السفير ايتمارا رابونوفيج كان يشغل في السابق منصب سفير اسرائيل في امريكا و رئيس وفد التفاوض الأسرائيلي مع سوريا بين عام 1992و 1996 و الآن يعمل باحثاً في معهد بروكينز و مختص في سياسات الشرق الأوسط و خاصة حول سوريا و العلاقات العربية- الأسرائيلية. التقته كولان و وجهت اليه اسئلة حول الأوضاع الراهنة في الشرق الأوسط و لاسيما بعد الأتفاق المبدئي بين امريكا و ايران و تداعياته على موازين القوى في المنطقة و مخاطر اسرائيل على الأتفاق.
ترجمة/ بهاءالدين جلال
* هل تعتقد انّ اتفقاق ايران و امريكا سيغير موازين القوى في المنطقة و ولن يكون سبباً في تطوير علاقاتهما، لأن النفوذ الأيراني قد توسع في المنطقة من اليمن وصولاً الى الجنوب اللبناني، وهل انت متفق مع مايجري في هذا الصدد؟
- منذ اول يوم لتسلم السلطة مارس الرئيس اوباما سياسة التوصل الى تفاهم مع ايران و حل لمسالة السلاح النووي الأيراني وكان مستعداً لأبداء المرونة الكاملة للنجاح في هذه المهمة، المسألة الآن هي هل انّ اتفاقية لوزان تعد اتفاقية عملية؟ اذاَ هذه هي سياسة الأدارة الأمريكية حتى يومنا هذا.
* ان اسرائيل تعتبر ايران تهديداً حقيقياً لها، في حال نجاحها في امتلاك السلاح النووي فإن المنطقة تتعرض برمتها الى الخطر، ما مدى حقيقة هذا الخطر بالنسبة الى اسرائيل ولماذا لم تقدّر امريكا القلق الذي تساور اسرائيل حول هذا الجانب؟
- بالتأكيد الكثير في المنطقة يعتقد انّ مشكلة امريكا مع ايران لاتتعلق فقط ببرنامج ايران النووية، وانما تتعلق بالسياسة الأقليمية وخاصة سياسة ايران ازاء لبنان و سوريا و اليمن و العراق، و اذا تحققت الأتفاقية و تم تنفيذها و هي الآن في مرحلته البدائية، فإنها بالتأكيد ستؤدي الى تعزيز الموقع الأيراني، انا اشك في انْ تتوصل امريكا و ايران الى تفاهم بحيث تتبع ايران سياسة معتدلة في المنطقة، و فيما يتعلق بأسرائيل فإنّ هناك خلافاً في الآراء بين حكومة بنيامين نتانياهو و ادارة اوباما، هذا الخلاف يدور حول البرنامج النووي لأيران، حيث يعتقد نتنياهو بأن هذا الأتفاق غير معقولة، و لايجوز الأعتماد على ايران، والآن عندما تم الأتفاق فإنه يحاول اجراء تغييرات كبيرة في طبيعة الأتفاق، وانّ وجهات نظر اوباما مختلفة و هو غير مستعد للقيام باي عمل عسكري، لذا يفضل التركيز على الأتفاق فقط.
* هل تعتقد انّ اسرائيل سوف تهاجم ايران بمفردها؟
- ليس في الوقت الحاضر، اعتقد انه طالما هناك اتفاق بين المجتمع الدولي و ايران و المزمع توقيعه في حزيران القادم، اذاً لن تقف اسرائيل ضد الأجماع الدولي، ولكن اعتقد ان المسألة الرئيسة تكمن في مشاركة دول اخرى في الشرق الأوسط، اذاَ ليست من صفات السعودية أو مصر ان تنتقدا السياسة الأمريكية علناَ، كما اعرب عنه نتنياهو، أي ان الكثير من مناقشات السعودية مع امريكا تجري من وراء الستار، في الحقيقة لو استمعنا الى مقابلة توماس فريدمان مع الرئيس اوباما، والتي اجراها معه قبل ايام، نجد انها تتضمن انتقادات شديدة للسعودية، و ان سيادة السعودية ليست مشكلة خارجية، بل انها داخلية و على حكومتها ايلاء الأهتمام بالشباب المحليين المعترضين على سياستها، ليس من المستحسن ان تتم الحملة من جانب اسرائيل فقط، لانها تأويل بان المشكلة هي اسرائيلية و ليست شرق اوسطية، لذا من المهم ان تعبّر دول شرق اوسطية اخرى في غضون الأسابيع المقبلة عن استيائها علناَ ازاء هذه المسألة.
* على عكس اسرائيل فإن قلق السعودية و الأردن و دول الخليج ليس من البرنامج النووي الأيراني، و انما من النفوذ الأيراني و الحرب بالوكالة في كل من اليمن و سوريا و لبنان، ما رأيكم حول هذه المسألة؟
- كلا، اسرائيل قلقة ازاء الجانبين، أي حول برنامج ايران النووي و على الموقف الأيراني بصورة عامة، كذلك السعودية و الأردن ومصر و الدول السنية، لأنّ هاتين المسألتين مرتبطتان ببعضهما البعض، واذا ما استطاعت ايران امتلاك السلاح النووي و لم يتم تجميد ارصدتها، فإنها سوف تقوم باستخدام مبالغ كثيرة في لبنان و سوريا و العراق و اليمن، وهذا يقلق الدول السنية و اسرائيل ايضاً، و اود القول هنا انه على الدول العربية الأعراب عن قلقها بشكل اكثر علنياً ازاء امريكا و اوروبا ولن تترك هذا الأمر لأسرائيل فقط.
