الدكتور جبار قادر
حیاتە:
غیب الموت قبل ستة أعوام كاتبا ومترجما كوردیا فیلیا متمیزا، عرف بجدیتە وصراحتە في طرح أفكارە وبقي مخلصا لما كان یؤمن به حتی وفاتە، وأقصد بە الراحل الدكتور زهیر عبدالملك. من المؤسف أن أكثر القراء الكرد لا یعرفون عنە سوی أنە ترجم كتاب عالم الإجتماع التركي المشهور الدكتور إسماعیل بیشكچي الذي یحمل عنوان كردستان مستعمرة دولیة.
تهدف دراستی المكثفة هذە الی تعریف القارئ بسیرة الراحل ونتاجاتە في حقل الثقافة الكردیة، إذ من غیر المعقول أن لا یعرف عنە شیئا سوی ترجمتە للكتاب المذكور رغم أهمیتە الكبری في فهم القضیة الكردیة. تعرفت علی زهیر عبدالملك في منتصف تسعینات القرن الماضي وسرعنا ما وثقت صداقتنا وبقینا علی تواصل مستمر حتی وفاتە مساء السابع من تموز عام 2014 في روما، حیث قضی أكثر من نصف عمرە عاملا في المقر الرئیسي لمنظمة الأغذیة والزراعة التابعة للأمم المتحدة(الفاو). جمعتنا مناسبات كردیة عدیدة في بلدان أوروبیة مختلفة، وجلسنا مطولا نتبادل الأحادیث في أحوال الكرد والسیاسات العنصریة التي تمارس بحقهم، كان تركیزنا دائما علی ما یتعلق بجوهر القضیة ولیس تفرعاتها. أطلعني الراحل علی مسودات كتبە قبل نشرها، طالبا مني تدقیق بعض معلوماتە وتزویدە بملاحظاتي عنها. وكباحث جدي كان یأخذ بالملاحظات التي أدلي بها ویتقبلها برحابة صدر وقد أشار الی ذلك في بعض مقدماتە. لعل أكثر ما یحز في نفسي هو أننا لم نتمكن من تحقیق رغبتە الأخیرة في زیارة كوردستان، والتي كنا نخطط لها منذ عام 2012، وذلك بسبب أوضاعە الصحیة ونصیحة الأطباء لە. وكان یثق بنصائح طبیبە العسكري العجوز الذي ناهز الثمانین من عمرە والذي كان یتحدث عنە دائما بإحترام كبیر. إقترحت علیە شخصیا أن یقوم بزیارة الی كوردستان وكنت أهدف من وراء ذلك تعریف الوسط الثقافي الكوردستاني بە من خلال تنظیم ندوات لە في الأكادیمیة الكردیة، حیث كنت أعمل آنذاك، وبعض المراكز الثقافیة الأخری في مدن كوردستان الرئیسیة.
من المؤسف أنني لم أدون الكثیر من الذكریات التي كان یرویها في لقاءاتنا عن حیاتهم في بغداد وجبال كوردستان ومنافیە المختلفة، والتي كانت ستشكل ذخیرة غنیة وحیة لإنجاز هذە الدراسة المكثفة عنە. رغم علاقتنا التي إستمرت لعقدین من الزمن إلا أنني لم أكن أعرف إلا القلیل عن عائلتە، من هنا كان التواصل مع أفراد عائلتە ضروریا جدالكي أدقق الكثیر من الحقائق المتعلقة بسیرة حیاتە، خصوصا في العراق. بدأت البحث عن من یمكن أن یفیدني في هذا المجال، فعثرت من خلال وسائل التواصل الإجتماعي علی الأخ الدكتور سامان رشید جودت، الطبیب العامل في بریطانیا وإبن عم السیدة پروین عقیلة الراحل زهیر عبدالملك. وكان قد علق علی كلمة قصیرة كنت قد كتبتها علی صفحتي عن الدكتور زهیر، عرفت من خلالها بأنە یمت إلیهم بصلة القرابة. لقد سهل الدكتور سامان مشكورا أمر إتصالي بالسیدة پروین وإبن الراحل دلیر عبدالملك. من حسن حظي أنهم یقیمون في نفس البلد الذي أعیش فیە منذ ثلاثة عقود، إضطرتنا ظروف الحیاة في ظل جائحة الكورونا اللعینة الی التواصل من خلال التلفون فقط ولم أتمكن من زیارتهم واللقاء بهم وجها لوجە. لقد كانت السیدة پروین إبنة الضابط الوطني الكردي المعروف محمود جودت، كریمة في معلوماتها ودققنا معها الكثیر من المعطیات التي تجمعت لدي عن حیاة الراحل ودراستە في بغداد وحیاتهما في المغرب والجزائر. كما سهل لي إبنهما الأخ دلیر تواصلي مع والدتە الفاضلة. لما كان بإمكان الباحث إلقاء الضوء علی جوانب مهمة من حیاة الراحل زهیر عبدالملك ورسم هذە الصورة الواضحة عن سیرتە بدون تعاون العائلة الكریمة، لهم جمیعا شكري وعرفاني.
خلال أحادیثنا عن كتاب بیشكچي وترجمتە العربیة، تعجبت كثیرا من تساؤل بعض معارفي عن الأسباب التي تدفع شخصا جزائریا أو مغربیا للقیام بترجمة مثل هذا الكتاب الذي یصعب علی المثقفین العرب إستیعاب أفكارە. وعندما أخبرتهم بأن مترجم الكتاب لیس جزائریا ولا مغربیا، بل كرديا فیليا، حاول بعضهم إخفاء عدم تصدیقە وسأل بعضهم عن مصدر یوثق ذلك. ذكرت لهم ما أعرفە عن الراحل وكتبە وكتاباتە الكثیرة عن القضیة الكردیة، فشعروا بشئ من الإحباط للحالة التي یعاني منها الكرد من تشتت لجهود مثقفیهم وكتابهم وعدم إطلاعهم علی نتاجات البعض. وكان هذا دافعا إضافیا للكتابة عنە حیاتە ونتاجاتە العلمیة والثقافیة.
ولد زهیر في محلة عگد (عقد) الأكراد بباب الشیخ في بغداد في 22 شباط 1940 وفقد والداە وهو طفل صغیر، فتولی رعایتە عمە محمد حسن زینل وشقیقە الأكبر قاسم عبدالملك. وبقي زهیر وفیا لهما وشعر تجاههما بالعرفان، فقد أهدی فیما بعد كتابە من الأدب الكردي الفیلي الفولكلوري الیهما وشكرهما علی جمیل الرعایة والتربیة. إنتقلت عائلتە مع عائلة عمە وأختە، التي تزوجت من إبن عمهما، الی الكرادة خارج ومن ثم الی الزویة. سألتە مرة عن إسم والدە عبدالملك، وهو الكردي الفیلي الشیعي، فضحك وقال ساخرا بأن هذا من إبداعات كاتب النفوس، فقد كان إسم والدي ملك (مەڵەك أو مەڵەگ) وقرر كاتب النفوس أن یغیرە الی عبدالملك. وعندما سألت السیدة پروین عن إسم والدە، فإنها أكدت الإسم الحقیقي لوالد زهیر. درس الإبتدائیة في مدرسة المشرق بالكرادة، كما أكمل المتوسطة والإعدادیة في ثانویة الشرقیة بالكرادة أیضا. شارك في مظاهرات عام 1956، أعتقل علی أثرها مع العدید من زملائە التلامیذ ولكن جری إطلاق سراحهم بعد أیام. یبدو أنە كان علی إتصال بالشیوعیین ولكن علاقتە بالحزب الشیوعي لم تستمر لفترة طویلة. وبعد إنهاء دراستە الثانویة إلتحق بقسم الإجتماع في كلیة الآداب، التي جمعت فیما بعد مع الكلیات الأخری لتشكل بمجموعها جامعة بغداد عام 1958. وهناك إلتقی بزمیلة لە وأحبا بعضهما وتزوجا في السنة الثانیة من دراستهما الجامعیة وأنجبا ثلاثة أولاد هم محمود، دلیر وشلیر. زمیلتە هذە هي عقیلتە فیما بعد السیدة پروین، إبنة الضابط الوطني الكردي المعروف محمود جودت الذي أعدمتە السلطات الملكیة عام 1937. وبقیت السیدة پروین، كما ذكرت لي ذلك، علی علاقة بالحزب الشیوعي حتی سقوط نظام البعث في 2003(1).
