الأستاذة كارول اوليري هي أستاذة العلاقات الدولية و خبيرة و مختصة في شؤون الشرق الأوسط بصورة عامة والمسألة الكوردية بشكل خاص و مديرة برامج (مركز السلام في جامعة أمريكيا بواشنطن)، وتعمل منذ(10) سنوات و بشكل خاص على القضية الكوردية وأقليم كوردستان وتم تنظيم جلسات أستماع اليها في الكونكريس الأمريكي، وأبلغت الكونكريس بأمانة عن أوضاع أقليم كوردستان .... وكانت البروفيسورة اوليري أحد منظمى مؤتمر(الكورد مفتاح أستقرار العراق) الذي أنعقد في عام 2002 في مركز مصطفى البارزاني داخل مركز السلام في الجامعة المذكورة، أي أنها قد عملت قبل سقوط النظام السابق في العراق على مسألة( في حال معالجة القضية الكوردية في العراق فإنه سيصبح دولة عصرية و بعكسه لو تواصل ظلم الكورد و قهرهم فإن العراق لن يعيش مستقرا.. و للوقوف على راهن الأوضاع في العراق و سياسة الولايات المتحدة أزاءه و مستقبل أقليم كوردستان فقد أرتأينا أجراء هذا الحوار معها:
• مرت(4) سنوات على أدارة الرئيس الأمريكي أوباما، و جرت الأنتخابات في الولايات المتحدة و نسمع أن الجمهوريين يقولون في حملتهم الأنتخابية أنها قد خسرت حرب العراق ترى ما هي قراءتكم لهذه المسألة؟
- جوابا على هذا السؤال بودي أن أتحدث كشخص مختص لا كشخص متعاطف مع الديمقراطيين أو الجمهوريين، لذا فأنني أؤكد لكم أنكم لو كنتم مع هذا الأدعاء في أن إدارة أوباما قد خسرت الحرب في العراق، فإنني أنفي هذا التصور وأقول أن وجهة نظركم خاطئة وكأشارة الى ذلك لو أن الأنتخابات الأمريكية قد نجمت مرة أخرى عن فوز الديمقراطيين فإن ذات السياسة كانت تتبع وتنسحب القوات الأمريكية من العراق، وهل كنا نتمكن، في حال بقاء الجمهوريين في الحكم، من توقيع أتفاق(Sofa) بين الحكومتين الأمريكية والعراقية أم لا؟ أو أن الجمهوريين كانوا ينجحون مع المالكي؟ إلا أن الواقع بالنسبةلي كأكاديمية و خبيرة في مجال دراسات الشرق الأوسط يقول:
بسبب تأثيرات أيران و موقف حكومتها وبالأخص مجلس الشورى لما كنا نتمكن من تنفيذ ذلك الأتفاق حتى لو بقى الجمهوريون في الحكم.. لذا فإنني أتصور أن أدارة أوباما تنفذ و تتبع ذات السياسة التي يريدها الأمريكيون وهي أنتهاء الحرب في العراق وذلك لأننا و كأمريكيين و رغم كل التضحيات التي قدمناها لتحرير العراق فإن جزءا واحداً فقط من العراق، وهو أقليم كوردستان، كانوا يسعدون ببقائنا حتى أن الحكومة العراقية في بغداد قد أبلغتنا بكل صراحة أن الوقت قد حان لخروج الأمريكيين في العراق وعدم بقائهم في أي جزء منه بأستثناء أقليم كوردستان ما يعني عدم استعداد الحكومة العراقية لقبول بقاء الولايات المتحدة وذلك كون ذلك رغبة ايران التي لا