محمد حاج محمود هو احد بيشمركة كوردستان و أب لشهيد، كان ولايزال له دور مشهود و بطولي ضد ارهابيي داعش، وهو سكرتير الحزب الأشتراكي الديمقراطي الكوردستاني وقد امضى نحو نصف قرن من حياته في صفوف بيشمركة كوردستان و مطلع على الأوضاع و الأحداث السياسية في كوردستان، التقته كولان و وجهت له عدداَ من الأسئلة حول الأوضاع السياسية و العسكرية الراهنة في الأقليم و المنطقة و علاقات الأقليم مع بغداد و أمور أخرى
ترجمة/ بهاءالدين جلال
محمد حاج محمود هو احد بيشمركة كوردستان و أب لشهيد، كان ولايزال له دور مشهود و بطولي ضد ارهابيي داعش، وهو سكرتير الحزب الأشتراكي الديمقراطي الكوردستاني وقد امضى نحو نصف قرن من حياته في صفوف بيشمركة كوردستان و مطلع على الأوضاع و الأحداث السياسية في كوردستان، التقته كولان و وجهت له عدداَ من الأسئلة حول الأوضاع السياسية و العسكرية الراهنة في الأقليم و المنطقة و علاقات الأقليم مع بغداد و أمور أخرى.
* مضت اكثر من ثمانية أشهر على الحرب مع داعش، كيف تقرأون اوضاع اقليم كوردستان طيلة هذه الفترة؟
- في هذه الحرب المفروضة على اقليم كوردستان، كان الكورد هو الخاسر الأول على مستوى المنطقة، والى جانب استشهاد عدد من البيشمركة و جرح العشرات منهم فقد تعرضت نساؤنا و اطفالنا الى عمليات الأبادة الجماعية على يد ارهابيي داعش فضلاَ عن الأعتداءات و عمليات الأغتصاب بحق النساء الأيزديات، ولكن هذه الحرب بفضل صمود و نضال قوات البيشمركة و جماهير كوردستان حققت مكاسب ايجابية ، من بينها رص الصف الكوردستاني و التنسيق بين اجزاء كوردستان الأخرى، وحصولنا على الدعم الدولي الكبير، وهذه اول مرة يدخل فيها الحلفاء بهذه الكثافة في هذه الحرب، كنا نرى اوضاع سوريا حيث تشهد الحرب منذ اكثر من ثلاث سنوات و لم نلاحظ تدخل من جانب أية دولة اوروبية و حتى امريكا في امورها، حتى انها لم تعلن موقفها منذ سقوط الموصل و القتال في جلولاء، ولكنها تدخلت فوراَ بعد استهداف اقليم كوردستان من قبل داعش، حيث قامت دول التحالف باسناد قوات البيشمركة و تقديم الدعم العسكري لها، ومن المعروف انّ اقليم كوردستان قد قام حتى شهر آب 2014 بتأمين الأسلحة و الذخائر من السوق السوداء ولكن الآن نرى ان طائرات التحالف تهبط لتنقل الأسلحة الى الأقليم بصورة علنية، و يتم توزيعها على قوات البيشمركة، والنقطة الأخرى هي ان البيشمركة اصبح رمزاً معروفاً في ساحات النضال بأعتراف دول العالم جميعاً وموضع الثقة للجميع حيث انه يقاتل بأسم الأقليم نيابة عن العالم كله، حيث ان كل هذه الدول تؤكد انها تدعم البيشمركة وهذا يعني انّ البيشمركة تحول الى زهرة فواحة، النقطة الأخرى هي ارسال البيشمركة الى كوباني، وهذه مسألة مهمة حيث قطعت هذه القوات حدود ثلاث دول( العراق و تركيا و سوريا) وهذا يعد تحولاًَ كبيراً، حيث نشاهد ان قوات البيشمركة تدخل الأراضي التركية و منها تتوغل بعمق 280كيلومترا حتى تصل الى الأراضي السورية.
النقطة الأخرى و التي تخص الأوضاع بين الأقليم و بغداد، فمن الواضح ان معظم مشكلاتنا مع بغداد تتركز على تطبيق المادة 140 الدستورية، لأن بغداد تضع العراقيل امام عودة المناطق الكوردستانية، أما الآن فأن تلك المناطق بحوزة الأقليم، و في الوقت الراهن هناك مناطق تمتد نحو 25 كيلومتراً جنوب كركوك تسيطر عليها قوات البيشمركة، وبالأتفاق مع بغداد يتم الآن تصدير كميات من النفط من آبار كركوك عبر انابيب اقليم كوردستان، وهذه تعد تحولاً قومياً و وطنياً كبيراُ حققه شعبنا.
