الحوار مع #محمد سليم سواري#.. الروائي والقاص والإعلامي الكردي.. حوار مع أحد رواد القصة القصيرة في #كردستان# وفي #بهدينان#، تجربته مع القصة القصيرة والقرية والرواية لافتة وكتب عنها بعض النقاد فيما ظلت بغداد التي ترك فيها ذكرياته وحبه ووجعه ليستقر به المطاف أخيراً بعيداً عنها وعن كردستان التي يحملها بين أحضانه وفكره.
ضمن لقاءاتي مع المبدعين الكرد في بلاد المهجر ومن أجل التواصل مع الوطن الأُم كان هذا اللقاء الصريح مع سواري:
* رواية القرية عالجت القضايا الإجتماعية والسياسية للمجتمع الكردي وكانت ساحة للنضال والتأريخ الكردي فما الذي يدعو مؤسسة ثقافية كردية على الإعتذار في طبع الكتاب؟
أنا أشكر من كل قلبي صديقي هفال زاخويي الذي تطوع لطبع الرواية كما وأشكر تلك المؤسسة الثقافية الكردية على مزاجيتها لأنها طبعت الترجمة العربية لنفس الرواية.
* ما الذي كنت تبغيه بأن تجبر القارئ العربي ليقرأ تأريخ قرية كردية عاشت اياما قاسية في ظل نظام جائر عبر عملك الروائي وهل أخذت القرية نصيبها اليوم في زمن الحرية؟
في ظل عصر مظلم كان شعاره لا قرية في كردستان قمت بتأليف الرواية وفي ظروف كانت وجود مسودة الرواية حجة كافية للوصول إلى حبل المشنقة وأنا أعتز لأن يقول كاتب وناقد بمنزلة عبدالهادي فنجان الساعدي حول الرواية ( أنا متأكد تماماً من أن هذه الرواية لن تغير العالم ولكنها ستضيف للأدب الكردي شيئاً ’ ولو قدر للقرية الكردية أن تزال من خارطة العراق فأنا متأكد بأننا سنستطيع من خلال هذه الرواية أن نعيد بناء هذه القرى المدمرة لقد دخل محمد سليم سواري عالم الرواية من بابها الصحيح.. ) .
*من هو البطل الاساسي في مجاميعك القصصية وأعمالك الروائية ؟
- البطل في كل مجاميعي القصصية ورواياتي هو الإنسان الكردي الذي تعرض ويتعرض إلى التهجير القسري والإضطهاد وترك أعز ما يملكه من مراتع الصبا والذكريات ويتجرع الآلام والمعاناة ويضحي ويقدم ثم يرى نفسه في المكان غير الصحيح.
*لقد كانت الإذاعة الكردية في بغداد منهلاً يرتشف منه الادباء والمثقفون الكرد ضمن البرامج الثقافية والفنية فلماذا يحاول البعض من التقليل والتشهير بالإذاعة وقد كانوا من العاملين فيها؟
- نعم كانت الإذاعة الكردية ومنذ عام 1939 مدرسة للغة والأدب والثقافة والغناء والتراث الكردي في وقت لم تكن هناك حتى مدرسة واحدة باللغة الكردية في كل منطقة بهدينان.. وقد إرتشف الكثيرون من هذا النبع بصورة مباشرة أو غير مباشرة وهناك الكثيرون ممن يُقدر كل هذا وبإعتزاز كبير وهناك مَن يقذف ويقلل من قيمة هذا المعين ودائماً الأطفال يرمون الشجرة المثمرة بالحجارة.
*هل أنجبت الإذاعة الكردية مبدعين وفنانين كرد في الفترة التي عملت فيها؟
- ليس هناك أدنى شك بأن الإذاعة الكردية وخلال أكثر من ستين سنة أنجبت من الأستاذة رواداً في التمثيل والإخراج والغناء وكل مفردات العمل الإعلامي ومن الذين عاصرتهم في الكثير من المجالات ، ويكفي أن نقول : انه من خلال هذه الإذاعة تعرف الشعب الكردي في أجزائه الأربعة من كردستان الى شوامخ الغناء الكردي من علي مردان وطاهر توفيق ومحمد عارف جزيري وعيسى برواري وتحسين طه وكولبهار وأردوان زاخويي وعشرات الآخرين بل والمئات من المبدعين والمبدعات.
