اعداد/ بهاءالدين جلال
الدكتور فالح عبدالجبار عالم اجتماعي عراقي معروف و متخصص في الدراسات و البحوث الفكرية السياسية و الأجتماعية في الشرق الأوسط تشمل مقالاته و كتاباته مجالات الدين و القانون و الصراعات الدينية و المجتمع المدني،عمل لسنوات طويلة في الجامعات البريطانية، التقته (كولان) ووجهت له عدداً من الأسئلة تتعلق بالأوضاع الراهنة في العراق و المستقبل الديمقراطي للبلاد في ظل التوجه الفردي للنظام القائم في العراق الى جانب بعض الأسئلة تخص تحولات الربيع العربي.
*ما تعليقك على مايجري من وضع سياسي في العراق بظل الازمات المتكرره
والنزاعات بين الاطراف السياسيه .
هذه سنة الاستزلام أي العنف الحكومي المركزي بدأت و انتهت بسلسلة مجابهات
من المركز في خرق فاضح للدستور لأكثر من مناسبة و كشفت عن عجز القوى
السياسية المعترضة عن وقف مسلسل الميل الشديد لنوع مركزي صارم في إدارة
الدولة و المجتمع. الميل المركزي يتناقض مع الطابع اللامركزي الذي شرع في
الدستور كما يتناقض مع الطابع الفيدرالي و البرلماني لنظام الحكم.
البرلمان شبه نائم، و المحافظات عاجزة عن توكيد استقلالها، و كردستان
منقسمة في مواجهة التحدي ( على الأقل خلال أزمة سحب الثقة) حيث سمحت
للمالكي بالخروج بلا خدش بذريعة أن فراغا دستوريا سوف ينشأ، و كانت هذه
غلطة الشاطر. جبهة الاعتراض على المالكي تفتت و بعد التفتت انقض على
إقليم كردستان. هذا درس مهم لقادة الشعب الكردي أن يحافظوا على الوحدة
الكردية في الأزمات و أن يحرصوا على استمرار الصلة الوثيقة مع حركة
الاعتراض العربية لحين نضوج حركة ديمقراطية إنسانية التوجه.
*_ هل تعتقد ان تتسبب العقليه الحاكمه في العراق بهلاك المشهد اكثر
لعدم الاتفاق على النهج المتبع ؟
الميول المركزية أساسها فكري ( أيديولوجي) يرفض الاعتراف بالتعدد في
المجتمع العراقي، و أساسه ثقافي حيث أن كل القادة العرب جاؤوا من أقبية
العمل السري و لا خبرة لهم بإدارة مؤسسات و لا شهية لهم بالديمقراطية،
أخيرا النزعة المركزية المفرطة تجد في أموال او ريوع النفط السهلة أداة
لبناء أجهزة أمنية و شراء الولاء اقصد أن دولتنا هي دولة ريعية نفطية و
الدولة الريعية في العلوم السياسية هي اشد أنواع الدول استبدادا. الميل
إلى المركزية المفرطة سوف يتفاقم ما لم تستطع القوى المعترضة وقفه بعمل
مشترك واضح و عقلاني و متدرج بلا انفرادات أو اتفاقات مبطنة. لصالح أفراد
أو تنظيمات معينة.
* المواطن اصبح في موقف حرج اليوم ولا يعلم كيف ينال حقه في ظل سوى
الخدمات مع وجود ميزانيه هائلة ؟
الدولة عندنا هي محض دكان لبيع النفط و التصرف بموارده بلا حسيب نظرا
لضعف المؤسسات و ضعف الوعي القانوني و غياب قدرة المجتمع على الفعل
المؤثر. الدولة حاليا هي دولة نهابين من أردأ الأنواع. الفرد المواطن
مجرد ذرة صغيرة و تأثيره لا يتحقق إلا عبر المؤسسات مثل النقابات المغيبة
أصلا أو أجهزة القضاء المسيسة لدرجة إفراغها من مضمونها الحقوقي و .. و
.. و .. الخ.
*_ اين سيصل العراق ومامدى المخاوف على المستقبل ، فضلا عن المخاوف
تداعيات دول محيطه ؟
الوضع في العراق قد يتوقف عند الحد الحالي بلا تغيير أي بقاء الأمر
الواقع أو قد يتدهور أكثر، في الحالتين لن يتغير الوضع جذريا ما لم تحسم
المعارك الدائرة في العالم العربي و تستعيد حركة المعارضة في ايران بعض
عافيتها.
العراق واقع وسط إقليم يسوده الاستبداد و التخلف: أيرا ن حيث الاستبداد
الديني ، و السعودية حيث الحكم الأسري الديني، أما الربيع العربي فما
يزال في أوله بحصاد ملتبس، تركيا تحمل بعض الوعد بتطور ديمقراطي قادم، وا
ن ديمقراطية لا مركزية- فيدرالية كما حال العراق أشبه بيتيم في بيت
اللئام . لكن التمسك بالاعتراض يسمح للعراق بان يحتفظ ببعض الجزر الصغيرة
للحرية وسط حكم يزداد استبدادا كل لحظة، حتى تتوفر فرص إقليمية أكثر
مواءمة، و يتوفر المجتمع و الحركات السياسية على وعي افضل و مهارة أكبر
في بناء العمل السويسي اليومي و ربطه الماهر بالأهداف الاستراتيجية و ليس
العمل الآني و درور الفعل السريعة بلا أي حساب للما بعد.
لندن 22 كان ن الاول 2012.[1]