- محمد علي بيراند هو أحد الصحفيين الترك المعروفين و يعمل في الصحافة منذ ما يقارب(50) عاماً وكاتب عمود في صحيفتي (ميللت) باللغة التركية و(حريت ديلي نيوز) باللغة الأنكليزية... وقد توجه بيراند في تسعينيات القرن الماضي، والى جانب العمل الصحفي المكتوب، الى العمل الصحفي التلفزيوني وكان له في تلفزيون(شو.تي.في) برنامج اليوم ال(32) ثم انتقل الى تلفزيون (CNN تورك) وقدم هناك الأخبار الصحفية و يعمل حالياً في قناة(D) وقد عرف عنه أنه صحفي سياسي ليبرالي و خبير و مختص في السياسة التركية والقضية الكوردية في تركيا و المنطقة.. وقد حاورناه في هذا العدد من مجلة (كولان) عن الأوضاع الراهنة في المنطقة وهذا نص الحوار:
• تتجه كل المؤشرات نحو حقيقة أن السياسة الحالية التي يتبعا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي العراق نحو حافة الخطر فما هي قراءتكم لمسار هذه الأوضاع؟
- من المؤسف أن يهدد رئيس الوزراء العراقي المالكي بسياسته الحالية مستقبل العراق، ورغم أن مستقبل هذه البلاد لا يمكن تحديده فقط بالمؤشرات الداخلية لأن أي حرب أو قتال مذهبي أو أتني أو قومي ستنتشر آثارها و شرارتها على المنطقة برمتها و بذلك فإن المجتمع الدولي وبالأخص دول الجوار العراقي، ستبذل مافي وسعها رغم وجود مصالح لبضعها في تقسيم العراق وهو بحد ذاته تهديد جدي.
• وكيف يكون الموقف التركي أزاء ذلك؟
- تركيا لا ترغب ولا تحبذ إطلاقا أندلاع حرب مذهبية أو قومية في المنطقة لأنها ستتضرر بخداحة وبالأخص من الناحية الأقتصاد.. كما أن تركيا تحسب حسابها في أنها ترجع الى الخلف في معالجة القضية الكوردية ... فالهجرة الجماعية للكوردية، إبان حرب الخليج الأولى لم تؤثر فقط على أقتصاد تركيا بل أوصلت القضية الداخلية فيها الى وضع أكثر توترا.. ومع ذلم فإها تراقب عن كتب حراك الكورد و نشاطاتهم خارج حدودها ايضا.. ورغم أنها لا تريد دولا تتطلع الى كوردستان مستقلة، إلا أنها تخطو خطواتها أزاء حماية كوردستان من التهديدات الخارجية أي أن تركيا ستبذل ما بوسعها من أجل أستقرار المنطقة ولا ننسى أن آثار الحرب المذهبية تنتقل من شيعة العراق الى أقرانهم في سوريا و لبنان والى إيران ايضا حيث تمتد فعاليتها أكثر الى عموم المنطقة وهذا مالا تريده تركيا .
• وأي الأطراف تؤيدها تركيا في مثل هذه الحالة؟
- سوف تساند تركيا وبالتأكيد، كوردستان العراق فقد توسعت وتزايدت أهميتها بالنسبة لتركيا في الآونة الأخيرة، ولو نفذت الحكومة المركزية العراقية أية تحركات عسكرية ضد كوردستان فإن تركيا، حسب قناعتي، ستقف ضدها نظراً لأهمية أقليم كوردستان بالنسبة للوضع الأقتصادي في تركيا وأستقرار المنطقة ولأمن تركيا أيضا، وعلينا ألا ننسى أن هناك ملايين من الكورد في تركيا وهي تقيم معهم علاقات مماثلة لتلك التي تقيمها مع التركمان هذا فضلاً عن علاقات القرابة والدم وبالأخص عندما غير كورد الأقليم في (شمال) العراق وجهتهم نحو تركيا فقد كان لذلك دورمهم في تغيير نظرة تركيا أزاءهم...
