذلك البلد، في ذلك.
وتتأثر اللغة بحضارة الأمة التي تنشأ فيها، ونظمها وتقاليدها، واتجاهاتها العقلية، ودرجة ثقافتها، ونظرتها إلى الحياة، وأحوال بيئتها الجغرافية، وشؤونها الاجتماعية العامة، فكل تطور في ناحية من هذه النواحي يتردد صداه في أداة التعبير.
ويشير الكاتب في معرض حديثه عن اللغة الكردية، بوصفها إحدى اللغات العالمية، بأنها اللسان القومي لما يزيد عن ثلاثين مليون كردي، وهي اللسان المقدس لكتاب الزرادشتية المقدس (أفستا)، وهي لسان الكتب والأقوال الأزداهية المقدسة، يتخذون منها أداة لصلواتهم، وشعائرهم، واختلفت أوضاعها، وتطورها باختلاف الظروف التاريخية التي مر بها الكرد؛ فكانت تتطور، وتتسع، وتصبح لغة لامبرطوريات كبيرة في التاريخ، وأحيانا تتقلص بانتهاء الدور التاريخي للكرد في الأحداث التاريخية.
وهي لغة متنوعة اللهجات، كثيرتها أيضاً،وتتوزع لهجاتها على الشكل التالي، حسب ما ذكر فؤاد حمه رشيد:
اللهجة الرئيسة
لهجاتها المحلية الفرعية
الكرمانجية الشمالية
البايزيدية– الهكارية– البوتانية
الشمدينانية– اللهجة الغربية
الكرمانجية الوسطى
الموكرية– السورانية– الأردلانية
السليمانية– الكرميانية
الكرمانجية الجنوبية
اللرية الأصلية (الفيلية)- البختيارية
المامسانية– الكوهكلوية– اللكية– الكلهرية
الكورانية
الكورانية الأصلية– الهورامية– الباجلانية– الزازية
أما التقسيم الأدق للهجات الكردية الرئيسة من حيث التسمية، فهو: الكرمانجية– السورانية– الهورامية– الدملية– اللورية.
واللغة الكردية هي لغة مقطعية، والمقطع هو جزء من الكلمة، يخرج دفعة واحدة من الفم، وفي علم الصوتيات يُعرّف المقطع بأنه أهم جزء في الكلمة. وهي لغة لاصقة، تمتاز بالسوابق، واللواحق، التي ترتبط بالأصل، فتغيّر معناه.
وأهم الخطوط التي استخدمها الكرد في الكتابة، هي (الخط المسماري– أبجدية أفستا– الأبجدية الآرامية– ألف باء الماسي سوراتي– الأبجدية البهلوية– الأبجدية الكردية اللاتينية).
وتعاني اللغة الكردية من أزمة في معاجمها، إن لم نقل قلة اهتمام، ونقص في بعض الأحيان؛ فلابد من تدارك هذه المشكلة، والتنبه لخطرها، وهي بحاجة إلى مجمع لغوي للعمل على الارتقاء باللغة، وحمايتها من الضياع، لتتطور من خلالها، ومن خلال اهتمام الكرد بها بشكل أكبر.
ملاحظة : صدر الكتاب عن دار النشر ” دار ” قامشلو.[1]