حاورته/ دلال جان[1]
روناهي/ حسكة: “من أولى أهداف مديرية الآثار حماية الموروث الثقافي، وتاريخ المجتمعات السابقة، وتوعية المجتمع للحفاظ على هذه الآثار في شمال وشرق سوريا، والتي تُعدُّ من أهم الآثار في سوريا كلها”.
بعد أن يفنى الإنسان تبقى ممتلكاته المادية موجودة على سطح الأرض، وهذا ما يُسمى بالآثار، فالآثار مصطلح يطلق على كل شيء بقي من ممتلكات مادية من المجتمعات القديمة التي عاشت على وجه الأرض، ولا تخلو منطقة من العالم منها، ومن خلال الآثار التي اُكتشفت تعرفنا على الموروث المادي للبشرية وحضارات المجتمعات القديمة، وتاريخ المجموعات الإنسانية السالفة، وكيف عاشوا حياتهم ومارسوا طقوسهم، وللتعرف على أهمية الآثار كان لصحيفتنا “روناهي” حواراً مع الإداري في مديرية الآثار بالحسكة “عدنان بري”.
ما هو التحدي الذي دفع الإنسان ليقوم بعملية الإعمار؟
تشكل أنهار الشرق المصدر الرئيسي للحياة في مثل هذا المناخ المتميز بفترات جفاف طويلة, حيث استطاع الإنسان استنباط طرق فريدة ليعيش قريباً من الأنهار بما يكفي لممارسة فعاليات حياته من تجارة وري وغسيل وتصريف, وبعيداً عنها بما يكفي ليدرأ عنه أخطار الفيضانات وانزياح التربة, وتختلف هذه الطرق باختلاف طبيعة الأرض والموقع . تشكلت منطقة بلاد الرافدين ومحيطها من التلال بالحت البطيء التدريجي للصخور, وقد سمح ذلك بحركة الأنهار فأصبحت تحدياً للإنسان فقام بأعمال إعمار مواقع الشرق القديم.
كمديرية عامة للآثار والمتاحف ماذا قدّمتم للمواقع الأثرية في شمال وشرق سوريا خلال سنوات الأزمة السوريّة ؟
من أولى أهدافنا حماية المواقع الأثرية وتوعية المجتمع المحلي في كيفية الحفاظ عليها بحكم أن الجزيرة السورية تضم حوالي 1043 موقع أثري وهذه المواقع تعد من أهم المواقع الأثرية التي ساهمت في بناء حضارات العالم، مثل تل حلف لذلك قمنا بتشكيل مكتب الحماية وضمنه عدد كبير من العاملين في مراقبة المواقع الأثرية وحمايتها، بالإضافة إلى ذلك تم تشكيل مكتب التوعية وضمَّ أيضاً عدداً من الأكاديميين الذين يقومون بالتنسيق مع لجان ومكاتب المجتمع المحلي بإلقاء محاضرات وإعداد برامج تلفزيونية توضح فيها تاريخ هذه المواقع ودورها في التطور الحضاري للشرق الأدنى.
خلال العام الفائت ماذا كانت أهم الأعمال التي قمتم بها؟
منذ اندلاع الأزمة في سورية ومع تشكيل هيئة حماية الآثار وضعنا خارطة وبرنامج للعمل تمثلت في عدة موضوعات وكانت على الشكل التالي، الحماية, التوعية, التوثيق, الترميم, رصد المخالفات وقمعها، من هنا كان عملنا خلال هذا العام هو التوعية إلى جانب ما ذكرناه ومن أهمها ترميم مقبرة رومانية تعد من أهم المقابر الرومانية المكتشفة حتى الآن، وهي تقع في منطقة الهول بالرغم من صعوبة العمل كان استهدافنا لهذا العمل وسيلة قدمت لنا نجاحاً كبيراً على الصعيد الخارجي.
ما مدى تأثير الهجمات التركية الأخيرة على الآثار؟
إننا نُبدي تخوفاً كبيراً على مصير هذه المواقع والبالغ عددها حوالي 70 موقع أثري، بحكم إننا نملك تجارب سابقة مثل ما حدث في عفرين من تخريب ونهب وسرقة واستخدام بعض المواقع للتحصينات العسكرية، مثل جنديرس حيث أن الجغرافية الممتدة بين سري كانيي (رأس العين) وكري سبي (تل أبيض) تحوي ثماني مواقع أثرية مدرجة على لوائح المواقع الأثرية المهمة جداً عالمياً وهم : “تل حلف – تل خويرة – تل الصبي أبيض – تل حمام تركمان – مدينة الفار – الفار – تل فخيرية (واشوكاني) – خراب سيار”، حيث أن أي تدمير لهذه المواقع يمثل خسارة كبيرة للسوريين والعالم وخير مثال على ذلك ما حدث لآثار تدمر.
هل لديكم فكرة إنشاء متاحف في شمال وشرق سوريا؟
نحن نريد أن تكون هناك متاحف يتمثل فيها تاريخ هذه المنطقة وغناها التاريخي والمعرفي لكن الأوضاع الأمنية التي كنا نمر بها كانت تمنع ذلك لكننا سنقوم بالوقت القريب بإنشاء متحف تتمثل فيه العادات والتقاليد الشعبية وعرض للتراث الذي تمتلكه منطقتنا على خلاف أي منطقة أخرى في العالم .