حاوره: آلدار آمد
الآثار امتداد الماضي وارتباط بالحاضر، وهي التي نقلت مجمل الثقافات القديمة التي عاشها الإنسان خلال مراحل الحياة، منذ القدم إلى الآن، وهي التي دلَّت على كافة الحضارات التي مرت بها البشرية، وتعد الآثار من أهم الثوابت التي يعتمد عليها العلم من أجل تحديد هوية منطقة جغرافية والشعوب التي عاشت فيها.
ومن أجل معرفة المزيد من المعلومات عن مديرية السياحة والآثار وما تقوم به من جهود جبارة في الحفاظ على هذه الآثار، التقينا بمدير السياحة والآثار في الحسكة عدنان البري.
ما أهمية تأسيس دائرة السياحة والآثار في الحسكة ودورها ومهامها؟
دائرة السياحة وحماية الآثار في الحسكة موروث ثقافيّ ونتاج فكر ديمقراطيّ، مرتبط بالثقافة الأثريّة وغنى جغرافية الجزيرة السوريّة بالمواقع الأثريّة كان لابد من مؤسسة كهذه في هكذا ظروف تمر بها هذه الجغرافية وهذه المواقع التي تزيد عن الألف موقع، هي محطة أنظار للعديد من المؤسسات والمنظمات والبعثات الأثريّة المعنية، وهي تراقب الأحداث عن كثب وما يجري في هذه المواقع سواء عن طريق الأشخاص أم عن طريق الأقمار الاصطناعيّة أم غيرها, بطبيعة الحال كان تأسيس هذه الدائرة بعد تأسيس الإدارة الذاتيّة الديمقراطيّة لهيئة السياحة وحماية الآثار، وكان تأسيسها من أهم الخطط التي وضعتها الإدارة الذاتيّة نصب عينيها من أجل حماية آثارها وتراثها والغاية منها واجب إنساني وأخلاقي للمساس بالحفاظ على الكنز الحضاري الذي تكتنزه ميزوبوتاميا، حيث أن هذه الدائرة تضم عدداً من المختصين في علم الآثار، يقومون بتوثيق المواقع الأثريّة المتضررة منها والسليمة، والعمل على إعداد برامج وخطط والتنسيق مع مراقبي الآثار في جميع المدن والبلدات.
ومن مهامها كيفية الحفاظ على هذه المواقع وبالإضافة إلى القيام بالعديد من ورشات العمل التي تتضمن حملات توعية من خلال محاضرات علمية يتم فيها بيان وأهمية الآثار التي تحتضنها أرضنا، بالإضافة إلى المشاركة في إعداد أفلام وثائقيّة عن بعض المواقع الأثريّة منها فيلم تل حلف، والقيام بتنظيم معارض صور للمواقع الأثريّة, كما تضم هذه الدائرة مهندسة وطبوغرافي يقومون بإعداد المشاريع والمخططات التي تخص الآثار والسياحة.
فأنجزت الدائرة العديد من مشاريع الترميم الميدانيّة والتي هي بحاجة إلى خبرات واسعة وبالرغم من ذلك استطاعوا ترميم موقع تل بيدر الأثريّ على مرحلتين ومقبلين على المرحلة الثالثة بالرغم من الإمكانيات المتواضعة حيث يقومون بمشاركة طلاب الجامعات للاستفادة من الخبرة الميدانيّة.
ماهي المناطق التابع لمديرية الحسكة؟
حسب آلية العمل وسيره بالشكل التنظيميّ الأمثل تم ربط العديد من المناطق بالدائرة وهذه المناطق هي: الحسكة– تل تمر– سري كانيه– زركان – درباسية – هول– الشدادة– ومواقع من تل براك.
ماذا عن مشاركة المرأة فيفي المديرية ودورها في ذلك ؟
كما للمرأة حضورها في اغلب المؤسسات وكذلك في المديريّة، هناك امرأتان تعملان في المديرية شاركن في إعداد العديد من الحلقات الوثائقيّة التي تشرح أهمية المواقع الأثريّة، وبيان دور المرأة عبر التاريخ، مثل إظهارنا لآثار معبد النار الذي كان قد تم اكتشافه من قبل البعثة الأمريكية بإدارة «مايكل فولر» الذي كان يعمل في موقع «تل تنينير» ونعمل جاهدين على إظهار العديد منها مستقبلاً.
