إعداد/ آرين شنكالي
عبدالله كوران شاعر طالما كان اسمه مرتبطاً بالمقاومة والشجاعة والشموخ، ويعتبره الكثيرين من رموز الثقافة والأدب الثوري في كردستان في القرن العشرين، والتي تلونت بالصراعات والحروب والتهجير وتقسيم كردستان إلى مناطق نفوذ بين الدول الكبرى، انعكست سلباً على مصير الشعب الكردي وبات بدوره يبحث عن الخلاص والحرية، بالرغم من الظروف التي أنهكته والمجازر التي اُرتكِبت بحقه بغية إبادته وإنكاره وإقصائه.
ينحدر أصل الشاعر عبدالله كوران من مناطق روج هلات كردستان، في نواحي مريوان، ومن عائلة عُرِفت بحبها للثقافة الأصيلة والعلوم الدينية، ولد عام 1904م. في حلبجة التي استقرت فيها عائلته. وبدأ دراسته فيها، ثم انتقل إلى كركوك مع شقيقه الأكبر، توفي والده وقتل شقيقه، وفقد والدته عام 1921بعد انتشار وباء في المنطقة، ما ترك عميق الأثر عليه.
عُيّن معلماً في مدرسة حلبجة عام1925م. ولمدة اثني عشر عاماً، ثم انتقل للعمل كموظف في دائرة الأشغال، دفعته الحماسة وروح النضال للسفر إلى فلسطين مع مجموعة من المثقفين إبّان الحرب العالمية الثانية، وكان له دور كبير في إذاعة الشرق الأدنى في يافا، وبعد عودته من فلسطين وبفترة قصيرة أُعتقل وأودع في السجن عام 1951 ولمدة عام كامل وأُطلِق سراحه من جديد، ليعمل بالصحافة وأصبح رئيس تحرير جريدة “الحياة” الكردية لمدة عامين وحتى ألقي عليه القبض بتهمة نشاطه مع مجموعة “أنصار السلام”، فحكم عليه لمدة سنة واحدة تنقل خلالها بين عدة سجون، فمن سجن السليمانية إلى سجن كركوك ثم سجن الكوت وبعقوبة ونقرة السلمان، وبعدها نفي إلى قضاء بدرة الواقع على مقربة من الحدود الإيرانية.
شارك في المظاهرات ضد العدوان الثلاثي ومن ثم سجن من جديد، لثلاث سنوات، وعاد لنشاطه الثقافي في الصحافة وترأس تحرير مجلة “الشفق” ومن ثم نظم العديد من الانشطة التي أثارت نقمة أعدائه وأقيل من وظيفته، لكنه عاد من جديد ليتعين أستاذاً للأدب الكردي والنقد الأدبي في كلية الآداب في جامعة بغداد وعضواً في هيئة تحرير جريدة الحرية الكردية. لينال السجن والفقر الذي عاشه في صباه منه، وأُصيب بأمراض عدة فانتقل إلى عالم الخلود في عام 1962م.
عُرِف كوران بأسلوبه المليء بالثورية الحكيمة، إلى جانب الجمالية والرصانة والشفافية في شعره الرصين الذي كان ينضح بالحب والثورة والمقاومة، وساهم في إعادة التألق للغة الكردية وترك إرثاً من الشعر الذي يُعد من جميل الشعر الوجداني والإنساني .[1]
من بعض أشعاره المترجمة:
“وردة البنفسج المنزلية تحت الشوك
عندما وصلت ليدي المتلهفة،
امتلأت من عبيرها أنفاسي،
وسكبت وشوشة العطر في مسامعي
ولبشارة: أقبل .. نوروز! أنبأتني
إيه أيها العيد الذي أقبل
ومضت عن الفم
مرارة عام انقضى !
يا عيداً
لألوف الأعوام الخوالي
من ماضي الكرد المرير القاسي
كنت أنت وحدك:
عيدهم وربيعهم !”