ولد “كمال مظهر أحمد الحاج رسول” في قرية أخجلر وهي في ناحية تابعة للواء كركوك في 1937. لوالد ضابط شرطة. أنهى دراسته الثانوية في 1955 ودخل دار المعلمين العالية ببغداد وتخرج في 1959. حاصلا على البكالوريوس في التاريخ بمرتبة الشرف سنة 1959.
لإكمال دراسته العليا سافر إلى الاتحاد السوفيتي السابق، ونال الدكتوراه في 1963 من معهد الاستشراف التابع لأكاديمية العلوم السوفيتية، بل حصل على دكتوراه ناؤوك من المعهد نفسه في 1969 وقد كانت أعلى شهادة في ذلك الوقت في الاتحاد السوفيتي.
رجع إلى العراق وعمل في قسم التاريخ بكلية الآداب مدرسا، ترقي إلى مرتبة الأستاذية في 1981. ثم إلى المجمع العلمي الكردي حيث شغل منصب الأمين العام ومساعد رئيس المجمع للشؤون العلمية بين 1971 و1975.
أشرف على عدة رسائل وأطروحات الدراسات العليا في عدة جامعات وكانت أغلب الرسائل والأطروحات تدور حول قضايا تاريخ العراق المعاصر والسياسة التركية والشؤون الإيرانية ومسائل الفكر والاستشراف والشخصيات التي قامت بدور هام في تشكيل العراق الحديث والمعاصر.
كان “كمال مظهر أحمد” يحتفي بأهمية الأخوة العربية الكردية على المستوى القومي وليس على مستوى العراق فقط. وكان يصرح أن الكُرد كسبوا كثيرا بعد دخولهم الإسلام حيث “تحولوا إلى عنصر مهم. من عناصر بناء الحضارة العربية الإسلامية والشواهد في هذا المضمار أكثر من أن تحصى ومنها مثلا جيش صلاح الدين الأيوبي، فالمؤرخ عماد الدين الكاتب والمؤرخ ابن الأثير الذي قلما يلتقي مع عماد الدين كاتب صلاح الدين الأيوبي في هكذا قضايا يؤكد أن نحو نصف جيش صلاح الدين الأيوبي كان من المتطوعين الكورد وهناك شواهد أخرى كثيرة…”.
أعماله..
ألف الدكتور “كمال مظهر أحمد” عدة كتب باللغتين العربية والكردية. ومنها:
• كردستان في سنوات الحرب العالمية الأولى (طبعتان 1977 1984).
• ثورة العشرين في الاستشراق السوفيتي 1977.
• أضواء على قضايا دولية في الشرق الأوسط 1978.
• دور الشعب الكردي في ثورة العشرين العراقية 1978.
• النهضة 1979.
• الطبقة العاملة العراقية 1981.
• ميكافيلي والميكافيلية 1984.
• صفحات في تاريخ العراق المعاصر 1987.
• كركوك وتوابعها: حكم التاريخ والضمير 2004.
• تحقيق مذكرات أحمد مختار بابان 1998.
وكل هذه المؤلفات باللغة العربية. كما أن له مؤلفات أخرى باللغتين الكردية والروسية.
المصالح المشتركة..
في حوار معه في القناة الفضائية (الشرقية) يؤكد “كمال مظهر أحمد” على الوثائق ولا يغفل أهمية المذكرات وقد ساعد في إصدار مذكرات كل من “أحمد مختار بابان” و”فؤاد عارف”، لكنه يحذر طلابه وقرائه من الوقوع تحت تأثير أصحاب المذكرات، فالمذكرات مصادر أصيلة ومهمة ولكن على الطالب والباحث أن يكون سيد مادته وليس عبدا لها.
وحول سقوط الدول يقول أنه كمؤرخ يؤمن بأن العوامل الداخلية هي الأساس لخلق الحدث التاريخي، أما العوامل الخارجية فلا يمكن إلا أن تكون عوامل مساعدة وفي حال توفر الظروف المناسبة أو التربة المناسبة لكي تفعل العوامل الخارجية فعلها. ويضرب مثلا على ذلك فيقول: “عندما يحاولون اليوم إلقاء تبعة انهيار الاتحاد السوفيتي السابق على شخص گورباتشوڤ أو المخابرات الأمريكية. فإنني أقول من خلال المتابعة الدقيقة أن المخابرات السوفيتية كانت أقوى بكثير من المخابرات الأمريكية حتى أن شخصا مثل وزير الدفاع الفرنسي في عهد ميتران كان على ارتباط بالمخابرات السوفيتية أو فلبي البريطاني المعروف، ومع ذلك تمكن الغرب من النيل من الاتحاد السوفيتي لأن النيل كان في الانهيار الداخلي. علينا أن نعيد النظر في مواقفنا”.
