محسن قوجان شاعر معروف علی الصعيد الثقافي الكوردي، ولد عام 1954 في قرية بامرني التابعة لمحافظة دهوك، درس في مدارس دهوك، واكمل تعليمه في جامعة الموصل حيث تخرج من كلية الهندسة الزراعية عام 1976،
يكتب الشعر من بداية السبعينيات واصدرمجموعته الشعرية الاولی بعنوان (الثلج هنا) عام 1986، وهو عضو اتحاد الادباء الكورد \ فرع دهوك، وشارك في العديد من المهرجانات الشعرية والندوات الادبية، ونشر في العديد من المجلات والجرائد الكوردية، اصدر مع بعض المثقفين في دهوك مجلة (صوتنا) باللغة الكوردية عام 1980، ويترأس مجلة (متين) المختصة بنشر الوثائق والدراسات وهيمن المجلات الهادفة في مجال النقد، التقيته في مكتبة المجلة واجريت معه الحوار التالي.
1- هل لك ان تصف لنا الشعر و ماهيته بالنسبة لك؟
- لست منظراً ولا داساً للشعر، اكره مثل هذه الاسئلة رغم ذلك فالشعر بالنسبة لي فن تشكيلة جمالية مادتها اللغة، بنية رقيقة من كلمات تنتقی و تبنی بتفنن، تولد متعة ليست ككل المتع، متعة راقية تحمل همس ولمسة و خيال انسان رهيف المشاعر متمرد، يسعی الی هدم المتدني و خلق علم جديد هو عالم الشاعر.
2- حبذا لو تحدثنا باختصار عن العوامل التي ادت بك الی سلوك دروب الشعر؟
- الشعر هو تحقيق في الخيال لما لم يتم تحقيقه من رغبات من واقع الحياة، فكل انسان له محاولات شعرية، ثم قد ينجح بكتابة شعر جميل او يخفق بالنسبة لي، ترعرعت في مجمتمع عربي، والمجتمع العربي مجتمع شعر بامتيار، وكنا صغاراً، كنا نحفظ الشعر نتبادله، في البداية كتبت الشعر بالعربية ثم انحرفت به نحو اللغة الكوردية، لسبب اني في صغري شعرت بالاغتراب و هوية اخری، غير هوية المجتمع الذي عشت فيه، فكان البحث عن مكونات تلك الهوية و اللغة اساسها فبذلت كل جهدي كي امسك بناصية اللغة الكوردية و اقرض الشعر.
3-كتبت الشعر الكلاسيكي ومن ثم تأثرت بموجة التحديث الذي طرأ علی الشعر، وكنت احد رواد الحداثة في الشعر الكوردي في منطقتك، هل لك ان تحدثنا عن تلك المرحلة؟
- تجربة قد يطول الحديث فيها، ولا اظن ان بمقدوري ان اعبر عنها في مناسبة كهذه، لكن وباختصار شديد الانسان هو الحرية، والشعر العمودي الكلاسيكي قوالب تحد من هذه الحرية شكلاً و مضموناً، كنا و في نهايات القرن العشرين في شعرنا الكلاسيكي نتحدث بلغة القرون الاولی، نتحدث عن السيف و الخيل، بينما في الواقع كنا نتعامل مع السيارة و القطار، كنا نتأمل مع قوالب جاهزة لنص لم يكتب بعد، توخياً لتك الحرية كتبت الشعر الحر، كتبت الشعر الحر علی منوال الواقعية الاشتراكية، لكن بعد انتفاضة سنة 1991، حدثت اشياء لم تكن علی البال منها ان المعسكر الاشتراكي كان قد انهار، وفجأة بعد ان كنا مساجين انفتحت ابواب الحرية علی مصارعيها، انحسر الدكتاتور و شكلت منطقة امنة، تبدد الرعب و انسابت الينا كتب كانت ممنوعة من التداول، وبعد فترة لم تتجاوز الاربع سنوات حدث ما هو رهيب وهو الاقتتال الداخلي، فانهار لدي كل شيء وكان هزة مدمرة قد ضربت كينونة افكاري فصرت ابحث عن ذاتي مجداً و عن كل فتاة من الماضي المهدم، فكانت موجة (التجديد ابداً) رغم انني قد كتبت الشعر الحداثوي قبل ذلك وتحديداً سنة 1985، لكن الصورة الغامضة و مغامرة الاكتشاف الممتعة المخيفة كانت بعد سنة 1994 وكان انقطاعاً كلياً عن ما سواه من الشعر.
4- قصائدك مفعمة بالصور الابداعية، التي تكون عصية علی الفهم احياناً، وتستخدم كلمات غامضة، الی حد الغرابة احياناً، لماذا ياتری؟
- كما نوهت سابقاً كنت اكتب شعراً واقعي المشرب، استعاراته، صوره و بنيته سهلة علی الفهم، والذي حدث غيرت اسلوب الكتابة، فلكي تفهم النص يجب ان يفهم الاسلوب اولاً، و كتابة الشعر بحد ذاتة نبذ للسهل المستنزف وبحث عن الجديد العاصي، وكل جديد غريب بحد ذاته، اني اغامر ابحث في المجهول واكتشف، ابني صورا لا وجود لها الا في عالمي، اروضها واجعلها اليفة، وهذا الفهم الجديد يولد بعض الغموض، ولكن لماذا؟ لاني احاول ان اخلق شعرا لا اقرضه.
5- كيف تحكم علی القصائد المباشرة والشفافة والخطابية، والبعيد عن الغموض؟
- القصيدة او النص كائن قائم باذته، تحمل مفردات الجمال او القبح في ثناياها و النضرة الی الجميل مختلف من شخص الی اخر، فما هو جميل لي ليس جميلاً بالضرورة لغيري، احياناً بعض من هذه القصائد جميلة، لكن وبصورة عامة امقت الخطاب والمباشرة، اكره ان يكون الشعر واعظاً، يحس ان ما دونه غباء، اني اعتبر المتلقي خالقاً ومبدعاً افتح له فرص الخلق، افسح له مجالاً لمتعة الاكتشاف والبناء، هذا من جانب و من جانب اخر اكره قسرية الغموض واخفاء الفشل وراء الغموض، ان لم يكن الغموض وليد ثقافة عالية و غير مقصوده، يكون هدماً للذوق، ان افتعال الغموض لكارثة علی الفن.
6-هل يمكنك ان تحدثنا عن بعض مشاريعك الثقافية والادبية المستقبلية؟ وماهي المؤلفات التي تنوي اصدراها في المستقبل؟
- اني منشغل باعداد مجموعتي الشعرية الحادية عشرة، كما احاول ان اجمع واصنف جموع كتاباتي وابحاثي وانشرها في كتب، اضافة الی ذلك قمت بتكريد كتاب (من نحن) لصموئيل هنتنغتون، فانا الان اقوم بمراجعتها تمهيداً لنشرها.
7- نشكرك باسم جريدة التاخي، علی سعة صدرك، هل من كلمة اخيرة تضيفها؟
- كلمتي الاخيرة، حبذا ان يتفهم الناس ما لايفهم من الفن.[1]