وليام شاباس هو خبير كندي في مجال القانون الدولي و كان يشغل منصب رئيس لجنة حقوق الأنسان في الأمم المتحدة و استاذاً للقانون الدولي في جامعة ميدلسيكس بلندن، وللحديث عن الجرائم البشعة لداعش و المساعي الدولية لمواجهة الأرهابيين، كان لكولان هذا الحديث معه:
ترجمة/ بهاءالدين جلال
* كخبير في مجال السياسة الدولية كيف تنظر الى الجرائم البشعة التي ارتكبها ارهابيو داعش بحق أهالي المنطقة؟ والى اي مدى تعد هذه جرائماً ضد الأنسانية؟
- من المعلوم انّ الأوضاع قد تعقدت اكثر بسبب الجرائم التي يرتكبها داعش، و ما قيل حتى الآن عن تلك الجرائم كشف عن كل الجوانب، لذا ليس لدي اكثر مما قيل عنها حتى الآن، لفد تابعت التقارير الخبرية التي نشرت عن هذه الجرائم، و لكن قد يجوز هناك متابعات اكثر حول هذه المسألة في بريطانيا، لذل فإن ما قام به هؤلاء الأرهابيون هي جرائم بشعة ضد الأنسانية ولم يقفوا عند هذا الحد بل تجاوزوا كل القيم الحضارية عندما قاموا بهدم و تحطيم الآثار التاريخية العريقة.
* ما يفعله داعش يجري كله في القرن ال 21، ماهي ردود فعل المجتمع الدولي و بالأخص بريطانيا وكيف يمكن وضع حد لهذه الجرائم لعدم تكرارها مستقبلاً؟
- ربما تستطيع بريطانيا انْ تؤدي دورها في هذا المجال على مسارين، الأول العمل على أساس المسؤولية في اطار الأمم المتحدة في اتخاذ اجراءات بهدف حل هذه المشكلات، و بالتأكيد فإن التحديات تكمن في ما يتمخض عن هذه الأجراءات من نتائج ايجابية من خلال ما يقوم به دبلوماسيون و متخصصون، ومن هنا فإنني لا أملك اية توصية معينة عدا المناقشات التي تجري بشان هذا الموضوع، والثاني عبارة عن محاكمة مرتكبي هذه الجرائم من خلال عمل محكمة الجرائم الدولية، ولكن المشكلة هي في موافقة الدول على منح المحكمة كافة الصلاحيات من عدمها، وهاتان النقطتان مسؤولية تقع على عاتق كل المجتمع الدولي و القيام بدور فاعل في هذا المجال.
* لقد تعرض الأيزديون في سنجار الى القتل الجماعي و الأغتصاب و النساء و الفتيات الى السبايا الجماعية ، و العالم يشهد على ذلك، اذاً كيف يمكن للمجتمع الدولي تعويض ضحايا هذه الكارثة؟ وهل يمكن اعتبارها ابادة جماعية و ماهي نتائج هذه العملية؟
- اشير هنا الى المسؤولية الأولى (responsibility to protect)، و التي تزداد اهميتها يوماَ بعد يوم في اطار الأمم المتحدة، وهذه تنطبق على الأوضاع التي تسودها ابادة جماعية أو جرائم حرب و جرائم اخرى ضد الأنسانية و تطهيرعرقي، و بالتاكيد فإن هذه الجرائم حدثت فعلاً، المشكلة تكمن في الطريقة التي تعد مناسبة للتدخل و يتطلب ذلك اجراء اتفاق في اروقة الأمم المتحدة وهذه ليست مسألة هينة، كما انه ليس من الواضح معرفة النتائج التي تتمخض في عمليات القصف الجوي للطائرات الأمريكية و البريطانية لمناطق داعش و هل هي تصيب اهدافها و تدخل في صالح العملية أم لا؟ في الحقيقة التحدي هو مدى امكانية ايجاد اسلوب و نمط مناسب لمشاركة جمعية الأمم المتحدة من اجل مساعدة اهالي المنطقة الخاضعة لسلطة الأرهابيين، هنا لاأملك أي مقترح بنُاء أو معجزة لمعالجة المشكلة، و لكن علينا اخذ الحيطة و الحذر في اتباع حل عسكري يساعد في تحسين الأوضاع و انْ لايؤدي الى تعقيدها اكثر من ذلك.
