أحمد ترك: عندما نقلونا إلى سجن آمد (دياربكر) كانوا يزجوننا قسراً في غرف ضيقة، خالية من كل شيء إلا من بطانية. تم اعتقالنا في شهر آذار، وكان الجو بارداً، كانت الثلوج قد تساقطت في آمَد. كان زجاج النافذة مكسوراً، ومن أجل التدفئة، كنا نسند ظهورنا إلى ظهور بعض. كانت ثيابنا قد سلبت منا في السجن. بقينا في تلك الغرف ستة أشهر. مات هناك عدد من كوادر حزب العمال الكوردستاني (بي كا كا) البارزون، من أمثال خيري دورموش، كمال بير وآخرين كثيرين. كان التعذيب لا يتوقف ليل نهار. كانوا يعتقلون كثيرين لا تربطهم بالسياسة أية صلة. جاؤوا بشخص من شمزينان لا يعرف كلمة تركية واحدة، وكانوا يعذبونه ويطلبون منه أن يردد النشيد القومي التركي، وكان المسكين عندما يعود من جلسات التعذيب إلى الزنزانة ليلاً، يأتينا ويطلب منا أن نعلمه النشيد. كانوا في بعض الأحيان يأخذوننا إلى الخارج ويجبروننا على أن ندهن أجسادنا بالقاذورات وإلا سيعذبوننا. في إحدى مرات الخروج تلك، ضربوا شرف الدين كايا وتسببوا في فقدانه إحدى عيني ,,
يتحدث السياسي الكوردي والعضو السابق في البرلمان التركي، أحمد ترك، في هذا اللقاء الذي هو اختصار لبرنامج بصمة لتلفزيون رووداو، عن التعذيب في سجن دياربكر وكيف أن بعض السجناء لم يصمد في وجه التعذيب ومات، كما يتحدث عن أسباب إقصائه عن حزب الشعب الجمهوري وعن ترشحه بصفة مرشح مستقل للبرلمان وعن تأسيس أول حزب كوردي في كوردستان تركيا:
رووداو: تحدثنا عن الحياة في السجن، نود أن نسهب في الحديث عن هذا الموضوع...
أحمد ترك: عندما نقلونا إلى سجن آمد (دياربكر) كانوا يزجوننا قسراً في غرف ضيقة، خالية من كل شيء إلا من بطانية. تم اعتقالنا في شهر آذار، وكان الجو بارداً، كانت الثلوج قد تساقطت في آمَد. كان زجاج النافذة مكسوراً، ومن أجل التدفئة، كنا نسند ظهورنا إلى ظهور بعض. كانت ثيابنا قد سلبت منا في السجن. بقينا في تلك الغرف ستة أشهر. مات هناك عدد من كوادر حزب العمال الكوردستاني (بي كا كا) البارزون، من أمثال خيري دورموش، كمال بير وآخرين كثيرين. كان التعذيب لا يتوقف ليل نهار. كانوا يعتقلون كثيرين لا تربطهم بالسياسة أية صلة. جاؤوا بشخص من شمزينان لا يعرف كلمة تركية واحدة، وكانوا يعذبونه ويطلبون منه أن يردد النشيد القومي التركي، وكان المسكين عندما يعود من جلسات التعذيب إلى الزنزانة ليلاً، يأتينا ويطلب منا أن نعلمه النشيد. كانوا في بعض الأحيان يأخذوننا إلى الخارج ويجبروننا على أن ندهن أجسادنا بالقاذورات وإلا سيعذبوننا. في إحدى مرات الخروج تلك، ضربوا شرف الدين كايا وتسببوا في فقدانه إحدى عينيه.
كانوا يقولون ارتاحوا والعبوا، بعد ذلك كانوا يجبرون كلاً على حمل رفيقه على ظهره، وذات يوم كان نصيبي أن يحملني شخص ممتلئ ضخم، وبعد فترة قالوا يجب أن تترجلوا وتحملوا من كان يحملكم، كان الرجل يزن قرابة 130 كيلوغراماً، وما أن استقر على ظهري حتى وقعت على الأرض.
وذات يوم، طلبوا من حسين يلدرم أن ينهق كالحمار، وكنا نحن نضحك، كما كانوا يطلبون من السجناء أن يصيحوا كما الديكة أو يقلدوا مواء القطط. هكذا كانوا يتصرفون معنا.