فلا يمكننا وصف هذه التحولات بإنها مجرد(توسيع وتحسن الوضع الأقتصادي و الأتفاق على الطاقة) لا غير.. فعندما قال نيجيرفان بارزاني(رئيس حكومة الأقليم) مؤخرا(أن تركيا هي بوابة الأمل الوحيدة بالنسبة الينا) فإنها مقولة تعبر عن حقيقة كوردية وبالمقابل، ورغم أن تركيا تقيم علاقات مع الكيان الذي في (شمال) العراق في أدنى مستويات سياستها الخارجية، إلا أنها لا تصل الى درجة التكامل من ذلك مالم تعالج القضية الكوردية في الداخل... وبأمكان الترك والكورد أن يكونوا معاً مكوناً أقتصادياً ديمقراطياً حتى لوكان ذلك في إطار حماية حدودهماالمشتركة أو أن يبقياً معاً في مكون ذي مصير مشترك.. ولو أحتاج أقليم كوردستان الى بقائه بعيدا عن التأثيرات الخارجية، فإن تركيا ستبذل ما بوسعها أزاء ذلك لأنها لا ترغب ولا تريد أن يعتمد البارزاني على طرف أو جهة أخرى غير تركيا.
• وما مدى مساندة تركيا للأقليم في وقت أصبح فيه مصدراً للطاقة في العالم؟
- ستعمل تركيا ما بوسعها لضمان وقوف أقليم كوردستان على قدميه، سيماً في أية أوضاع تستجد في المنطقة بشأن النفط الغاز... ولكن تكون تلك مسألة تخص تركيا و أقليم كوردستان وحدهما بل ستغدو مشكلة الراسمالية الدولية، أيضا كما أن المجتمع الدولي لا يقبل وليس مع أهتزاز تلك الثروة و ستكون تركيا مستعدة لمواجهة أي طرف يسعى و يفكر في قيام فتنة مذهبية أو قومية ليس فقط لضمان أستمرار تدفق الطاقة أو المحروقات بل لقطع الطريق أمام أندلاع أي حرب في المنطقة وقد تلجأ أو تفكر في بديل آخر ضد الحكومة العراقية الحالية و تعترف بأستقلال كوردستان بصورة غير متوقعة لأن الموقع الذي تحظى به تركيا هو ليس موقعها في الماضي بل هي واثقة من نفسها وتعتبر نفسها المدافع والحامي الأوحد للكورد في المنطقة فلو كانت تركيا تتخوف في السابق ولا تزال من أنفصال كوردستان وأستقلالها، لما كنا نجرأ و نتمكن من الحديث عن هذه المسائل ولا ننسى أن هذه المسألة ليست اقتصادية فحسب.
* مدى أهمية موقف تركيا وأقليم كوردستان المتوافق أزاء سوريا؟
- مفتاح الحل والمستقبل بالنسبة سوريا لا هو تركيا ولا أقليم كوردستان بل هو بيد المجتمع الدولي وبالأخص الولايات المتحدة، فأنتم تقولون أن أقليم كوردستان يساند الشعب المنتفض في سوريا، حسن، هنا بودي أن أوجه اليكم سؤالا واحدا مفادها أن غالبية السياسيين الذين أعرفهم في حكومة الأقليم كانوا ضمن تيار اليسار ثم تحولوا، عقب المظالم التي تعرضوالها على أيدى البعث أصبحوا ليبراليين وهم بدون أستثناء، فضلا عن كونهم مواطني الأقليم، هم أو غالبيتهم كانوا مواطنين من أرفع الدرجات لعدد من الدول الغربية التي منحتهم في السابق حق اللجوء اليها و غايتي في هذه التفاصيل هي التنويه الى توقعي بإن تكون غالبية المعارضة السورية(موحدة)
كما أن الكثيرين هناك، بأستنثاء الأخوان المسلمين والسلفيين يطالبون بحكومة أسلامية ديمقراطية، هذه في الواقع ليست اشاعة يطلقها الأسد فحسب، ثم لو فكرنا في كورد سوريا فقط وعبرنا عن التوجه الآنف فإن ذلك سيكون جهلاً وعدم فهم لبعد نظر حكومة البارزاني و سياستها، ومع ذلك فأنا لا أتحدث فقط عن التقسيم المذهبي للكورد لأنهم قومية واحدة أي أن بأمكان تركيا و أقليم كوردستان أن يوحدا موقفهما ضد الأسد إلا أن الوضع والعمل سيكون أصعب بعد سقوط نظام الأسد و ربما لا يتواقفان في الرأي خلال التحولات اللاحقة .