ما أبرز المسؤوليات التي تقع على عاتق المديرية والتي قامت بها؟
من خلال المقارنات التي يعتمد عليها العلم الحديث في إبراز الحقائق، ومقارنة عملنا بعمل مؤسسات النظام السابقة هناك فارق كبير، حيث أننا نقوم بتوعية المجتمع وكل الطبقات والقيام بورشات علمية للمختصين وجولات علمية، ونُعرِف بدور الآثار وأهميتها في تاريخ الشعوب والأمم، وكل هذا هدفنا منه ليس إلا كونه عمل أخلاقيّ ويدخل في الإطار الإنسانيّ وذلك لأنّ منطقتنا من أغنى المناطق في العالم من الناحية الحضاريّة والتاريخيّة، حيث يتواجد مواقع أثريّة عمرها يمتد إلى آلاف السنين حتى عصور ما قبل التاريخ مثل «سكر الأحيمر» في تل تمر و»كشكشوك» في الحسكة و» تل حلف» والعديد من المواقع الأخرى.
وعندما بدأت الأزمة السوريّة كانت المواقع الغنية والمهمة هدفاً ومطمعاً للكثير من الجهات فمنهم كانت لغايات سياسيّة ومنهم كانت لغايات المنفعة الشخصيّة حيث قاموا بتدمير العديد من المواقع الأثريّة ونبشها وسرقتها مثل تل عجاجة والعديد من المواقع الأثريّة الأخرى، وهذا التخريب ما هو إلا عملية ممنهجة مخطط لها من قبل أناس يريدون الخير والسلام، كما حصل في عين دارا في عفرين، والشوفينية التركيّة حاولت أن تمحي كل معالمها، وندرك بأن هناك مشروع للنيل من كل هذه الثقافات والآثار التي تحضنها هذه الأرض.
ماذا عن أهم مشاريع وتطلعات دائرة السياحة والآثار؟
تواصل المديرية مهمتها الاساسية في الحفاظ على الأوابد الأثريّة، والعمل على تطوير الحقل الأثريّ والقيام بالمزيد من المشاريع والأنشطة العلميّة، ومن تلك المشاريع سوف نقوم بترميم «قلعة سكرة» مستقبلاً وسوف ننهي ترميم موقع «تل بيدر» المرحلة الثالثة والتي تتضمن الصيانة الوقائيّة الكاملة للموقع في نهاية 2018م وسوف نقوم بدراسة وضع العديد من المواقع وإمكانيّة إنقاذها وحمايتها وتوثيقها وهذا العمل ليس من الصعب علينا القيام به لأننا قمنا مسبقاً بأعمال مشابهة، حيث رمّمنا تل بيدر على مرحلتين وقمنا بترميم «مقبرة الفرحيّة» ورمّمنا العديد من قطع الفسيفساء في موقع «شيوخ تحتاني» في كوباني والعديد من الأعمال الميدانيّة الأخرى التي تؤهلنا للقيام بالمشاريع المستقبليّة وكل هذا كان بجهود مضنية من هيئة السياحة وحماية الآثار.
في الختام هل من رسالة تودون توجيهها ولمن؟
ومن خلال كل ما سبق فإننا نناشد كل إنسان محب لأرضه ووطنه وإنسانيّته أن يضع هذا الواجب الأخلاقيّ نصب عينيه، ويساعدنا في حماية هذا التراث الذي لا يقدر بثمن، وعلى كلّ الغيورين أن يدركوا أهمية هذه الأرض من الناحية التاريخيّة والأثريّة، كما نناشد المؤسسات الدوليّة المعنية العمل معنا ضمن هذا السياق ومنها «اليونسكو» فهناك بعض المواقع في لائحة اليونسكو لكنها صامتة إزاء انتهاكات جسيمة بحق بعض المواقع، ومن واجبها ومهمتها أن تتقرّب أكثر فأكثر فهذا ميراث لكلّ العالم ولكل مرحلة من مراحل التاريخ الإنسانيّ. [1]