مازال عدد غير قليل من الادباء والكتاب الكورد في كل من العراق وسوريا يكتبون اغلبية نتاجاتهم باللغة العربية، الكاتب الكوردي العراقي تحسين كرمياني هو احد الذين يكتبون بلغة الضاد وله نتاجات مهمة في القصص والروايات والنصوص المسرحية....
حاوره: طارق كاريزي
مازال عدد غير قليل من الادباء والكتاب الكورد في كل من العراق وسوريا يكتبون اغلبية نتاجاتهم باللغة العربية، كونهم ترعرعوا في بيئة عربية وامتزجوا الى حد كبير مع الثقافة العربية، ومن ثم رفدوا المكتبة العربية بكتب ونصوص قيّمة. الكاتب الكوردي العراقي تحسين كرمياني هو احد الذين يكتبون بلغة الضاد وله نتاجات مهمة في القصص والروايات والنصوص المسرحية. من خلال هذا الحوار ندخل في دردشة قصيرة معه، وقد بادرناه بالسؤال التالي:
*كيف ترى الدور الحالي للنخب الثقافية في عراق اليوم؟
-من المؤسف ان الحقيقة في هذا المجال مرّة، فالثقافة والمثقفين يعيشون حالة من التهميش والمصادرة بحيث غيّبت دورهم في المجتمع. فقد طغت مفردات السياسة على كل منافذ الحياة واكتسحت الكل باسطة سطوتها الرهيبة على جميع مرافق الحياة.
*وما تداعيات ذلك على واقع حياة مجتمع مغيّب فيه دور الثقافة ورجاله؟
-ان المجتمع الذي يهمش الثقافة ورجاله سوف يدخل دهليز معتم تتداخل فيه الملفات ويختلط فيه الحابل بالنابل. ومن باب التذكير نقول، بان مصادرة دور الشريحة الثقافية هو واقع ورثناه منذ العقود الثلاثة الاخيرة للقرن الماضي، حيث قامت السلطات آنذاك بتجنيد جوقات من المحسوبين على الثقافة والمثقفين، لكن ظلال العقود السابقة ظلت تؤطر الكثير من الفعاليات والنتاجات القيّمة بمزيد مما تبقى من الحيوية والايجابية، وشئيا فشيئا اخذت الدائرة تضيق بالثقافة ورجاله حتى باتت الامور متدهورة تماما خلال العقيدين الاولين من القرن الحالي. وعن التداعيات المحتلمة لهذه الحالة نقول باختصار، بان التضيّق على الثقافة يعطي المجال واسعا لتفشي الجهل والتعتيم، وتقود هذه الحالة الى تراجع المجتمع على جميع الصعد الحضارية.
*انتقلت بين صنوف عدة من الادب السردي، ما الدافع لذلك؟
-باعتقادي ان النص وطبيعة فحواه الدرامي يحدد دائرة انتاجه، فهناك احداث وقضايا تتبلور على شكل نصوص قصصية، وهناك احداث تتراكم يصعب حصرها في نص سردي قصير، لذلك فانها تتكامل من خلال نص روائي يلملم تلابيب الاحداث المترابطة ضمن سياق درامي. وبجانب ذلك هناك اجواء سردية تحقق الغاية من كتابتها من خلال اعتماد النص المسرحي. وبذلك ترى نتاجاتي تتوزع بشكل رئيس على هذه الاصناف السردية.
*بمناسبة ذكر النصوص المسرحية، هل قدمت نصوصك المسرحية على خشبات المسرح؟
-ان من اسباب تراجع المسرح العراقي هو ان المخرجين يقومون بكتابة النصوص التي يخرجونها، وليس بالضرورة ان يكون المخرج المسرحي كاتبا متمكنا في مجال النصوص المسرحية، بل ان العمليتين (الكتابة والاخراج) المسرحيين تتكاملان مع بعضهما، ومن اسباب نجاح اي عرض مسرحي هو قدرة المخرج على اختيار نص مسرحي راق يلامس احاسيس الجمهور ويتناول القضايا التي تهمهم، ومن ثم يختار فريق العمل من ممثلين وفنيين ويتولى بذاته عملية الاخراج متفرغا لها. عند ذلك فان العرض المسرحي يكون بمستوى يليق بهذا الفن الراقي الذي يحتضن كم من الفنون السردية والبصرية والادائية.
*هل ان علة تهميش الثقافة محصورة بالعراق، ام انه آفة شرقية؟
-استطيع ان اقول بان ظاهرة التهميش هذه المتبعة بشكل مبرمج ضد الثقافة والمثقفين لا تنحصر في حدود العراق لوحده، بل ان مداه يمتد واسعا وبشكل افقي ليشمل الشرق برمته. ولعل سبب تعثر حالة العصرنة والتقدم في بلدان الشرق مرده ثقافة الاستبداد التي تضرب بجذورها عميقا في ارض الشرق وبلدانه. فالطبقات السياسية التي تتحكم بسلطات البلدان تهمين على مقدراتها وامكانياتها وتدفع الكل باتجاه الدوران في دائرة مغلقة على الابداع عصية على الانفتاح. لذلك فان الشرق عموما يتخبط في عالم من التخلف والجهل والتأخر.[1]