تقرير/ غاندي إسكندر
تقع قرية كري ديرا على خط آليان على بعد 10 كم شمال غرب مدينة كركي لكي، وتُعتبر من أقدم قرى المنطقة ينتمي معظم سكانها حالياً إلى عشيرة البيدارية، وتتموضع على تلين متقابلين، تنحدر بعض بيوتها غرباً صوب الوادي الذي يسمى باسمها، سميت كري ديرا بهذا الاسم نسبة لكنيستين مسيحيتين تتواجدان فوق التلتين اللتان تتوسطان القرية أحدهما كنيسة للأرثوذكس والثانية يسميها أهل القرية ب قرة كنيس (الكنيسة السوداء)، وتسمى الكنيسة في اللغة الكردية المحلية (بالدير)، ويعتبر وادي كري ديرا من أشهر الأودية في المنطقة حيث يشقه طريق معبد يعد من أخطر الطرق في المنطقة، وذلك لشدة انحداره من الشرق والغرب.
زراعة الخضروات أهم ما تشتهر به القرية
كانت القرية قديماً من أغنى قرى المنطقة بالمياه الجارية حيث كانت تحتوي على اثني عشر نبعاً، وكانت هذه الينابيع تشكل رافداً للنهر الذي يمر من واديها لكن تدريجياً جفت الينابيع نتيجةً لحفر الآبار الإرتوازية ، وقطع تركيا لمياه النهر الذي ينبع من باكور كردستان. غنى القرية بالمياه وخصوبة أراضيها أعطت حافزاً لمعظم سكانها على العمل في الزراعة، وتربية الحيوان، وتُعتبر زراعة الخضروات بمختلف أنواعها من أهم ما تتميز به القرية حيث تلبي حاجة مدينة كركي لكي، ورميلان من كافة أنواع الخضروات فجودة إنتاجها بمثابة ماركة مسجلة بالنسبة لمعظم سكان المنطقة.
صراع الوجود
نظراً للموقع الاستراتيجي الذي تتمتع بها قرية كري ديرا، وغناها بالمياه، والأشجار المثمرة فقد شهدت منذ حوالي 160 عاماً إبان الاحتلال العثماني صراعاً محموماً على الوجود، يروي أحد سكان القرية ابن السبعين عاماً ويدعى حزني عمر لنا حكاية المقاومة التي أبداها أجداده أمام الغزاة المدفوعين من قبل سلطة الاحتلال العثماني قائلاً:
“تعرضت القرية في عام 1867 لهجوم من قبل جماعة بدوية كانت تحاول بسط نفوذها على المنطقة بمنطق القوة حيث سيطرت على المنطقة الشرقية لسورية إضافة إلى الموصل وامتدت إلى المناطق الكردية في الشمال الشرقي السوري، على الشريط الحدودي لمنطقة كركي لكي وديريك وجل آغا مع باكور كردستان، وبعد محاصرة القرية والسيطرة عليها ارتكبت فيها مجزرة ذبح فيها ثمانون رجلاً وسيدة واحدة، رغم أن عموم المنطقة كانت تحت نفوذ العثمانيين الذين كانوا يبثون التفرقة والنزاعات والمعارك البينية”.
ويضيف عمر: “رغم المصيبة الكبيرة والخسائر الجسيمة من الطرفين، أدرك الجميع بعد سنوات حقيقة النوايا العثمانية التي كانت تضرب الشعوب ببعضها ليطيب لها المقام، وما تزال تلك الصخرة السوداء التي شهدت المجزرة موجودة في القرية، وعاد الوئام والسلام إليها، وخرج العثمانيين وباتت القرية اليوم من أجمل القرى وأهمها في مناطق آليان” [1]