تواجه حكومة أقليم كوردستان، فضلاً عن قيام بغداد و منذ ما يناهز سنة واحدة بقطع الموازنة والرواتب عنها، حربا شعواء حامية وموجة من النازحين واللاجئين، ما أوجدلها أزمة كبيرة، وللحديث عن هذه المسألة وواجبات حكومة الأقليم ومهماتها و سبل أدارة تلك الأزمة فقد أجرت مجلة كولان هذا اللقاء الخاص مع السيد قباد طالباني نائب رئيس مجلس وزراء أقليم كوردستان والذي بشر ابناء الأقليم أن الأزمة المالية سائرة نحو الأنتهاء وحتى أن لم يتوصلوا الى أتفاق مع بغداد بشأنها، منوهأ أن مسار محاربة الأرهاب من كوباني الى السعدية و جلولاء قد تحول لصالح أقليم كوردستان.وأكد فيما يخص مشكلة اللاجئين في الأقليم بصورة عامة و في محافظة دهوك بصورة خاصة، أن الحكومة ماضية في إنشاء مخيمات لهم وأعادة أعمار المدارس هناك تمهيداً لأستئناف الدراسة في عموم مدارس الأقليم وفيما يأتي نص اللقاء:
- لولا تدخل قوات البيشمه ركه والتحالف الدولي لسقطت كوباني .
• لو تيسر لي البدء بهذا الحوار من حقيقة أنكم قد توليتم منصب نائب رئيس مجلس وزراء الأقليم في ظروف لم يساعدكم الحظ فيها، كون تعقيداتها قد صعبت عليكم مهمتكم مثل قطع الموازنة والرواتب و حرب داعش.. الخ ترى كيف أدرتم مع رئيس مجلس الوزراء كل هذه الأزمات؟
- أنا لا أقول بإن الحظ قد خانني، بل هو من دواعي الشرف الرفيع أن يتمكن المرء من خدمة شعبه ووطنه وبالأخص في الأوقات الحساسة والعصيبة، صحيح أن الأوضاع هي غير طبيعية و زاخرة بالأزمات إلا أن الحظ يرافق المرء عندما تتاح له الفرصة لخدمة شعبه و صحيح أن تشكيل الحكومة الجديدة (التشكيلة الثامنة) لأقليم كوردستن قد تزامن مع مواجهة الأقليم للعديد من الأزمات إلا أن ذلك في الوقت نفسه هو تحد جيد بالنسبة الينا في أمكانيتنا لأدارة هذه الأزمات و تجاوز هذه الظروف ولنا نحن وسائر الوزراء والمجلس الأستعداد التام للعمل على أنقاذ أقليم كوردستان من هذه الأزمة وبكل أخلاص وتفان ورفعة رأس.
• أدارة الحكم تتطلب تقديم الخدمات الأساسية وهي بالتالي تحتاج الى أمكانيات مادية جيدة، فكيف تمكنتم، مع كل تلك الأزمات من إدارة الحكم؟
- المهمة الأساسية للحكومة هي حماية المواطنين بالدرجة الأولى ومن ثم أيصال و تأمين الخدمات لهم، غير أن حكومة اقليم كوردستان قد واجهت صدمتين كبيرتين بحيث أن العديد من حكومات العالم لا يمكنها أن تواجهها وهما أولا قطع حصة الأقليم من الموازنة العامة للدولة وقطع رواتب موظفيه، الأدهى أن أية حكومة في العالم لم تفاجأ بقطع أيراداتها بين عشية و ضحاها، والثانية هي هذه الحرب المقيتة التي واجهت أقليم كوردستان والتي تجسدت أولا بتضحيات كبرى قدمتها قوات البيشمه ركه ثم أنها تحتاج الى مدفوعات مالية كبيرة للغاية، ما صعب الأمر على الحكومة قم تفرعت عن الصدمة الثانية صدمة أخرى وهي مسألة اللاجئين وهي من تبعات هذه الحرب التي تواجه الأقليم، وكان أن تمكنت حكومة الأقليم من أدارة الصدمة الأولى مع أدارة جيدة للحرب بفضل الله وبالأعتماد على قوات بيشمه ركه كوردستان وما يفرح اليوم هو مسارنا المتواصل في أدارة الحكم والحرب معاً بنجاح نحو النصر و تجاوز هذه الأزمة.