ترضى بوجود القوات الأمريكية في العراق والى درجة أن بعض أعضاء المعارضة العراقية السابقين قد عبروا بشكل صوري عن شكرهم لبلادنا، لذا فإن أياً من الوعود التي منحت للرئيس بوش عام 2002 أو التحالفات المعروضة آنذاك لم يتحقق لذا فإنني أرى من الواجب أن يقرأ قراء مجلتكم الوجه الآخر للمسألة والمهم أكثر النظر اليها حسب وجهة النظر الأمريكية والأطلاع على ماكان يقوم به الرئيس أوباما و يفهموا كان، وفق رؤية الجمهوريين، رئيسا سيئا كما أن الرئيس لوكان ضد موقف الجمهوريين فإنه لم يكن يخرج من العراق مرفوع الرأس وأود القول أن الرئيس أوباما لم يكن خلال حملات الأنتخابات و حتى قبل انتخابه رئيسا للبلاد، متوافقا مع الرئيس بوش حول كيفية إدارة الحرب في العراق فقد كان أوباما ضد أثارة الحرب أولا وأكثر من ذلك ضد آلية و كيفية إدارة الحرب، لأنه كان يعتقد أن أعداءنا كانوا قادمين من أفغانستان و ليس من العراق، وتوقف أوباما عن أنتقاداته لأدارة بوش عقب أنتخابه رئيسا للبلاد بل فتح صفحة جديدة و قرر آن الأوان قد حان لتخرج الولايات المتحدة من تلك الحرب مرفوعة الرأس.. لذا فإن من المهم جدا أن تفهموا حقيقة أن الرئيس أوباما لم يتحدث إطلاقا عن خسارة الولايات المتحدة في العراق بل بالعكس من ذلك حافظ أوباما على علاقات جيدة مع المالكي والحكومة العراقية، أو بالأحرى القول أن الرئيس أوباما قد أتخذ في العراق ذات الخطوات التي أتخذها(كيسنجر) في حرب فيتنام أي أنسحاب القوات من العراق أسوة ب(كيسنجر) الذي سحب القوات الأمريكية في فيتنام.
• لمعلوماتكم أن عراق اليوم يختلف عما كانت توقعها الولايات المتحدة حيث تعتبر الحكومة العراقية وعلى مستوى الشرق الأوسط حليفة لأيران وتساند النظام السوري أيضا في حين أن دولا أخرى حليفة للولايات المتحدة مثل تركيا والسعودية و قطر تخالف ذلك الموقف.
- وجهة نظركم صائبة جدا، وأرى أنكم تقصدون أننا قد وصلنا، فيما يتعلق بالمسالة السورية وغيرها من المسائل، الى الوجهة المغايرة للعراق، وكان السبب في ذلك هو ايران.. وأؤكد نحن اليوم متوافقون في الرأي مع السعودية ومع قطر أيضا وبمستويات جيدة من العلاقات فقطر هي حليفة الولايات المتحدة منذ أمد بعيد كما أننا متوافقون مع تركيا التي هي عضو في الناتو و حليفة الولايات المتحدة.. لذا فإننا اليوم متوافقون مع العالم السني في حين أن حكومة بغداد متوافقة مع أيران و حزب الله والنظام السوري ايضا وأؤيد هنا تفاصيل رأيكم ولكن أتساءل ما هو السؤال الرئيس وراء ذلك؟
* السؤال هو متى أضرار الموقف الحالي لحكومة المالكي بمصالح الولايات المتحدة ورأيكم بشأن توفير روسيا السلاح للعراق وهل هناك قلق أمريكي أزاء ذلك.