كانت الكلیات تغص بالنشطاء السیاسیین من الطلبة المنتمین الی مختلف الحركات السیاسیة. ورغم أن زهیرا لم یكن منتمیا للحزب الشیوعي، إلا أنە بقي یساریا ویقرأ الكتب الماركسیة ویناقش الطلبة في مضامینها، ولأنە كان علی علاقة بزمیلة شیوعیة وكان في جدال مستمر مع الطلبة القومیین والبعثیین، لذلك حسب علی الیسار والشیوعیین وإضطر الی الإختفاء بعد إنقلاب 8 شباط 1963 الدموي. وكما روی لي الدكتور سامان رشید جودت فإنە أختفي لفترة في بیت الشخصیة الكردیة المعروفة فؤاد عارف ومن ثم في بیتهم، أي بیت عم زوجتە الضابط الكبیر في الجیش العراقي رشید جودت. قصة إختفائە وهروبە من بغداد وإلتحاقە بالحركة الكردیة في جبال كوردستان وعملە في القسم العربي بإذاعة صوت كردستان بإسم حمید فیلي فیها من المغامرة والمخاطر الشئ الكثیر.
روی لي الدكتور سامان بأن أمر تهریب زهیر الی كوردستان جری بالتنسیق مع الوفد الكردي المفاوض الذي جاء الی بغداد بعد إنقلاب شباط. یبدو أن الوفد قام بزیارة عدد من الشخصیات الكردیة المعروفة في بغداد للتشاور معهم والإستئناس بآرائهم والإستماع الی نصائحهم، كونهم یعیشون في العاصمة وعلی إتصال بالشخصیات المؤثرة في قرارات الدولة العراقیة. ضمن هذا التوجە زار الوفد أیضا بیت السید رشید جودت، حیث كان یختفي زهیر. ذكر الدكتور سامان بأنە یتذكر بأن والدە رشید جودت إنفرد بالشهید صالح الیوسفي، عضو الوفد الكردي المفاوض ومسؤول تنظیمات بغداد للحزب الدیمقراطي الكوردستاني في غرفة ثانیة وروی لە قصة زهیر وطلب منە مساعدتهم في ترتیب تهریبە من بغداد وإیصالە الی كوردستان. هنالك حقیقة تاریخیة أصبحت معروفة الآن وهي أن الوفود الكردیة التي قدمت الی بغداد للتفاوض مع الأنظمة الحاكمة فیها، ساعدت العدید من الشیوعیین والدیمقراطیین العراقیین الملاحقین من قبل عصابات الحرس القومي في مسألة هروبهم من بغداد ولجوئهم الی جبال كردستان. وكما یتذكر الدكتور سامان فأنهم نادوا علی زهیر الذي نزل من الطابق الثاني، حیث یختفي وتحدث مع صالح الیوسفي في مسألة هروبە من بغداد. ویعتقد الدكتور سامان بأنهم زودوا زهیرا بهویة ملاحظ في معمل سجائر السلیمانیة أو شئ من هذا القبیل وطلبوا منە أن یتصل حالما یصل السلیمانیة بتنظیمات الحزب الدیمقراطي الكوردستاني هناك، لیجري إیصالە الی المناطق المحررة من سیطرة النظام في جبال كوردستان. وذكر الدكتور سامان بأن الراحل بقي عدة أیام في بیت قریبهم عمر دولت في السلیمانیة، حتی جری ترتیب أمر خروجە من السلیمانیة وإیصالە الی حیث الپیشمرگة(2).
ما أن وصل زهیر الی هناك، حتی جری تنسیبە للعمل في القسم العربي بإذاعة صوت كوردستان. وقد كتب قبل وفاتە بأقل من عام جزءا من ذكریاتە عن الإذاعة وعملە فیها وذلك بمناسبة الیوبیل الذهبي لها في مقال قصیر، یبدو أنە كان تعقیبا علی مقال نشر عن تلك المناسبة. مقالە هذا والذي نشر في موقع صوت العراق في 28 أیلول 2013 تحت عنوان تعقیبا علی مقال عن الیوبیل الذهبي لإنطلاق إذاعة صوت كوردستان، تضمن معلومات مهمة عن الإذاعة المذكورة لشاهد عیان عایش الأحداث في مقطع زمني محدد. إذ كتب بأنە عاصر تلك الفترة من صیف 1963 وحتی ربیع 1964 من تاریخ الثورة الكردیة وعمل محررا للتعلیقات الیومیة باللغة العربیة إضافة الی بعض البرامج الإسبوعیة خلال تلك الفترة في ماوت بمحافظة السلیمانیة. وكما یشیر في مقالە هذا بأنە هرب من بغداد في 12 مایس 1963 الی السلیمانیة ومن ثم أوصلوە الی مقر المكتب السیاسي في منطقة مالومة. وهناك تعرف علی عدد من الذین سبقوە الی هناك كطە البامرني، سعید مطر، محمد محمود عبدالرحمن (سامي)، صالح الحیدري، موسی الجبوري وسلیم الفخري. ومن ثم یقول بأنهم جمیعا بإستثناء البامرني إنتقلوا في تموز الی منطقة گردەرەش ومن ثم صعد هو (حمید الفیلي) وصالح الحیدري وسامي الی كهف عند قمة الجبل للعمل في الإذاعة، بینما ظل الآخرون في الوادي مع المكتب السیاسي وكلهم من العسكریین. وهناك إلتقی بحبیب محمد كریم وإثنین من أقربائە الفیلیین. وحسبما یذكر كان مقر الإذاعة مجهزا علی أفضل وجە، فهو مقر للإذاعة ومخزن للمؤن وفیە غرفتان للنوم وأخری لمطبعة الحزب ورابعة للبث الإذاعي. وذكر في مقالە هذا بأن المهندس أمجد عبدالواحد وجلال الأتروشي وشخص ثالث، كان مدرسا من كركوك، نسي إسمە إلتحقوا بمجموعتە. ویقول بأن الإسم الذي بقي عالقا في ذاكرتە للإذاعة كان صوت الأخوة العربیة – الكردیة. أعتقد بأن خطاب الإذاعة كان في إطار هذا الشعار، لذلك یبدو بأن هذا الإسم بقي عالقا في ذاكرتە. وتوقف البث بعد أیام قلائل من إنقلاب عارف علی حزب البعث في 18 تشرین الأول 1963. ویقول زهیر بهذا الصدد بأنە في أعقاب الصلح الذي أبرم بین قیادة الحركة الكردیة وحكومة عبدالسلام عارف إضطر أن یقرأ بنفسە بیان البارزاني نظرا لرفض مناصري المكتب السیاسي إذاعتە، فقد كانوا من المعارضین لإیقاف القتال مع البعث وذیولە تحت كل الظروف ویواصل حدیثە لیقول في نهایة مقالە لم يبقى لدي من الذكريات وانا اليوم في خريف عمري إلإ ذاك الوهج الخلاق الذي ما زلت متمسكا بشعاعه منذ صباي المبكر في ان يتحرر العراق من الدكتاتورية ويزدهر السلام في ربوع كوردستان الحبيبة. وكان قد كتب قبل ذلك في مجلة سورغول – سورگول التي كانت تصدر في بیروت مقالا آخر تحت عنوان متی بدأ البث الإذاعي الكردي؟، ضمنە ذكریاتە عن البث الإذاعي الكردی وعملە فی إذاعة صوت كردستان. وكان هذا الجهاز البسیط لدی الحركة الكردیة مبعث قلق جمیع الأنظمة الحاكمة في بغداد وعلی مدی عدة عقود وصرفت أموالا طائلة للتشویش علیها ومنع الناس من الإنصات إلیها.
