حوار/ آلدار آمد [1]
مهدية سليم عبدالعزيز ابنة مدينة الحسكة، نشأت ضمن عائلة وطنية مؤلفة من خمس بنات وشابين، وهي البنت البكر لوالديها، هاجرت إلى لبنان لأسباب عديدة، تمتلك إحساسا مرهفاً، تتأثر بكل ما حولها فتنقل تلك الأحاسيس عبر قلمها وترسمها على الورق، إنها تكتب عن الغربة والحنين، عن الأم والطبيعة، عن الوطن آلامه وأفراحه، أجرت صحيفة “روناهي “حواراً معها لتُعبّر عن شعورها وأحاسيسها الجيّاشة ولتنقلها إلى قُرائنا:
من أين بدأتي مسيرتكِ الفنية والأدبية؟
بداياتي مع الشعر، كانت كتابة خواطر نثرية وقصص قصيرة، وتطورت إلى كتابة الشعر الكردي والتلحين أثناء انضمامي إلى فرقة “تولهلدان” في الحسكة والمعنية بفعاليات عيد نوروز وغيرها، أما هواياتي فمنذ الصغر كنت أهوى الرسم والغناء، ثمّ ما لبثت أن تعدّت إلى كتابة الخواطر بالعربية والعزف على آلة “الطنبور”، ومن ثمّ كتابة الشعر الكُردي والتلحين.
أمّا عن الشعر العربي فكانت في بداية عام 2004م، حيث اكتشفت بأنّي أمتلك حسّاً جميلاً في كتابة الشعر بالعربية، وأنّي أجيد صياغة الأبيات وتكوين الصور أكثر بكثير مما كنت أصوره في الشعر الكردي، وقد يكون السبب لتفوقي في المواد الأدبية أثناء دراستي ولا سيما مواضيع التعبير والنصوص العربية.
لكل شاعر مصدر إِلهام خاص؛ يَستوحي منه كلماته، ما مصادر إلهام مهدية؟
الطبيعة لي هي بمثابة الأوكسجين، ومصدر إلهام، وراحة للنفس، أمّا الأم فقد كانت الروح التي تمدني بجميع أشكال القوة والإرادة لتحمل جميع أعباء الحياة، لكن وبعد رحيلها، أشعر دائماً بالوحدة والضعف وعدم الاكتمال، والقراءة بمثابة السفينة لمن أحبَّ الإبحار في بحور العلوم واكتساب الثقافات المُتعدّدة، وطائرة نحلق بها في فضاءات شاسعة من الخيال والبحث العلمي، أما الحُبّ فهو الكنز الذي يجب أن نحافظ عليه، وأن نتفادى خدشه بالكذب والنفاق والحقد وضرورة تغليفه بالوفاء والأمانة.
في أي مجال من مجالات الكتابة تجدين نفسك وأين تُبدعين؟
أنا أكتب في مجالات عدّة ، الخواطر، الحكم، الكلام البليغ والفلسفي، والتطرق إلى المقالة إن لزم الأمر، أمّا الشعر فأنا أكتب بأسلوب السهل الممتنع القريب إلى المتلقي والمستمع لسلاسته، وسهولة استيعابه من قِبل الفئات الأقل ثقافة لعدم وجود كثرة التعقيد فيه وبساطته، ويستهويني جدّاً الطابع الحزين في كتابة القصيدة، لشيء ما في داخلي يحثني دائماً على الكتابة على هذا النمط، أما السياسة، أنا من حيث المبدأ لم تستهويني السياسة يوماً ما، ودوماً أُعبِّر عنها بجملة: (السياسة لغة الحرّب والدّمار)، لكن عندما يتعلق الأمر بوطني، فأنا لا أرى نفسي إلا كقنبلة تنفجر بالكتابة بكلِّ ما يقذف بجمر الأحشاء شظايا من اللهب تؤذي كل يد تطال حُرمة بلادي وسكينة شعبي.
