السيدة آنا كوميز هي عضو البرلمان الأوربي و مندوبة البرتغال فيه، و عضو وفد البرلمان الأوربي الى العراق، وقد زارت العراق و إقليم كوردستان لمرات عديدة، وحضرت كوميز جلسة البرلمان الأوربي، التي ألقى فيها الرئيس البارزاني كلمته مؤتمراً، وقد اتصلنا بها عقب انتهاء ندوة الرئيس البارزاني و أجرينا معها حديثاً خاصاً حول زيارة الرئيس البارزاني و كلمته و موقف الاتحاد الأوربي إزاء إقليم كوردستان و كان هذا الحوار :
• كيف تقرؤون الزيارة الأخيرة للسيد مسعود بارزاني رئيس إقليم كوردستان إلى البرلمان الأوربي و رسالته التي قدمها أمامه، وزيارته بصورة عامة ؟
لقد أراد البارزاني عرض أوضاع إقليم كوردستان و التأثيرات المباشرة للأزمة السورية على العراق و إقليم كوردستان بصورة خاصة و أن يوضح بألا تبقى مسألة استقلال كوردستان خارج التوقعات إلا أنّ تحقيق ذلك يتم فقط بالطرق السلمية، أي إجراء الحوار مع سائر أطراف المنطقة، وهي طريقة مثلى تضمن أن يأخذ الأوربيون أهمية اقليم كوردستان بنظر الاعتبار ..ليس فيما يتعلق بمستقبل العراق، كجزء منه،بل لمجمل التهديدات و التحديات التي يتعرض لها العراق في الوقت الراهن، و أراد أن يبين أن كل الخيارات مفتوحة .
• و ما مدى التعاون الذي بإمكان الاتحاد الأوربي تقديمه لإقليم كوردستان ؟
لقد كانت طروحات الرئيس البارزاني مسألة مهمة في مطالبة الاتحاد الأوربي بتقديم تعاون و دعم أكبر، في بناء مؤسسات الحكم، و تحقيق سيادة القانون في الإقليم و الذي سيكون له بلا شك تأثيراته على جميع العراق و الأبعد من ذلك، و أنا بدوري أساند هذا التوجه تماماً، وبرأيي هناك عدة مجالات لتبادل التعاون المشترك و تضمن المصالح المشتركة، ليس في المجال الاقتصادي فحسب، بل في المجال السياسي و سيادة القانون، واحترام حقوق الانسان فعندما زرت لأول مرة مدينتي أربيل و السليمانية، كان العديد من العاملين في مجال المجتمع المدني في إقليم كوردستان يؤكدون على مشكلة ( القتل من أجل الشرف أو غسلاً للعار ) و تأثيراتها على الجميع و على النساء بصورة خاصة كضحية لهذا التخلف في الوعي، غير أن هذا التوجه و التقاليد البالية، ما تزال بحاجة إلى التقدم في مواجهتها، هذا في الواقع هو أحد المجالات، التي بالإمكان اعتماد المزيد من التعاون بين الاتحاد الاوربي و بين سلطات إقليم كوردستان ( K . R . G ) . و مجتمعه لتحقيق تحولات مهمة تلقي بأثارها و تأثيراتها، ليس على الكورد في الإقليم فحسب ؛ بل على العراق والمنطقة بأسرها .
• ما مدى أهمية العراق بالنسبة لسياسات الاتحاد الأوربي على مستوى الشرق الأوسط ؟
العراق برأيي له أهمية جدية بالنسبة لأوربا التي عليها أن تتعامل معه من منطلق استراتيجي، غير أن الاتحاد الأوربي مازال يعاني من انقسامات، تعود جذورها الى فترة احتلال العراق من قبل القوات الامريكية، وقد حاولت في تقريري الذي قدمته في عام 2008 أن أضمن ترك خلافات الماضي مع الماضي، وأن ننظر إلى المستقبل و ترقب الأهمية الاستراتيجية للعراق و كان من رأيي أن يعمل الاتحاد الأوربي ما بمقدوره لإبقاء العراق موحداً, ولكن كدولة ديمقراطية، وبواقع و ممارسة فدرالية و ابقاء الإدارة الذاتية لإقليم كوردستان، ووجود مستوى رفيع من احترام حقوق الانسان، و سيادة القانون في سائر أنحاء العراق، ومن بينها إقليم كوردستان .. إلا ان تطورات المنطقة، وبالأخص تداعيات الحرب في سوريا، قد أوجدت الفرص بصورة أكبر لتقسيم طائفي في العراق .