إتفاق وقف إطلاق النار بین حكومة عبدالسلام عارف وقیادة الحركة الكردیة في 10 شباط 1964، تسبب في تعمیق الخلافات بین جناحي الحزب الدیمقراطي الكوردستاني وشكل قاعدة للإنشقاق الذي حصل بین قیادة البارزاني وجماعة المكتب السیاسي والذي أهدر من عمر الكرد أكثر من نصف قرن وألحق ولایزال أضرارا جسیمة بالحركة التحرریة الكردیة. لم یرغب زهیر أن یكون جزءا من هذا الصراع العبثي وقرر ترك الجبال والبحث عن مخرج لترك العراق الی الأبد. وكان من بین شروط إتفاق وقف إطلاق النار التوقف عن بث نشاطات الحركة من خلال إذاعة صوت كوردستان. وطلب من زهیر كغیرە من العاملین في الإذاعة إیقاف البث باللغة العربیة، یقال أن آخر ماقام بە زهیر هو بث النشید القومي الكرديئەی ڕەقیب قبل أن یوقف البث نهائیا.
تقول السیدة پروین بأنها سافرت في ربیع 1964 الی السلیمانیة وأعادت زهیرا الی بغداد. ویبدو أنهما قررا السفر الی خارج العراق، وكانت قد راسلت المؤسسات التربویة في دول شمال أفریقیا، التي بدأت لتوها بعملیات تعریب التعلیم لدیها. وفعلا حصلت علی عقد عمل لزهیر في إحدی المدارس الثانویة في الرباط بالمملكة المغربیة. وهنا كان قرار منع السفر عائقا عملوا علی الإلتفاف علیە والحصول علی الجواز. كانت العلاقات الإجتماعیة تلعب دورها في التخلص من مثل هذە العوائق في ذلك الزمان. ولحسن حظهما، كما تقول السیدة پروین، كان أحد أقربائها وهو فرهاد فؤاد عارف یعمل ضابطا في دائرة الجنسیة والسفر، وهو الذي ساعدهم لإصدار جواز سفر لزهیر الذي سافر الی المملكة المغربیة وبدأ العمل في إحدی المدارس الثانویة هناك. لحقت به السیدة پروین مع أطفالها في العام التالي، حیث بدأت تعمل كمدرسة. كان زهیر یفكر في إكمال دراستە العلیا، فتقدم لدراسة الماجستیر في معهد العلوم الإجتماعیة بالرباط وحصل منە علی شهادة الماجستیر. وهناك تعرف علی الدكتور محمد صادق المشاط(3)، الذي ساعدە في الحصول علی زمالة دراسیة لدراسة الدكتوراە في فرنسا. یبدو أن الإختصاص المشترك والإنتماء الفیلي جمعهما في الغربة. سافر زهیر الی فرنسا وبقیت زوجتە تعمل في المغرب لتساعد زوجها مادیا ومعها الأطفال. وعندما خفت عملیات تعریب التعلیم في المغرب إضطرت السیدة پروین للبحث عن العمل كمدرسة في الجزائر، التي كانت قد بدأت لتوها تعرب التعلیم وكانت بحاجة ماسة الی الكثیر من الكوادر التعلیمیة التي تتقن اللغة العربیة من البلدان الأخری. بمساعدة قریب لها، والذي كان یعمل آنذاك ملحقا عسكريا في السفارة العراقیة بالمغرب، وهو السید محمد أمین فرج إستطاعت أن تحصل علی عقد عمل في الجزائر وسافرت الی هناك لتعمل كمدرسة في إحدی مدارسها. إلتحق بهم زهیر بعد حصولە علی الدكتوراە، وبدأ یعمل أستاذا لعلم الإجتماع في معهد العلوم الإجتماعیة بجامعة وهران.
وعن دراستە یقول الراحل زهیر درست السوسیولوجیا وما یرتبط بها من معارف في بغداد والرباط وباریس لعشر سنوات متوالیات. وتفرغت لتدریسها ثمان سنوات في معهد العلوم الإجتماعیة بالرباط (المملكة المغربیة) وفي معهد العلوم الإجتماعیة بجامعة وهران(الجزائر). بعد سنوات من عملە في جامعة وهران بدأ یبحث عن فرصة للعمل والعیش في إحدی دول أوروبا الغربیة. أعتقد بأن عوامل عدیدة لعبت دورها في دفعە الی التفكیر بهذا الإتجاە، فالسنوات التي قضاها في فرنسا في ظل حریة الفكر والبحث، خلقت لدیە حالة عدم التعایش مع الأنظمة الشمولیة شرقیة. كما أن مشكلة تجدید جواز السفر العراقي والتي ظلت تلاحق العراقیین أینما حلوا وبخاصة المعارضین لنظام البعث، كانت مبعث قلق دائم لدی كل من كان یعمل في دول لا یؤمن جانبها. كما أن ترسیخ النظام البولیسي البعثي في بغداد أدی الی تكاثر شبكاتە المخابراتیة في البلدان التي یعمل العراقیون فیها بصورة كبیرة. المهمة الأساسیة لهذە الشبكات كانت تتمثل في مضایقة العراقیین وملاحقتهم ومحاولة تجنیدهم للعمل في صفوف البعث ومخابراتە. كما أن مشاركاتە في العدید من المؤتمرات العلمیة ساعدتە علی التعرف علی عدد من الأكادیمیین والعاملین في المنظمات والهیئات الدولیة، الأمر الذي شجعە الی أن یتقدم بطلب للعمل في منظمة الأغذیة والزرعة التابعة للأمم المتحدة(الفاو). ورغم قبولە للعمل في المنظمة، إلا أن حكومة البعث رفضت أن یكون شخص غیر تابع لها ممثلا للعراق لدی المنظمة، لذا إضطر أن یعمل كمترجم لدیها. ویذكر الراحل بصدد عملە في المنظمة هذە بأنە بدأ عملە في المنظمة بدرجة مترجم متدرب، ومنهیا خدمتە بأعلی درجة یحصل علیها مترجم في الأمم المتحدة بعد ما یزید علی ربع قرن من العمل المتواصل في مقر منظمة الأغذیة والزراعة الرئیسي بروما(4). بقیت المنظمة تستعین بخدماتە حتی بعد تقاعدە رغم أنە كان یحلم بتكریس كل وقتە للكتابة والبحث. وكنت خلال هذە الفترة علی تواصل مستمر معە فعن طریقە حصلت علی عمل مؤقت لترجمة بعض وثائق وإصدارات المنظمة من الإنجلیزیة الی العربیة عندما لجأت الی هولندا ولم أتمكن من الحصول علی عمل في إختصاصي.
نتاجە الفكري والثقافي:
كان زهیر عبدالملك قارئا جیدا ویحفظ الشعر منذ سن مبكرة، وفي المرحلة التالیة من عمرە بدأ بقراءة الكتب الفكریة والسیاسیة حتی بز أقرانە الطلبة في الجامعة وكان یناقشهم في مضامینها بحماس. كما كان مواظبا علی الكتابة إذ یقول في مقدمتە لأشعار القبطان بأنە كان یكتب مقطوعات فیها من روح الشعر شیئا ملموسا لنساءأحبهن من أعماق قلبە. روت لي السیدة عقیلتە بأنە كان یكتب لها بصورة مستمرة رسائل مطولة وكان أسلوبە رشیقا، مؤثرا وجمیلا جدا. شغف الكتابة بقي یرافقە علی مدی سني عمرە، والسنوات الطویلة التي قضاها في منظمة الفاو مترجما صقلت موهبتە وأثرت ذخیرتە اللغویة الی حد كبیر. إختیار الراحل زهیر لما كان یقوم بترجمتە أو تألیفە كان الی جانب شغفە بالكتابة یعبر عن موقف فكري وسیاسي، فقد كان یؤمن بالقیم الإنسانیة النبیلة ویقف الی جانب الحق ویدافع عنە. من هنا كان دفاعە الدائم عن قضیتە القومیة العادلة ومكونە الفیلي المظلوم.