• لقد واجهتم أنتم شخصياً و رئاسة الحكومة مسألة اللاجئين وكان آخرها نقل أجتماع لمجلس الوزراء الى محافظة دهوك فما هو حجم الصعوبات التي شكلته مسألة اللاجئيين بالنسبة لأدارة الحكم في الأقليم؟
- لقد تعاملت الحكومة بكل مفاصلها مع هذه المسالة بكل مسؤولية وكانت زيارتنا لمحافظة دهوك جزءا من قرار الحكومة بهذا الشأن للوقوف على متطلبات اللاجئين وكان محافظ دهوك في هذه المسألة أكثرنا سوءاً للحظ حيث توجه أكثر من(800) ألف لاجئ الى المحافظة منذ اليوم الأول من توليه لهذا المنصب ما أوقعهم تحت وطأة وضع صعب للغاية و دفع بالحكومة لزيارة دهوك وهي مهمة صعبة تتجلى في جانبين، أولهما يمكن تقييمه ومنها كميات المبالغ المالية التي خصصتها الحكومة لهم بهدف أقامة المخيمات وشراء الأدوية وغيرها.
• وهل لكم من تنويه لحجم تلك المبالغ؟
- الأحصاءات الدقيقة تعود الى محافظة دهوك غير أننا كمجلس وزراء قد بلغت تخصيصاتنا تلك ومن مجلس النفط والغاز فقط حتى الآن ما يتجاوز(36.5) مليون دولار، وقد تمكنت وزارة المالية في الأقليم مع بداية الأزمة من جمع مبلغ مليار دينار بصورة عاجلة و خصصته لمحافظة دهوك، غير أن هناك مسائل أخرى ليس بالأمكان تحديد مبالغها في الوقت الحاضر ومنها أعداد أفراد الشرطة القائمين بحماية تلك المخيمات والعاملين في مجال الصحة ومعالجة اللاجئين وأيصال خدمات الماء والكهرباء والصرف الصحي أي أن هناك في عملية أدارة شؤون اللاجئين مصاريف منظورة وغير منظورة و تقوم وزارة التخطيط حالياً و بالتعاون مع (W.B) بجمع الأحصاءات الكاملة حول المصاريف غير المنظورة.
• وما مدى مساعدة الحكومة العراقية والمجتمع الدولي لكم بهذا الشأن؟
- نعم لقد ساعدنا المجتمع الدولي مشكوراً وهي متطلبات ضرورية وواجبة الأستمرار إلا أنه لم يتم التعامل في مسألة الكورد بالتعاون مع الحكومة نعم هناك ممثلون عن الأمم المتحدة والوكالات التابعة لها في أقليم كوردستان ويعملون مع الجهات المعنية إلا أن تطلعاتنا لذلك التعاون كانت أكبر بكثير و بتعاون أكبر مع حكومة الأقيم ثم كان المفروض بالحكومة العراقية أن تتعاون بمسؤولية جادة مع مسألة اللاجئين، وبمساعدة حكومة الأقليم، ورغم الزيارات التي قام بها السيد صالح المطلك الى أقليم كوردستان وأدائه دوراً فعالاً بهذا الشأن، إلا أن الحكومة العراقية بصورة عامة قد تعاملت كحكومة أجنبية مع مسألة اللاجئين في الأقليم ولا تزال تتعامل معها كدولة مختلفة وتقوم بإرسال بعض المساعدات الى الأقليم أحياناً ولا تتعامل مع مسألة اللاجئين كونها مأساة وقعت في بلادنا وسيكون ذلك جزءا آخر من مباحثاتنا في بغداد(الوفد الحكومتي برئاسة السيد نيجيرفان بارزاني قد وصل العاصمة يوم 30/11/2014 وباشرت مباحثاتها مع الحكومة الأتحادية يوم 1/12/2014 )..