لكل شاعر قدوة تتأثر به في أسلوبه وكلماته، بمن تأثرتِ؟
أنا حقاً لم أجعل من أحدهم قدوة لي، فأنا كوّنت شخصيتي بنفسي، وأسلوبي نابع من أفكار تخص ذاتي لوحدها، وخيالات رسمتها بنفسي وبوحيّ إلهامي الخاص، لكن كثيرون قالوا لي إنّني أشابه في أسلوبي من حيث الشغف والسلاسة وجمالية التعبير، أسلوب الشاعر الكبير الراحل “نزار قباني”، وطبعاً لي الفخر بذلك.
كشاعرة مغتربة، ماذا يعني لكِ الوطن؟
إن الوطن وروج آفا هي حسرة قلبي، فالوطن هو الملجأ والمأمن، ومن غير الوطن نكون بلا كيان وبلا قيمة في بلاد غريبة، في بلاد الغربة نبقى مجرد أشخاص لا يحق لنا ما يحقُّ لأصحابها، بلدي بعد ثورة روج آفا، قَويت بنيانه، وزادت أركانه متانة، ببسالة شبابه وشاباته، أصبح أكثر قيمة في أنظار العالم ككل، من النواحي الجغرافية والعسكرية والبنيوية، محبتي لوطني وشوقي إليه ألخصهما في قصيدتي (وطني) ومنها:
وطني
إنّي أتساءل
هل ستعودُ بِنا الأيامُ إليكَ
لجمعِ حبّاتِ التوت؟
والركضِ على أرصفةِ الطفولة
وتحريرِ صوتنا المكبوت؟
العودةَ لأيام الخميسِ نخصها
لغاليةٍ غادرتنا
والبكاءَ مريراً لرؤيةِ اسمها المنحوت؟
وطني
إنّي أتساءل
هل ستعودُ الضحكاتُ إلى رُشدها
أم ستبقى ابتساماتُنا ضحيةَ سيفِ
ذلكَ الطاغوت؟“
ما هي النشاطات التي تقوم بها مهدية سليم في المهجر؟
نشاطاتي الوطنية في الغربة، تمحورت حول المساهمة في دفع المعنويات بكتابة الشعر القومي، والنهوض ضد الإرهاب الممارس ضد شعبي في مقاطعاتنا التي تعرضت للاحتلال التركي، وصنع فيديوهات بصوتي وإدراجها على صفحتي الزرقاء، ولا سيما عن عفرين وكوباني، وأيضاً بكتابة كلمات للأغاني وتلحينها ومنها أغنية عن البطل الشهيد أبو ليلى وعن الشهباء وقوات سوريا الديمقراطية، وطبعاً أساهم بدعم الثورة من بعيد بما أستطيع من الناحية المادية والمعنوية.
كيف تجدين المرأة المناضلة في روج آفا والشمال والشرق السوري؟
عظيمة تلك المرأة التي تناضل في روج آفا وخاصة حاملات السلاح وحدات حماية المرأة، فأنهن تبقين فوق كل الكلمات، وكل المواصفات التي تكون دوماً أدنى قيمة ووزناً من قيمتهن الحقّة على جميع الجبهات، باسطات أجنحتهن الممتدّة ضد نير الظُلّام، ووحشية الأنذال من البشر يداً بيد مع وحدات حماية الشعب، وقد كانت لي قصيدة بعنوان “أنا الكُرديّة”، كتبتها حبّاً بهن وبنضالهن الأبيّ..
كلمة أخيرة توجِّهيها من خارج الوطن إلى داخله؟
كلمتي الأخيرة أوجهها بحب إلى القائد والشعلة التي أنارت دروب العتمة في تاريخنا نحن الكُرد، وأضاءها بنهجه الوقاد، ومبادئه القيّمة، وأقول له تحياتي للأب والمناضل في سجون الإمبريالية، وقبلاتي لأنامل لا زالت تدوّن، وفخري بأفكار لا زالت تروي حقولاً ذبل فيها الياسمين لتعود فتزهر براعماً من جديد وآمالاً بانتصارات عظمة تتالت، ولا زالت تتوالد وستبقى، وقبلاتي لثرى بلادي وشعبي والمناضلين الأحرار حماة العرض والأرض.[1]