أعجب زهیر عبدالملك أیما إعجاب بأفكار وطروحات عالم الإجتماع التركي المشهور الدكتور إسماعیل بیشكچي ومواقفە الإنسانیة النبیلة تجاە الكرد وحقوقهم القومیة المشروعة، والذي تحمل بسببە سنینا طویلة من ملاحقة السلطات التركیة لە وزجە في السجون والمعتقلات(5). لقد كان موفقا في إختیارە لأشهر مؤلفات هذا العالم المنصف لیترجمە الی اللغة العربیة ونعني بە كتابە كردستان مستعمرة دولیة والذي صدر أصلا باللغة التركیة عام 1990. كان الكتاب قد ترجم الی العدید من اللغات الأوروبیة. أحدث كتاب بیشكچي هذا ضجة سیاسیة في أوساط الیسار التركي، العربي والفارسي، وصدمة عند شوفینیي الأمم السائدة بل وحتی عند العدید من الساسة الكرد اللاهثین وراء شعارات الحكم الذاتي والفدرالیة في دول مستبدة تسودها أنظمة قمعیة قومیة ودینیة. تعبر حكایة ترجمتە للكتاب عن هذا الإعجاب والشغف، فقد حاول الحصول علی الطبعات التركیة، والترجمات الألمانیة والإسبانیة من الكتاب. وأشرف بنفسە علی ترجمتە من الإسبانیة الی الفرنسیة بمساعدة مترجمین أكفاء لیقوم هو بترجمتە من الفرنسیة الی اللغة العربیة. كلفتە هذە الترجمة الكثیر من الجهد فضلا عن الأموال من جیبە الخاص، إلا أنە كان سعیدا جدا بإنجازە. إعتبر زهیر عبدالملك أن إطلاع القارئ العربي علی تحلیلات وطروحات بیشكچي حول القضیة القومیة الكردیة أمرا مهما بالنسبة لە نظرا للروابط التاریخیة والحضاریة التي تجمع ما بین الأمتین العربیة والكردیة، كما كتب في مقدمتە للترجمة العربیة. هذا الكتاب یجسد الكتاب بصدق جوهر القضیة الكردیة، المتمثل بحرمان الأمة الكردیة من حقها في تقریر مصیرها بنفسها دون وصایة من أحد. لقد كشف بیشكچي للجمیع الحقیقة الصادمة المتمثلة في أن الوضع القانوني لكوردستان أسوأ من وضع المستعمرة التقلیدیة، فهي مستعمرة دولیة تحتلها دول مختلفة، ولكن دون أن تمنح رسمیا صفة المستعمرة. هذە المفاهیم حملت الراحل زهیر لترجمتە الی اللغة العربیة.
لقد بذل جهدا كبیرا كي یكون دقیقا في عملە وأمینا في ترجمة لأفكار بیشكچي. فقد أشار في مقدمتە بأنە إطلع علی الترجمة الإسبانیة عام 1996 وأشرف بنفسە علی ترجمتە الی اللغة الفرنسیة ومنها نقلە بمطابقة الترجمات مع النص الأصلي بمعونة عدد من المترجمین الأكفاء من التركیة والألمانیة وإلیهما، متوخیا والأمانة المهنیة في نقل أفكار المؤلف الی اللغة العربیة. كتب في إهدائە الكتاب لي هذە الكلمات المعبرة عزیزي جبار، ثمة أشیاء كثیرة تجمع قلوب الناس لعل أهمها حب الحقیقة والدفاع عنها. أتذكر بأنە سافر الی ستوكهولم للإشراف علی طبع الكتاب. طبعت الترجمة العربیة هذە مرات عدیدة في كوردستان وخارجها. وأثار ردود فعل جد إیجابیة بین قراء العربیة من بین الكرد قبل الآخرین، كما جری عرضە مضامینە مرات عدیدة في الصحف والمجلات والمواقع الألكترونیة. رغم أن الراحل زهیر عبدالملك ألف وترجم كتبا أخری ونشر دراسات ومقالات عدیدة، إلا أنە إشتهر بهذە الترجمة أكثر من أي عمل آخر(6).
وطبع من كتابە الذي حمل عنوان الأكراد وبلادهم كوردستان بین سؤال وجواب ألف نسخة. أطلعني حینها علی مسودات الكتاب وطلب مني أن أدقق في معلوماتە وأقترح تصحیح ما أراە ضروریا، وقد أشار الی ذلك في مقدمتە وشكرني علی الملاحظات التي دونتها في 16 صفحة وأخذ بها كلها تقریبا. وضح في مقدمتە لكتابە هذا الأسباب التي دفعتە الی تألیفە بهذە الصیغة، إذ إعتقد أن تغطیة مختلف جوانب القضیة الكردیة في كتاب واحد أمر صعب للغایة ولم یرغب أن یثقل كاهل القارئ بنصوص مطولة من المصادر التاریخیة. ولدت فكرة تألیف الكتاب لدیە من خلال المناقشات التي كانت وما إنفكت تدور بین المغتربین بإختلاف أصولهم القومیة وإتجاهاتهم الفكریة حول قضایا السیاسة، الإقتصاد، الإجتماع والتاریخ. ویؤكد بأن مسألة القومیات وبخاصة القضیة الكردیة كانت غالبا ما تحظی بنصیب مرموق في تلك المناقشات. إعتقد الراحل بأن إعتماد منهج سؤال وجواب في تألیف الكتاب یساعد المؤلف علی تغطية جوانب مختلفة من القضیة الكردیة، معتمدا في ذلك علی مجموعة من المراجع المهمة في هذا المجال. فكر كثیرا في نوعیة الأسئلة التي یجب أن یتناولها في كتابە وكان واضحا في طرحها، وكما أكد في مقدمتە للكتاب بأن الأسئلة تتسم بالدقة والوضوح لتأتي الأجوبة محددة وشافیة. وقد راعی في ذلك أن تؤلف الأسئلة في مجموعها كلا متكاملا یستوعب قدر المستطاع القضیة الكردیة من جمیع جوانبها. كما یشیر في مقدمتە هذە بأنە حاول إتخاذ موقف الباحث الموضوعي أثناء الصیاغة، فلم یبالغ ولم یتحزب ولم یفرط بحق الشعب الكردي في ما یتطلع إلیە من حقوق قومیة وسیاسیة تزدهر في ظلها حضارتە ویصان في إطارها وجودە بین الشعوب كافة. ولكنە مع كل ذلك لم یتجاهل الواقع الفعلي السیاسي والثقافي. لقد أهدی كتابە الی أصدقائە العرب علی إختلاف مشاربهم الفكریة ونزعاتهم السیاسیة ممن خالفوە أو شاطروە في أفكارە وتطلعاتە، والی أولئك الذین أدركوا أن الطریق الی حریة الشعب الكردي إنما مر موازیا لا متقاطعا مع الطریق الی حریة الشعب العربي وحریة سائر شعوب الأقلیم. نشیر هنا الی بعض الأسئلة التي تناولها الراحل في كتابە والتي تظهر ثقافتە الواسعة وفهمە الدقیق لقضیة الشعب الكردي ووطنە المجزأ كوردستان. تضمن الكتاب ثلاثون سؤالا محوریا تدور حول وطن الكرد كوردستان، مدنها الكبری، كرد الإتحاد السوفیتي، كوردستان سوریا، الإقتصاد الكوردستاني، عدد الكرد، المرأة الكردیة، الأقلیات القومیة في كوردستان، الهجرات الكردیة، كرد لبنان، أصل الكرد، اللور والفیلیون الكرد، اللغة الكردیة، الأدب الشعبي الكردي، الكرد والإسلام، نوروز، ثورات الكرد في تركیا، السیاسات الإیرانیة تجاە الكرد، جمهوریة مهاباد، الأحزاب السیاسیة الكردیة، كرد المهجر، الكرد والإنفصال، الحكم الذاتي والإتحاد الفیدرالي، الأحزاب العراقیة والفیدرالیة، الأنفال، جوهر القضیة الكردیة وحلولها الممكنة. ویمكن تصنیف الأسئلة ضمن محاور التاریخ، الجغرافیا، الإقتصاد، الإجتماع، السیاسة، اللغة والأدب.