* الى جانب النقاط التي ذكرتها ولكن مع تشكيل الحشد الشعبي من قبل شيعة العراق، سمعنا بأن الحشد الشعبي كان يهدد بدخول كركوك، كقائد ميداني لقوات البيشمركة، كيف تنظر الى هذه المسالة؟
- قبل الأجابة عن هذا السؤال، اريد التطرق الى ان الأوضاع الراهنة ستقود دولة العراق الى التقسيم، لأنه من المعروف انه داخل العملية السياسية في العراق هناك تقسيم على الاطراف الثلاثة (الكورد و السنة و الشيعة) حول الرئاسة الجمهورية و الحكومة و البرلمان، ولم نجد من بين صناديق الأنتخابات التي شارك في ادلاء الأصوات اكثر من مليوني مواطن في كوردستان لم يتم التصويت لأي مقعد لا للسنة و لا للشيعة، ومن الناحية الجغرافية فقد تم تقسيم العراق الى ثلاث مناطق، هناك حكومة في الموصل و المناطق السنية، وفي بغداد حكومة خاصة، انا استغرب عندما يجري الحديث عن وحدة العراق، كان الجيش هو المؤسسة المشتركة الوحيدة بين مكونات العراق، ولكن تفككت هذه المؤسسة بعد سقوط الموصل من قبل داعش، لم يبق شىء اسمه جيش، لقد انقسم الى ثلاثة اجزاء، الحشد الشعبي للشيعة، و البيشمركة هي قوة كوردستان، و السنة هم الآن بصدد تشكيل الحرس الوطني، وهذا يعني ان الجيش هو منقسم على ثلاث قوى و لااعتقد ان يأتي يوم تتحد فيه هذه القوى، وقد تحدث اشتباكات فيما بينها مستقبلاً، بالنسبة الى الميليشيات الشيعية فهي تضم قوات البدر و تحت مسميات عديدة منها حزب الله و الحشد الشعبي، ولكن هناك مناطق سنية تقع بين تلك القوات و قوات البيشمركة، حيث لا تستطيع الشيعة تشكيل قوة فيها، و كما حدث قبل سقوط الموصل حيث ان 90 الف جندي من اربع فرق عسكرية و فرقتين من الشرطة الأتحادية هربوا و تركوا اسلحتهم لأرهابيي داعش في غضون ساعتين، و الشيعة في المحافظات السنية الأربع التي يعيش فيها حوالي ستة ملايين لايملكون غير ستة مقاعد برلمانية فقط، و لهذا فأنهم لايشكلون الخطر على المناطق السنية و الآراضي الكوردية، النقطة الأخرى هي المناطق الممتدة من سنجار حتى جلولاء و التي حررت بفضل تضحيات و دماء البيشمركة هي اراضي كوردستانية لايمكن التخلي عنها أو تسليمها ابداً.
* كأظهار للموقف الوطني زار السيد مسعود بارزاني رئيس اقليم كوردستان مدينة كركوك بعد تصريحات مسؤول الحشد الشعبي، ماهي قراءتكم لهذه الزيارة؟ وهل انها رسالة الى الحكومة العراقية و الحشد الشعبي؟
- في الحقيقة زيارة الرئيس البارزاني الى كركوك، هي زيارة طبيعية، لأنه القائد العام للقوات المسلحة الكوردستانية، قبل زيارته كان داعش قد شن هجمتين على المدينة، ولكن تم دحرهما من قبل البيشمركة، وخاصة في الهجمة الأخيرة و التي قتل منهم الكثير ووقعت جثث 100 مسلح منهم بيد البيشمركة، ثم ان زيارة السيد رئيس الأقليم الى كركوك اكتسبت اهمية خاصة، من جهة الأطلاع على المدينة و من جهة اخرى الأجتماع مع قادة البيشمركة في المنطقة، و اعادة النظر بتشكيلات قوات البيشمركة، لذا ان تلك الزيارة كانت لها اهمية على الأصعدة السياسية و العسكرية و المعنوية و الأعلامية، وقبل كل هذه الأمور كانت الزيارة تعني ان قوات البيشمركة تحمي كل مكونات المحافظة من الكورد و التركمان و العرب و المسيحيين، و الدليل ان مئات البيشمركة استشهد في هذه المنطقة منذ ثمانية أشهر من الحرب ولم تشارك أية قوة اخرى فيها أو قدمت التضحيات عدا قوات البيشمركة، الرسالة الأخرى المستوحاة من هذه الزيارة هي التأكيد على ابعاد ارهابيي داعش عن حدود المدينة الى مسافات ابعد، كما هي تأكيد على ان البيشمركة هي القوة الوحيدة التي تحرس كركوك و لايحق لأي قوة اخرى دخولها.