• هناك في مجلس الوزراء لجنة خاصة لمتابعة مسألة النساء والفتيات الأيزديات ، فأين وصلت مساعيكم فيها؟
- اللجنة في الواقع ليست مختصة بمسألة النساء والفتيات الأيزديات فحسب، ويتم الأشراف عليها من قبل د. نوري عثمان رئيس دائرة التنسيق والمتابعة في مجلس الوزراء وكان له دور متميز في مساعدة اللاجئين والتنسيق مع من ظلوا حتى الآن عالقين في جبل سنجار، فضلاً عن تعاونه مع محافظة دهوك للتنسيق بين إدارة المحافظة وبين مخيمات اللاجئين، ومساعدة الأخوات والأخوة الناجين من نير أحتلا داعش وهو المشرف على جميع المسائل المتعلقة بملف شنكال،(سنجار).
• لقد أشرتم، الى تفاصيل عدة فيما يتعلق بالخلافات بين بغداد وأربيل، فما هي أسس تلك الخلافات؟
- إن أسس تلك الخلافات تعود برأيي الى تباين ثقافة الجانبين، فهي ترتبط في بغداد في كيفية جمع كل السلطات بين يديك وهو أمر لا يتناسب مع الثقافة القائمة في أقليم كوردستان لأننا راغبون بصدق في تطبيق الدسور و تقاسم السلطات وتنفيذ الفدرالية في هذا البلد بصورة عملية وأن عموم الخلافات سواء كانت تتعلق بالبيمشه ركه أو النفط أم تنفيذ المادة 140 من الدستور وغيرها، إنما تعود الى التباين القائم بين الثقافتين لأن هناك فكرين وثقافتين مختلفتين تماماً في كيفية التعامل مع هذه المسائل، ومع أشارتي تلك فإن هناك تباينات ثقافية أخرى لأن هناك أطرافاً أخرى تختلف مع بغداد مثل العرب السنة كما أن جميع الأطراف في أقليم كوردستان لا تتفق مع وجهات نظر بغداد، غير أن تساؤلكم يتعلق بالدرجة الأساس بالخلافات بين أربيل وبغداد كون الأخيرة تسعى للسيطرة على جميع المسائل والأستحواذ عليها، ثم أن تجارب أقليم كوردستان قد أوضحت ما يتعرض له عندما تسيطر بغداد على جميع المسائل ما يحدوا به هذه المرة أن يصمم على الدفاع عن حقوقه الدستورية.
• والى أي مدى أوجد أبتعاد المالكي فهما جديداً للسياسة النفطية لأقليم كوردستان؟
- إن أختلافات الأقليم و بغداد ليست متعلقة بشخص واحد أسمه المالكي بل أن تلك الأختلافات كانت موجودة بشكل من الأشكال، إبان حقبة الجعفري وعلاوي أيضاً، ما يعني أننا نظلم أنفسنا عندما نربطها بشخص واحد ثم لا بد من التساؤل : لماذا سمحنا بتعزيز سلطات شخص واحد بحيث يتمكن من حصر جميع السلطات بنفسه لذلك فإن المشكلة الأساسية في العراق كانت عبارة عن عدم وجود نظام في هذا البلد و قام هؤلاء بإستغلال ذلك بحيث تمكنوا من تحقيق تطلعهم ذلك يوماً بعد آخر وبالتالي غدت تلك السبب الرئيس للخلافات والمشكلات التي تعاني منها اليوم، غير أن هناك اليوم حكومة جديدة و تولى الأمر فيها أشخاص جدد وللكورد فيها موقعهم القوي ومنهم رئيس الجمهورية و نائب رئيس الوزراء و وزير المالية مع تغيرات جيدة فيها وبالنسبة للمؤسسات الأمنية والمخابراتية فقد كان نوري المالكي في الحكومة السابقة هو رئيس مجلس الوزراء و وزير الداخلية والدفاع و مسؤول المخابرات غير أن هناك وزيري الداخلية و الدفاع في التشيكلة الجديدة و هما في طريقهما لتسلم كامل صلاحياتهما و كلنا أمل، وفق وجود الشخصيات هذه داخل التشكيلة الجديدة أن تكون أفضل من سابقاتها و بقناعتي أننا لن نتمكن من الأتفاق مع أية حكومة أخرى في حال لم نتمكن من الأتفاق مع الحكومة الحالية.
