يعد فرهاد شبلي أحد أعمدة ثورة 19-07-2012، سخر حياته لخدمة قضية شعبه، كرس حياته لنشر فكر الأمة الديمقراطية بين عموم مكونات شمال وشرق سوريا، وصف برمز أخوة الشعوب، فمن هو؟
في جميع الثورات العالمية تبرز أسماء شخصيات ومناضلين، ناضلوا من أجل شعبهم، إلا أن هناك فرقاً شاسعاً بين ثوار ومناضلي ثورة 19 تموز وباقي الثورات، ألا وهو أن مناضلي ثورة 19 تموز ورموزها وهبوا كامل حياتهم للثورة دون أي مقابل، لا يسعون لمنصب أو جاه، أو حتى اسم، يناضلون دون كلل أو ملل من أجل تحرير شعبهم من الظلم والاستعباد، يناضلون من أجل تحقيق القيم الإنسانية والأخلاقية والاجتماعية، ومن بينهم الشهيد فرهاد شبلي الذي ناضل قرابة 3 عقود من أجل قضية شعبه ونصرة المظلوم.
كرس فرهاد شبلي/ فرهاد ديرك حياته من أجل بناء وطن حر ومستقبل مشرق لعموم شعب كردستان، ناضل وكافح من أجل ترسيخ مفهوم الأمة الديمقراطية وتوطيد أواصر العيش المشترك. عُرف بالثوري الفذ، والمناضل والمبادر والحنون وصاحب الابتسامة الجميلة.
من هو فرهاد شبلي
ولد حسين شبلي الملقب بفرهاد شبلي (فرهاد ديرك) في قرية قدريرك، التابعة لمدينة ديرك في إقليم الجزيرة، في 1 كانون الثاني عام 1977، في كنف عائلة وطنية، لها باع طويل في النضال السياسي والاجتماعي، انتقلت أسرته إلى مدينة ديرك وهو في السادسة من عمره، درس الابتدائية والإعدادية في مدارس ديرك، عرف بهدوئه وانضباطه في المدرسة وبين عموم سكان الحي الذي كان يقطنه.
https://www.hawarnews.com/ar/uploads/files/2022/06/20/192738_hajy-abd-alazyz-shbly.jpg
تعرف فرهاد شبلي في بداية شبابه على حركة حرية كردستان عن طريق والدته شيرين، وأوضح لوكالتنا والده حاجي عبد العزيز شبلي: انضم فرهاد إلى العمل الثوري بداية التسعينيات، تعرف على الحركة عن طريق والدته التي تعرفت على حركة حرية كردستان عام 1984. لم أكن منضماً للحركة وقتها، كُنت أمارس العمل الحزبي مع بعض الأحزاب السياسية الأخرى.
يوسف حاجي سيف الدين رفيق فرهاد شبلي منذ الطفولة، أوضح لوكالتنا أن فرهاد كان شخصاً مسالماً منذ الصغر، وقال: تعرف على حركة حرية كردستان في سن مبكرة، تأثر بأعمامه الشهيد شبلي عبد العزيز/فرهاد، وعلي عبد العزيز/فرهاد، وأخواله إسماعيل وجكر، لذلك ترك الدراسة وانخرط في النضال.
ونوه سيف الدين إلى أن فرهاد شبلي وبعد تأثره بفكر وفلسفة حركة حرية كردستان ترك مقاعد الدراسة وتفرغ للنضال الثوري ضمن فئات المجتمع في معظم مناطق ومدن روج آفا وبشكل خاص في منطقة عفرين. وقال: فرهاد في الصغر كان محبوباً بين عموم أبناء المجتمع، وبعد تعرفه على حركة حرية كردستان صقل شخصيته، واستطاع احتواء كافة شرائح المجتمع، ووثق علاقاته بين كافة فئاته.