رووداو: هل كانت القاعات مقسمة؟ مثلاً هل كانت القاعة المخصصة ل(بي كا كا) منفصلة عن صالات سائر السجناء السياسيين؟
أحمد ترك: لم يكن أحد يلتقي بالآخر، لكن (بي كا كا) أنشأ نظاماً داخل السجن لم يكن يدور بخلد أي منّا. كيف كان سجناء (بي كا كا) يتناقلون الأخبار بينهم؟ كانوا قد أنشأوا نظاماً ينبه جميع عناصرهم في حال حدوث شيء. عندما كنا نخرج إلى الساحة، كنا ننظر من القاعات لنعرف من الذي هناك، كنا ننظر سراً ومن خلف الستائر، وإلا فلم يكن هناك أي نوع من التواصل، لم يكن بإمكان أحد التحدث إلى الآخر. عندما كانوا يخرجوننا في الساعة الرابعة، كانوا يضعون الأصفاد في أيدينا من الخلف، وكانوا يمنعوننا من النظر إلى بعضنا البعض، وكان علينا أن نقف أربع أو خمس ساعات بتلك الصورة، كان ذلك نوعاً من الموت بالنسبة لنا، بل كان أسوأ من الموت نفسه. كان عليك أن تنظر إلى قدميك أربعاً أو خمس ساعات. لم تكن تستطيع رؤية من يقف إلى جانبك.
رووداو: يقال أن العصا التي كانت تستعمل للضرب، كان مكتوباً عليها: الله ليس هنا؟
أحمد ترك: نعم كانت هناك كتابات كثيرة على العصي، كان مكتوباً على بعضها: هذه عصا الله، هذه عصا النبي. كان مديرو السجن يضربوننا بتلك العصي. كان مكتوباً على بعضها: بهذه العصا نؤدبكم. وفي أحد الأيام عندما أرادوا ضربنا، سألوني ما اسم أم أتاتورك؟ لكن عيني وفكري كانوا مثبتين على العصا، ومتى ستصيب رأسي.
رووداو: هل كان ثم كورد من بقية أجزاء كوردستان في سجن آمَد؟
أحمد ترك: نعم، كان هناك كورد من كوردستان سوريا متهمون بالذهاب للالتحاق ب(بي كا كا)، وكان هناك معتقلون من إقليم كوردستان وكان هناك تركمان وإسلاميون، لكن هؤلاء تم تجنيدهم للعمل لصالح الدولة فيما بعد.
رووداو: هل كان هناك سجن للنساء؟ وهل كن يتعرضن للاعتداء؟
أحمد ترك: في الحقيقة، يقال الكثير عن ذلك، لكن النساء كن أكثر صموداً منّا. كان مسؤولو السجن يقل أدبهم، لكن النساء كن يدافعن عن شرفهن.
رووداو: من الذي اعترف لهم من المعروفين، هل يمكن أن تذكر أسماءهم؟
أحمد ترك: المعروفون كانوا يستحون وما كان لهم أن يعترفوا، لكن أغلب الشباب المنخرطين في السياسة كانوا يعترفون ويقرون بما فعلوا. لم يكن أولئك قد خبروا الحياة السياسية جيداً ولم يكونوا يعرفون ما هي السياسة. كان من بينهم أشخاص ذهبوا إلى فلسطين وتمت تربيتهم هناك، لكنهم اعترفوا، مثل مَنا كَونكَور وغيره... حتى أن البعض من اعضاء اللجنة السياسية ل(بي كا كا) اعترفوا.
رووداو: يقال الكثير عن مظلوم دوغان، ماذا عنه؟
أحمد ترك: لم يكن مظلوم دوغان في قاعتنا، لكن اثنين من أبناء أخي كانوا في القاعة التي هو فيها. كان جندي وضابط قد تعرضوا للقتل في قريتنا، وكانت المروحيات تحوم فوق القرية، عندها نادى مظلوم دوغان ابني أخي وقال لهما لا تعودا إلى القرية واذهبا إلى عمكما، وهو حسب أبناء أخي كان حكيماً مراعياً لضميره.
رووداو: وهل التقيت مهدي زانا؟
أحمد ترك: في أحد الأيام حبسونا معاً في غرفة لبضع ساعات. كانوا قد سألوا مهدي زانا هل تعرف أحمد ترك، فكان جوابه: فليذهب إلى الجحيم. وكانوا قد طرحوا علي نفس السؤال، فأنكرت معرفته. فقالوا مادام أحدكم لا يحب الآخر سنجمع بينكما، لكن لم نبق معاً غير سويعات.