• لقد جاءت زيارة وزير النفط العراقي عادل عبدالمهدي الى أربيل بمثابة توفير أرضية مناسبة للحوار بين أربيل و بغداد فكيف ترون هذه الزيارة و معطياتها؟
- لقد سررنا جداً بأختيار السيد د. عادل عبدالمهدي وزير النفط العراقي لأنه شخصية معروفة و شارك في الثورة الكوردستانية و يتمتع بصداقة جيدة مع قسم كبير من مسؤولي أقليم كوردستان غير أنه من الضروري التنويه الى أنه يتولى اليوم وزارة شهدت الكثير من المسائل غير المنطقية وأقول نحن إذ سعدنا بأختياره لهذا المنصب إنما علينا أن نرى الأمور بنظرة واقعية بإن شخصاً واحداً بعينه قد لا يتمكن من تغيير عقلية أو ثقافة ما بشكل سريع ولقد قام السيد عبدالمهدي بزيارة الأقليم واللقاء مع رئيس الحكومة ونائبه(أنا) ومن ثم لقاء السيد رئيس الأقليم و برأيي أن ذلك كان بداية جيدة.
• وكيف ترون الزيارة الحالية لوفد رفيع من الأقليم الى بغداد و نتائجها و معطياتها و كيف تتعاملون مع بغداد في حال لم تتوصلوا الى أتفاق معها؟
- إن مجريات الأحداث تشير الى تعرض الأقليم لأزمة كبيرة تتعلق في معظمها ببغداد و بإدارتنا المحلية بالدرجة الثانية وقد أتفقنا مع السيد عادل عبدالمهدي على نقاط وقد ألتزم الجانب الأتحادي بتنفيذ ما يتعلق بهم الى حدما و كذلك بالنسبة الينا ما أوجد نوعاً من الثقة المتبادلة غير أنها بداية تتطلب توجيه خطانا نحو مسار آخر وتتلخص المرحلة القادمة في قيام وفد رفيع من الأقليم بزيارة بغداد للتباحث في مختلف الأشكالات، صحيح أننا قد أتفقنا خلال زيارة السيد عادل عبدالمهدي على عدة نقاط و تباحثنا أيضاً في نقاط أخرى ومنها ماهية الأحتمالات سيماً و قد أنخفض الآن مستوى أنتاج نفط العراق فيما يتجه أنتاج نفط الأقليم نحو الزيادة مع أنهيار البنى التحتية للعراق في مناطق الوسط والجنوب، فيما يتمتع أقليم كوردستان ببنى تحتية جيدة و مشجعة كما أن أسعار النفط قد أنخفضت في الأسواق العالمية ما أثر بشكل سلبي على أقليم كوردستان والعراق بصورة عامة، كل ذلك وقد تهيأت فرصة مؤاتية للأتفاق ثم أن الوضع الآن يختلف عن الماضي حيث لم يكن آنذاك أي توازن بين أوضاع الجانبين إذا كانت بغداد تتصرف من موقع القوة وكنا في موقف ضعيف أزاءها مع وجود بنى تحتية جيدة لديهم آنذاك على خلاف بنياتنا التحتية المحدودة وكذلك الحال بالنسبة للنفط إلا أن هناك اليوم نوعاً من التوازن و يحتاج كل منا الى الآخر ما يحدو بي لأن أكون متفائلاً في التوصل الى حل ناجع يمكننا في ظلمه من حماية حقوقنا الدستورية.
• وما مدى وأمكانية معالجة مسألة البيشمه ركه مع بغداد الآن وسط هذه الحرب العاتية التي فرضت علينا ؟
- تتوزع مسألة البيشمه ركه في الواقع الى عدة جوانب منها ما يتعلق بموازنة قوات البيشمه ركه التي أثبتت أنها تحارب الأرهاب نيابة عن العالم الحر بأسره وقدمت أفدح التضحيات في معاداة داعش وحماية أقليم كوردستان و خوض الحرب نيابة عن العراق ما يفرض على الأخير أن يتعامل من الآن فصاعدا مع مسألة البيشمه ركه بأنصاف وألا يعتبرها خطراً بل كقوة فاعلة في البلاد و يفتخربها ويساندها و ستكون هذه المسألة أيضاً محوراً مهماً في علاقاتنا و مباحثاتنا مع بغداد.
• وما هي قراءتكم لمجمل العلاقة بين تركيا و بغداد وهل هي على حساب الأقليم سيما بعد تحسن العلاقات بينهما عقب زيارة داود أوغلو الى بغداد وأربيل؟.