العائلة
تتكون أسرة فرهاد ديرك من 3 أشقاء و3 شقيقات، وهو الأكبر في الأسرة. تُعرف عائلة فرهاد شبلي التي تعرفت على حركة حرية كردستان في الثمانينيات بوطنيتها في المنطقة، وفتحت الطريق أمام أبنائها للانضمام إلى صفوف حركة حرية كردستان التي تناضل من أجل القضية الكردية.
حمل حسين شبلي (فرهاد شبلي) اسم عمه الشهيد شبلي عبدالعزيز شبلي/ فرهاد الذي استشهد في منطقة عمرلي/كروكا في متينا عام 1993، وفرهاد شبلي ابن شقيق الشهيد علي عبد العزيز شبلي/ فرهاد الذي استشهد عام 1998 في أرزروم، وابن عم الشهيدة شهناز سعيد شبلي/ زوزان التي استشهدت في منطقة خنيرة في جنوب كردستان عام 2006، وشقيق الشهيد عاصم حاجي شبلي/ محسين الذي استشهد في شنكال في 8 كانون الثاني 2015، وابن عمة الشهيد علي محمد شبلي/ فرهاد الذي استشهد في منطقة مبروكة، في 22 تشرين الأول 2014، أثناء تصدي وحدات حماية الشعب لهجمات مرتزقة داعش.
فرهاد شبلي كان يتمتع بخصال حميدة ضمن العائلة وبين عموم أبناء مدينة ديرك، يقول والده: كان يعي ما يفعل، كان هادئاً منضبطاً، يحب الجميع، كان اجتماعياً، كانت علاقته بوالدته متينة جداً.
مقتطفات من نضال فرهاد شبلي
انضم فرهاد شبلي لنضال حركة حرية كردستان عام 1993، ومارس العمل السياسي في العديد من المناطق ضمن سوريا، وبشكل خاص في عفرين وحلب، ساهم في تنظيم المجتمع ضمن نشاطات وفعاليات حركة حرية كردستان، تلقى تدريبات على يد القائد عبد الله أوجلان عام 1997، وبعدها توجه إلى جبال كردستان ليخوض النضال التحرري، خاض النضال الثوري في العديد من المناطق في غاري وقنديل ومناطق الدفاع المشروع، أصيب في العام ذاته، وفقد إحدى قدميه ثم انتقل إلى مدينة السليمانية، لتلقي العلاج، بعدها انتقل إلى مخيم الشهيد رستم جودي (مخمور) للاجئين الذين هجروا من مجازر الاحتلال التركي إلى جنوب كردستان، وخاض نضالاً تنظيمياً وفكرياً هناك.
توجه فرهاد شبلي إلى سوريا عام 2000، خاض نشاطاً تنظيمياً وسياسياً واجتماعياً في عدّة مناطق ضمن إقليم الجزيرة، واعتقل عام 2003 على يد أجهزة المخابرات السورية، وأفرج عنه بعد عدّة أشهر. انضم إلى حزب الاتحاد الديمقراطي الذي تأسس عام 2003 وخاض النضال التنظيمي في عفرين وحلب حتى عام 2006. انتقل عام 2007 إلى إقليم الجزيرة وأشرف على النشاطات السياسية والتنظيمية لحزب الاتحاد الديمقراطي، صقل مواهبه التنظيمية وتعمق في فكر وفلسفة القائد عبد الله أوجلان.
ومع انطلاق شرارة الثورة السورية، وضع كافة إمكاناته من أجل تنظيم صفوف الشعب، كان من مؤسسي مجلس غرب كردستان الذي تأسس عام 2011، في منطقة كركي لكي في إقليم الجزيرة. انتقل بعدها إلى منطقة عفرين وحلب، وكان له دور وتأثير أساسي في تنظيم الشعب ضمن الكومينات والمجالس والمؤسسات، وتحرير عفرين وبناء النظام الديمقراطي فيها وفي حلب، ومن ثم انتقل إلى كوباني وتل أبيض ومنبج.