رووداو: ألم يكونوا يجوعونكم؟
أحمد ترك: كان حساء العدس أفضل ما يقدم لنا من طعام، وكان الحساء ملوثاً بحبات الرمل والحجر، وكانوا يزودوننا بالسجائر ويقولون إن التدخين ممنوع، ولم أكن أطيق فراق السجائر، كان رفيق أرمني يساعدني، كنت أمد أنبوب الماء من تحت البطانية إلى المرافق الصحية، كنت أدخن السيجارة من تحت البطانية وأنفث الدخان في الأنبوب ليذهب إلى المرافق الصحية.
رووداو: كيف أطلق سراحك؟
أحمد ترك: بعد محاكمتي صدر الحكم بإطلاق سراحي، لكن كانت هناك شكوى ضدي من ضابط، فتم تمديد حجزي. بعد ذلك تم إطلاق سراحي، لكن البت في الشكوى الأخرى استغرق ستة أشهر. كان بعض الأشخاص قد قتلوا في منطقة جيلان بنار، وأشيع أن أحمد ترك متورط في العملية. لكن في الأخير ظهرت براءتي.
وهكذا بقيت في سجن آمَد 22 شهراً، ثم تم اعتقالي مرة ثانية في أواخر العام 1986 استدعاني قائد الجيش في ماردين وسألني عن سبب عدم تعاوني مع الدولة.
رووداو: ماذا عن النشيد القومي، حيث يشاع أنك كنت تردده مع نفسك حتى بعد إطلاق سراحك، كيف ذلك؟
أحمد ترك: كانت آثار النشيد القومي باقية، كان خروج السجناء ودخولهم إلى الزنزانات مصحوباً بترديد النشيد، وكنا نحن أيضاً نردده حتى بعد تحريرنا خوفاً من أن نعتقل مجدداً، حتى أني كنت أحياناً أردد النشيد عند انتصاف الليل كي لا أنساه.
رووداو: كنتم تنتمون إلى حزب، لماذا لم يدافع هذا الحزب عنكم؟
أحمد ترك: بعد انقلاب 1980، لم يعد هناك وجود لأحزاب، أغلقت الأحزاب، ولم يعد للسياسة تأثير. في العام 1980 منع الكثير من رؤساء الأحزاب من ممارسة السياسة، ونقل بولند أجويد وسليمان دميرال إلى المعسكرات وفرضت عليهما الإقامة الجبرية. لم يكن في تلك الدولة غير الكورد الذين ناضلوا ضد الانقلابيين، وكان الكورد يقدمون التضحيات باستمرار.
رووداو: هل عدت إلى المعترك السياسي بعد إطلاق سراحك؟
أحمد ترك: بعد إطلاق سراحي، انتقلت إلى القرية، فقد كنت ممنوعاً من ممارسة السياسة حتى العام 1985. بعد انقضاء تلك المدة، ترشحت لعضوية البرلمان عن حزب الشعب الجمهوري، لكن البعض عارضوا الحزب وقالوا إن أحمد ترك قومي كوردي، لذا سحب حزب الشعب الجمهوري اسمي من قائمته. بعد ذلك ترشحت بصفة مستقل وفزت في الانتخابات، حيث حصلت على 983 صوتاً من أصل 1100 صوت في ماردين.
رووداو: كنت ممنوعاً من السفر حينها؟
أحمد ترك: كلا، كنت حراً، وفي مرات كثيرة ذهبت إلى إقليم كوردستان لزيارة كاك مسعود ومام جلال، وبعد ضرب حلبجة بالسلاح الكيمياوي في العام 1988، ذهبنا إلى أوروبا وجمعنا المساعدات لمتضرري المدينة.
رووداو: أعتقد أنك تعرضت لمشاكل بسبب موضوع القصف الكيمياوي لحلبجة؟ كيف كان حادث حلبجة، ماذا كانت ردود الفعل تجاهه في كوردستان تركيا؟
أحمد ترك: شعر شعب كوردستان تركيا بألم عميق على حلبجة، وكما يقال كان قلبه يتألم. كما هب أبناء كوردستان تركيا لمساعدة الذين جيء بهم إلى المخيمات، وفي الواقع كانت الأوضاع في المخيمات سيئة لدرجة أننا عندما كنا نزورها نترك لهم ثيابنا لدى عودتنا، وزارتهم السيدة دانيال ميتيران أيضاً. كانت زيارات الناس والمنظمات إلى تركيا ممنوعة في تلك الأيام، لكنهم كانوا يتصلون بي بصفتي عضواً في البرلمان، فكنت أعينهم وأتسلم المساعدات وأوزعها على المخيمات، وكلما ذهبت إلى أوروبا كنت أجمع الأموال وأعود بها لأوزعها على الذين في المخيمات.