* بعد شهرين على تسنم السلطة اصدر الملك سلمان اصعب قرار و قاد هجمة كبيرة- تحالف 10 دول ضد اليمن، هل ان السعودية تريد دحر الهلال الشيعي و تأثيراته بأي ثمن، ألم يكن هذا ردفعل لتأثير المفاوضات و التقارب بين ايران و امريكا حول البرنامج النووي لأيران؟
- لقد دعمت امريكا عمليات اليمن العسكرية، وانها قلقة ايضاً حول ما يحدث في اليمن، هنا لايوجد أي اختلاف بين وجهات النظر الأمريكية و السعودية.
* و هذا يعني انه لم يكن هناك ردفعل ازاء الأتفاقية النووية؟
-لا، لقد حدث هذا على الحدود السعودية و كانت لها اهمية مباشرة بالنسبة الى السعودية، لم يكن هذا متعلقاً بالمسألة النووية بل بالمسالة الداخلية.
* هناك دولتان غير عربيتين داخل التحالف و هما( تركيا و باكستان) و تشكلاّن قوتين محليتين و تدعمان السعودية ضد النفوذ الأيراني، حيث ان تركيا هي عضو في الناتو و باكستان تملك السلاح النووي، ألا تعتقد أنه في حال عدم وضع حد لهذه الحرب سوف تتوسع مداها لتؤدي في النهاية الى حرب عالمية أخرى؟
- لا اعتقد اننا نواجه في الوقت الحاضر مخاطر حرب عالمية ثالثة، اسمح لي اتحدث عن تركيا، كان اجدر بها ان تحافظ على توازن القوى، لأنها كدولة سنية توازي الحجم الأيراني من حيث السكان و البالغ نحو 85 مليون نسمة، و تمتلك اقتصاداً قوياً، ولكن لم تكن سياساتها واضحة دائماً، كانت تطمح في السنوات الماضية الى ان تتحول الى دولة قوية ذات نفوذ ولكنها لم تنجح في هذه المحاولة، لذا اقول بكل أسف كان بأمكانها ان تحافظ على موازين القوى ازاء ايران.
* الرئيس التركي اردوغان وجه رسالة قوية جداً الى ايران و طلبت منها سحب قواتها من اليمن و العراق و سوريا، ماهي قراءتكم لهذه الرسالة؟
- حتى لو وجهت الرسالة و لم يكن هناك رد من الجانب الآخر أو العمل بها، اذاَ ماهي التوقعات بشان مايحدث لاحقاً؟ توجيه الرسالة ليست سياسة، لأنني لو ارسلت لك رسالة و لكنك اهملتها اذاَ كيف يكون ردي على ذلك؟
* بعد مواجهات لأيام صعبة شهدت الدول العربية فترات عدم الأستقرار بعد الربيع العربي، وقد شهدت منطقة الشرق الاوسط حربين الأولى حرب ايرانية بالوكالة و الثانية حرب داعش، نتساءل كيف يمكن معالجة هذه المشكلات في الشرق الأوسط؟ هل انك متفائل أم متشائم بشأن حل على المدى القريب؟
- من الواضح أنّه لايمكن ايجاد حل سريع لهاتين الحربين، لأن دول المنطقة ليست في موقع تستطيع من خلاله وضع حد لتداعيات الحربين أو انهائهما، بل انها بحاجة ماسة الى الدعم الدولي وهذا يقتصر فقط على الدعم الأمريكي، وهناك تلميح في الوقت الراهن يوحي بعدم تدخل امريكي في الشرق الأوسط، انا اعتقد ان هذه القضية سوف تشهد تطورات لاحقة، ولكن ليست في ادارة اوباما، علينا التريث لحين تشكيل الأدارة الأمريكية المقبلة.
* وماذا بشأن استقلال كوردستان؟
- هناك عرقلتان كبيرتان، احداهما تركيا و التي لاتسمح لكوردستان ان تحصل على استقلاليتها بشكل رسمي، لأن ذلك سوف يؤجج المشاعر لدى الكورد لدى تركيا، كما ان امريكا ترغب في انْ يبقى العراق موحداَ، هذا الى جانب الفشل الأمريكي بعد احتلالها العراق عام 2003، اعتقد انهما عرقلتان رئيستان، و هناك تعاطف اسرائيلي مع الكورد، ولكن ليس من الممكن انْ تكون اسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تدعم استقلالية كوردستان، وهذا أمر غير مشجع بالنسبة اليكم في الشرق الأوسط، لذا عليكم توخي الحذر.
* ماهي رسالتكم الأخيرة؟
- اعتقد ان اسرائيل كانت و لا تزال تنظر بأعجاب الى الكورد و دولتهم المنشودة.[1]