كما ضمن الكتاب بطاقات تعریف بعدد من الشخصیات الأدبیة، التاریخیة والسیاسیة الكردیة من خلال المصادر المتوفرة لدیە من أمثال عثمان صبري، أحمدي خاني، علي سیدو الگوراني، عبداللە گوران، لیلی زانا، مهدي زانا، محمد أمین زكي، عبدالرحمن قاسملو، صلاح الدین الأیوبي، الشیخ محمود، جوهر قضیة الموصل، سیڤر ولوزان، مصطفی البارزاني، المخرج السینمائي الكردي یلماز گیونەي (7) .
وكما قلنا فإنە قضی سنینا طویلة من حیاتە في إیطالیا، كون خلالها صداقات مع العدید من الإیطالیین ودخل معهم في نقاشات مطولة حول القضیة الكردیة. وفكر أنە من المناسب أن یعید تجربتە السابقة مع أصدقائە العرب مع معارفە الإیطالیین وینشر الكتاب باللغة الإیطالیة أیضا. وكما یظهر من غلاف الكتاب والكلمة التي كتبها في المقدمة أنە كلف آلان درویش، كردي من كركوك درس في إیطالیا علی حد علمي، للقیام بهذە المهمة. نشر الكتاب عام 2002 وأهداني في حینە نسختان منە، ڕغم أنني لا أعرف الإیطالیة قائلا: خلیها عندك قد تفیدك یوما ما. من خلال تصفحي للكتاب وجدت بأن هذە الطبعة منسقة بصورة أفضل من الطبعة العربیة وتوزعت مباحث الكتاب علی مقدمة، وستة فصول مع خاتمة وقائمة بالمراجع. كما جری توزیع الأسئلة علی الفصول وفق الموضوعات التالیة: جغرافیة كوردستان، أصل وتاریخ الكرد، إقتصاد كوردستان، اللغة والأدب الكردي، التاریخ السیاسي للكرد، كوردستان الیوم.
وتختلف مقدمة الطبعة الإیطالیة عن الطبعة العربیة، وهذا أمر مفهوم لأن المؤلف یخاطب هنا قارئا مختلفا، ألا وهو القارئ الإیطالي. أشار المؤلف في مقدمتە هذە الی الإیطالیین الذین إهتموا بالشؤون الكردیة علی مدی القرنین الأخیرین، وقد إعتمد في ذلك علی ما نشرتها البروفیسورة میریللا گالیتي(8) عن الكرد وكوردستان خلال رحلتها العلمیة الطویل وخاصة دراستها الموسومة بالكرد وكردستان في كتابات الإیطالیین خلال القرنین الثامن عشر والتاسع عشر والمنشورة في مجلة الشرق الحدیث عام 1978. أشار في مقدمتە لهذە الطبعة الی رحلة پییترو دیلا ڤیلا (1586 – 1624)، والأب لانزا(1717- 1782) و ماوریزو گارزونی و كتابە الرائد في حقل اللغة الكردیة قواعد اللغة الكردیة والمطبوع عام 1787 في روما و أوغستینو ماركي (1805 – 1875). وتطرق الی الأحداث التي رافقت لجوء عبداللە أوجلان إلی إیطالیا أواخر عام 1998والمناقشات التي دارت في البرلمان الإیطالي والصحافة الإیطالیة خلال تلك الأیام العاصفة. كما أضاف في الفصل الخامس من هذە الطبعة شخصیات لم یشر الیها في الطبعة العربیة أمثال جلال طالباني، مسعود بارزاني و عبداللە أوجلان. وفي الفصل الخاص بالأدب الكردي أضاف شعراء معاصرون أمثال شیركو بیكەس، لطیف هلمت، بوزأرسلان و إینونو ألپات. ومن قصائد الشعراء الكلاسیكیین نشر مقاطع لبابا طاهرالهمداني، ملا جزیري، وعلي ترموكي. وضمن خاتمة الكتاب معلومات كثیرة عن الأحداث التي جرت خلال السنوات التي سبقت صدور الطبعة الإیطالیة، وكانت إیطالیا ساحة لبعضها. وفي نهایة الكتاب عرض قائمة بالكتب والدراسات عن الكرد باللغة الإیطالیة كي تكون عونا لمن یود معرفة المزید عن هذا الشعب وبلادە(9).
في ترجمتە لأشعار القبطان الی اللغة العربیة نكتشف في زهیر یساریا عاشقا وأدیبا متمكنا. یبدو أن هذا الجانب من شخصیتە لم تجلب إنتباهنا في حینە بسبب إنشغالنا الدائم بالمواضیع السیاسیة والتاریخیة الكردیة. الصفحات الثمان التي كتبها كمقدمة لهذە الأشعار تظهر ملكة أدبیة مرهفة. ویقول عن تجربتە هذە بأنە إقتحم هذا المیدان الوعر، وهو لیس بشاعر، بل متخصص بعلم الإجتماع و لم یحاول یوما أن یتعلم فن صناعة الشعر، بل إكتفی بحبە لقدیمە وحدیثە. وعن تعلقە بالشعر یقول كتبت من حین لآخر مقطوعات فیها من روح الشعر شیئا ملموسا لنساء أحببتهن من أعماق قلبي. فقد كان القلم وقصاصة الورقة ملاذي في لحظات الفرح والحزن، وهما جزءان حمیمان یواكبان حیاة المحبین مهما إختلفت ثقافاتهم. ولطالما وجدت في الحزن متنفسا صامتا ونارا لا تحرق غیري، وفي الفرح سعادة غامرة كنت أوزعها علی من یكون بالقرب مني، وتعلمت أن أطوي أوراقي وأحفظها برفق كلمات نائمة بسلام، سرعان ما تسترجع عنفوانها متی عدت لقراءتها، لتبعث في قلبي سرورا شفافا أو تقطعە أحیانا10) ).
یذكر زهیر بأنە قرأ أشعار القبطان مرات عدة بنصها الأصلي ومرات أخری بنصوصها المترجمة الی اللغات الإیطالیة، الانجلیزیة والفرنسیة وبذل في كلتا الحالتین جهدا متواصلا مرهقا ولذیذا إستغرق قرابة سنتین، تعمق خلالها في كشف أسرار شواطئ الفرح، وأغوار الحزن اللتین كان یطفو فوقها ویغوص نیرودا في أعماقها سباحا ماهرا، موظفا ببراعة لغتە المجازیة. رابطا بتفوق ملحوظ علی شعراء آخرین مفردات تجربتە في الحب بقوة كامنة منشؤها جوهر الإنسان النقي، تلك القوة التي تمنح العاشقین بإمتیاز سمات الخیر والسلم وحب الناس، وتنزع عنهم مثالب الخوف والحقد والكذب والأنانیة. وعن محاولاتە السابقة لترجمة أشعار بابلو نیرودا یقول بأنە وفي ظل ظلمة حالكة غرقت یوما في موجها المتلاطم، عدت الی الشعر باحثا عن بصیص من النور، ویبعدني نحو آفاق رحبة فیها كم من التجربة والمعاناة مایواسیني، وكم من الفكر والرؤیة ما یخرجني من الدوامة ویقذفني خارج الأزمة طلیقا. فعدت الی قراءة الشاعر التشیلي بابلو نیرودا في دیوانە أشعار القبطان، وهي مجموعة متكاملة من أشعار الحب والحزن، مقطوعات كنت قد قرأتها من ذي قبل، وترجمت مقطوعتین منها الی العربیة نشرتها في صحیفة الوطن الكویتیة في عددها یوم 16 آب 1987، وهما مقطوعتان في الدیوان هذاأسمیتك ملكة وأحب فیك الأرض.
أوردت هذە المقاطع التي كتبها الراحل زهیر عبدالملك دلیلا علی شاعریتە الی جانب تمرسە في الترجمة والكتابة. حاول زهیر من خلال ترجمة النصوص الشعریة هذە أن یغوص في أفكار بابلو نیرودا لإدراك معاني الفرح والحزن في الحب وأسلوب تصویرە لهما ویقول في هذا المجالوأعدت النظر في تجربتي من خلال نوافذ فرحە ومعاناتە. وجهدت في إستیعاب ذلك تسهیلا لنقل تجربة نیرودا من لغة حضارتە اللاتینیة الی لغة حضارة سامیة تختلف في مفرادتها عن اللغات الأوروبیة شكلا ومعنی. ولعل أهم ما وجدت هو أن في تصویر أحاسیس الحب تستوي ثقافات العصر لدی النخب في ما بینها الی حد كبیر، ویدركها الشاعر التقدمي أینما وجد علی أنماط یكاد التماثل یؤطرها الی حد بعید.
