إعداد/ هايستان أحمد [1]
قرية بره بيتا من قرى منطقة ديريك التابعة لمقاطعة قامشلو تقع في منتصف الطريق إلى قرية عين ديوار تبعد 7 كم عن نهر دجلة يربطها بديريك طريق مزفت وتبعد عنها حوالي 8 كم ، وهي قرية قديمة جداً كما يظهر من تسميتها الآرامية أي الدار الخارجي (الدار البرية)، كانت تُلفظ سابقاً “برابيسا” حسب اللهجة الآزخية التي كثيراً ما تُلفظ حرف التاء كالسين، اسمها الحالي خان يونس.
أما كنيستها الحالية المبنية على اسم السيدة العذراء فقد كانت حتى أوائل الخمسينات من هذا القرن عبارة عن تلٍ من التراب شوهدتْ عليه مراراً أنواراً متلألئة كانت تنتقل ليلاً على كامل مساحة الخراب وخاصةً في ليلي الآحاد والأعياد وبقيت على هذه الحال حتى تراءت العذراء بالحلم لعديد من السكان تنهاهم عن نقل حجارتها أو ترابها وتطلب تجديد البناء ولما تكررتْ الرؤى والأحلام نقل المؤمنون أخبارها إلى المثلث الرحمات المطران مار اسطاثيوس قرياقس فبذل هذا همة قعساء حيث أشرف بنفسه على ترحيل الأنقاض حتى بان أساس الكنيسة فحافظ عليه عند تجديد البناء وترك البلاط الحجري القديم يُزين قاعدة الكنيسة محافظاً على قيمتها الأثرية القديمة، ولم يُعثر خلال أعمال الحفر وإزالة الأنقاض على رقيم حجري أو كتابة مزبورة على أحجارها لذلك لا يمكن تحديد تاريخ إنشائها، إنما يُعتقد بأنها أنشئتْ في زمن قريب من الزمن الذي بُنيت فيه كنيسة العذراء في ديريك لتشابه الأحجار البازلتية السوداء والمداميك الكبيرة في المداخل ومستوى انخفاض القاعدة، زعم البعض نقلاً عن الشيوخ المسنين من القرى المجاورة بأن أخبار هذه الكنيسة كانت تغطي المنطقة كلها لكثرة الكرامات التي كانت تظهر منها، وإن بناؤها كان كبيراً وكانت تمتلك أرض زراعية واسعة تستثمرها لسد نفقات الدير الذي كان يقيم فيه العديد من النسّاك والزّهاد وطلبت العلم بالإضافة إلى قطيع كبير من الماعز والأغنام والأبقار لسد حاجة الدير من منتجاتها، كما زعموا وجود صِلات قوية ما بين هذا الكنيسة وكنيسة العذراء في ديريك.
توافد الزوار إلى الكنيسة من كلِّ حدبٍ وصوب في الاحتفالات
والبناء الحالي يبلغ طوله 11 م وعرضه 10 م وتبلغ أبعاد هيكله القديم 3 × 10 م، بضمنه مذبح صغير، وقد أُقيم البناء بكامله فوق أنقاض الأساس القديم، وحبّذا لو تركت الأرضية مرصوفة بأحجارها الأثرية القديمة، لكنها فُرشت بالإسمنت مما أضاع إحدى معالمها القديمة، وقد عُثر بين الأنقاض على جرن للمعمودية تصدّعت بعض جوانبه، فرُمِّم ووضع قيد الاستعمال، كما عُثر على مقرئ حجري منحوت يدعى بالسريانية (كودو) الكاف تُلفظ كالجيم المصرية، وللتميز بينهما أطلق على كنيسة بره بيتا (الدير الخارجي) لتبقى كنيسة ديريك الدير الخارجي، انتهى تجديد بناء الكنيسة في عام 1958 ورُسِم لها أول كاهن وهو المرحوم القس برصوم القس يوسف وبعد وفاته رُسِمَ لها: القس يوسف المدّوي، حيث اقتبل الرسامة في 15/5/1959، وبعده القس موسى بن القس عيسى، وهو من مواليد آزخ 1913، رُسم كاهناً بتاريخ 13/11/1966، وتُتخذ الاستعدادات الكافية في كل عام لاستقبال الزائرين في العيد السنوي لهذه الكنيسة وهو عيد العذراء لبركة السنبل، الذي يصادف 15 من شهر أيار حيث توفد الكنيسة حشود كبيرة من الزائرين من سائر أنحاء الجزيرة وفاءاً للنذور ولحضور الاحتفال بالذبيحة الإلهية ويطلق على هذه الاحتفالات (الشيهر) وهي كلمة سريانية أي شهر الزائرين طيلة الليل وهم يرتلون مدائح العذراء ويطلبون شفاعتها، وظهرت من الكنيسة العديد من الكرامات نذكر منها الأعجوبة التي نشرتها المجلة البطريركية في دمشق ” العدد الثالث من شهر ت1 عام 1962 “
أعجوبة إِلهية وأسطورة مُتناقلة في كنيسة العذراء
في أصيل يوم السبت 12 أب 1961 كانت قد حضرت إلى كنيسة العذراء العجائبية في قرية بره بيتا امرأة مريضة منذ أربع سنوات عجز نطس الأطباء عن شفائها تدعى (خانمة) زوجة حنا ملكي شوني من أهالي والبالغة من العمر الأربعين ترافقها بعض النساء من ذويها هن: مريم، مارتا، فافترشت الأرض متضرعة إلى الله بصوت فيه نبرة الموت وكانت شاحبة الوجه هزيلة الجسم وفي صباح اليوم التالي (الأحد) وخلال إقامة القداس الإلهي تعلقتْ أنفاسها وتوقفت دقات قلبها ونبضها وفارقت الحياة وخاب كل رجاء، فأخبر زوجها بالمصيبة ومضى على موتها زهاء أربع ساعات وقد باشر الكاهن بإقامة مراسم الدفن فإذا بها وعلى حين غرة تجحظ بعينيها فاغرة فاها كمشدوه ناهض من سُبات عميق على ضجة صاخبة مفزعة بأخذ العجب من قلوب الحاضرين كل مأخذ وتعالت أصوات المحتشدين بتسبيح الله وتمجيد اسمه القدوس وليس إن الحياة عادت إليها بعد فراقها فحسب بل إنها برأت من أسقامها وكأنها كانت لا ميتة وقد دوّن حضرة الأب برصوم القس يوسف كاهن هذه الكنيسة ما قالته تلك المريضة بعد شفائها أمام جمهرة من المؤمنين قالت بالحرف الواحد :”رأيتُ امرأة ذات وجه مشرق تأكد لدي أنها السيدة العذراء رمقتني بعين شفوقة ورحومة ثم توارت فأعقبها شاب ظفير أنيق يرتدي بزة بيضاء وكطبيب ماهر أخذ يعالجني فساقني جرعة من دواء ما وعلى أثره استيقظتُ وإذ بي كما ترونني من صحة وسلامة “، وحدثت فيها الكثير من العجائب في الكنيسة.