اعداد: عبدالرحمن محمد
عُرف “البيمارستان” في دمشق منذ عهود وهي كلمة فارسية من قسمين؛ “بيمار” وتعني المريض و”ستان ” وتعني البيت أو الموطن، أي المستشفى، وبيمارستان القيمرية من أحد أشهر هذه البيمارستانات، وكان له دور كبير في الرعاية الصحية الشاملة، ويعتبر من العمائر التاريخية التي ترجع إلى أواخر العصر الأيوبي في سوريا، ومن أبرز آثار دمشق شأناً ومن أجمل عماراتها الأثرية من حيث تخطيطه وزخرفته وتكامل أقسامه المعمارية وأجزائه كمشفى، وما يزال يحتفظ بهيكله وزخرفته وأقسامه كشاهد على التقدم العلمي والاهتمام بالصحة والعمارة والرقي الحضاري.
يقع “البيمارستان القيمري” وسط منطقة الصالحية القديمة على سفح جبل قاسيون بجوار جامع الشيخ محي الدين، في منطقة كانت تحفل بالمناظر الطبيعية والخضرة والجمال النادر، وكان اختيار ذلك المكان عن دراية لما للطبيعة المحيطة من أثر في شفاء المرضى.
على الحجارة التي شيدت بها جدران المبنى نُقش التاريخ الذي تم فيه بناء المشفى وهو سنة 654 ه/1256م. وقد بني بطريقة عرفت بطريقة “الأبلق” أي تناوب المداميك الملونة، وله قوس مزخرف، وحجارة الواجهة مربعة الشكل، بينما الحجارة المكونة للقوس منحنية الشكل، ويتوج البوابة مقرنص فخم وثلاثة أسطر من الزخارف النباتية بالخط الثلث تعطي معلومات عن البناء الذي يشتمل على ساحة مربعة تحيط به أربعة أيوانات، ويتوسط المدخل الواجهة الشمالية الشرقية وتعلوه عتبة نقشت عليها ثلاثة سطور بخط النسخ، وقد غطي سقف المدخل بنصف طاقية من المقرنصات الأيوبية وفيها كتابات بخط النسخ على أرضية بعض المقرنصات.
أما الزخارف النباتية المتشابكة بين الأحرف، فهي على درجة عالية من الإتقان وتتضمن أيضاً أزهار اللوتس وعناصر أخرى على الطريقة الصينية، وهذا النوع من التزيين يكشف بداية الانتقال من التقشف الأيوبي إلى الطراز المملوكي المسرف بالزخرفة.
يرجع السبب في بنائه إلى بانيه الأمير سيف الدين علي بن يوسف القيمري الكردي الذي كان قد قدم صداقاً كبيراً لزوجته بنت الأمير عز الدين، فلما توفيت حمل صداقها إلى أبيها، فرفض أخذه، لأن ذلك لا يتوافق مع العادات والتقاليد، فقام سيف الدين بصرف المال كله في بناء البيمارستان. مشترطاً أن يتم فيه معالجة الفقراء والمساكين ورعايتهم بالمجان، ليكون وقفاً تتم فيه دراسة الطب والعلوم وتقديم الرعاية الصحية، وقد عمل فيه وسيَّر العمل به العديد من الأطباء والحكماء في الطب.
العمارة الخارجية للبيمارستان:
يُعدّ البيمارستان أجمل عمارات دمشق الأثرية بتخطيطه وبزخارفه الجميلة، قبابة مبنية بسُوَيرتين، كتابات منقوشة ومقرنصات بديعة، أمّا قبة إيوانه الجنوبي فهي مُغطاة بالزخارف المنقوشة على الجص الملوّن وبكتابةٍ جميلةٍ بخط النسخ تمتدّ على واجهاته الثلاث، وتتألّف من صيغة التوحيد مُكررة ومكتوبة بحروف حمراء على صفحةٍ خضراء .
الأقسام الداخلية:
يشتمل البناء على ساحةٍ مربعةٍ تحيط بها أربعة أيوان، ويتوسّط المدخل الواجهة الشمالية الشرقية وتعلوه عتبة نُقِشَت عليها ثلاثة سطور بخطٍ نسخيٍ يتضمّن الآمر بإنشاء البيمارستان . وقد غُطّيَت سقفية المدخل بالمُقرنصات الأيّوبية، وفي أسفلها سطران من الكتابة النّسخية تشتمل على أوقاف البيمارستان، كما توجد بقية كتابات الوقف على أرضية بعض المُقرنصات.
يذكر المؤرخين إن أمراء القيمرية ينتسبون إلى قلعة “قيمر الواقعة في جبال قرب الموصل وهم كرد، ويقال لصاحبها أبو “الفوارس”، كانت للأسرة القيمرية الكردية الدمشقية دوراً بارزاً في الحياة السياسية والثقافية لدمشق بشكل خاص وسورية ومصر بشكل عام في العهد الأيوبي.
المصادر : مدارات كرد- الموسوعة الحرة.[1]