عرف بكتاباته الجادة حول فن الموسيقى والغناء الكورديين. كتب مقالات ودراسات معمقة عن كبار المطربين والموسيقيين الكوردستانيين. يدرس التأريخ في جامعة كركوك، الا ان ولعه الاكبر هو تأريخ فن الغناء والموسيقى...
اجرى اللقاء: طارق كاريزي
عرف بكتاباته الجادة حول فن الموسيقى والغناء الكورديين. كتب مقالات ودراسات معمقة عن كبار المطربين والموسيقيين الكوردستانيين. يدرس التأريخ في جامعة كركوك، الا ان ولعه الاكبر هو تأريخ فن الغناء والموسيقى. وبما ان للنقد دور مهم وخطير من حيث الارتقاء بعالم الفن وسوية محترفيه، وايضا فان حرفة النقد بحد ذاتها من المهام والحرف العسيرة والمكلفة، عليه فان ظهور ناقد في الوسط الثقافي او الفني، لهو امر في منتهى الحيوية والايجابية. وحين يتوجه كاتب شاب للتخصص في مجال النقد الموسيقي، فهو علامة ايجابية تستحق التوقف والدعم. من هنا كان سؤالنا الاول للناقد الموسيقي الشاب اوميد نجم:
*كيف كانت البداية مع عالم النقد؟
-الشيء الذي اثارني كثيرا، هو حالة التمازج والاختلاط الشديد بين موسيقى وغناء الكورد والشعوب المجاورة له، خصوصا التداخل الكبير بين الموسيقى والالحان الكوردية والتركية. فيما يتعلق بالتداخل الواسع بين فن الموسيقى والغناء الكوردي والتركي، حصل تشابك ادى الى مزيد من سوء الفهم.
*اي تداخل، وما هو سوء الفهم الذي حصل؟
-التداخل حصل طوال القرن الماضي، عندما شهدت الثقافة والفنون الكوردية وحاملها اللغة الكوردية المنع والتهميش قانونيا، وذلك منذ تأسيس جمهورية تركيا الفتية نهاية الربع الاول من القرن الماضي وحتى نهايته. هذا المنع ادى الى تسرب الالحان والميلوديات الكوردية وانماط الاغاني الكوردية عن طريق مطربين ومطربات من اصول كوردية بغزارة الى فن الموسيقى والغناء التركيين. هذه الحالة هي اشبه بالسرقة والسطو الفني والثقافي، لان العملية جرت بموجب حالة من المنع ضد الفن الكوردي وحالة صهر وابتلاع للموسيقى الكوردية من قبل الامة المتسيدة. وحالة سوء الفهم التي اتحدث عنها، هي ان الاجيال الجديدة من المطربين والموسيقيين الكورد يلجأون الى الحان الاغاني المؤداة باللغة التركية ويقولون بان هذا اللحن تركي. لكن الحقيقة هو ان الموسيقى والالحان الكوردية تعد احد الروافد المهمة، ان لم يكن الرافد الرئيس في اغناء الموسيقى والغناء التركيين. والمطربون والملحنون الكوردستانيون الحاليون يلجأون الى الحان الاغاني التركية القريبة من الالحان الكوردية، ويتصورن الاولى بانها تركية ويشيرون الى ذلك اثناء انتاج المواد الفنية، عليه يستوجب التوضيح بان هذه الالحان هي اصلا كوردية ونصوص كلماتها الاصلية مازالت موجودة ومتداولة لدى المطربين الشعبيين او كبار المطربين الكوردي.
*وهل هناك من ظير في التلاقح الفني والحضاري بين الامم، خصوصا المتجاورة مع بعض؟
-التلاقح الحضاري والفني المثمر بين الشعوب والامم القريبة من بعض والبعيدة عن بعض ايضا، امر حتمي لا مناص منه. وتبقى الاشكالية مرهونة في السطو على تراث امة ونسبها الى امة اخرى من دون وجهة حق. فالذي حصل بحق فن الموسيقى والغناء الكورديين هو تطاول ومصادرة مقصودة للفن الكوردي من اجل اضعاف الهوية الفنية لهذا الشعب.
*ولك كتابات عن كبار المطربين الكوردي، ما الغاية منها؟
-ان الفن الموروث من كبار المطربين الكورد، خصوصا الذين عاشوا الحياة وغادروها خلال القرن الماضي، والذي تم حفظه وصيانته من الضياع بفضل تقنيات التسجيل الصوتي والصوري. هؤلاء المطربون وموروثهم الفني، حقيقة يشكل ثروة قومية كبيرة بالنسبة للامة الكوردية، ونحن بأمس الحاجة للكتابة عن ابداعهم الموسيقى واداءهم الراقي، لانه يبدو ان زمن عمالقة الغناء قد افل والاجيال الجديدة ليس لديها العدة اللازمة لمعرفة الفن الراقي لهؤلاء العمالقة. من هنا، مع انني ادرس التأريخ اكاديميا، الا انني مولع بتأريخ الفن، خصوصا فن الموسيقى والغناء الكورديين. وقبل ان انجز اي مقال نقدي، الجأ الى عشرات المصادر والكتابات الفنية المنتشرة في الكتب والمجلات الكوردستانية، استطلع واطالع ما قيل او الف عن المطربين والموسيقيين الكورد. والنتيجة انني اقدم جهدا متواضعا يتسم بالعرض والتحليل حول خارطة الموسيقى الغناء الكورديين.[1]