رووداو: عقد مؤتمر بباريس في العام 1989، وشاركتم فيه، كيف كان ذلك؟
أحمد ترك: دعينا إلى المؤتمر، فاقترحنا أن يذهب بعض الرفاق، ومنهم علي أرَن، إبراهيم آكصوي، صالح سونر وأنا وشخص آخر. كما قال رفاق آخرون إنهم سيأتون، لكن حزبنا لم يوافق عليهم، ومنهم مَمَد قهرمان وجمهور كسكين، لكن دنيز بايكال لم يسمح لهم.
رووداو: أي أن حزب الشعب الجمهوري لم يكن يريد أن تذهبوا أنتم أيضاً؟
أحمد ترك: لم يكن يريد أن ينعقد مؤتمر كوردي كهذا ونشارك فيه نحن، وفي الحقيقة لم يكونوا يستوعبون ظهور صوت الكورد واسمهم وأن يكون هناك مؤتمر كوردي نشارك فيه نحن. استدعاني أردال إينونو، وقال إننا تعهدنا بأن نذهب مهما كلف الأمر، فقلت أن نعم. كانت هناك خلافات داخل الحزب، وكان بايكال يريد الوقوف في وجه إينونو. في تلك الفترة كان إينونو متعاوناً مع الكورد، وكنا نسانده في المؤتمر، وهكذا تسنت فرصة، لكن حزب الشعب الجمهوري قرر تجميدنا عند عودتنا.
رووداو: ماذا كان هدف المؤتمر؟ من كان يقف وراءه؟ ماذا فعلتم في المؤتمر؟
أحمد ترك: كان للمؤتمر تأثير كبير على الكورد. كان المؤتمر يهدف إلى إيصال صوت الكورد إلى أوروبا وإقامة نوع من الاتحاد بين الكورد. شارك في المؤتمر كل من الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني والعديد من الشخصيات والأطراف، من كوردستان تركيا والأجزاء الأخرى، وشارك فيه كثيرون من كوردستان سوريا وكوردستان إيران.
رووداو: من الذي نظم المؤتمر؟
أحمد ترك: كان للمعهد الكوردي في باريس دور كبير في تنظيمه، وكان هناك حوار بين السياسيين الكورد من أجزاء كوردستان الأربعة، وهو الأساس الذي قام عليه المؤتمر، أي أنه كان بمثابة حركة دبلوماسية كوردية.
رووداو: لماذا لم يشارك حزب العمال الكوردستاني (بي كا كا) في المؤتمر؟
أحمد ترك: شارك (بي كا كا) في المؤتمر، كان ممثلاً من خلال مجموعة نساء والبعض الآخر. كما ألقى ممثل (بي كا كا) في أوروبا كلمة في المؤتمر، لكن بعض الشباب التابع ل(بي كا كا) تجمعوا خارج قاعة المؤتمر معبرين عن إدانته، في الحقيقة استغربت الأمر كثيراً.
رووداو: هل كانت لكم علاقات مع دانيال ميتران وفرنسا؟
أحمد ترك: كنا نزورها كلما ذهبنا إلى فرنسا، كانت علاقاتنا جيدة جداً، وعندما جاءت إلى تركيا، شاركنا في كل جولاتها ولقاءاتها. كما زرنا، أنا وليلى زانا وآخرين، فرانسوا ميتران أيضاً، وكان لقاؤنا بعد المؤتمر. حتى في العام 1994 عندما تم استبعادنا من البرلمان، أوفد فرانسوا ميتران برلمانيين إلى تركيا وزارونا، وعبرت السفارة الفرنسية عن استعدادها، إذا أردنا، لإخراجنا من تركيا ومنحنا حق اللجوء السياسي، لكننا رفضنا العرض.