* هل هناك خطر في انْ تحل قوات الحشد الشعبي محل الجيش العراقي، و ما مدى التهديد الذي قد تشكّله هذه القوة على مستقبل الكورد و بغداد؟
- لاأعتقد انّ يستطيع العراق مرة اخرى بناء جيش مشترك و موحد، لأنني كما اشرت من قبل الى ان العراق قد تفكك، ولكن حتى لو اراد الشيعة و الكورد مع بعض من السنة البقاء ضمن عراق موحد، ينبغي عليهم البحث عن صيغة اخرى من النظام الفدرالي، لقد حكم السنة البلاد ما يقارب 80 سنة كانت نتائجه الأنفال و القصف الكيميائي لكوردستان، وفي فترة 11 عاماً من الحكم الشيعي شهدنا الخسائر التي لحقت بالكورد من قطع الموازنة و رواتب موظفي لأقليم كوردستان، و حتى على الأرض الواقع نجد ان العراق مقسم على ثلاث مناطق، وهذا يعني ان هذا النظام لم يكن موفقاً، لذا علينا البحث عن صيغة اخرى.
* لقد حدد الجانب الكوردي مدة ثلاثة اشهر للحكومة العراقية الجديدة برئاسة حيدر العبادي لتنفيذ برنامجها الحكومي و الأتفاق المبرم بينهما، و مضت هذه الفترة المحددة, ولكن الحكومة العراقية لم تلتزم بوعودها، بعد هذا الموقف هل هناك خيار آخر للتعامل مع بغداد؟
- مشاركة الكورد في حكومة العبادي هذه المرة، ليست المشاركة و الأشتراك فيها و انما هي اشراك في الهامش، لأنه عندما كانت الأطراف الرئيسة الخمسة تعقد اجتماعها حول الموضوع، كان البرلمان العراقي قد منح الثقة بحكومة العبادي، والأطراف الكوردستانية طالبت بتأجيل الأجتماع لمدة ثلاثين دقيقة، و لكن البرلمان لم يستجب لمطلبهم هذا، و الوزراء الكورد لم يتمكنوا من اداء اليمين الدستورية، ثم توجه الكورد الى بغداد بحالة ضعيفة، لا اعلم كيف ادى الوزراء الكورد اليمين الدستورية، الشراكة الوحيدة الموجودة الآن داخل الحكومة العراقية هي بين السنة و الشيعة، وعلى سبيل المثال صرف رواتب المناطق السنية و الشيعية و خاصة منطقة الموصل التي سقطت بيد داعش و لكن رواتب موظفيها تصل كل شهر ولكن الحكومة العرلااقية تقوم بحجب الموازنة عن الأقليم و عدم ارسال رواتب موظفيه منذ سنة، الى جانب صرف رواتب الجيش و الحشد الشعبي دون صرف رواتب منتسبي البيشمركة، وهذه كلها ادلة دامغة على تهميش الكورد، اذاَ فأن موقع الكورد داخل الحكومة العراقية ضعيف جداً، ولايمكن اصلاح الأوضاع ليس في ثلاثة اشهر و انما حتى في ثلاث سنوات أو اكثر، ولكن في المقابل كيف ان الكورد هو المتضرر الأول في حربه مع داعش، ولكن في الوقت ذاته الكورد هو القوة الوحيدة و بأعتراف الجميع في ايقاف تقدّم قوات داعش الأرهابية، و الآن من موقع القوة نجد ان الكورد يواجه داعش على امتداد 1500 كيلومتر، ولكن في المقابل فإن الحكومة العراقية فرضت الحصار الأقتصادي على الأقليم و أجبرت الأيزديين على التطوع في صفوف الحشد الشعبي، و حالياً لدى الحشد الشعبي في حدود محافظة كركوك اربعة معسكرات تدريبية تحت مسميات مختلفة، هذه الأمور كلها اشارة الى انْ أي اتفاق مع بغداد سوف لن يلقى النجاح، ولكن على الكورد التفكير في برنامج آخر مع بغداد، كما ان اصدقاء الكورد ليسوا موضع الأعتماد و الثقة، ان داعش استطاع اسقاط حكومة بغداد خلال 19 يوماً ولكن امريكا وضعت ثلاث سنوات لدحر داعش!