* هل انّ مهمة محكمة الجرائم الدولية هي ايلاء اهتمام بهذه القضايا لتعريفها كجرائم دولية فعلاً؟
- احد الأساليب عبارة عن محكمة الجرائم الدولية و لقد اشرتُ الى مسؤولية الحماية و تضم ايضاً العمليات العسكرية، و تتطلب موافقة مجلس الأمن الدولي، كما يمكن ان تكون محكمة الجرائم الدولية بحد ذاتها آلية فاعلة لمواجهة الشخاص الذين يرتكبون تلك الجرائم الدولية، أو حتى الذين قد يفكرون في ارتكاب مثل هذه الجرائم، هذه وسائل و آليات يمكن الأعتماد عليها في مساعدة متابعة هذه الملفات، و لكن من المعلوم ان الأوضاع هي معقدة و المنطقة تشهد المزيد من الأحداث و التطورات، لذا لاأعتقد ان هناك حلولاً سريعة خلال الأشهر القليلة القادمة، ولكن المهم هو تشخيص المشكلة و من ثم متابعتها ، ولكن من الأرجح الأعتماد على الوسائل التي سبق أنْ ذكرتها للبدء بمواجهة تلك الكارثة.
* الدول الفاشلة هيأت ارضية مناسبة لنشوء و نمو الأرهاب، و على سبيل المثال نجد أنه بسبب فشل العراق و سوريا استطاع الأرهابيون اعلان الدولة الأسلامية، و قد تحولت هاتان الدولتان الى بؤر للعنف و الذي ادى الى وقوع المذابح و الأبادة الجماعية؟
- بالتأكيد هناك احتمال لتحقيق ذلك، ولكن هذه منطقة معقدة للغاية و قد حكمتها انظمة دكتاتورية وقادة مستبدون لسنوات عدة، منهم صدام حسين و النظام السوري، و لقد تم اسقاط الأول، ولكن الثاني لايزال يحكم و هو في وضع سيء، لذا اعتقد ان هذه الأوضاع تهيء لظهور مثل هذه الحركات و التنظيمات الأرهابية، ومن بينها الدولة الأسلامية، ولكن الى أي مدى هي قوية؟ اذاً كلما كانت هناك مؤسسات دولية قوية أو انظمة تحظى بالمصداقية في كل من العراق و سوريا قلت خطورة اية دولة اسلامية، لأن هذه المنظمات الأرهابية استغلت ضعف حكومتي بغداد و دمشق في تطوير قدراتها و توسيع نفوذها.
* ما مدى الخطورة التي تشكلها عودة الأرهابيين الى الدول الأوروبية و امريكا و خاصة قيامهم بعمليات ارهابية، ما هي الخطوات التي يمكن اتخاذها لمنع وقوع مثل هذه العمليات؟
- لقد تم اتخاذ اجراءات عديدة ازاء الملتحقين بداعش، أو قاموا بمساعدته، لأن هناك قلقاً كبيراً حول قيام العائدين منهم الى بريطانيا او فرنسا او دول اخرى بأرتكاب اعمال ارهابية، صحيح ان الأرهابيين يرون في امريكا و اوروبا ديمقراطية قوية و انظمة متطورة ولكن هذه المناطق ليست كالعراق و سوريا لتوجيه خطاباتهم و ارتكاب جرائمهم، قد يستطيعون اثارة بعض المشكلات لأن الكثير من الأرهابيين المقتطعين يثيرون المشكلات لحين القبض عليهم، و قد يكون من الصعب جداً التكهن بما يفعلونه أو التعامل معهم، ولكن السلطات تراقبهم بشكل منظم و مستمر، و بالرغم من ان الأرهابيين ابتعدوا عن الديمقراطية المستديمة الاّ انهم لا يستطيعون الأجهاز عليها بسبب اعمالهم الأرهابية و قد يكون هناك بعض التضحيات أو اثارة الفتن و المشاكل، ان الأنظمة الديمقراطية القوية لاتتعاطف مع الأرهابيين في الأبقاء على تلك الجرائم الأرهابية التي يرتكبونها، و بالنسبة الى بريطانيا و اوروبا بشكل عام فإن وجود الثقة هو الأساس المهم للتعاطي مع هذه المسائل .
* الكلمة الأخيرة؟
- هناك آليات عديدة على مستوى القانون الدولي في اطارالأمم المتحدة و محكمة الجرائم الدولية و التي تبعث على الأمل في ان تؤدي الى تحقيق السلام و الأستقرار في المنطقة، كلي امل انْ يجري استخدامها بمسؤولية، وهذه غايتي و رسالتي الوحيدة.[1]