سياسي وصحفي سوفياتي، أوكراني المولد روسي الوظيفة، اشتغل بالصحافة خدمة للحزب الشيوعي فاكتشف الشرق الأوسط وألف عنه عددا من الكتب، عمل في جهاز الاستخبارات أيام الاتحاد السوفياتي وبعد تفككه، ثم أصبح رئيسا لوزراء روسيا.
المولد والنشأة
ولد يفغيني بريماكوف يوم 29 أكتوبر/تشرين الأول 1929 في مدينة كييف بأوكرانيا عندما كانت جزءا من الاتحاد السوفياتي السابق.
الدراسة والتكوين
انتقل صغيرا رفقة والدته إلى الجمهورية السوفياتية السابقة جورجيا حيث أكمل في عاصمتها تبليسي تعليمه الإعدادي، ثم تخرج في المدرسة الثانوية حيث كان يفضل دراسة الرياضيات والتاريخ والأدب.
وفي عام 1948 التحق بالقسم العربي من معهد الاستشراق في موسكو، وفي ربيع عام 1953 تخرج في المعهد والتحق بالدراسات العليا في جامعة موسكو الحكومية حيث درس في قسم الاقتصاد مدة ثلاث سنوات. وهناك حصل على درجة الدكتوراه في العلوم الاقتصادية، ثم على لقب بروفيسور.
الوظائف والمسؤوليات
تنقل بريماكوف خلال مساره الوظيفي بين الإعلام والاستخبارات والدبلوماسية والوظائف السامية الانتخابية والحكومية، فقد عمل في الفترة 1956-1962 في هيئة الإذاعة والتلفزيون السوفياتية مراسلا، ثم محررا ورئيس تحرير في إدارة البث الموجه للدول الأجنبية.
التحق بصحيفة برافدا الناطقة باسم الحزب الشيوعي السوفياتي، وأصبح عام 1962 محللا سياسيا لها ونائبا لرئيس تحرير قسم آسيا وأفريقيا فيها، قبل أن تنتدبه مراسلا لها في الشرق الأوسط مقيما بالقاهرة في الفترة 1966-1970.
وفي سنة 1970 عُين نائبا لمدير معهد العلاقات الدولية والاقتصاد العالمي في موسكو، ثم مديرا لمعهد الاستشراق في الفترة 1977-1985 قبل أن يُعين مديرا لمعهد العلاقات الدولية والاقتصاد العالمي، وعضوا في أكاديمية العلوم السوفياتية عام 1979.
وفي سنة 1988 انتخب عضوا في المجلس الأعلى للاتحاد السوفياتي (البرلمان)، ثم عين عضوا في مجلس الأمن القومي السوفياتي عام 1991، وتولى رئاسة جهاز المخابرات الخارجية التي حلت جزئيا محل لجنة أمن الدولة المعروفة باسم كي جي بي بعد انهيار الاتحاد السوفياتي.
وفي عام 1996 عين وزيرا للخارجية الروسية، قبل أن يصبح رئيسا للحكومة الروسية في 1998 ثم أقيل في مايو/أيار 1999، ودخل مجلس الدوما في العام نفسه، ثم أصبح رئيسا لاتحاد غرف الصناعة والتجارة الروسية الذي استقال منه سنة 2011 .
التجربة السياسية
انضم إلى الحزب الشيوعي السوفياتي الحاكم سنة 1959 وعمل في صحيفته بمواقع عديدة داخل الاتحاد السوفياتي وخارجه، وكلفه الحزب بمهام سياسية حزبية أثناء قيامه بالمهام الصحفية.
وبالتزامن مع صعوده في المناصب الحكومية كان يترقى في المناصب الحزبية، فرشح للمكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفياتي، وانتخب عضوا في لجنته المركزية سنة 1991.
