لاستاذ هه لو زنكنة حاصل على الماجستير في العلوم الاسلامية وشيخ مسجد فردوس في كركوك. المسجد الذي يرعاه هذا الشيخ الشاب له خصوصية من حيث الاهتمام بالبيئة وتخصيص مساحات واسعة للخضرة والاشجار، علاوة على كون هندسة المسجد فيه الكثير من الجمالية والاريحية، وفوق ذلك بادر الشيخ هلو زنكنة باقامة مكتبة خاصة بالمسجد
حاوره: طارق كاريزي
كانت مساجد كوردستان بمثابة المدارس المنتشرة في جميع ربوع كوردستان. منذ العصور الوسطى وحتى عصرنا الحالي الذي بدأ بانشاء مدارس التعليم المدني الحديث وصولا الى انجازات التقنية وتكنولوجيا المعلومات، كانت المساجد بمثابة المدارس التقليدية التي خرّجت رجال الدين الاسلامي والشعراء والعلماء في حقول الشريعة والفقه والمنطق واللغة وعلوم اخرى. رجل الدين في كوردستان يحظى بالمزيد من الاحترام وكان بمثابة المعلم والمدرس والمرجع العلمي. مع ان العديد من المدن الكوردستانية، خصوصا عواصم الدول والامارات الكوردي مثل (بدليس، العمادية، السليمانية، سنندج، الجزيرة، دياربكر، بايزيد، سوران.. الخ) قد عمّرت فيها المؤسسات التعليمية التي كانت بمثابة المدارس والجامعات التي يقصدها طلاب العلم من مختلف مناطق كوردستان، الا ان التعليم الديني الذي رعاه رجال الدين في مساجد مدن وقرى كوردستان بشكل واسع، كان له الدور الاكبر في رفد المجتمع الكوردي طوال القرون الماضية بالمتنورين وطلاب العلم والمحصنين بالعلوم الدينية والدنيوية، وقد انجبت كوردستان طوال هذه المدة الكثيرين من الكتاب والمؤلفين في صنوف علمية شتىّ، وتضم المتاحف ودور المخطوطات في دول الشرق الاوسط والدول الاجنبية عشرات الآلاف من المخطوطات لعلماء وكتاب وباحثين وبلدانيين من كوردستان رفدوا الحضارة الاسلامية بنتاجات قرائحهم.
الاستاذ هەلو زنكنة حاصل على الماجستير في العلوم الاسلامية وشيخ مسجد فردوس في كركوك. المسجد الذي يرعاه هذا الشيخ الشاب له خصوصية من حيث الاهتمام بالبيئة وتخصيص مساحات واسعة للخضرة والاشجار، علاوة على كون هندسة المسجد فيه الكثير من الجمالية والاريحية، وفوق ذلك بادر الشيخ هلو زنكنة باقامة مكتبة خاصة بالمسجد. حول هذه المبادرة سألناه:
*كيف اختمرت فكرة انشاء مكتبة خاصة بمسجد الفردوس؟
-من باب السير على النهج التقليدي لمساجد كوردستان ودورها التنويري في تبصير المجتمع وكذلك نشر ثقافة المطالعة والاطلاع بين الناس، رأينا من الضروري تأسيس مكتبة في مسجدنا. ونحن نرى بان مسألة بناء المكتبة هو بمثابة حجر الاساس في ارساء اسس عقد العلاقة بين القارئ والكتاب، وليكون للمسجد دور تنويري مضاف.
*ما الذي يمكن ان تحويه مكتبة المسجد؟
-من المعروف ان المساجد في كوردستان تحتضن العديد من نسخ القرآن الكريم وبطبعات واحجام مختلفة تكون في متناول المصلين وزوّار المسجد من اجل قراءة القرآن وتلاوته، وكذلك هناك عدد محدود جدا من الكتب الدينية في المساجد، والمعتاد هو ان هذه الكتب تكون موجودة في حرم المسجد وفي متناول المصلين. نحن نحاول تطوير وتوسيع الفكرة من خلال رفد مكتبة المسجد بالكتب في مختلف حقول العلوم والآداب والمعارف. وقد خصصا مكانا خاصا للمكتبة خارج حرم المسجد بحيث يكون بمثابة المعين لكل من يطلب القراءة والتحصيل المعرفي. وهذه هي بالتأكيد ستكون الخطوة الاولى التي نسعى لتطويرها بحيث تتحول مكتبة المسجد الى مصدر مهم لرفد الباحثين والقراء بالكتب والمصادر.
*هل تتوقع ان تعمم هذه الفكرة في بقية مساجد كوردستان؟
-من باب التوضيح اقول، بان مساجد كوردستان كانت طوال التأريخ ملاذا لطلاب العلوم والمعارف والآداب، بل ان العديد من مساجدنا قد ضمت مكتبات كانت تزخر باعداد كبيرة من الكتب والمخطوطات ومازالت العديد من مساجد كوردستان ملتزمة بهذا التقليدي المعرفي. من هنا اختمرت الفكرة لدينا باحياء هذا التقليد الذي فيه الكثير للصالح العام. ومن المؤكد بان هذه الفكرة ستعطي الكثير من الثمار الطيبة خصوصا وان اهالي كوردستان مولعون بحب العلم والاطلاع والاعتزاز باهل العلم وطلابه، ولرجال الدين الكوردستانيين تأريخ مشرّف في هذا المجال، وكلنا امل ان تلقى فكرة بناء المكتبات في المساجد الرّواج الذي يستحق.[1]