* بأعتباركم احد افراد البيشمركة و شاركتم في الحرب ضد داعش، كيف تقرأ هذه المعادلة (الكورد حقق الأنتصارات في عموم جبهات القتال ولكن ليس لديه حضور في المؤتمرات الدولية التي انعقدت في لندن و واشنطن) اذاَ ماهو الطرف الذي يحاول اخفاء و تهميش دور البيشمركة و الكورد في تحقيق تلك الأنتصارات؟
- لو لم يكن اصدقاء الكورد مثار الشكوك لما استطاعت قوة مثل داعش معاداة و محاربة خمسين دولة، و لكن الكورد هو الجهة الوحيدة التي تقاتل داعش بصورة فعلية، نتساءل لماذا لاتقوم تلك الدول بتزويد الكورد بالأسلحة المتقدمة لمواجهة داعش؟ الأسلحة التي وقعت بيد داعش من الجيش العراقي خلال 24 ساعة تعد من الأسلحة المتطورة جداً، هناك شكوك اخرى، ماهي جنسية الطائرات التي تنزل الأسلحة لداعش، الطائرات العمودية تهبط لديهم! يقول المتحدث بأسم الحكومة العراقية: انها طائرات داعش، كيف استطاعت طائرات داعش الأقلاع من مطار الرقة و الهبوط في المقدادية و انزال الأسلحة في الرمادي و ايواء الطيار في مطار تلعفر و تزويد الطائرة بالوقود، كل هذا يجري تحت انظار 61 دولة التي تدّعي انها تقف ضد ارهابيي داعش؟ لهذه الأسباب انا اشك في صداقة هذه الدول للكورد، وعدم اشراك الكورد في قائمة المشاركين في المؤتمرات خير دليل على سوء نية دول التحالف مع الكورد.
* ماهي اقتراحاتكم للأطراف السياسية و ماهي مهامها في هذه الظروف الخطرة، و خاصة من اجل نجاح البرنامج القومي و الوطني للسيد رئيس الأقليم لتحقيق المصالح الكوردية؟
- نعتقد انّنا بحاجة ماسة الى رص الصفوف بين الأطراف السياسية الكوردية، و الأتفاق على المسائل القومية و الوطنية، وحول الحرب مع داعش فإن للكورد موقف موحد، كل الشرائح مستعدة لحمل السلاح و التوجه الى جبهات القتال لمحاربة ارهابيي داعش، حتى ابناء شعبنا من الأجزاء الأخرى من كوردستان انضموا الى صفوف البيشمركة، قد يكون هناك اختلاف بين الأطراف الكوردستانية في بعض الأمور، ومنها يفضل الذهاب الى بغداد لحل المشكلات القائمة، فيما يصر البعض الآخر على قيام الأقليم بالأعتماد على نفسه بدعم من الدول، ولكن في كل الأحوال اننا بحاجة ماسة الى رص صفوفنا و اتخاذ قرار سياسي موحد، نحتاج الى الحصول على المزيد من الدعم العسكري و اللوجيستي و الأستمرار في ادارة امور الأقليم وتقديم الخدمات الى المواطنين، لذا فإنّ هذه المرحلة تتطلب ايجاد قيادة عليا لقوات بيشمركة كوردستان برعاية و اشراف رئيس اقليم كوردستان، ومايثير الأستغراب هو اننا لم نعلن لحد الآن حالة الحرب في اقليم كوردستان، لأننا بحاجة الى تنفيذ قوانين الحرب، و لايوجد حتى الآن بلاغ مركزي يصدرحول الحرب مع داعش من وزارة بيشمركة اقليم كوردستان، على غرار وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاكون) التي تصدر يومياً بلاغات عسكرية عن اوضاع الحرب، وبدلاّ عن ذلك نرى ان متحدثي الفرق و الألوية و الوحدات التابعة لقوات البيشمركة هم الذين يتصلون بوسائل الأعلام و يزودونها بأخبار الجبهات، بينما هذه هي من صلب مهام وزارة البيشمركة انْ تجربها بشكل منظم، أتساءل هل رأيت دولة في العالم تواجه حرباَ شرسة و شعبها يتوجه ايام الجمع و العطلات الى النزهات!ٍ بينما يستشهد في تلك الأوقات العديد من البيشمركة في الجبهات مع الأرهابيين؟ لنضرب مثلاً، قتل قبل فترة طيار أردني واحد من قبل داعش، هذا الحادث اقلق كل العرب، وقطع ملك الأردن اجازته و عاد الى وطنه و اتخذ خطوات انتقامية بعد حرق الطيار الأردني، اما نحن و قد مضى اكثر من ثمانية اشهر يُذبح البيشمركة و يُستشهد العشرات و تُغتصب و تُنتهك اعراض نسائنا، ولكن لم نجد أية دولة عربية تساندنا أو على الأقل تبدي قلقها ازاء هذه الأوضاع.
* الكلمة الأخيرة؟
- اقول ان السيد مسعود بارزاني حمل سلاح الشرف و ناضل في صفوف البيشمركة و هو في ريعان شبابه، و الآن هو رئيس و بيشمركة و مطلع على الأهداف التي ناضل من اجلها، لذا فإن وجوده في جبهات القتال كان له تأثير كبير، ولكن هناك مجالات اهم بالنسبة لسيادته منها الجانب الدبلوماسي، و يتطلب الوضع منه الآن التماس الكبير مع الدول الصديقة لنيل المزيد من الدعم لنصرة اقليم كوردستان في هذه الحرب القائمة مع ارهابيي داعش.[1]