إعداد/ عبد الرحمن محمد
كثيرة هي المدن التوأم التي باتت اليوم في جنوب وشمال الشريط الحدودي بين روج آفا وباكور، ومنها مدينة برسوس “سروج” في باكور وكوباني في روج آفا.
تُعرف مدينة برسوس ب “سروج” حيث غُيّب اسمها التاريخي وتعرف بهذا الاسم اليوم، والتي اقتُطعت في عام 1923م مما كان يعرف بالدولة السورية وفق معاهدة لوزان، وتم ضمها إلى تركيا.
أغلب السكان من الكرد، ومن عشائر البرازية بالتحديد إلى جانب السريان وبعض العرب، كما يورد ذلك الباحث الألماني “E.cachau” في كتاب نشره عام 1883 بعد زيارة له إلى المنطقة عام 1879م. وهي منطقة زراعيّة بامتياز، وتجود في سهولها زراعة الرمان وتشتهر به، إضافة إلى زراعة العديد من الزراعات الأخرى كالحبوب والبقول والأشجار المثمرة، وتتبع إدارياً لمحافظة الرها أو “شانلي اورفا” كما حُرِّف اسمها هي الأخرى.
تقع برسوس إلى الشمال من كوباني بمسافة لا تزيد عن العشر كيلومترات، وإلى الجنوب من مركز محافظة الرها بحوالي 45 كم، والتي بدورها حملت العديد من الأسماء على مرّ العصور، حيث كان اسمها (إديسا) في العصور الكلاسيكيّة، و(أورهاي) في الحضارة الآرامية، و(الرها) في الحضارة العربيّة، وأورفا أخيراً في عهد الطورانية التركية. وتبلغ مساحتها حوالي 735.19كم²، وعدد سكانها يفوق المئة ألف نسمة.
عُرِفت المدينة كردياً باسم برسوس” قديماً وب سروج الاسم السرياني الذي يعني القطعة المنسوجة، ويعيدها البعض الى سبب صناعة السرج فيها وكانت حرفتا صناعة النسيج وصنع السروج دارجتان فيها.
وكانت المدينة مركزاً لصنع الحرير، وشهدت تعاقب عدد من حضارات بلاد ما بين النهرين، أخضعها الإمبراطور الروماني قسطنطين الأول لسيطرة مدينة الرها، يُعدّ الأسقف السرياني والشاعر اللاهوتي يعقوب السروجي أحد أشهر سكّان المنطقة، والذي تعود معرفته في القرن السادس الميلادي، وما زالت الكنيسة الكاثوليكيّة الموجودة فيها، والمحتفظة بكرسي الأسقفيّة شاهدة على أنّها كانت مدينة مسيحيّة بالرغم من أنّ عدد المسيحيين فيها شبه نادر. مرّ فيها الإمبراطور جوليان في عام ثلاثة ميلادي، وذلك أثناء عبوره من أنطاكية إلى نهر الفرات. في عام 639م تم تسليم البلدة إلى عرب الرشيديّين. في عام 1098م. أحكم الصليبيّون السيطرة عليها، ومن بعدهم سيطر عليها المسلمون في عام 1127م، ودُمّرت المدينة إثر الغزوات المغوليّة. في عام 1517م، تمّ ضمّها من قبل سليم الأوّل إلى الإمبراطوريّة العثمانيّة. في عام 1918م، احتلها الإنجليز. في عام 1919م، احتّلتها فرنسا مع باقي الأراضي السورية.
كان لبرسوس حضورها ونصيبها في مقاومة كوباني ونضالها ضد مرتزقة داعش وكانت الشاهد على عظمة تلك المقاومة فيها، وكان لأهلها الدور الكبير في احتضان أهالي كوباني وبخاصة النساء والأطفال اثناء مقاومتهم لمرتزقة داعش وحتى تمام تحريرها. [1]