- أنا في الواقع أتفهم سبب أمتعاضكم في أقليم كوردستان من شراء المالكي الأسلحة من روسيا.. أولا السلاح الأمريكي هو أكثر تقدماً وتطورا مقارنة بالسلاح الروسي وثانيا :
أنا هنا لا أتحدث عن مستقبل بعيد،(20) سنة مثلاً، بل اقصد الآن ولغاية السنوات الخمس القادمة أي أتحدث عن مستقبل قريب فأنا لا أعتقد أن بأمكان الجيش العراقي أستخدام السلاح هذا دون تدريب وتأهيل لأن الحكومة العراقية الحالية هي عاجزة حتى عن تأهيل و تأمين الكهرباء لبلاد وأكثر من ذلك أن جيش العراق مقسم بين السنة والشيعة رغم أنه أخذ يضم حتى الكورد بعد عام 2003 ما يجعلني لا أشعر بأي أمتعاض أزاء هذه المسألة وأرى أن مخاوفكم لا تشكل أي قلق على المدى القريب.. ومع ذلك فإنا أتفهم تلك المخاوف لذا فأنك لو سألتني كيف تقارنين بين قوة تركيا و قوة حكومة المالكي المتسلح جيشها بالسلاح الروسي عندها ارد عليك بأنني اراهن على قوة تركيا التي هي حليفة الولايات المتحدة و الكورد هم أيضا حلفاء البلدين (تركيا وأمريكا) وأعتقد أن الولايات المتحدة وتركيا والناتو تدافع عن أقليم كوردستان فيما لو أراد المالكي أستخدام السلاح الروسي لزعزعة أستقرار الأقليم وأمانه، وأن ما تتحدثون عنه هو تخمين مستقبلي وبأمكاننا تصوره.. إلا أننا لم نتوجه حتى الآن بهذا الأتجاه.. وبرأيي أن جميع الأطراف ومن بينها الولايات المتحدة تتفهم مخاوفكم و تراقب هذه المسألة عن كثب.. إلا أنني، كتقدير أولي، متوافقة معكم وأعتقد بوجود أحتمال سير الوضع بهذا الأتجاه والسبب أن مشكلة ايران هي أكثر المسائل جدية في المنطقة كما أن لجميع الأطراف التي ذكرناها علاقاتها مع أيران فهي حليفة روسيا و يخطو العراق اليوم بذات الأتجاه ما حتم علي القول أنا أتفهم جيدا ما نوهتم اليه، فهذا السيناريو هو حقيقة ومن الممكن حصولها لذا فهي بحاجة الى متابعتها إلا أننا لم نقترب بعد من هذا التوجه..
أي بمعنى آخر أن العراق ، بقناعتي محبط وخامل حتى أنه عاجز عن تأمين الكهرباء للبلاد أو توفير هواء بارد يقي شعبه في هذا الحر اللاهب أو تهيئة فرص العمل لهم ما يجعلني لا أتصور أن بأمكان العراق، الآن، أن يبنى جيشا قويا إلا أن علينا أن نراقبه...
* مدى تعقيدات دخول العراق الى صفوف التحالف الروسي الأيراني ؟
- نعم أنه سيعقد الوضع وأكرر أن العراق برأيي هو الآن منقسم و ضعيف في بنيته الداخلية و قدراته، هذا فضلا عن المستوى الرفيع للفساد والخلافات السياسية فيه الى جانب وجود الخلافات بين السنة وبين الكورد ثم هناك تحارب في صفوف الشيعة والصدر والحكيم ضد المالكي.. الخ وأرى أن العراق لم يزل ضعيفا على المستوى الداخلي والمحلي فيما أصبحت ايران تهدد ولو أستمرت في معاداتها للولايات المتحدة والغرب فإن العراق عندها سيسلك ذات المنحى و يقوى بمرور الزمن من ليبلغ مستوى القلق الذي تتحدثون عنه وتكون وجهة نظركم صحيحة، إلا ما نشعر به هنا هو أن الوقت مسألة ستراتيجية أيضا فقد صرفنا نحن، كولايات متحدة، ترليونات الدولارات و ضينا بالآف المواطنين الأمريكان والكورد والعراقيين من أجل تحرير هذا البلد هنا لا بد أن أتساءل:
هل أقدمنا على ذلك لكي نصل الى بلد أو تحرير بلد أصبح اليوم حليفا لعدو مباشر للولايات المتحدة والعرب؟ حقيقة أنها تراجيديا مؤثرة...
