ترجمة/ بهاءالدين جلال
توماس دونلي كبير باحثي معهد امريكان انتربرايس و مدير مركز مارلين وير للدراسات الأمنية في المعهد المذكور و مدير الفريق السياسي للجنة العسكرية للكونغرس، وقد شغل لفترة معينة عضوية لجنة متابعة العلاقات الأقتصادية و الأمنية بين امريكا و الصين. كما رأس تحرير مجلات (ارميد فورس و ارمي تايمز و ارمي نيوز) و للحديث عن الستراتيجية الأمريكية في الحرب ضد داعش و المواقف المختلفة داخل التحالف و المشاركة البرية الأمريكية في هذه الحرب، كان لنا هذا اللقاء معه، حيث اجاب عن الأسئلة الموجهة اليه:
* وصف الرئيس اوباما في رسالته محاربة ارهابيي داعش بأنّ هدف التحالف الدولي هو دحر داعش، ولكن يبدو ان المحاولات المبذولة في هذا الجانب لم تستغل لحد الآن لتحقيق هذا الهدف، اذاً ماهو العمل المطلوب لتحقيق هذه الغاية؟
- بصراحة، فإنّ دحر ارهابيي داعش يحتاج الى عدد هائل من القوات البرية الأمريكية، بحيث تصبح هذه القوات محور الحرب للقوات البرية الأخرى التابعة لدول التحالف، حتى تستطيع معاً مواجهة خطر قوات داعش، لأن الضربات الجوية لاتكفي لوحدها لحسم الحرب ضد قوات داعش، المسألة الحساسة في هذه المعادلة هي: ماهو دور الجيش التركي في هذه الأحداث في حال قررت امريكا ارسال قوة برية كبيرة؟ اعتقد أنه سيطرأ تغيير في تفكير انقرة، ولكنني لا اعرف بالضبط ماذا سيكون، ايجابياً أم سلبياً، و لكن بالتأكيد سوف يتحول ذلك الى عامل مؤثر، السؤال واضح بالنسبة لأمريكا فيما يتعلق بستراتيجيتها في اطار الحدود العراقية، ولكن حينما نتحدث عن العمليات داخل الأراضي السورية فإنها اقل تعقيداً ووضوحاً من الناحيتين العسكرية و السياسية.
* ألا تشعرون بأن الموقف التركي هذه المرة يلقى ارتياح امريكا و التحالف؟ واذا ما اصرت تركيا على مواقفها الحالية، هل انها لا تسبب مشكلة للأمريكان و التحالف الدولي؟
- بالتاكيد اذا لم تغيّر تركيا موقفها الحالي فأنها تسبب مشاكل لأمريكا و حلفاء الناتو، ولكن غالباَ ما تكون مشكلة بالنسبة لتركيا، ووجود ستراتيجية أو سياسة متناقضة هو حصيلة للطموحات التركية و لاسيما السيد اردوغان، و هو ما يتعلق بشكل كبير بالتعامل مع الكورد داخل تركيا، ليس لدي اطلاع كامل حول العلاقة بين (بيدة) و( ب ك ك)، ولكن من الواضح ان هناك بعض العلاقات و قد تمت ملاحظة ذلك في تفكير اردوغان، وهذا يعني انه أدخل نفسه في موقف اكثر تاثيراً من جانب معاداته لداعش و الذي شكّل له الآن مشكلة كبيرة، كما انه حريص جداً للأطاحة بنظام الأسد، ولكنه لم يستطع حتى الآن اقناع امريكا للألتزام بهذه المسألة مع انّ اوباما اكد مراراً على رحيل الأسد، كما ان احداً لايرغب في زيادة النفوذ التركي في المنطقة، سواء من العرب أم من الكورد، و هناك احتمالات بعدم رغبة ايران في هذا الجانب، و ان اردوغان كانت لديه طموحات و لكنه فشل في تحقيقها و هذا ما انعكس على ضعف سياسته المتناقضة، وفي الوقت الراهن فإنّ المشكلة الأولى بين اسرائيل و السعودية و مصر اكثر من أي وقت مضى هو الأخوان المسلمين و ايران، وانّ أي طرف من هذه الأطراف ليس لديه مكسب مباشر من الحرب في سوريا، أو من ساحة المعركة في العراق، الى جانب ذلك فإنّ داعش استطاعت احراز تقدم ملحوظ في جنوب سوريا.
* اذا استمر حديثنا عن الموقف التركي، نشير الى موضوع وهو موافقة الحكومة التركية للطائرات الأمريكية باستخدام قاعدة انجرليك الجوية، ولكن تم رفض الموضوع في وقت لاحق، هل يمكن استخدامها و ماهو اهميتها بالنسبة للكورد؟
- فتح قاعدة انجرليك مهم بالنسبة للطرفين الكوردي و الأمريكي، كما انه من الأهمية بمكان فتح مؤسسة امريكية اخرى في العراق، اعتقد انه من المناسب بناء علاقات بين الجيش العراقي و الولايات المتحدة الأمريكية، كما يمكن للجانب الأمريكي القيام بتخفيف التوتر بين الكورد و العرب في العراق، كما يجب بذل المساعي من اجل الحيلولة دون تعرض السنة الى القمع و الأجحاف و التهجير من قبل اطراف من الحكومة العراقية، صحيح ان الكورد في العراق كانوا اقرب حليف للأمريكان لعقود، ولكن من الخطأ جداً تجاهل دور العراق بالنسبة اليهم، كما انه من الصعب العودة الى الأوضاع في عامي 2008 و 2009 في العراق، ويكون البديل سيئاً، اذا ماجرى تقسيم العراق اكثر من ذلك.
