لم تبارح ابتسامتك خيالي، وما تزال الكثير من الذكريات معك أتعايشها بشكل يومي، وأكتب بين الفينة والأخرى على قلبي كلامك الجميل. مشعل شغاف قلبي يؤلمني وأنا اشتاق إليك كل يوم أكثر فأكثر.
فلا نار قلبي تخمد، ولا شوقي إليك يهدأ. بعادك يؤلمني كمن يزيد في النار زيتاً. عيناي تتذكر دائماً ابتسامة جميلة، صارت للأمل عنواناً وهدفاً للحرية. كما كنت دائماً أراك كل يوم، في صورك وكلامك ومقالاتك، في حديث الناس عنك، حتى في شتائم أعدائك لك، أراك أكبر من كل الأقمار، وشمسك تظل دائماً مشرقة ما زال في الوجود كردي ينبض بالحياة.
صدقني يا مشعل، في كل يوم هناك أمل كبير يولد مع بزوغ فجر جديد. الشمس ذهبية وألوان الدم السوري تعطر الحرية القادمة، كما كنت تحلم فإننا نرى حلمك قاب قوسين أو أدنى. كم الحرية جميلة يا مشعل، ونحن نتنفس شهيقاً عميقاً، ينعش صدورنا التي اشتاقت للحياة التي نحبها دائما. حرية تلد من رحم الألم، حرية تكتب بدماء جميلة تسيل في ثرى الوطن، لتزهر بها ياسمينة جميلة كما كنت تحب.
أتذكر يا مشعل، في طريقنا يوماً ما إلى حلب، قلت لي لا تيأس أبداً، فإن الحياة لا تحب اليائسين. أتذكر هذا الكلام جيداً ونحن كنا نعبر جسر قره قوزاك على نهر الفرات. قلت لي انظر إلى الفرات، كم هو جميل، وعظيم، إن صاحب الأمل كالفرات قوي لا يمكن لأي شيء أن يقف في طريقه. كلما ينتابني شعور اليأس أتذكر كلامك الجميل، وأقول في نفسي، لو كان مشعل هنا لقال لي لا تيأس، انظر إلى الفرات. على الرغم من أني بعيد جداً عن الفرات، إلا أن خيالك وخياله لا يفارقان ذاكرتي أبداً. حتى أظن أنكما واحداً، أنت والفرات توأمان يا مشعل.
كم جميل يا مشعل أن ترى الحرية، وهي تقترب منك، وأنت ترنو إليها بلهفة عاشق ينتظر عشيقته. بيده وردة حمراء جميلة، وعبيرها يفوح في كل مكان، أنت الحرية يا مشعل، والحرية مثلك لا تقبل الهوان أبداً. سيظل عبيرك في كل الديار، كرائحة الزيزفون التي تعطر قامشلو في الربيع، فأنت الزيزفون الذي كانت الحرية تشمك كلما اشتاقت إليك.
أتعرف يا مشعل، إني حقاً حزين لأنك بعيد. حزين لأنني افتقدك وافتقد كلامك وآرائك هذه الأيام. افتقد حكمتك التي نحتاجها اليوم أكثر من أي وقت مضى. نعم يا مشعل الشجرة التي سقتها دماؤك تزهر وقريباً سنقطف ثمار تضحيتك، وسنحكي للأطفال عن قصة رجل كان بطلاً وشجاعاً هو أنت. سنعلم الأطفال معنى الحرية، كما علمتني الكثير من الأشياء، تعلمت منك وسأعلم غيري تلك الأشياء الجميلة.
كم كنت جميلاً يا مشعل، وأنت تبتسم، فبريق عينيك كحبتي ندى على خدي وردة جورية. عيناك تلمعان كما النجوم تلمع في سماء ليل مظلم. وحده بريق عينيك يوقد شمعة في دروب الشباب الذين ساروا خلف نهجك وأفكارك. ناضلت لأجلهم وهاهم يكملون مشوارك بعنفوانك وجرأتك وشدة بأسك. شباب تعلموا من كلامك الكثير، وهم الأن يقودون حربهم ضد قاتلك، يكتبون بدمائك ودماء آلاف الشهداء سيرة وطن يسير نحو الحرية، وأبواب الأمل فُتحت أمامه، شعب يعشق الحرية ويقدم لها كل يومٍ مهراً غالياً من الشهداء.
كالفارس الشجاع وقفت ضد جلاديك، وبصقت في وجوههم ولم تخشى أحداً. كنت دائماً مثالاً للبطولة، ورمزاً للشجاعة. قلماً جريئاً ناضلت من أجل حقوق شعبك، ووطناً يتسع للجميع. حلمت بوطن يكون أماً. أما تحضن الجميع، تحبهم كلهم دون فرقة أو تمييز. هذا كان حلمك يا مشعل وسيتحقق قريباً، سنضع حينها ورود الجوري على لحدك.
لا يموت المشعل أبداً، ولن ينطفئ. فنارك كنار النوروز ستظل خالدة دائماً كما كانت نار كاوا الحداد. ستظل شامخاً كالجودي، كشجرة السنديان لا تموت أبداً، وإن ماتت فإنها تموت واقفة. ستظل واقفاً يا مشعل كما الجبال شامخة في وجه كل الأعاصير، لن تنال منك كل رصاصات الغدر والخيانة، فأنت لا يمكن قتلك، وإن مت ميتة فإن قاتلك يموت كل يوم مائة مرة. كلما يرى وجهك، ويقرأ كلامك، ويسمع باسمك، إنه يلعن نفسه مائة مرة. أما أنت فلن تموت أبداً، وسنبقى دائماً نردد كلامك، وحكمتك في الحياة. ستكون دائماً مثالاً نحتذي به في الرجولة والبطولة والشجاعة. ستظل شعلتك متقدة يا مشعل، ومثلك لن تنطفئ ناره أبداً. ستتحقق أحلامك وسنبني وطناً جميلاً، كما كنت تريد دائماً.[1]