* أي أننا متفقون على أن المالكي يضمن بذلك معاداة أمريكا وتهديد الوضع الداخلي بالأخص أقليم كوردستان.. فكيف الطريق لدرع هذا التهديد؟
- أوافقكم الرأي في ذلك، فكلما تقدم الوقت وترسخت قوة المالكي، فإن ذلك التهديد يظهر أكثر.. إلا أن الأمور لم تصل بعد هذا المبلغ.. لأن المالكي لم يتمكن حتى الآن، وكما ذكرت، من تأمين الطاقة الكهربائية للعاصمة بغداد... لذا فإن أستمراره على هذا المنوال، وارى أنه يستمر فيه، سيعرض الجميع الى مشكلة عامة بعد(5) سنوات من الآن، إلا أنكم، كأقليم كوردستان، لديكم أدواتكم، ولا أقصد بذلك الأسلحة بل أعني أن الولايات المتحدة تساندكم كثيرا ولديكم العديد من الأصدقاء وكلهم مع مصلحة الكورد... هنا بودي الحديث كصديق للكورد، ومع تقديري لكم، أنا أتفهم معارضيكم ففي كل الدول هناك آراء و مواقف تخالف آراء الحكومة ومعارضة حقيقية لذا فبودي القول كصديق لشعبكم، أن المعارضة لا تعني أن تقسموا أملاك الكورد على المستوى الداخلي بل عليكم أن تتعلموا من الأسرائيليين و تظهروا أنفسكم أمام العالم كشعب موحد فصحيح هناك مشكلة الفساد في أقليم كوردستان و رغبة صادقة للتقدم، غير أن الوقت ليس ملائما لتعادوا حكومتكم في حين أن الشرق الأوسط هو على حافة الأنفجار، بل عليكم أن تساندوا حكومتكم الأئتلافية وعلى المعارضة أيضا أن تمثل الفكر الأيجابي الذي يكون السبب في حماية وحدة وقوة كوردستان في تحالف مع الولايات المتحدة.. وأؤكد لا شك أن هناك معارضة في الديمقراطية حتى أنني شخصيا أساند وجودها.. إلا أن المستحسن في عين الوقت هو أن تمارس المعارضة شيئا ذا معنى لا أن تنتقد الأفراد وأن تقترح أنسب طرق الحل وأن تنفذ الحكومة الأئتلافية للكورد ذلك المقترح.. وأقولها بكل صراحة أنكم ترتكبون خطأ كبيرا إن حاولتهم تفكيك والغاء حكومة أقليم كوردستان وهذا ما تهدفه حركة (كوران) اليوم... و تناظرا مع الأوضاع الدقيقة التي سادت عام 2006 ، فإن هذا الوقت الراهن هو دقيق وحساس و يحتم وحدة البيت الكوردي وعليكم التأكيد على قضاياكم الكبرى والمصرية لتتمكنوا خلال السنوات ال(5) القادمة من حماية أنفسكم في منطقة هي الآن على حافة الأنفجار فلا أحد يتكهن بمستقبل الوضع وهذا هو الواقع بالنسبة لي أيضا وقد يتردى أكثر مما هو الآن لذا فإن نصيحتي لأبناء أقليم كوردستان هي: وحدوا بيتكم وأكدوا على الحفاظ على علاقتكم و تحالفاتكم بقوة وبالأخص مع الولايات المتحدة وكذلك مع تركيا فهما برأيي أفضل حلفائكم في المنطقة. بودي هنا أن أذكر، أعتذر إن كنت قد جرحت بعض الكورد إلا أنني أتحدث كمواطنة أمريكية ولست كوردية إلا أنني مؤمنة بكوردستان العراق و قضيتها وقد ساندتكم منذ البداية وأتداول منذ سنوات مسألتكم مع أبناء الولايات المتحدة وشعبها وعرضتها أمام الكونكريس فانا صديقتكم ومن واجب الصديق أن يتحدث عن الحقائق بصراحة- ثم أنني مطلعة على أن بعض الناس في أقليم كوردستان ينتقدون الرئيس البارزاني إلا أنه قد حقق برأيي، عملاً جيدا وممتازاً على مستوى السياسة الخارجية وحماية حدودكم وأستقراركم وعلى المواطنين أن يشيدوا بها فخذو القضية الكوردية في سوريا كمثال أمام أنظاركم، فقد رايت قبل سنتين وبأم عيني أن الكوردي كان يقتل أخاه الكوردي في سوريا ويعتبر حزب العمال الكوردستاني في تركيا حتى الآن قسما من المشكلة وليس من الحل... فنحن في الولايات المتحدة لا نتعامل مع من يقتلون مواطنيهم وهي مسألة كان الرئيس البارزاني قد تعامل معها في منتهى الذكاء والحنكة ودعا صراحة الى معالجة المشكلات بصورة سلمية، وأن يكون الكود موحدين خطابا و موقفا وآمل أن ينظم كورد سوريا أنفسهم وصفوفهم على ضوء رسالة البارزاني هذه بشأن سوريا ما بعد الأسد حيث بأمكانهم آنذاك كسب وضمان مساندة الولايات المتحدة ودعمها لهم؟.
ترجمة / دارا صديق نورجان.[1]