• و إلى أي مدى يهتم الاتحاد الاوربي بإقليم ديمقراطي،مثل إقليم كوردستان في العراق ؟
هناك تفهم لديه بأنّ إقليم كوردستان هو أكثر نماء و انفتاحاً من العراق و هي ناجمة عن حقيقة أن احتمالات الانتعاش قد سادت منذ أيام القمع الصدامي، وبالتالي إقامة منطقة حظر الطيران في الإقليم، الذي تمكن من تحقيق درجات عالية من النماء و في سائر المجالات و القطاعات و قد كان لدينا في الاتحاد الاوربي، نوع من التردد في التعامل مع إقليم كوردستان : تخوفاً من إضعاف أو امتعاض السلطة الفدرالية، و هو موقف لا معنى له ،لأنني مؤمنة في الواقع أنّ بإمكان الاتحاد الأوربي أداء دور مهم جداً في حماية وحدة العراق، و لا أرى أي مبرر لتردد الاتحاد الاوربي في التعامل مع حكومة إقليم كوردستان، والذي يوفر لنا معالجة العديد من المشكلات فيما يتعلق بالنمو الاقتصادي و القضايا السياسية و الأمنية إلى جانب مسائل حقوق الانسان، و سيادة القانون .. و قد تحدثت، في نقاشي خلال الندوة مع الرئيس البارزاني عن القلق الذي انتاب أحاديث العراقيين و منها مسائل الفساد، الذي يفضي الى العديد من الجوانب الأخرى، مثل خرق حقوق الانسان، أي أن الأمر يتطلب مناقشة، هذه المشكلات داخل الاتحاد الاوربي في العراة و دخل اقليم كوردستان أيضاً، وفي المسائل ذات العلاقة مع كل تلك الطراف .. غير أنني واثقة من أنّ إقليم كوردستان قد تمكن في الوقت الحالي وأكثر من أية سلطة في العراق . من ضبط الإقليم والسيطرة عليه .
• و ماذا عن عدم فتح ممثلية للاتحاد الأوربي في إقليم كوردستان حتى الآن مع افتتاح ممثليات العديد من دول العالم فيه ؟
يكون للاتحاد عادةً ممثلياته ووفوده في جميع عواصم العالم، ولكني آمل أن يتجاوز وفدنا في العاصمة العراقية محدودياته ليشمل بقية أنحاء العراق و بما فيها إقليم كوردستان، وتفاعل أوسع مع سلطات الإقليم و غيرها من المسائل التي ذكرنا بها الرئيس البارزاني في معرض إشارته لعمليات و حملات الأنفال المخيفة، والقصف الكيمياوي للإقليم إبان حكم صدام، وسبل مساعدة الاتحاد الاوربي و تعاونه في معالجة هذه المآسي التي يعاني منها الكورد في العراق وآثارها .. كما أن قيام وفد الاتحاد الأوربي في العراق بزيارات أكثر لإقليم كوردستان من شأنه، أن يمهد لبناء تعاون مشترك مع ضرورة تعامل الاتحاد مع سلطات إقليم كوردستان وفق المتطلبات المتزايدة في المنطقة بهذا الصدد .
• و أين الوضع في حقيقة الحاجة المتبادلة بين الإقليم بثرواته الطبيعية الهائلة، وبين الاتحاد الأوربي بشركاته الاستثمارية و رجال اعماله ؟
نعم عندما نتحدث عن المصالح الاقتصادية،إنما كنت أعني بذلك مسألة النفط، وهو منتوج يصدره الكورد في الوقت الحاضر و مجالات تصديره بصورة منظمة مع ملاحظة عدم تلويث البيئة، أو الإضرار بها، و غيرها من مصادر الثروات و هو متطلب يمكن تحقيقه بالتعاون بين السلطات الكوردية و الاتحاد الاوربي، فضلاً عن تنوع المصادر و الثروات الاقتصادية في المجالات الأخرى و الملاحظ أن لدى الإقليم إمكانيات زراعية كبيرة، ما يفرض التعاون في عموم مجالات الحياة فيه من تربية، ورفع المستوى الثقافي لمواطنيه كي لا يبقى الاقليم يعتمد فقط على تصدير النفط و ما زلت أرى ضرورة اهتمام الاتحاد الأوربي في مساعي التعاون مع الاقليم طريقاً لبناء مشاركة اوربية أوسع في إقليم كوردستان ..
• ما مدى استعداد الاتحاد الاوربي لدعم الاقليم في عدم وقوعه تحت طائلة أي حكم دكتاتوري مستقبلي في العراق
آمل ألا تسي الأوضاع بهذا المنحى،إلا أنّ الملاحظ في العراق هو وجود العديد من النشاطات الإرهابية و الطائفية، ومع سيادة هذه الحقائق، أتطلع إلى أن يساند الاتحاد الاوربي إقليم كوردستان، وباقي مناطق العراق، لأننا في الحقيقة نحارب من أجل تحقيق واقع و إطار ديمقراطي في الإقليم والعراق،بصورة عامة، وعلينا مساندة من يعملون من اجل الديمقراطية، وسيادة القانون والعدالة و حقوق الإنسان و كل من يقاوم في الإقليم مسار العودة إلى الدكتاتورية و القمع، و يقيني أنه سيكون للاتحاد الأوربي ردود أفعاله ازاء كل مستجدات الأحداث و التوجهات هنا في بلدكم و في غيره .
ترجمة :دارا صديق نورجان.[1]