- نرى من الأحسن أن تتطور العلاقات بين تركيا والعراق ولا نعتبرها مضرة بالأقليم لا بل يمكن لها أن تجنبنا بعض المتاعب ثم أن ما ظهر بجلاء أثناء زيارة السيد أحمد أوغلو هو أنه قد أبلغنا بنية العراق لفتح صفحة جديدة ولكن ليس على حساب علاقات تركيا مع أقليم كوردستان بل جاءت الزيارة في معظمها لأطمئناننا بالأ نقلق أو نمتعض من التقارب بين تركيا و العراق.
• لقد أعرب جو بايدن خلال زيارته لتركيا عن سعادته للتقارب بين بغداد وأربيل فكيف ترون دور الولايات المتحدة في هذه المسألة؟
- لقد أدت الولايات المتحدة و بريطانيا والممثل الخاص للأمم المتحدة دوراً فاعلاً في عملية تشكيل الحكومة العراقية الجديدة و مارسوا ضغطاً كبيراً على كل الأطراف لضمان تشكيل حكومة تعددية و يشارك الكورد في تلك الحكومة، وكان للكورد تجربة مرة مع بغداد ولم يكن هيناً على الأطراف السياسية الكوردستانية أن تقرر المشاركة فيها وجاء الجانب الأكبر من المشاركة أحتراماً لتلك الأطراف الدولية ما دفعناً لتوفير و منح فرصة جديدة للعراق لتحقيق الأتفافات الراهنة لذلك فقد كان من الطبيعي أن تسعد الولايات المتحدة بالأتفاق المبدئئ تلك بغداد وأربيل.
• قبل توليكم منصب نائب رئيس وزراء الأقليم كنت مندوب حكومة أقليم كوردستان في الولايات المتحدة، مع أتصالات جيدة مع الأوساط البحثية والصحافة هناك فكيف هي قراءتك الآن أزاء العراق والأقليم على خلفية تلك التجربة؟
- بقناعتي أن القناعة التي كانت سارية في الولايات المتحدة سابقاً والقاضية بضرورة بقاء العراق، وبأي ثمن كان، موحداً قد خفت الآن و تراجعت و بقناعتي أن الأطراف البحثية والأشخاص سواء في الأدارة الأمريكية أو الأوساط الفكرية لم يعودوا ليعتبروا مسألة الفدرالية والفصل بين السلطات بل و حتى تقسيم العراق بأنها كارثة، صحيح أن السياسة التي تتبعها الولايات المتحدة اليوم أزاء العراق هي وجود حكومة فدرالية ديمقراطية موحدة فيه غير أنني شخصياَ قد لاحظت تغير تصور الأوساط الفكرية هذا في الولايات المتحدة.
• وكيف ترون المستقبل على ضوء أدعاءات أن السياسة النفطية للأقليم هي مصدر الخلاف بين الكورد والعرب في العراق؟
- أنا لا أتفق مع هذا التوجه، بل بالعكس فإن الأيام تبين لنا أن قطع موازنة أقليم كوردستان لا علاقة له بالسياسة النفطية للأقليم، بل يعود بصورة أكبر الى الأزمات المالية وسوء أستخدام الموازنة العراقية بل نكاد نضع أيدينا على حقيقة أختفاء مليارات الدولارات من الموازنة العراقية ما يدفعني للقول بإن قسماً من أسباب قطع موازنة الأقليم يعود الى مشكلات عويصة واستخدموا مسألة السياسة النفطية لأقليم كوردستان ذريعة لقطعها، فنحن قد مارسنا حقوقنا النفطية في أطار الدستور العراقي و رسخنا في ذلك بنى تحتية تمكننا من أدارة حكومة أقليم كوردستان، خلال 3-4 أشهر القادمة دون تسلم دينار واحد من بغداد بالطبع هذا لا يعني عدم رغبتنا في الأتفاق مع بغداد بل يعني أن لدينا خياراً آخر يدركه العراق جيداً أي أن أقليم كوردستان لا يتعطل أن لم يتمكنوا أو يسيروا نحو الأتفاق معنا وأننا سوف نجتاز المرحلة العصيبة في ظرف أشهر قليلة.