أخذت ترجمة أشعار بابلو نیرودا وقتا طویلا من زهیر وتضم ترجمتە إثنین وأربعین لوحة شعریة. واجە خلالها صعوبات نجمت عن عملیات التوغل في عمق تجربة بابلو نیرودا وإعادة هیكلتها في نفسە هو وإحتوائها في سلم قیمە. ولایعتبر زهیر ترجمتە شعرا بالمعنی المعروف لقصیدة الشعر في اللغة العربیة. مع ذلك یشعر القارئ من خلال قراءتە للنصوص المترجمة بأنە إزاء صور شعریة جمیلة ومتناسقة جری إختیار مفرداتها بأتقان.
عایش الراحل زهیر عبدالملك آلام الكرد الفیلیین في العراق منذ طفولتە وحتی آخر أیامە. ومن بین آخر نشاطاتە في مجال الدفاع عن حقوق الكرد الفیلیین مساركتە الفعالة في تأسیس الإتحاد الدیمقراطي الكردي الفیلي. وفي السنوات الأخیرة من حیاتە كتب مدافعا عن حقوقهم ومشاركا في نشاطاتهم ومبادراتهم السیاسیة والإجتماعیة الهادفة لتحقیق مطالبهم المشروعة. وكان غاضبا من عدم إتحادهم في منظمات وجمعیات تساعدهم علی إستعادة مكانتهم وثقلهم في الساحة السیاسیة الكردیة والعراقیة. لقد شخص زهیر همجیة نظام البعث الذي أذاق الكرد الفیلیین الأمرین وغیب شبابهم ونهب ثرواتهم وألقی بهم في العراء علی الحدود الإیرانیة. نشر مقالاتە السیاسیة هذە في المواقع الألكترونیة المهتمة بقضایا الكرد الفیلیین.
لعل أهم ما یجب الإشارة الیە في مجال إهتمامە بمكونە الكردي الفیلي هو كتابە الذي حمل عنوانمن الأدب الكردي الفیلي الفولكلوري – قصص قصیرة وأشعار في الحب والحرب والذي أصدرە أیضا في السوید. تضمنت مقدمتە للكتاب معلومات قیمة عن جغرافیة لورستان وحضارتها عبر العصور التاریخیة المختلفة. وإستمد معلوماتە هذە من مصادر علمیة معتبرة. هدفە من الكتاب كما ذكر ذلك في مقدمتە هو إحیاء الأدب الفولكلوري الفیلي بإخراجە من حیز الصمت المطبق الی النور لیذكر الأكراد بوجود شریحة من أبناء أمتهم العریقة تمتلك من مقومات الأدب والفن والحضارة ما یؤهلها لأن تنهض بدور ملموس في دعم الثقافة الكردستانیة وتطویرها. كما كان یطمح لتشجیع الشباب الكردي الفیلي علی الإهتمام بدراسة تاریخ بلادهم وجغرافیتها وإقتصادها، وكشف الغمض الذي مازال یحیط ببعض الجوانب الأساسیة بعلاقة لورستان وصلة شعبها وأراضیها بالوطن الأم كردستان. وضمن كتابە مجموعة من القصص الفولكلوریة ومقاطع شعریة كان قد جمعها البروفیسور سكندر أمانولاهي، وهو لوري بین عامي 1970 و 1975 في منطقة بالاكیریوە بلورستان ونشرها في هارفارد. كما ضمنە بعض النصوص الشعریة التي نشرها أوسكارمان في برلین عام 1910. قسم محتویات الكتاب الی ثلاثة أقسام: الأول ویحتوي علی معلومات تتعلق باللهجة الفیلیة وآدابها، وأورد هنا آراء عدد من أبرز المهتمین الذین بحثوا في هذا المجال من أمثال: مینورسكي، محمد أمین زكي، أمانولاهي وثاكستون، مورتنسین، میهرداد إیزادي، عبدالرحمن قاسملو. علي سیدو الگوراني وكیرزن. وفي نهایة هذا الفصل قدم خلاصة مركزة عن اللهجة الكردیة الفیلیة. توزعت مواضیع القسم الثاني علی فرعین(أ و ب) وتضمن الأول قصص و حكایات من الأدب الفولكلوري الفیلي. وقبل عرضە للقصص ذكر ملاحظات توضح طبیعتها ومدی تعبیرها عن نمط تفاعل الكردي الفیلي مع البیئة المحیطة بە. وحملت الحكایات هذە الأسماء: جهانگیر، الفتاة ذات الأربعین ضفیرة، شاە عباس، إبن التاجر، مجازفات حسن، مدینة الفئران، العراف العجوز، الدب المنحوس، الثعلب المحتال، المهرة والأمیر، الوصیة، الصبي الصعلوك، الأخوات السبع، الجنیة، الدیك، علي صوبە وإبنة النسر. في حین ضم فرع (ب) أشعارا فیلیة نقلها عن أمانولاهي وأوسكارمان وترجمها الی اللغة العربیة. وتدور هذە الأشحار حول المعارك التي خاضها الفیلییون ضد السلطات الإیرانیة أو تلك التي دارت بین قبائلهم، فضلا عن أشعار الحب والرثاء والأغاني الفیلیة. وخصص القسم الثالث للمعجم الفیلي العربي الذي تضمن 2500 مفردة من اللهجة الفیلیة، أوردها كل من أمانولاهي وأوسكارمان في كتابیهما التي أشار الیهما في مقدمتە وفي قائمة المصادر في نهایة الكتاب. وفي نهایة الكتاب أورد قائمة مطولة بالمصادر والمراجع باللغات العربیة، الفارسیة، الإنجلیزیة، الفرنسیة والألمانیة(11).
وفي زیارة لە الی بیروت في دیسمبر من عام 1996 تعرف علی عدد من الشباب الكردي كانوا ینوون إصدار مجلة باللغة العربیة تهتم بالقضایا الكردیة بإسم سورغول– Sorgul)(12). لقد أثار هؤلاء الشباب بإندفاعهم وعملهم الدؤوب إعجابە وقرر معاونتهم والكتابة للمجلة بصورة متواصلة. قلما یخلو عدد من أعداد المجلة التي أمامي من مقال أو ترجمة لزهیر عبدالملك، بل هناك بعض الأعداد التي فیها أكثر من مقال وموضوع مترجم لە. طلب مني في حینە أن أكتب لهم أیضا، وقمت بالفعل بنشر عدد من المقالات عن أوضاع الكرد في تركیا في أعداد مختلفة من المجلة المذكورة. كان إختیارە للمواضیع التي نشرها في سورغول معبرا عن ما كان یعتقدە مهما وجدیرا بالتوقف عندە. سأكتفي هنا بالإشارة الی بعض المواضیع المهمة التي نشرها في المجلة، علی أن أنشر في نهایة المقال قائمة بمؤلفاتە وترجماتە ومقالاتە في أعداد هذە المجلة وذلك للحفاظ علی میراثە الثقافي من الضیاع.
كتب زهیر عن فاجعة حلبجة في ذكراها التاسعة مقالا معبرا عن حجم الكارثة، وأورد في مقال آخر شهادات عدد من الصحفیین اللذین زاروا حلبجة بعد قصفها من قبل النظام الفاشي في 16 ذار 1988. وترجم مقالا مطولا لگراهام فولر كان قد نشر في مجلة الشؤون الدولیة ربیع عام 1993 تحت عنوان مصیر الأكراد. وفي نفس العدد نشر مقالا آخر تحت عنوان الأبیات الإثنا عشر غیر المنشورة من روایة أحمدي خاني – مم وزین. والمقال في الأصل عبارة عن فقرة أو في الأصح هامش مطول في كتاب إسماعیل بیشكچي، الذي ترجمە الراحل فیما بعد الی اللغة العربیة، ویشیر الی الأبیات التي لم یترجمها مترجم مم وزین الی اللغة التركیة خوفا من ملاحقة السلطات التركیة لە، إلا أنها تحولت مع ذلك الی قضیة في المحاكم التركیة لسنین طویلة.
