صلاح شمشير البدري/ لن اتكلم عن قبل وبعد ونضال وتاريخ، سادخل مباشرة لاكتب مايجول في خاطري عن عشرين الف روح، عشرين الف جسد، عشرين الف اسم وقد تتكرر بعض الاسماء، اما لحظات فراقهم عن بعض لا اعرف توقيتها، ولحظات موتهم وشعورهم بالالم وانين العذاب وامنيات العودة والخلاص، واسئلة راودتهم، لماذا وماذا وكيف، بقيت حائرة بلا اجوبة وظلوا حائرين معلقين في السماء ينظرون رفاتهم وهي تراب، ينتظرون الخطباء ان ينهوا خطبهم ليغرسوا اكفهم في التراب باحثين عن تراب، امهات علي وعباس وسمير وفاضل وجابر ومحمد وقاسم، واكتبوا ماشئتم من الاسماء فالقائمة تطول لااكثر من عشرين الفا.
في القرن الواحد والعشرين مع كل التقنيات التي اكتشفتها بلاد الغرب،عجزوا عن اكتشاف بقايا اجساد لم يقتلوا في حرب البسوس ولاطراودة ولا في الحرب العالمية الاولى او الثانية، بل قبل ثلاثة عقود، انتهت احلام وايام اكثر من عشرين الف شاب ومن ضمنهم صبية لم يتجاوزوا خمسة عشر ربيعا، انهم عراقيون كورد فيلييون، ذنبهم تسميتهم التي صمت عنها العالم ليقتلوا ويتبخروا اجسادا وارواحا نحو السماء، لنضيف نظرية جديدة بتبخر الاجساد.
واليوم نحن اسعد الناس لاننا بعد نضال عشر سنوات، استطعنا ان نبرهن للعالم بوضع اكثر من عشرين الفا من تلك الاجساد في ضريح واحد، قبر يسع كل تلك الاسماء، لن تضطر ان تبحث عن مقابر الشهداء، ولن تضطر ان تنادي اصحاب المدافن وعشائر الموتى، فكل الموتى صاروا ملتصقين في ذاك القبر، كم نحن محظوظون فلدينا قبر لكل اولئك الشهداء، ولن نضطر ان ننهي قراءة يس، لنكمل ونجامل بقراءة والعصر، فكل القرآن سنقرأه في قبر، وسيسمعه كل الموتى، ويتفسح بهم القبر، خجل انا من ذاك القبر، استطاع ان يحضن كل شبابنا بعد ان اضعناهم طول الدهر، هم فرحون فقد اجتمعوا بعد ان علقوا بين السماء والارض لاكثر من ثلاثة عقود، وسنلقي عليهم التحية يوميا كل صباح وسنمسي عليهم باماسي بغداد، انهم في مدينة السلام التي لم تعرف السلام يوما، ولو كانت بغداد مسالمة ماكانوا تحت الارض، وكانوا كهلوا ودفنوا في وادي السلام ،(فعذرا سيدي ياعلي)، نعلم كلنا يتمنى ان يكون بجوارك، ولكن شبابنا لم يختاروا ذلك بل فعلها الاثم دكتاتور العصر، انجزنا قبرا لنجمعهم ، فعزاؤنا فيهم تأخر بعض الوقت، ثلاثة عقود مرت دون رثاء دون عزاء دون بكاء، فلك ان تأخذهم عندك او ان تأتي لترتل لهم النصر. [1]