• وماذا بشأن تصريحكم السابق بإن مشكلاتنا سوف تستمر حتى لو أعادت بغداد الموازنة الينا؟
- مشكلاتنا في الواقع هي ليست بالقليلة فنحن محصورون بين فكرتين مفادهما هل نحن دولة مستقلة أم أقليم داخل دولة، نحن لدينا بعض المؤسسات التي تضاهي مؤسسات الدول المستقلة فلدينا على سبيل المثل قوات بيشمه ركتنا ووكالة مخابراتنا و ممثلياتنا في الدول الأجنبية وسياستنا الأقتصادية والتنموية، فيما يسير اسلوب عملنا اليومي كأسلوب اي اقليم ونتسلم منحة مالية نصرفها فوراً ولم نتمكن من التعامل برؤية واضحة طويلة الأمد مع موازتنا وذلك لأن قسماً كبيرا من صلاحياتها لم يكن في متناولنا ثم أن بغداد لم تعتبرنا أو تتعامل معناَ كأقليم بل كمحافظة لا غير و فرضت علينا وقالت عليكم أن تعينوا كذا عدد من الموظفين سنوياً وتبلغ حصتكم من الموازنة كذا مبلغ وأن تقسموه في التشغيل والأستثمار، ما يعني خطأ الأتفاقات القائمة في السابق بين بغداد وأربيل ولا بد من التساؤل: ولماذا تفرض علينا كيفية وأسلوب صرف موازتنا ؟ فهو من صميم عمل برلمان كوردستان العراق ما أوجد لنا مشكلات أدارية و مالية و قد أتبعنا ذلك الأسلوب سنة بعد أخرى، فضلاً عن حصة الأقليم من الموازنة والبالغة أصولياَ 17% منها وهي التي لم تتجاوز في السابق 10% منها وهي أيضاَ مشكلة أخرى فضلاَ عن مسائل الأعداد الكبيرة من الموظفين في الأقليم وسوء عملية توزيعهم وبعض الآثار المتبقية من الأدارة المزدوجة والتي قررنا مع السيد رئيس الوزراء أنهاءها خلال التشكيلة الحالية وهي بعمومها مشكلات تمكننا من تجاوزها و تحسينها سنة بعد آخرى وكلنا تصمم بإنها آثار و مخلفات الأدارة المزدوجة تلك ومن التشكيلة الحكومية الحالية.
• وكيف السبيل لأعادة تنظيم الموظفين؟
- العجيب في هذه المسألة هو أن هناك عدداً كبيراً من الموظفين من جهة مع وجود فراغ كبير في الوزارات من جهة أخرى وهي أذاً مسألة معقدة وقد باشرت وزارة المالية والأقتصاد فعلاً بمعالجة هذا التباين ومن ثم إعادة تنظيم الموظفين ما أثار أهتمام مجلس الوزراء بضرورة أعادة تنظيم الملاكات وفق نظام الكتروني و إعادة الوصف الوظيفي الى المؤسسات الحكومية ووفق هيكلية مؤسساتية للوقوف على حاجات الوزارات و متطلباتها من مديريات عامة و موظفين و تحديد واجباتهم وغيرها وأعويد وأؤكد أن الحزب الديمقراطي الكوردستاني والأتحاد الوطني الكوردستاني قد ارسلا السيد نيجيرفان بارزاني و انا الى هذه الحكومة من اجل أصلاحها.
• وما مدى أهمية دعم الحزبين لكما ؟
- مع أحترامي ، ليس بوسعي أن أتحدث بأسم الديمقراطي الكوردستاني(البارتي) إلا انني واثق بإن السيد رئيس الحكومة يستطيع التعامل مع حزبه وأطمئن قراء مجلتكم بإن الأتحاد الوطني الكوردستاني مؤمن بالأصلاح الأداري وعدم أمكانيتنا، وفق النظام الحالي، من إدارة دولة بعينها مستقبلا، فتوجه تحسين أقليم كوردستان وتطويره يتطلب منا تحسين نظام حكمنا وقد غدت تلك حقيقة واضحة أستوعبها الجميع، وهي مهمة تحتاج الى جميع الأطراف فقد أتخذت حكومتنا أسلوباً مغايراً هذه المرة، وهي حكومة ذات قاعدة عريضة ويشارك فيها جميع الأطراف وتم تقسيم الواجبات المهمة على جميع الأحزاب المشاركة فيها وتتوفر حتى الأن نوايا جدية لتحقيق ذلك الأصلاح.