كما تتمیز ترجمتە لمذكرات أحد أشهر الكتاب الكرد في تركیا، ألا وهو الشهید موسی عنتر(13) والذي قتلتە المخابرات التركیة وهو في 72 من عمرە. هذە المذكرات كانت ولازالت تشكل مصدرا نابعا بالحیویة لكل من یرغب التعرف علی وضع الكرد في تركیا منذ قیام الجمهوریة وحتی العقد الأخیر من القرن الماضي. لقد ترجم زهیر جزءا من هذە المذكرات علی شكل حلقات في المجلة ویبدو أنە كان ینوي نشرها فیما بعد في كتاب مستقل، إلا أنە لم یتمكن من إنجازە. ولم یترجمها من لغتها الأصلیة أي التركیة بل من الإنجلیزیة. أغلب مقالاتە الأخری في المجلة هي عبارة عن فقرات من كتاب بیشكچي المشار إلیە أعلاە أو من كتابە الذي أصدرە فیما بعد ونقصد بە كتابالأكراد وبلادهم كوردستان بین سائل ومجیب. وكما یبدو فإنە نشر بعض ترجماتە في المجلة قبل أن یجمعها وینشرها في كتاب مستقل. وهذە إلتفاتة ذكیة حین ینشر فقرات مطولة من الكتاب في مجلة یقرؤهاعدد أكبر من القراء الكرد والعرب، فإلی جانب منع الكتب الجادة عن القضیة الكردیة في أغلب دول المنطقة، فإن تسویق الكتاب الكردي لازال یعاني من معوقات كثیرة تجعل الحصول علیە أمرا صعبا للغایة. ونشر زهیر كتبە في السوید وإیطالیا وعلی حسابە الخاص ولا أعتقد بأنە وزع في لبنان أو في أي بلد آخر في الشرق الأوسط. ولابد أن أشیر هنا الی ترجمتە لرسالة الدكتور إسماعیل بیشكچي من زنزانتە في سجن أنقرة المركزي الی البروفیسور أندریاس بورو تعقیبا علی النداء الذي نشرە الأخیر مع مجموعة من المثقفین تحت عنوانمبادرة للحوار من أجل السلام. وهنا یطرح بیشكچي كما هو شأنە دائما جوهر القضیة الكردیة المتمثل ب تمزیق الأمة الكردیة وتقسیم وطنها وسلبها حقها في إنشاء دولتها المستقلة. ویؤكد بیشكچي في رسالتە هذە أن التركیز ینبغي أن ینصب علی بیان الظلم التاریخي الهائل الذي لحق بالأكراد من جراء ذلك. وإن مهندسي ذلك الظلم هم الدول الغربیة عموما وبریطانیا وفرنسا بوجە خاص. أما حلفاؤهم في عملیة التقسیم فقد كانوا، كما هو معروف، الكمالیون من جهة والملكیون العرب والفرس من جهة أخری. كما یشیر بیشكچي الی نقطة هامة جدا وهي أنەلا ینبغي في هذا السیاق الخلط بین كوردستان والمستعمرات التقلیدیة. ذلك لأن كوردستان لیست مستعمرة، إذ أن للمستعمرة وضع سیاسي محدد، أما الأكراد وكردستان فلیس لهما أي وضع علی الإطلاق. وإنە لأمر غریب حقا ألا یوجد في العالم برمتە وضع مماثل لوضع الأكراد، حیث لایعترف لهم بهویتهم القومیة، كما لا یوجد وضع مماثل لوضع كوردستان حیث لم ترسم حدودها علی أیة خریطة.
هذە خلاصة لسیرة الراحل الدكتور زهیر عبدالملك ونتاجە الثقافی والفكري، وهي دعوة للمثقفین والشباب الكرد الفیلیین للإستفادة من أفكارە وطروحاتە في نضالهم من أجل حقوق مكونهم في إطار أمة مستعمرة ومنكوبة.
الهوامش والمراجع:
مكالمات تلفونیة مع السیدة پروین محمود جودت خلال الأیام 25 - 27 نیسان 2020 في أوقات مختلفة.
مكالمات تلفونیة مع الدكتور سامان رشید جودت خلال الأیام 25 و 26 نیسان 2020 في أوقات مختلفة.
دكتور محمد صادق المشاط (1930 – 2015) ولد في الكاظمیة في عائلة كانت تعرف ب عائلة شانەساز – صناع المشط، كما ذكر لي ذلك صدیق كردي فیلي كان یعرفهم عن قرب. عرب إسم العائلة وأصبحت تعرف بآل المشاط. تخرج من كلیة الحقوق في بغداد وحصل علی الماجستیر والدكتوراە من أمریكا. تسنم مناصب عدیدة في العراق، فقد عمل وزیرا للتعلیم العالي ورئیسا لجامعة الموصل ومن ثم سفیرا للعراق في فرنسا، النمسا، بریطانیا والولایات المتحدة الأمریكیة. وبعد إحتلال الكویت رفض العودة الی العراق وإستقر في كندا. في الوقت الذي كان المشاط یتسنم المناصب المهمة في الدولة، كانت سلطات البعث تلقي بالكثیر من أقربائە علی الحدود الإیرانیة بحجة التبعیة الإیرانیة. وبعد خروجە علی النظام وسقوط صدام أصدر عام 2008 كتابا تحت عنوانكنت سفیرا للعراق- حكایتي مع صدام في غزو الكویت. طبعا لم یشر المشاط الذي عمل في صفوف البعث لمدة ثلاثین عاما دون أن یؤمن بأفكارە الی أصولە الحقیقیة.
تطرق الی ذلك في مقدمتە لكتاب أشعار القبطان. أنظر حول ذلك: بابلو نیرودا، أشعار القبطان، ترجمة زهیر عبدالملك، روما 2006، ص5 .
إسماعیل بیشكچي عالم إجتماع تركي ومن بین أشهر سجناء الرأي في العالم. ولد عام 1939 في مدینة إسكلیپ بولایة چروم التركیة. أنهی دراستە الإبتدائیة والثانویة في مسقط رأسە وحصل علی البكالوریوس في العلوم السیاسیة من جامعة أنقرة. وحصل علی الدكتوراە من جامعة أتاتورك في أرضروم عام 1967. إكتشف الكرد، علی حد تعبیرە، أثناء خدمتە العسكریة في هكاري وبدلیس بكوردستان الشمالیة. وكانت أطروحتە للدكتوراە عن التنظیم الإجتماعي لإحدی العشائر الكردیة. ومنذ ذلك التاریخ وحتی یومنا هذا كرس جهودە الفكریة ونشاطە العلمي من أجل الدفاع عن حقوق الكرد دارسا أوضاعە، مدافعا عن خصوصیتە الحضاریة ومحاولا إقناع الأكادیمیین والمثقفین الأتراك بحقیقة الأمة الكردیة والتي أدركها هو ویتنكر لها الكثیرون في تركیا، كما ترفض الدولة التركیة التسلیم بها وتواجهها بالحدید والنار دونما جدوی منذ مایزید علی قرن كامل. قضی أكثر من 17 عاما في السجون التركیة بسبب كتبە وأبحاثە عن القضیة الكردیة. منعت السلطات التركیة إثنان وثلاثون كتابا من كتبە الست والثلاثین التي ألفها عن الكرد والقضیة القومیة الكردیة. وأشهر كتاب لە هوكردستان مستعمرة دولیة، وهو الكتاب الذي ترجمە الدكتور زهیر عبدالملك الی اللغة العربیة. أنظر: إسماعیل بیشكجي، كردستان مستعمرة دولیة، ترجمة زهیر عبدالملك، السوید(APEC)، 1998.
smail Beşikçi, Devletlerarası Sömürge Kürdistan, istanbul 1990.
زهیر عبدالملك، الأكراد وبلادهم كردستان بین سؤال وجواب، السوید، آپیك APEC ، 1999.