رووداو: تم طردكم من حزب الشعب الجمهوري في العام 1989، ماذا فعلتم؟ هل شكلتم حزباً آخر؟
أحمد ترك: عندما تم طردنا من الحزب، استقال جميع رؤساء المدن. واستقال جميع مسؤولي وأعضاء الحزب في كوردستان. حينها حاولنا تشكيل حزب من الكورد، وبعض اليساريين الأتراك المقربين إلى الكورد، من أصحاب الضمائر. لكن اليساريين الأتراك تراجعوا، لذا قررنا تأسيس حزب الشعب. كان هذا من الناحية السياسية أول حزب سياسي في تركيا يدخل المعترك السياسي باسم الكورد، ورغم أننا لم نكن نعلن أنه حزب كوردي، لكن الجميع كان يعرف أنه كوردي، فقد كان أعضاؤه ومسؤولوه جميعاً من الكورد.
رووداو: ما هي العقبات التي كانت تعترضكم في البرلمان التركي، هل نقلتم صوت الكورد إلى البرلمان، عم كنتم تتحدثون؟
أحمد ترك: كنا في البرلمان نتحدث عن حقوق الكورد ونوروز والمشروع الكوردي والسياسة الكوردية. في يوم اللغة الكوردية، تحدثنا باللغة الكوردية خلال جلسة البرلمان، فلم يبث التلفزيون الحكومي الرسمي كلامنا بالكوردية وقطع البث المباشر.
رووداو: تم اغتيال الكثيرين في تلك الفترة، من مثقفين، برلمانيين وموسى عنتر ووداد آيدن وغيرهم كثير، هل كنتم كبرلمانيين ومثقفين وسياسيين في خطر؟
أحمد ترك: نعم كنا مهددين، كانوا يبعثون إلينا بإطلاقات، كتهديد.
رووداو: كيف كانوا يبعثونها، عن طريق البريد؟
أحمد ترك: نعم عن طريق البريد، وكانوا يهددوننا من خلال الهاتف، ويقولون سنقتلكم، تكرر ذلك مراراً. في مرات كثيرة كانت الشرطة والعسكر يتصلون بنا ويهددوننا. كنا نحن المنخرطين في العمل السياسي مهددين، وكان التهديد مستمراً ليل نهار، ومازلنا مهددين إلى اليوم.
رووداو: بالنسبة لعمليات القتل المجهول مرتكبوها، هل لديكم أية إحصائيات؟ هل يعرف عدد ضحايا تلك العمليات، ومن هم الجناة؟
أحمد ترك: يقال أن القتلة كانوا من مقاتلي كونترا، وهي حركة دولية قائمة منذ خمسين سنة. لدينا الكثير من الأدلة، حتى عن قتل موسى عنتر وبقية الرفاق، كنا نعرف الذين جاؤوا وأخذوهم، كان حزب الله متواجداً في معسكر في باطمان، وذات يوم أخبرت سليمان دميرال بتلك الأمور، فرد بأن الدولة لا ترتكب مثل تلك الأفعال. قلت سأزودك بأدلة. أخذت له الأدلة، فقال إن عناصر الشرطة والجنود هؤلاء ليسوا في جيبي، لم يكن عنده ما يرد به عليّ. كان ستة من رفاقنا في سجن موش، وكانت عندنا أدلة تثبت أنهم في السجن، لكن مقاتلي الكونترا كانوا قد أخرجوهم من السجن وقتلوهم، ثم نفوا أن يكون أولئك الأشخاص محتجزين أصلاً.
رووداو: هل كان هناك مقاتلون كورد في صفوف الكونترا؟
أحمد ترك: نعم، كانوا هناك.
رووداو: في العام 1992 تشكل شبه حكومة كوردية في إقليم كوردستان، كيف كانت علاقاتكم معهم؟
أحمد ترك: عندما جرت تلك الانتخابات، كنت متواجداً في إقليم كوردستان، ضيفاً على السيد مسعود البارزاني. كنا نراقب الانتخابات ونشعر بالسعادة ونحن نرى الناس مصطفين بانتظار دورهم للتصويت، وأذكر أني رأيت امرأة وزوجها يتجادلان فيما بينهما، كانت المرأة تقول سأصوت لمام جلال، وكان الرجل يقول سأصوت لكاك مسعود.
رووداو: هل طلبتم خلال محادثاتكم مع الدولة التركية، أن تقيم علاقات مع إقليم كوردستان؟
أحمد ترك: تريد الدولة التركية الآن إقامة علاقات مع بعض الكورد، لكنها في الحقيقة غير مرتاحة للوجود الكوردي. لا يطيقون رؤية العلم الكوردي. وكانوا حينها يقولون إن الكورد قبليون وقطاع طرق. [1]