ويوضح “كمال مظهر أحمد” أن المصالح المشتركة تجمع عادة مجموعة من القوميات في إطار شعب واحد. “وما يجمعنا نحن العرب والكورد أكثر بكثير مما يفرقنا وإن بسطاء الناس يدركون هذه الحقيقة بصورة جيدة”.
التاريخ الكوردي..
في حوار ثان أجراه معه محرر في جريدة العراق (البغدادية) ونشرت في 2001 يقول “كمال مظهر أحمد”: ” إن التاريخ الكوردي لم يدرس بعمق وبعلمية على صعيد الوطن العربي إلا ما ندر، بينما نحن بحاجة إلى دراسته بصورة عميقة، والمصلحة تقتضي ذلك وإننا بحاجة إلى إعادة بناء الجسور. ومع ذلك فأنا متفائل وأتوقع أن كل هذه الأمور ستتحول إلى الماضي وإلى دروس وعبر”، ويشير إلى بيان 11 آذار 1970 المتعلق بحل القضية الكوردية في العراق ويقول “بأنه نقطة تحول مهمة”.
تجربة فكرية..
في مقال نشر في موقع (البوابة العراقية) 2005 عن “كمال مظهر أحمد” كتب “السيد زهير كاظم عبود”: “إن الدكتور أحمد ليس صاحب تجربة كبيرة في الدراسات التاريخية، وإنما صاحب تجربة فكرية وسياسية خاضها ضمن تفاصيل العمل السياسي العراقي. والباحث يتلمس بحق تمسكه الوطني من خلال اعتزازه القومي بالكورد والذي يشكل رافدا من روافد النسيج الوطني العراقي”.
وفي تكريم له من بيت الحكمة في 2002 مع نخبة من المفكرين والعلماء والمبدعين كتبت جريدة الثورة (البغدادية): “وتظهر الشخصية العلمية الكوردية المعروفة الأستاذ الدكتور كمال مظهر الحاج رسول لتسلم جائزته بتواضع العلماء وقد مضى على حصوله على شهادة الدكتوراه أكثر من خمسة وثلاثين عاما وهو لا يزال طالبا وأستاذا فهو يقرأ بقدر أو أكثر مما يقرأ طلاب العلم وفي ذات الوقت فهو أستاذ في كلية الآداب جامعة بغداد، أشرف على عشرات الرسائل والأطاريح وناقش المئات منها .. ولا يزال يعتقد أنه في بداية طريق العلم”.
المدارس التاريخية..
في حوار آخر أجراه “مازن لطيف” يقول “كمال مظهر أحمد” عن تصدي الشرق لدراسة التاريخ: “المدارس التاريخية قديمة، مع ظهور التاريخ ظهرت مدارس تاريخية والمدارس التاريخية في الشرق الإسلامي جزء من هذه المدارس.. إذا استثنينا المؤرخين العاطفيين الذين لا يرون الحقائق على أرض الواقع كما هي، إذا استثنينا هؤلاء، فهناك مدارس تاريخية ممتازة.. ثم هناك تصور خاطئ لدينا عن الاستشراق، بداية الاستشراق وظهوره لأول مرة كان كرد فعل لفشل الحملات الصليبية على الشرق الإسلامي.. فأرادوا النيل عن طريق الفكر وعن طريق التاريخ من العالم الإسلامي ولكن فيما بعد وبالتدريج تحول الاستشراق وبسرعة إلى جزء مهم من الدراسات التاريخية، ولولا المستشرقين لما كنا نعرف نحن أشياء كثيرة على سبيل المثال من منا كان يعرف أن دانتي رائد الفكر الحديث كان متأثراً بأبي العلاء المعري وبالتراث الشرقي لولا هذا المستشرق الأسباني الذي لا يحضرني أسمه الآن..