• أولاً تؤثر بقايا الأختلاف بين الديمقراطي والأتحاد والمتجسد بالذات عبر الصحافة على حكومتكم؟
- بودي هنا أن أنوه الى حقيقة ساطعة تؤشر الى أختلاف كبير بينهما كحزبين مختلفين وأن التنافس والصراع الحزبي هو أمر طبيعي وسليم شرط معالجة المشكلات والخلافات في صناديق الأقتراع كما أن البيئة السياسية الكوردستانية قد وصلت حداً فهمت معه عدم وجوب تفاهم الأتحاد والديمقراطي في كل شئ إلا أنه كان من المفروض، ومع بداية حرب داعش، أن تكون هذه الحرب عاملاً لتوحيد كوردستاننا وقد كان أعلام الأحزاب في البداية يتابعون الأحداث وفق أسلوب حزبي صيق و دون أن يفكروا بأسلوب كوردستاني إلا أنه قد يتم الآن معالجة هذا الأمر فقد أصبح الأعلام الحزبي يتابع المسائل بأسلوب (أكثر كوردستانية) فتقدم البيشمه ركه في منطقة زمار مثلاً مسألة فرضت فهمها بشكل فعلي وكنا عبر التأريخ نتعرض الى الأنتكاسات كلما فكرنا بأسلوب حزبي.
• وهل هناك مسألة بأسم المتاجرة مع أرهابيي داعش؟
- لقد تم تشكيل لجنة خاصة بهذا الأمر بقرار من مجلس الوزراء وتضم السادة وزراء الداخلية والبيشه ركه والثروات الطبيعية و رئيس الأسايش العامة لأقليم كوردستان وقد باشر الأخوة مهمتهم بكل جدية و قاموا بجمع معلومات جيدة بشانها وقد أتسمت مسألة المتاجرة مع داعش بمبالغة كبيرة ولكن أعود واقول(لا دخان من غير نار) أي أنه كان هناك شئ ما وقد تابع السيد وزير الداخلية هذه المسألة شخصياً وصرح بإن هناك متهمين بهذه العملية وهم الآن تحت التحقيق القضائي إلا أن ذلك هو جريمة قومية ولا يجوز الأستهانة بها لأننا نحارب من جهة ضد أناس يحاولون ليس إبادتنا فحسب بل وإعادتنا الى القرن السابع الميلادي ومن جهة أخرى هناك أناس يرتكبون ذلك من أجل حفنة من المال وهي مسألة لا يمكن القبول بها أطلاقاً.
• وما مدى توسع التحقيقات التي تجريها اللجنة الخاصة ؟
- نعم قد تظهر أمور أخرى أثناء التحقيق غير أنني لا أرغب في أستباق الأمور لأن اللجنة هي التي تخوض التحقيق في التفاصيل.
• وكيف ترون ذهاب قوات البيشمه ركه الى كوباني بناء على طلب من السيد مسعود بارزاني رئيس أقليم كوردستان و بموافقة برلمان كوردستان العراق وذلك لمساعدة أخوتهم هناك ؟
- إن ذهاب قوات بيشمه ركه كوردستان من الأقليم الى غرب كوردستان لهو حدث تأريخي وكذلك ذلك الحال بالنسبة لخوضهم القتال الى جانب أخوتهم المقاتليين هناك، وكان لذلك أيضاً تأثيره في تغيير توجه الحرب وأسترداد جزء من كوباني الواقع الآن تحت سيطرة القوات الكوردستانية ما يدعونا لقول حقيقة أنه لولا تعاون قوات بيشمه ركه كوردستان والتحالف الدولي لكانت كوباني قد وقعت الآن بإيدي ارهابيي داعش كاملة، ثم من منا كان يتوقع أن يأتي يوم وتنتقل فيه قوة من أقليم كوردستان الى تركيا ومن هناك الى غرب كوردستان وهي في تفاصيلها لم تكن بالأمر الهين بل كان يتطلب قراراً سياسياً كوردستانياً والى قرار شجاع من القيادة الكوردستانية ومن برلمان كوردستان العراق تحديداً و موافقة الدولة التركية التي كانت تراقب المسألة بشك كبير، وقد حدث كل ذلك بالفعل وكلنا أمل أن يعود هؤلاء البيشمه ركه سالمين بعد تحقيق النصر المؤزر فهم يعتبرون أبطالاً قوميين و يستحقون أستقبالهم بكل زهو وأعتزاز.