* نرى انه بالرغم من التهديد الكبير لداعش الاّ انه لم يتم تشكيل جبهة موحدة، و من الواضح الآن ان قوات البيشمركة هي الوحيدة التي تقاتل داعش و الشيعة يقاتلون بمفردهم، و السنة كذلك، اذاً كيق يمكن لأمريكا التعامل مع الجيوش الثلاثة ضمن دولة واحدة؟
- يجب تحديد المهام و العمل، علينا العمل بالشكل الذي يحافظ على امن و سلامة الأنبار و المناطق التي كانت تتواجد فيها قوات الصحوة، لأن تشكيل الحكومة العراقية في الوقت اللاحق سوف يؤدي الى سيطرة الشيعة فيها، لذا علينا العمل من اجل تهدئة الحكومة و الأطراف الشيعية المشاركة فيها و الجنوح للسلم و ليكون بناء الحكومة على اسس تعكس حقيقة مصالح عموم الشعب، و قد يتركز التفكير بعد فشل حكومة المالكي في ستراتيجية المشاركة في الحكومة الوطنية، لأنّ تلك الستراتيجية لم تكن ناجحة، وهذه تحتاج الى ضغوط من امريكا و قد تستغرق وقتاً طويلاً لتحقيق هذا النجاح.
* هل انتم على اطلاع بأن امريكا زودت الجيش العراقي بالأسلحة و المعدات العسكرية، ولكن تلك المساعدات وقعت بأيدي داعش، وهذا يعني انه لا وجود لجيش مهني و وطني في العراق، وقد تكرر الولايات المتحدة الخطوة ذاتها ألا يشكل ذلك خطراً آخر؟
- انا شخصياً لا أفضل منح الحكومة العراقية اسلحة متطورة، وانا قلق من جانب تلك الأسلحة من حيث الحركة و القوة النارية وهذا يذكّرني بصدام و دباباته والذي كان يستخدم الأسلحة ضد شعبه، ولكن لا اعتقد يتم تزويد قوات البيشمركة بالأسلحة و تطمع في احتلال بغداد، لأنه يؤدي الى حدوث حالة الأختلال في التوازن و يشكل خطراً على وحدة الأراضي العراقية، وفي هذه الظروف من المستحسن ان تلعب القوات الأمريكية دورها في محاربة داعش و دحرها، ولكن اهم من ذلك هو قيام عموم القوات العراقية بمساعدة القوات الأمريكية و ذلك من اجل حسم المعركة و الدحر النهائي لداعش، وكما اشرتم اليه فإنّ قوات البيشمركة قادرة تماماً في الدفاع عن اراضيها، ولكن المالكي ارتكب خطأ كبيراً قبل ظهور داعش في تحطيم بنية الجيش العراقي حتى لا تتحول الى قوة وطنية، وحالياً ليس هناك احتمال بناء جيش عراقي يبشر بالخير و لا يجوز الأنتظار في تحقيقه، كما ان المسألة ليست بهذا الشكل بحيث امنح المليشيات السنية الأسلحة الثقيلة بكميات كبيرة، كما انني لا اريد نشوء حرباً اهليةً اخرى في العراق.
* لو قررت ادارة اوباما ارسال قوات برية لمحاربة داعش، كيف ينعكس ذلك على الرأي العام الأمريكي، لاسيما ان الأدارة الأمريكية لاتزال قلقة وانها تستخدم المجال الجوي فقط؟
- اعتقد أنه يلقى التأييد من الرأي العام الأمريكي، حيث يتزايد تأثيره بأستمرار، وان 55% من الشعب الأمريكي يفضل ذلك، و في المقابل فإنّ ثلاثة أرباع منهم يتصورون بأنه سوف يحصل لك، ولكن الولايات المتحدة الأمريكية تقر بضرورة انجازها الاّ انها غير مصممة عليها.
* ماهي كلمتك الأخيرة؟
- الخطوة الأولى هي عدم السماح لداعش من احتلال كوباني، ويتطلب ذلك تشكيل جبهات مواجهة مختلفة، لأن مسلحي داعش بامكانهم فتح جبهات عدة في سوريا و العراق في آن واحد، و الثانية هي شن هجمات واسعة لتحطيم آلة داعش العسكرية، ولكن في الوقت ذاته علينا التفكير في ما يحدث بعد الأنتصار في المرحلة اللاحقة و معرفة الترتيبات الأنتقالية، ولا ينبغي التفكير في العراق فقط بل علينا التفكير في سوريا ايضاً، وهذا يتطلب فترة طويلة، المحصلة الأيجابية تكمن في اعادة بناء العراق بجهود عراقية و بدعم امريكي، و من ثم البدء بأعادة سوريا ولكن ليست بمباركة ايران أو روسيا و الصين لأنها سوف لن تشهد الأستقرار ابداً، و الحل الطويل الأمد هو ابعاد بشار الأسد من حكم سوريا كما حدث ذلك لصدام حسين من قبل، و طمأنة القوميات و الأقليات من خلال تأمين حقوقها، أما نحن فقد رأينا البديل عندما غادرت امريكا المنطقة، وهو خطأ ستراتيجي، لقد خسرنا في خمس سنوات ما حققناه خلال عدة سنوات، و لكن هل يشهد جيل آخر وضعاً مستقراَ آمناَ في ظل نظام شرعي و ديمقراطي ؟ هذا ما سنعلمه فيمابعد.[1]