برادوست ميتاني
المقدمة: الميترائية هي إحدى الديانات، التي ظهرت في ميزوبوتاميا خاصة، وكردستان عامة، وقد أعتنقها العرق الآري كغيرها من الديانات الأخرى كالإيزيدية، والزردشتية، والتي جميعها تأثرت ببعضها، وتعد ديانات الشعب الكردي في ميزوبوتاميا عامة، وكردستان خاصة، وذلك قبل ظهور المسيحية.
تأخذ الميترائية أو المهترا اسمها من هتاو، وهور، وخور، أي: الشمس في اللغة الكردية، الباعثة للنور ضد الظلام الدال على نصرة الخير في صراعه مع الشر، كما هي في الزردشتية والإيزيدية “ديانات الكرد”.
انتقلت عقائد الديانات الكردية، وخاصة الميترائية من كردستان إلى روما، في أوروبا مع جنود الإسكندر المقدوني في القرن الثالث قبل الميلاد، وقد أصبحت الديانة الرسمية للإمبراطورية الرومانية في القرن الأول قبل الميلاد، وقد اعتنقها العديد من الأباطرة الرومانيين منهم، دقلديانوس، وأورليان، وبنوا لها معابد عديدة، وما زال أحد هذه المعابد تحت كنيسة الفاتيكان، بالإضافة إلى هيكل ميترا الموجود حتى الآن في الكنيسة نفسها.
تعرف مهترا أحياناً كإله، وأحياناً نبي من روح الإله، وقد استمدت المسيحية منها العديد من العبادات، والطقوس، والفكر.
مثل:
1-مهترا في المهترائية هو النبي عيسى المسيح، عليه السلام، في المسيحية، وهما روح الله، لذا تقول بعض الآراء: إن اسم عيسى هو إيسى أي إيزي في الإيزيدية المرآة للمهترائية.
2-الولادة: كلاهما من أم عذراء بروح إلهية، حيث النبي عيسى من مريم العذراء، ومهترا من صخرة عذراء.
3-كلاهما يقدسان الشمس والنور، لذلك نرى دائماً نور للشمس حول رؤوسهما في رسومات أثرية، أو لوحات حالية، وتسمى لدى الإخوة المسيحية خور، وقد استمد اسم خرستيان في اللغة الكردية، وكرستيان في الأوروبية مدلولهما من الشمس خور، كما أن من رجال الدين المسيحية ثمة مرتبة باسم، خوري وأخر، باسم شماس.
4-يستحوذ الكهف على مكانة رئيسية في حيثيات عقيدتهما، إذ إن اللقاء الأول بالنبي عيسى، وولادته وتفاصيل أخرى تمت في الكهف، وكذلك يتم اشعال النور، لطرد الأشرار في الميترائية، والافتداء بالثور أيضاً في الكهوف.
5-المهترائية، والمسيحية توقدان النار عند النوافذ، والكوات؛ للحفاظ على النور في وجه الظلام، المجلب للأرواح الشريرة.
6-كلاهما أي مهترا والنبي عيسى، ذهبا للقاء بالرب، ومن خلال عربة مباركة.
7-لكليهما رمز مقدس يدل على العالمية، وهو الصليب.
8-كلاهما تمكنا من نشر دينهما بواسطة (12) قديساً.
9-لهما (3) أيام صيام مقدسة، ومازالت تمارس من قبل الإخوة السريان، والإيزيديين قبيل بداية رأس السنة الجديدة.
10-لهما عيدان متشابهان، ومازالا يستخدمان من قبل الإخوة الإيزيدية عيد رأس نيسان جارشمبا صور، أي الأربعاء الأحمر، ومن قبل الإخوة السريان عيد أكيتو، وكلاهما يلونان البيض، دلالة على تنوع الحياة على الكرة الأرضية، كما أنهما يشتركان في عيد أخر شمساني وهو عيد شفا يلدا، أي ليلة يلدا مع فارق بأربعة أيام، وهو عيد يلدا الأري، فمازال الكرد يحتفلون به في كردستان، المصادف في 21-12 من كل عام وهو يوم خلق النور.
11-كلاهما أي النبي عيسى ومهترا لم يتزوجا، وانتقلا للمكوث بجوار ربهما، وهما في مقتبل العمر، ومازالا هناك.
12-في حكاية ولادتهما زارهما ثلاثة من الموغ القديسين وهم كرد، مهترا في كردستان قرب النهر، بينما النبي عيسى في فلسطين، عندما سار الموغ الكرد من كردستان بناء على نبوءة النبي دانيال، الذي يُقال: أنه النبي زردشت الذي أشار للكرد على نجمة يسيرون معها، حيث ولادة السيد المسيح، فسار مع النجم الموغ الكرد حتى الكهف الموجود فيه النبي عيسى، عليه السلام، في بيت لحم، فرأوه بذلك، ويعد الكرد أول من بشّر بمجيء النبي عيسى، عليه السلام، والكتاب المقدس، يؤكد ذلك ويسميهم بالماديين أي الميديين.
13-في المهترائية يقال لكبير القديسين بابا، وكذلك في المسيحية.
14-في نهج كلا الديانتين، أن كلاهما يشفيان المرضى، ويحييان الموتى.
15-كلاهما يؤكدان على القيمة العليا للإنسان، ومكانته عند الرب، وقد ضحيا من أجله، النبي عيسى بروحه، ومهترا بثوره المقدس.
16-يشترك كلاهما في أنهما تناولا آخر عشاء، مع حواريهما، وسمي بالعشاء الرباني.
17-كلاهما يشتركان معاً في الهبوط من عند الله على الأرض، بعد أن يدب فيها الفساد، وقتلهما للدجال عند مجيء يوم القيامة.
18-وأخيراً، وهو مهم لسبب ما نصبوا إليه، في أن هذا العيد الذي يسمى بعيد ميلاد السيد المسيح، هو عيد ميلاد الإله مهترا في 25-12، وأن اتباعه كانوا يحتفلون به، بمن فيهم الإمبراطور الروماني أورليان عام 270-275م، وأن عيد ميلاد النبي عيسى، عليه السلام، أيضاً هو25-12 وقد احتفل به لأول مرة الإمبراطور الروماني قسطنطين عام 313م بذلك يعد العيد هو ذاته.
في الختام: ثمة أمور طقسية وعقائدية أخرى تجمع بين الديانتين، لدرجة أن الباحث الألماني كارل جونغ يقول: إن المسيحية والمهترائية شقيقتان، والباحث أرنست رينان يقول: لوكان قد أصاب المسيحية مكروه، وزالت لظهرت مكانها المهترائية من جديد.[1]
المصادر: المؤرخ الكردي مهدي كاكائي – موقع الحوار المتمدن لوي ديورانت – قصة الحضارة – الجزء الأول – المجلد الأول احمد عبد الغفور عطار-الأديان، والمعتقدات في مختلف العصور أرنولد توينبي: مختصر لدراسة التاريخ جفري بارّندر: المعتقدات الدينية لدى الشعوب. كتابي: بوابة إلى التاريخ الكردي القديم. 24-12-2021م.4-10-2633