• وما هو تقييمكم لتغيير قوات بيشمه ركه كوردستان لمسار هذه الحرب من دفاعية الى هجومية ومن زمار الى جلولاء والسعدية؟
- لقد كانت هذه الحرب مفروضة علينا منذ البداية وكان هناك أناس ينتقدون حكومة أقليم كوردستان ومنذ البداية أيضاً، ويرون أنه كان من الأفضل أن تدخل قوات بيشمه ركه كوردستان مدينة الموصل و محاربة داعش أنطلاقاً منها غير أن الحقيقة تقول أنه نقد سئ وغير بناء لثقتي بإن هؤلاء أنفسهم كانوا قد ينتقدوننا في تلك الحالة أيضاً ويقولون لماذا تورطهم في تلك الحرب التي هي ليست بحرابنا، وعندما أندلعت هذه الحرب وأنهار فيها الجيش العراقي فقد صدر قرار سياسي كوردستاني، قامت قوات البيشمه ركه بموجبه بحماية تلك المناطق، وأذا ما شهدت أوساط البيشمه ركه في البداية نوعاً من التخبط، فإن السبب في ذلك يعود الى أنها كانت حرباً مفاجئة و جديدة بالنسبة للبيشمه ركه، إلا أننا قد تعرفنا بعد فترة وجيزة منها، على (تاكتيكي) العدو وتمكنا من جهة اخرى من أعادة تنظيم قواتنا بشكل أفضل وتغيير مسار الحرب من دفاعية الى هجومية، وها أننا قد رأينا بأم أعينا أن السيد رئيس أقليم كوردستان قد قاد المعارك بصورة شخصية و مباشرة في زمار مثلاً وأن وجود السيد رئيس الأقليم فتلك الجبهة كان الباعث لرفع معنويات البيشمه ركه وتدفع قادتهم لشن المزيد من الهجمات من أجل الأنتصار فيها.. ما أوصل الأمور اليوم الى أن يقود المعارك، من زمار والى جلولاء، ليس القادة العسكريون في الخطوط الأمامية وحدهم بل أن الكوادر الحزبية المتقدمة تقاتل هناك الى جانب أخوتهم القادة العسكريين وهو بطبيعية الحال محط أعتزاز الجميع وأفتخارهم ويغمرنا شعور جيد بظهور وحدة صفوف أبدع بين أبناء كوردستان الذين نراهم اليوم في زاخو وهم فرحون بإنتصار قواتهم في السعدية و جلولاء وتحريرهما وكذلك الحال في السليمانية و زمار... الخ ولا بد من القول بإن الحرب سوف تكون طويلة الأمد وأن تحرير جميع المناطق يتطلب خططاً طويلة الأمد أيضاً فهو ليس تحريراً من الناحية العسكرية فحسب بل يجب أن تكون لنا خططنا لحماية تلك المناطق بعد تحريرها.
• سيكون سؤالنا الأخير حول السيد مام جلال فالواضح أن عودته الى كوردستان هي محط أرتياح و سعادة جميع الأطراف وبودنا أن نسمع منكم عن اوضاع سيادته الصحية والعامة؟
- شكرا لسؤالكم، فلقد كانت عودة(مام) بلاشك هي محط سعادة لعموم كوردستان، وبعيداً عن التفاصيل فقد تحسن وضعه كثيراً من الناحية المعنوية والنفسية بعد عودته الى كوردستان وكذلك من الناحية الصحية فهو يلتقي أصدقاءه بصورة يومية ويستقبل مختلف الوفود ويشعر بحياة أكثر بساطة و طبيعية مقارنة بالفترة التي قضاها في الخارج، إلا أن ظروف الحرب والمشاغل اليومية لا تترك لي إلا النذر القليل لأراه وألتقيه كما ينبغي إلا أنني أزوره بلاشك كلما عدت الى السليمانية غير أن عودته الى كوردستان كانت بالنسبة الينا جميعاً في غاية الأهمية من الناحية المعنوية.
ترجمة / دارا صديق نورجان.[1]