محمد عزو
الميتانيون هم من السلالات القديمة للشعب الكردستانى، ومملكة ميتان هي إحدى القوى العظمى في الشرق الأدنى القديم، وتعرف “بالهانيجالبات”، وقد امتدت هذه المملكة بدءاً من شمال العراق، وصولاً إلى سوريا، وتركيا.
وأهم ما تبقى من الوثائق الأثرية عن هذه المملكة مراسلات بين الملوك الميتانيين، والملوك الآشوريين، والمصريين، ووجود كتيب شهير لتدريب الخيل في العالم، والكثير من المعثورات الأخرى، ذات الدلالة الهامة، على وجود مملكة ثرية ازدهرت في فترة منتصف الألف الثاني ق. م.
وميتاني في المصادر الأثرية والتاريخية، هي أيضاً اسم لمملكة “حورية” أو “خورية”، وفي مصادر أخرى “هورية”، وُصفت أنها قامت في منطقة الخابور في شمال شرقي سوريا، وذلك في منتصف الألف الثاني ق.م، ويتكلم الحوريون اللغة الهندو- آرية…
من جانب آخر يقول بعض الباحثين: أنها لغة ذات صلة باللغة الأورارتية، لغة شعب أورارتو، حيث أن هاتين اللغتين تنتميان إلى عائلة اللغة “الخورية”-“الأورارتية”، ثم أن الباحث الروسي (Starostin) يقول أن اللغة “الخورية” تنتمي إلى فصيلة اللغات القوقازية الشمالية الشرقية، بينما باحثون آخرون يقولون: إن اللغة الهورية ذات صلة باللغة الكاشية وهم أسلاف الكرد الكاشيين ..
ومن خلال المصادر الأثرية، تمكن العلماء التعرف على ثلاثة عشر ملكاً ميتانياً، حكموا فيها بين القرن الخامس عشر ومطلع القرن الثالث عشر ق.م، أولهم الملك (بازاتارنا) وآخرهم الملك (شاتوارا)..
وتشير المصادر إلى تعاظم القوة الحيثية، في القرن الخامس عشر ق.م، وأصبحت هذه القوة تهدد الشمال السوري وأضحى للمملكتين، الميتانية والمصرية، التحالف بينهما أصبح ضرورة ملحة وفي مصلحة الطرفين، ورسائل تحتمس الرابع، التي أرسلها للملك الميتاني (أرتاتاما الأول) كشاهد على ذلك التحالف والتقارب، تبع ذلك زواج الملك المصري من إحدى بنات ملك ميتاني، وفي عهد امنحوتب الثالث، تشير المصادر إلى أن ملك ميتاني توشراتا أرسل تمثال عشتار مرتين إلى مصر، معبراً عن رغبته في شفاء ملك مصر من المرض، ذلك كله إشارة إلى تزاوج العلاقات المصرية- الميتانية التاريخية..
ويمكن أن نميز خصائص الثقافة المادية الميتانية، وذلك من خلال، اللقى الفخارية والأختام بأشكالها وأنواعها كلها، وبعض العلماء، يعزون انتشار صناعة الزجاج في المنطقة خلال القرنين الخامس عشر والرابع عشر ق.م إلى الميتانيين، حيث أنه تم الكشف عن أفضل مصنوعات من الزجاج مبكرة في موقع “نوزي” الميتاني الشهير..
أيضاً من الاسهامات الميتانية العظيمة في المجال الحربي استعمالهم للخيول، حيث يعزو للميتانيين الاستعمال الواسع للخيول في الركوب، وفي جر العربات الحربية أثناء المعارك.
وفي المجال الديني، فقد انتشرت لديهم عبادة إله العاصفة الخوري “تيشوب” في سوريا وبلاد الرافدين، وقد عُثر على معبد له في نوزي، وفي منطقة “ديالى”، كما عُثر على معبد ميتاني في مملكة “توتول” تل البيعة..
وهناك آلهة أخرى كثيرة للميتانيين، وبدء الوهن والضعف يدب في أوصال الدولة الميتانية مثل غيرهم من الشعوب الأخرى في أواخر ملكهم “تشراتا” منذ عام/ 1340م/.[1]