حاوره/ غاندي إسكندر
الكتابة عموماً والشعر بخاصة ما هي إلا رجع نبض الكاتب وصدى إحساسه يتجسد على الورق إذ تناجيه الأقلام، كي تخط على ساحتها تلك الهمهمات الروحية وارتعاشات النص الأدبي أو أن تفتح قلبها لفراشات الشعر وهي تحلق وربما لأنهار الوجع وهي تتدفق
جان هادي بوزان شاعر يحتفظ بذكريات جسام عندما هاجم المرتزقة مدينة المقاومة كوباني، فالرحيل منها أيقظ فيه تراتيل من العشق إلى التراب الأحمر، وأيقظت فيه جمرة الشعر، فأخرج لنا من جعبته الأدبية قصائد شعرية عن كوباني ومقاومة العصر فيها، وبات منذ ذاك التاريخ أسيراً للكلمة الأنيقة. وكي نكون أقرب إلى الشاعر جان بوزان وقصائده كان لنا معه هذا الحوار.
من هو جان هادي بوزان وكيف بدأت مسيرته الشعرية؟
أنتمي لعائلة ريفية كوبانية تعمل في مجال الزراعة، وتعد قرية “يارلي شيخان” مسقط رأسي لكني ترعرعتُ في قرية “خراب عشك”، درست الابتدائية في قرية الجلبية، والإعدادية في الرقة، وأتممت الثانوية العامة في حلب؛ لم أتمكن من إكمال دراستي الجامعية بسبب الظروف المادية الصعبة، وانتقلت للتدريس لسنوات في كوباني وريفها، بدأت قريحتي، وشهيتي للكتابة منذ الإعدادية، فبدأت بكتابة الخواطر، وكانت لي زاوية باسم “إلى الرفيق المجهول” في جريدة “ده نكيه كرد” وتتالت كتاباتي في عدة صحف، وشيئاً فشيئاً رأيت نفسي أخوض عالم الشعر، وعندما تعرضت كوباني لهجمات مرتزقة داعش اضطررت للهجرة إلى باكور كردستان، وفي مدينة “آدي يمان” كتبت أولى قصائدي بعنوان “كوباني تزأر” وذلك عندما بدأ المقاتلون الكرد حملة تحرير كوباني، عدت إلى روج آفا بعد تحرير كوباني، وشاركت في معظم المهرجانات والأمسيات الشعرية في كل من الدرباسية، وعامودا، وقامشلو.
هل للبيئة الريفية التي نشأتَ فيها أثر في تكوين ملامح تجربتك الشعرية ؟
نعم للبيئة الريفية، والمجتمع الذي أنتمي إليه، دور وتأثير كبير علي، فالريف بيئة جاذبة للشعر، الهواء الممتزج برائحة الأرض، والمروج الخضراء التي تتمازج مع أهازيج الفلاحين، وبساطة العيش، وإكرام الضيف؛ كلها محفزات للكتابة الشعرية.
كيف ترى الأدب والشعر الكردي وهل الحركة الأدبية الكردية على مستوى المرحلة الحساسة الآن؟
الحركة الأدبية الكردية في تطور مستمر وملحوظ، وسوف تشق طريقها إلى العالمية، ولا سيما بعد عام 2014 وبات التطور ملحوظاً عليها، فالحركة الأدبية الكردية، شعراً ونثراً، قطعت أشواطاً مهمة، شخصياً أحاول في القريب العاجل أن أخوض تجربة الكتابة الشعرية بلغتي الأم لأعبر من خلالها عما تخبئه همساتي من عناوين، وذكريات على هامش أفكاري.
يقال “الليل وحي الشعراء” هل الليل هي الفترة الزمنية المثلى لكتاباتك، أم أن الإلهام الشعري ليس له طقوس؟
نعم للّيل عنوان، وأفكار، وخيال، خاصة الثلث الأخير منه، وأنا من الشعراء الذين تستهويهم الكتابة في الليل، فأجد فيها ملجأً من صخب الحياة في فترة النهار.
ما هو إحساسك عندما تنتهي من كتابة القصيدة؟
أشعر بالراحة التامة كمن كان متعباً من السفر أو من عمل مجهد ويأخذ قسطاً من الراحة، فإنجاز قصيدة ما انتصار للذات وانتهاء من عبء جميل يتجدد.
ما هي أهم المواضيع التي تزين قصائدك؟
بصراحة أكثر ما يشدني، وأرى نفسي مجبراً على كتابته هو التعبير عن وجع الوطن، وألمه، وتفاصيل الحياة الاجتماعية، كما أني أعكس في الكثير من قصائدي ثقافة المجتمع الذي أعيش فيه.
ماذا تمثل المرأة بالنسبة لك وهل تستهويك كتابة الغزل؟
المرأة هي الأم، والأخت، والزوجة، والمقاتلة الشرسة، وهي نصف المجتمع، وقال أحدهم “هي سراج البيت” فكيف لي أن أهمل نصف المجتمع، وبالنسبة للغزل فأقول باختصار “كيف يمكن للمرء أن يمر بجانب غدير الماء، ولا يشرب منه”.
لديك من الرصيد الشعري مجموعتان شعريتان، متى ستفاجئ قراءك برؤية نتاجاتك في المكتبات والمعارض؟
أنتظر الفرصة المناسبة لطباعة مجموعتي الأولى ” كوباني تزأر” وقريباً جداً سيجد قرائي أعمالي كلها مطبوعة.
“أنا المسافر
أتحدى المستحيل
على صفح الطموح
أشتهي صمت الرحيل
أنا المسافر على أجنحة الزمن
على صوت المطر
أنثر حنيناً
أقضم الأسرار
وثقل ليلي يصافح مهجتي
حين يحين موعد الصلاة
أنا المسافر
أودع قدري وثقل حسرتي”[1]