إعداد/ هايستان أحمد [1]
لكل بلد في العالم زيٍ وتقاليد في اللباس يميزه عن غيره ويتألق به ليكون اللباس الثقافة الموحدة التي تتناقل عبر الزمن إلى الأجيال القادمة، ولسوريا تاريخ عريق في اللباس التقليدي الفلكلوري، ويختلف من منطقة إلى أخرى ولكنها مؤلفة للجميع، فالدراما الشامية والحلبية القديمة التي تعرض لنا عادات وتقاليد وطريقة اللباس في ذلك الوقت نُقلت بكل وضوح، ومازال هناك من يتمسك بثقافة الزي التقليدي إلى وقتنا هذا.
الزي السوري التقليدي، الذي يتشابه في الكثير من المناطق، كما هو مألوف نلاحظ أن زي الرجال يتألف من سروال قماشي يُدعي باللهجة السورية “الشروال”، ومع قطعة قماش مزركشة تلف في الوسط ويُشد بها القميص، مع الكوفية والعقال المسنين أو “الطربوش”، مع قطعة سلاح يتزين بها الرجال وعادة تكون “الخنجر”، أما المرأة، فاللباس التقليدي يتألف من عباءة طويلة داكنة اللون بالنسبة للسيدات وزاهية بالنسبة للفتيات، وتزيّن غالباً بأقراط ذهبية أو فضية أو يطرز بعضها، مع وشاح يعصب الرأس .
نبذة تاريخية حول الأزياء السورية
للأزياء التراثية لغة تحمل خصوصية السوريين وطبيعتهم إضافة إلى أنها تشكل تعبيراً عن أوضاعهم الاجتماعية وتظهر مهارة ورفعة ذوق صانعيها في انتقاء ألوانها وزخارفها المرتبطة إلى حد بعيد بالمعتقدات الشعبية، وترجع أجزاء كثيرة من ثياب المرأة الريفية التقليدية إلى روائع تصاميم أزياء الملوك القدامى الذين عاشوا في دمشق أو تدمر مثل أفاميا وإيبلا وأوغاريت وهي رصينة قليلة التغير لا تقبل التحوير حرصاً على المحافظة على أصالتها التاريخية، وتتميز كل منطقة بأزياء خاصة بها ففي دمشق تتنوع ملابس النساء التراثية حيث كانت المرأة ترتدي لباس الرأس ويسمى البخنق وهي عبارة عن برقع صغير يغطي الرأس والخمار وهو من أغطية الرأس يغطي الرأس والعنق وجزءً من الصدر، والنقاب الذي تضعه المرأة على وجهها عند خروجها من المنزل يتميز بشيء من الشفافية إضافة إلى الملاءة السوداء والعباءة السوداء الطويلة التي تصل إلى أسفل كعب القدم، والنساء في دمشق حريصات على ارتداء الحلي لتكتمل الصورة الجميلة لهن ومن هذه الحلي العرجة وهي طاقية فضية يتدلى منها خيوط من الفضة تتأرجح على الجبين والقلادة “الجردان” أو الكردان وهو طوق تضعه المرأة في عنقها مؤلف من عدة سلاسل ذهبية يتدلى منها مخمسات ذهبية وأساور ذهبية أو فضية ومسكوكات ذهبية تُسمى ب “الرشادية” و”الحميدية” و”العزيزية” والخلخال الذهبي أو الفضي الذي يلف الخصر وغيرها.
الزيُّ التقليدي في عفرين
لا تختلف ألبسة وأزياء أبناء وبنات المنطقة عن ألبسة أجدادهم الكردية التي كانت مختلفة في تصميمها وألوانها، وقبل ظهور الألبسة العصرية كانت المرأة العفرينية تلبس الفستان “الكرمانجي” وله عدة ألوان بينما كان له شكل موحد تلبسه النساء بمختلف الأعمار وكانت المسنات منهن يلبسن فوقه جاكيت أسود اللون مصنوع من الصوف وكانت المسنات أيضاً يغطين شعرهن بشال ذو ألوان غامقة (أسود بني كحلي) إضافة إلى شال آخر أصغر لتغطية جبينهن لأن رؤية شعر المرأة حينها كان معيباً، أما الفتيات والشابات فكانت تضع على رؤوسهن ايشاربات ذات ألوان زاهية دون تغطية جبينهن كالمسنات ونادراً ما كنت تجد في المجتمع العفريني الملايات كالنسوة الحلبيات، وحول لباس الرجل العفريني، كان الرجل العفريني يلبس القميص الخارجي وفوقه جاكيت، كما كان يلبس الشروال ذو اللون الأسود الذي ما زال شائعاً عند كبار السن في المنطقة، وبما أنه ضيق من الأسفل فقد كان الخياطون يتركون فتحة واسعة لتسهيل إدخال الرجلين إليه يغلق ويفتح بواسطة سحابات، وتحت القميص الخارجي الذي ذكرناه كان الرجل في “عفرين” يلبس قميصاً داخلياً أبيض اللون وطويلاً يمتد فوق سروال داخلي يشبه الشروال ولكن بلون أبيض، وعلى الرأس كان كبار السن غالباً يلبسون طاقية بيضاء مثقوبة ومحاكة بواسطة خيوط التنتنة تصنعه يدوياً النسوة الريفيات.
وكان اللباس العفريني يختلف من بيئة لأخرى فالمرأة في الأسرة الغنية كانت تلبس القماش الجيد الغالي الثمن مثل المخمل والحرير أما المرأة الفقيرة فقد كانت تقتني الأقمشة الرخيصة من الخام ولكن الصفة المشتركة بين لباس الفئتين كانت الألوان الزاهية والأسماء المشتركة تقريباً، هذه نبذة مصغرة عن اللباس المعروف في سوريا ولكن لكل منطقة زي وتقليد يتميز به كل مكون في سوريا ليكون هوية وصورة عن أجدادنا في القِدم.