إعداد/ غاندي إسكندر
روناهي/ كركي لكي- يعد الأربعاء الأحمر، عيد رأس السنة الإيزيدية أحد أقدم الأعياد في التاريخ وهو كما يراه أبناء الديانة الإيزيدية عيد التكوين، والخليقة، وبداية الحياة، وتكوين الأرض، واكتمال الربيع، وتقول المعتقدات الإيزيدية أن “طاووس ملك” رئيس الملائكة بُعث من قبل الرب على الأرض التي كانت سرابا ليحولها إلى أرض حيّة من ماء وتراب كما هي، وينبت فيها الربيع بألوانه الزاهية, وكان ذلك في يوم الأربعاء الأحمر حسب الديانة الإيزيدية.
أربعة أعياد دينية في آن واحد
تقول المراجع الإيزدية: “أن الأربعاء الأحمر سمي بهذا الاسم لأنه في مثل هذا اليوم ضُخ الدم ذو اللون الأحمر في جسم أول إنسان “آدم” حيث شرب آدم من ذلك الكأس للحياة، فارتجف في مكانه، واكتمل لحمه، وجرى الدم في جسده كما أنه في هذا اليوم يعيد طاووس ملك الخصوبة إلى الكائنات الحية خاصة النبات، والحيوان، وفي هذا اليوم يبدأ أول فجر باللون الأحمر، وتنضج شقائق النعمان الحمراء”. كما تقول المصادر: أن الأربعاء الأحمر عبارة عن أربعة أعياد دينية في آن واحد، بمعنى أن هناك أربع مناسبات متشابهة الفلسفة، لكنها حدثت في أزمان متباعدة حيث يحتفل بها في هذا اليوم، العيد الأول هو “عيد التكوين” عندما انفجرت الدرة البيضاء بأمر من الله وتكونت منها أربعة عناصر ” التراب، الماء، النار، الهواء” بمعنى الصلب، والسائل، والغاز، والبلازما التي تفاعلت مع بعضها، وأدت إلى تكوين النجوم، والكواكب، العيد الثاني هو: ذكرى غليان الأرض، ثم تجمدها، وتكوينها، واخضرارها، وهذا ما تظهره عملية غليان البيضة ثم تبريدها ثم تلوينها، العيد الثالث “عيد الخليقة “؛ وذلك عندما خلق أول كائن حي “آدم” وضُخ الدم الأحمر بجسده، لهذا سميت “جارشمبا سور” ويصادف هذا اليوم أول أربعاء من شهر نيسان حسب التقويم الشرقي، العيد الرابع والأخير “عيد الخصوبة” عندما تخصّبت أول بيضة لإعادة تكوين أول كائن حي.
طقوس العيد ومكانة شهر نيسان
قبل يوم من العيد أي يوم الثلاثاء، يقوم الإيزيديون باكراً، ويرتدون أفضل ما لديهم من ثياب، ويبدؤون بنحر القرابين كل بحسب وضعه الاقتصادي، فلا يجوز ذبح أي شيء في يوم الأربعاء، ويتم إشعال النيران “الفتائل أو القناديل” مساءً في مفارق الطرقات، والشوارع حيث تشعل القناديل حسب عدد أيام السنة، ويقفز الشباب فوق النار الموقدة في ساحات القرى، وهم يرددون بعض الترانيم كما يزينون مداخل بيوتهم بشقائق النعمان، ويأتي ربط شقائق النعمان بالعيد، كونها تزدهر في صباح يوم الأربعاء الذي بُعثت الخليقة فيه كما تتميز الطقوس في يوم الثلاثاء بزيارة قبور الموتى، وتأخذ النسوة معهن بعض الحلوى، والفواكه حيث يتم توزيعها على الفقراء، وفي صبيحة يوم الأربعاء تقوم الفتيات بسلق، وتلوين البيض، وهو أهم طقس للإيزيدية إذ يعدونه رمزاً لخلق الكون، والأرض، فالبيضة تمثل الحالة بكل معانيها حيث أن البيضة أثناء سلقها يتحول داخلها السائل إلى جامد، وهذا تمثيل لتجمد الأرض، وظهور اليابسة، والماء، وتلوينه يدل على كيفية اخضرار الأرض، وظهور الحياة فيها، أما عملية كسر البيضة، فهي تدل على عملية الانفجار العظيم للكون، ومن الطقوس المرتبطة بشهر نيسان تحريم الزواج حيث يُحرم على الإيزيدي الزواج وعقد القران في شهر نيسان بالكامل لأن شهر نيسان هو “العروس” التي لا تضاهيها عروس أخرى لذلك يُسمى “بوكا سالي” أي عروسة السنة كما يحرم على الإيزيدي حراثة الأرض، فهي حبلى بالنباتات، وغيرها ولا يجوز إيذاؤها كما يمنع الإيزيدي من السفر بعيداً عن منزله أو مكان إقامته.[1]