أشرت في سؤالك إلى مكسيم رودنسون فهو أولاً يهودي وثانياً فرنسي ولكن هو يتعامل بعقلية عالم ويتحدث عن الإسلام وعن تأثير الحضارة الإسلامية على الحضارة الغربية.. استطيع أن أقول فلمّا يوجد أحد في الدنيا تحدث عن تأثير الحضارة الإسلامية على الحضارة الغربية مثل مكسيم رودنسون.. فالاستشراق علم قائم بذاته، بحكم الاختصاص وحكم الدراسة تعرفت على عدد غير قليل من المستشرقين، مثلاً أشير إلى أسم “كاتلوف” الذي كتب عن ثورة العشرين والذي كتب عن ظهور الفئة المثقفة في المشرق العربي.. هذا المستشرق كان عاشقاً للعراقيين بصورة خاصة وللعرب بصورة عامة.. تصور أن المرحوم كاتلوف أطلق أسم جميلة على أبنته تيمناً بجميلة بوحيرد وتزوج أيضاً من امرأة أذربيجانية وشرقية، فكان متحمساً للشرقيين بدون حدود..
وكثير من المستشرقين الروس قدموا خدمات جليلة، فما كنا نعرف أشياء كثيرة لولا الاستشراق فعلينا أن ننظر إلى الاستشراق نظرة علمية واقعية.. يعني هؤلاء عندما يقضون ليل نهار في مكتباتهم ويتابعون الأحداث ويسافرون على المجاهل وإلى المناطق التي لا يعرفونها فقط في سبيل جمع المعلومات معنى هذا أن هؤلاء أصحاب عقول كبيرة وصاحب العقل الكبير يتعامل مع الشيء بأسلوب كبير وبعقل كبير أيضاً.. إما بالنسبة للتخصص لدينا منذ أواسط القرن العشرين حيث بدء التخصص، وقبل ذلك كان المؤرخون من الهواة من الناس المخلصين أمثال المرحوم عبد الرزاق الحسني والمرحوم عباس العزاوي هؤلاء كانوا هواة مخلصين، المرحوم عباس العزاوي كان محامياً، فالتخصص بدء صحيح أنا مطلع على بعض القضايا المهمة بتاريخ العصر الوسيط والقديم ولكن بشيء محدود اهتمامي منصب على التاريخ الحديث والمعاصر.. بينما على سبيل المثال الدكتور أحمد فتيان الراوي متخصص في التاريخ القديم، الدكتور بهجت التكريتي أو الدكتور حمدان الكبيسي هؤلاء مهتمين بالتاريخ الإسلامي المرحوم صالح أحمد العلي مهتم بالتاريخ الإسلامي، اهتمامهم بالتاريخ الحديث ليست كاهتماماتنا”.
وعن صعود التيار الديني للسلطة في العراق يواصل: “أنا لا أتصور أن التيار الديني وحده هو الذي صعد لأنه لا يمكن تسيير أي بلد الآن فقط بالاعتماد على تيار واحد وفي كل الأحوال التيار الديني إذ لا يساير روح العصر ومتطلبات المرحلة وإذا لا تطبق الديمقراطية حسب اجتهاده لأن الديمقراطية لها وجه واحد وثابت إلى درجة كبيرة.. أقول أن أي تيار يفشل في الحكم بالعراق.
العهد الملكي أنه كان فيه تراجع من ناحية النظرة الديمقراطية بمعنى أن عهد الملك فيصل الأول كان أفضل من عهد الملك غازي وأن عهد الملك غازي كان أفضل من عهد عبد الإله ونوري السعيد فلذلك أنصار النظام الملكي، علينا أن نأخذ نحن في العراق هذه التجربة بنظر الاعتبار”.
ملامح صورة العراق..
وعن ملامح صورة العراق وقت أجراء الحوار يقول: “هناك أطراف تتحمل مسؤولية كبيرة جداً سواء في الوسط الحاكم أو المحكوم، الأوضاع في العراق غير طبيعية لكن المؤرخ ينبغي أن يكون دائماً متفائلاً، ينبغي أن يؤمن بأن عجلة التاريخ قد تتعثر ولكن لا يمكن أن تقف في مكانها تتعثر ويحدث نوع من التراجع.. ولكن أنا متفائل بالنسبة للعراق وللمستقبل، وأما لست متشائماً بل أنني متفائل لأني أثق بشعبي، قلة قليلة لا يستطيعون أن يؤثروا على مسار الشعب العراقي حتى النهاية وكلنا نعرف أن جزء غير قليل من هؤلاء الذين يريدون إرجاع عجل التاريخ في العراق هم ليس من العراقيين”.
وفاته..
توفي”كمال مظهر أحمد” في ألمانيا في 16مارس 2021عن عمر ناهز 84 عاماً.[1]