وصبغت رؤاه السياسية أداءه الحكومي، فخلال توليه منصب وزير الخارجية الروسية عمل على إزالة آثار نهج سلفه أندريه كوزيريف الموالية للغرب، واتبع سياسة أكثر تشددا في العلاقة مع واشنطن، وتبنى الدفاع عن حقوق الأقليات الروسية في دول البلطيق (أستونيا، ولاتفيا، وليتوانيا).
اشتهر بريماكوف بمعرفته بالشؤون العربية التي ولدتها دراساته الأكاديمية الاستشراقية، وتوسعت من خلال عمله الصحفي مراسلا لصحيفة الحزب الشيوعي برافدا في الشرق الأوسط سنوات عدة، وقام بالعديد من المهام السرية الحزبية أثناء هذه الفترة، التقى خلالها مسؤولين عربا من مختلف المستويات.
تمتع بريماكوف بخبرة واسعة في قضايا الشرق الوسط، وقام بمهمات رسمية عديدة بالبلدان العربية، من أشهرها مهمته التي قام بها بتكليف من الرئيس السوفياتي ميخائيل غورباتشوف عام 1991 لإقناع الرئيس العراقي صدام حسين بالانسحاب من الكويت تجنبا لحرب حتمية إذا لم ينسحب، لكنه فشل في ذلك.
ومع التحفظ الذي عرف به تجاه الانفتاح على الغرب، فقد عمل حين تولى قيادة جهاز الاستخبارات الروسي على توطيد التعاون مع أجهزة الاستخبارات الأجنبية في مجال التصدي لتجارة المخدرات والجريمة المنظمة ومنع انتشار الأسلحة النووية.
وكانت أهم النجاحات التي حققها بريماكوف هي إعادة التوازن للاقتصاد الروسي حين تولى رئاسة الوزراء سنة 1998، بعد أن كانت روسيا تعيش وضعا اقتصاديا صعبا إثر التحولات التي رافقت الانتقال من الاقتصاد الموجه إلى اقتصاد السوق.
ورغم تقارب روسيا والغرب بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، فقد عرفت علاقاتهما بعض التناقض عندما كان بريماكوف رئيسا للحكومة الروسية بسبب ضربات الناتو لصربيا سنة 1999، وقد تلقى نبأ تلك الضربات عندما كان في طريقه إلى الولايات المتحدة فألغى زيارته وعاد إلى بلاده احتجاجا على العملية.
وقبل الغزو الأميركي للعراق بثلاثة أيام في 2003، تكررت مهمة بريماكوف بالعراق مبعوثا لروسيا إلى بغداد، حيث التقى الرئيس الراحل صدام حسين لإجراء محادثات سلام.
وفي عام 2006، أسس بريماكوف مجموعة روسيا والعالم الإسلامي تزامنا مع انضمام روسيا لمنظمة التعاون الإسلامي بصفة مراقب.
ورغم ابتعاده عن المناصب السياسية، ظل بريماكوف يلعب في السنوات الأخيرة من عمره أدوارا استشارية مهمة في سياسة بلده.
وقد عكست وجهة نظره في منتدى بطرسبرغ الاقتصادي الدولي في روسيا مدى الخلاف بين موسكو وواشنطن بشأن قضايا الربيع العربي، حيث ألقى باللائمة على الولايات المتحدة في تدخلها العسكري للإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي بليبيا وفي عدم ضغطها على المعارضة السورية كما ينبغي، حسب تعبيره.
المؤلفات
أصدر بريماكوف عددا من المؤلفات تناول الكثير منها منطقة الشرق الأوسط والتحولات العالمية، ومن أبرزها الاستعمار والدول العربية، والشرق الأوسط في الخفاء والعلن، والشرق بعد انهيار الاستعمار، وصفحات من تاريخ المخابرات الخارجية الروسية، والعالم بعد الحادي عشر من سبتمبر.
الوفاة
أعلنت موسكو في 26 يونيو/حزيران 2015 وفاة يفغيني بريماكوف عن عمر يناهز 86 عاما.[1]