البروفیسورة میریللا گالیتي، مستشرقة إیطالیة مهتمة بالشؤوون الكردیة ولدت عام 1949. إستمرت رحلتها العلمية الطویلة مع الدراسات الكردیة منذ سبعینات القرن الماضي وحتی وفاتها في الرابع من سبتمبر من عام 2012. إشتهرت بدراستها الموسومة بالكرد وكردستان في كتابات الإیطالیین خلال القرنین الثامن عشر والتاسع عشر والتي نشرتها في مجلة الشرق الحدیث عام 1978. دافعت گالیتي عن أطروحتها للدكتوراە التي حملت عنوان البنیة السیاسیة والقیم الثقافیة في المجتمع الكردي عام 1974. نشرت منذ ذلك الوقت عددا من الكتب والدراسات عن الكرد و كوردستان. إلتقیت بها أول مرة في مؤتمر عن كركوك في لندن صیف عام 2001. وخلال زیارتها الی كوردستان زارتني في الأكادیمیة الكردیة، حیث كنت أعمل وتحدثنا مطولا عن دراساتها التي شملت مختلف جوانب التاریخ الكردي الحدیث وكذلك تحلیلاتها عن المجتمع الكردي وتقالیدە وقیمە الإجتماعیة. إهتمت كذلك بالأقلیات المسیحیة في الشرق وخصوصا في العراق وكوردستان.
Zuhair Abdul-Malek, I Kurdi e il Kurdistan Tra domande e risposte, Roma, Ediesse. 2002.
بابلو نیرودا، أشعار القبطان، ترجمة زهیر عبدالملك، روما، 2006.
د. زهیر عبدالملك، من الأدب الكردي الفیلي الفولكلوري: قصص قصیرة وأشعار في الحب والحرب، ستوكهولم 2001.
مجلة سورغول مجلة شهریة تعنی بالأبحاث والدراسات الفكریة والتاریخیة وسائر النشاطات الثقافیة ذات الإختصاص، صدرت في بیروت في النصف الثاني من تسعینات القرن الماضي. صدر العدد صفر منها في كانون الثاني 1996. وكان مدیرها العام علي هورو. آخر عدد إطلعت علیە هو العدد المزدوج 44 – 45 الذي صدر في كانون الأول 2008. یبدو أن المجلة توقفت بعد ذلك وقد تعرضت للمضایقات من قبل أعوان النظام السوري في لبنان فجری إیقافها عن العمل ولكنها عادت للصدور، إلا أنها توقفت بعد ذلك بقرار من الجهة التي كانت تمولها.
موسی عنتر (1920 – 1992) كاتب، شاعر وصحفي كردي مشهور ولد في قریة آسكي مغارة بقصبة نصیبین التي تتبع ولایة میردین(ماردین). أكمل دراستە الأبتدائیة والثانویة في ماردین وأدنة ودرس الحقوق في جامعة إسطنبول. كانت والدتە (فصلة خانم) أول سیدة تعمل كمختارة في تركیا. تزوج من عائشة خانم ولدیە إبنان (عنتر و دجلة ) وبنت واحدة(رخشان). سجن لأول مرة أثناء إنتفاضة درسیم ضد حكومة مصطفی كمال أتاتورك (1937 – 1938) وهو تلمیذ بتهمة سب والدة أتاتورك (زبیدة خانم) وسجن لمدة 45 یوما. جری سجنە مرة أخری عام 1959 ضمن مجموعة ال(49) وحكم علیە بالإعدام لنشرە أشعار باللغة الكردیة ولكنە شمل بعفو صدر بعد الإنقلاب العسكري الأول في تركیا في 27 مایس 1960. بعد خروجە من السجن بدأ یكتب في مجلات (الصوت، عالم السلام، الإتجاە) وسجن مرة أخری عام 1963 ضمن المجموعة التي عرفت بمجموعة ال(23). وبعد إنقلاب أیلول 1980 ألقي القبض علیە مرة أخری بتهمة الدعایة الكردیة. قضێ أحد عشر عاما ونصف من عمرە في السجون والمعتقلات التركیة. كان من بین مؤسسي رابطة الشرق الثوریة الثقافیة، حزب الشعب للكادحین، مركز میزوپوتامیا الثقافي و المعهد الكردي في إسطنبول. نشرت مذكراتە في مجلدین وقتل بصورة وحشیة في 20 أیلول 1992. وكان قد ألف كتبا عدیدة من أهمها، كمل (المتطفل)(1962)، القاموس الكردي - التركي (1967)، مذكراتي – الجزء الأول(1991) مذكراتي.الجزء الثاني (1992)، وقائعنامە (1992)، الفرات یصب في مرمرة (1996)، چناري (1999). للمزیدعن موسی عنتر ونضالە ونتاجاتە أنظر: موسی عنتر، ذكریاتي، جزءان، إسطنبول 1991 – 1992.
مقالات الدكتور زهیر عبدالملك المنشورة في مجلة سورغول اللبنانیة:
الذكری التاسعة لمجزرة حلبجة، سورغول العدد 5، آذار 1997، بیروت.
متی بدأ البث الإذاعي الكردي؟ سورغول، العدد (6)، حزیران 1997، بیروت.
الأكراد الفیلیة – اللور ولورستان، مجلة (سورغول)، العدد (4)، شباط 1997، بیروت.
محافظة كرمنشاە، سورغول العدد 4 شباط 1997.
الأبیات الإثنا عشر غیر المنشورة من روایة أحم خاني (مم وزین)، العدد8/9 كانون الثاني 1998.
مصیر الأكراد، گراهام فولر(Graham E. Fuller)، ترجمة د. زهیر عبدالملك. العدد 8/9 كانون الثاني1998
لماذا لم تنشأ دولة كردیة في الشرق الأوسط؟ ولماذا أمكن إخضاع الأكراد لسیاسة فرق تسد؟. بقلم إسماعیل بیشكجي عالم الإجتماع التركي، ترجمة الدكتور زهیر عبدالملك (من كتاب كردستان مستعمرة دولیة)، سورغول العدد (12)، ئەیلول 1998.
القضیة الكردیة كما یطرحها الكاتب التركي اسماعیل بیشكجي، د. نوري طالباني، سورغول 14 آب 1999. (عرض لكتاب مستعمرة دولیة ترجمة زهیر عبدالمل
كردستان لیست مستعمرة، مقتطفات من رسالة الدكتور إسماعیل بیشكجي عالم الإجتماع التركي الی أندریاس بورو. ترجمها من الإنكلیزیة وإختصرها الدكتور زهیر عبدالملك، سورغول، العدد 13، بیروت نیسان 1999.
متی تأسست جمهوریة كردستان وماهي أسباب سقوطها؟، مجلة سورغول، العدد(19)، تشرین الأول 2000.
مكانة المرأة ودورها في المجتمع الكردي، العدد 19، 2000
هل من نوایا الأكراد الإنفصال وتكوین دولة مستقلة، سورغول، العدد 15/16 حزیران 2000
مذكرات موسی عنتر، الحلقة الأولی (العدد 18) ایلول 200، ترجمة زهیر عبدالملك، الحلقة الثانیة، العدد (19)، تشرین الأول 2000، العدد 18، 2000. الحلقة الثالثة في العدد الخاص في تشرین الأول 2000 وقد نقلها من الإنجلیزیة التي ترجمت بدورها من التركیة. الحلقة الرابعة العدد 25، 2001.
مجزرة حلبجة تقاریر وشهادات، د. زهیر عبدالملك، سورغول العدد 24، 2001.
من التراث الشعبي الكردستاني الفیلي – قصص قصیرة وأشعار في الحب والحرب، دكتور زهیر عبدالملك، مجلة سورگول العدد 22 ، كانون الثاني 2001 بیروت. .
متی نشأت الأحزاب السیاسیة الكردیة؟ دكتۆر زهیر عبدالملك، عدد خاص سورغول تشرین الثاني 2000.
مامعنی كلمة كردستان وما مساحتها وما هي خصائص بیئتها الجغرافیة، د. زهیر عبدالملك، سورغول العدد 17، بیروت 2000.
نماذج من الأغاني اللوریة القدیمة، سورغول 17، 2000.
ماهو أصل اللغة الكردیة؟، سورغول، العدد 23، بیروت 2003. [1]