فرهاد شبلي كان مفعماً بالتنظيم، لذلك كان سباقاً في الدخول إلى أية منطقة تتحرر من قبل القوات العسكرية، كعفرين وكري سبي/تل أبيض ومنبج والرقة، نظراً لعمقه الفكري والفلسفي والأيديولوجي وتجربته الكبيرة والطويلة في المجال التنظيمي، كلّف بمهام تنظيم الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا كمستشار للرئاسة المشتركة، ومؤخراً كنائب للرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي للإدارة الذاتية الديمقراطية.
https://www.hawarnews.com/ar/uploads/files/2022/06/20/192753_ywsf-syf-aldyn.jpg
ويؤكد يوسف سيف الدين: بعد اندلاع شرارة الثورة تم التحضير لتشكيل الكومينات والمجالس في روج آفا، ووضع فرهاد كامل ثقله وخبرته لوضع برنامج ونظام للكومنيات والمجالس، وكيفية تنظيمها وتأسيسها بشكل فعال.
وأوضح سيف الدين أن فرهاد شبلي مارس نضالاً سياسياً واجتماعياً كبيراً ضمن كافة مدن ومناطق روج آفا وبين كافة فئات وشرائح ومكونات المجتمع، وقال: كان يتمتع بأسلوب خطابي يشهد له الجميع، ويترك أثراً لدى كل من يلتقي بهم. كان أحد رموز أخوة الشعوب.
ونوه سيف الدين إلى أن فرهاد شبلي لعب دوراً كبيراً في نزع الخلافات القائمة بين فئات ومكونات المجتمع، ساهم في وضع فكره في خدمة كافة أبناء شمال وشرق سوريا، وقال: هدفه الوحيد كافة تعريف فكرة الثورة، وأهمية مشروع الأمة الديمقراطية، لذلك كان يتوجه إلى كافة المناطق التي تتحرر حديثاً.
استشهد فرهاد شبلي، في 17 حزيران، إثر هجوم شنه جيش الاحتلال التركي عبر طائرة مسيّرة على منطقة كلار التابعة لمدينة السليمانية في جنوب كردستان، برفقة 3 أشخاص آخرين. وأوضح سيف الدين: إن الهجوم الذي استهدف فرهاد هو هجوم جبان، ودليل على ضعف الدولة التركية التي لا تستطيع خوض حرب مباشرة مع مناضلي الحرية.
ونوه سيف الدين إلى أن الدولة التركية تستهدف القياديين والشخصيات الوطنية الفذة، والهدف الرئيس حجب نور الحرية عن الشعب الكردي، وقال: تأثر عموم أبناء شمال وشرق سوريا باستشهاد فرهاد شبلي، الهجوم لم يستهدف فرهاد فحسب بل هو استهداف لكل وطني حر، لذلك يجب توحيد الصفوف في وجه هذا العدو الغاشم، وبتر خط الخيانة.
ماذا قيل عن فرهاد
نبأ استشهاد فرهاد شبلي، شكل حالة من السخط الشعبي والاجتماعي ليس على مستوى شمال وشرق سوريا فحسب بل على مستوى كردستان والعالم أجمع، وتم تداول صوره ومقتطفات من خطاباته على صفحات التواصل الافتراضي، حيث علق فراس قصاص الصحفي والمعارض السوري قائلاً: من سوء حظي، لم أتعرف على فرهاد ديريك شخصياً، إلا أنني تعرفت على جذر عميق من شجرة عائلته المناضلة، تعرفت على إسماعيل ديريك في رحلتي الأولى إلى مناطق الادارة الذاتية، لهافال إسماعيل كما أحب أن أخاطبه، روح عذبة كجداول الماء التي تتدفق من قمم جبال كردستان، قلب وقدرة على الحب، علو وإيثار، شخصية صلبة ومتفانية حد الدهشة....فرهاد ديريك اليوم ينضم إلى مجرة من الشهداء، رفاقه الذين يمتد حضورهم وأثرهم إلى مجال يتجاوز عمر أي منا، يتحولون من حضور وحفر ومقاومة ونضال إلى فكرة وحكاية وأسطورة، ونعم الشهداء لا يموتون، شهيد نامرن.[1]