*وإذا كان الوضع كما تصورونه في كون تركيا حامي الشعب الكوردي إذا لماذا لا تعالج القضية الكوردية لديها وعندها سيتعزز موقف تركيا أكثر و أوسع؟
- تركيا لا تزال، ومع الأسف ، تحت تأثيرات الحرب مع (ب.ك.ك) و تتحفظ في حث الخطى علناً لكسب المواطنين و لسبب بسيط وهو أن هناك أنتخابات مهمة في الأعوام القادمة، إلا أن رئيس الوزراء أردوغان، برأيي، يدرك جيداً مستلزمات و متطلبات حل و معالجة حاسمة، و بنظرة سياسية لا بد من المقارنة في انه عندما يواصل أبداء أحاديثه وآرائه العملية إبان رفع جثث القتلى لا بد من التساؤل.. لماذا أناط مسؤولياته و صلاحياته الى(ميت) ليجري الحوار مع (ب.ك.ك) فأردوغان راغب، بسبب حلول مواعيد الأنتخابات و شخصيته هو، في معالجة هذه القضية وبالطريقة التي يريدها هو، و بودي ألا تفهموني بالغلط، فهو لا يقول(My way the high way)، و يفهم من أجتماعاته و متابعاته أنه ينوي التراجع عن بعض الأشياء خلف الأبواب المغلقة.. فالظاهر أن (ميت والحكومة التركية تستوعبان المسألة بحكمة و كيف الطريق لحلها، وهو لا يستبعد، في ذات الوقت، حزب العمال الكوردستاني عن الحل الشامل.. فلو تمكن من أستخدام (أوجلان) لهذا الغرض فسوف يستخدمه، فها هو الحديث يجري عن(السجون داخل البلد) و قد صدر ذلك على لسان أحد كبار المسؤولين في الحكومة وكما ذكرتم.. هل بأمكاننا التحدث عن هذه المسائل لولم يتخذ حزب(AKP) تلك الخطوات؟
ودعونا لا نذهب بعيداً، ألم يكن من يتحدث عن هذه المسائل و بهذه التفاصيل قبل(15) عاماً من اليوم ينعت بإنه خائن و يجعلونه يندم على ما قاله؟ إلا أن أردوغان اليوم أو بالأحرى (AKP) مصمم و مصر على تحقيق ما يرغب، ومعالجة المشكلة بالطريقة التي يريدها هو... فالحكومة الحالية هي الحكومة التركية الوحيدة الراغبة أو التي تحمل ارادة حل هذه المشكلة. وقد خطت نحو ذلك بالفعل.. هنا أولا يتطلب الواقع أن نفهم حقيقة أنها لا ترغب في الأتفاق مع(ب.ك.ك) أمام مراى من الناس، وللأسباب التي أوردتها آنفا؟ أي أن مساعي الحكومة فحسب غير كافية لتحويل ب.ك.ك الى جهة مدنية ولا نفتاح اكبر لطريق السياسة الكوردية فلكورد تركيا اليوم ممثلان أحدهما هو(AKP) والذين يحصلون أو يستخدمون الأصوات من الكورد القابعين في السجون حسب قولهم، والثاني هو(ب.ك.ك) وأقول مع الأسف أن حزب (ب.ك.ك) لا يحظى بإحترام يذكر في السياسة التركية لأن الأخيرة تشير في كل الأحوال الى أوجلان و تتعامل معهم كما العمال الكوردستاني.. وقد تتصورون أن الحكومة التركية لم تتخذ أية خطوة جدية أزاء هذا الموضوع.. وقد تنتقدون حملات الأعتقالات ل(كي.سي.كي) والعمليات العسكرية في تركيا إلا أن أية خطوات كهذه تكون الحكومة قد أتخذتها فهي في الواقع أكثر خطوات الجمهورية التركية جدية.
ترجمة/ دارا صديق نورجان.[1]