*كتاب ونقاد عرب كثيرون كتبوا حول أعمالك الروائية وقدمت ندوات تكريم لروايتك المترجمة الى العربية في بغداد،فما حصة النقد الكردي لأعمالك؟
- أنا أقدر جهد بعض المؤسسات الأكاديمية مثل جامعة دهوك حيث كان لروايتي القرية حصة من بحوث تخرج بعض طلابها وأكثر من ثلاث رسائل ماجستير كما وأن الكتاب والنقاد العرب كتبوا أكثر من خمس وثلاثين مقالة وبحث ونقد ودراسة عن رواية القرية المترجمة بالإضافة إلى الندوات وتكريمي بالدرع الثقافي عن الرواية ’ ولكن لم تكن للرواية نفس الحصة من النقد الكردي، وقد عزا سبب ذلك المرحوم سكفان عبدالحكيم في مقالة كتبها في حينه جاء فيها ( لقد إستقبل قراء الكردية بشغف هذه الرواية ولكن المحير إنها لم تأخذ حقها من النقد والكتابة واعزوا ذلك لسببين أولها أن الرواية الكردية حديثة وثانيها أن النقد الكردي مازال يحبو ولم يفطم ولم يتجرأ كاتب في خوض غمار تجربة غنية ذات ملامح حديثة.. ) .
(*خاندان)ولدك بطل روايتك (أرض الدموع) فما الذي أردت ان تقوله عبر بطلك وكتبت ربما سيكون بطل روايتك القادمة وما السبب لتكرار البطولة له؟
- خاندان طفل كردي كان والده يحلم لأن يكون هذا الطفل مثل بقية أطفال العالم يتمتع بطفولته وله حياة زاهرة في مستقبله ولكن القدركان يخبئ غير هذا للطفل الكردي خاندان.
حيث كان مهدداً لأن يفقد عينيه بين ليلة وضحاها وفي ظروف عائلية ووطنية صعبة وكيف أن والده أُضطر لفعل المستحيل لكي يرسل هذا الطفل إلى خارج الوطن وعبر القارات والمحيطات ليتلقى العلاج ويعود إلى حضن الوطن ووالديه ولكن الفرحة لم تكتمل وكان الثمن الدموع والمعاناة وأبسطها فقدان والده لوظيفته ولقمة العيش بسبب الواشين ، ومن يقرأ الرواية التي تقع في أكثر من (650) صفحة سيدرك معنى الدموع والآلام والمعاناة.
*مجاميع قصص وروايات وثلاثة عقود من العمل في الإذاعة الكردية ،ما الذي يدفع روائي كبير وإعلامي بعد كل هذا التنوع لإصدار ديوان شعري عام 2001(نبع العشاق) وهل طغى السرد القصصي على قصائده؟
ليس من شيمي المزايدة أو أن أقول ما يجب أن يقوله الآخرون ولكن علي أن أقول حقيقة قد تكون خافية على الكثيرين هو أنني أردت في ذلك الوقت وأنا في بغداد وفي نهاية الثمانينيات أن أهدي شيئاً إلى حلبجة الشهيدة فكانت أول قصيدة أكتبها بأسم ( كانيا ئاشقان ) وهو نبع للماء في حلبجة يعرفه الجميع وقد كانت هناك محلة في المدینة بهذا الاسم أعدم فيها مجموعة من أبنائها وأضفت إليها قصائد أخرى ليطبع في ديوان يليق بما كنت أرمي إليه ، وفي ذلك الوقت لم يكن سهلاً وكان جنوناً حتى التفكير في كتابة هكذا قصيدة فكيف بديوان يحمل عنوان القصيدة.
*أعمالك القصصية والروائية سياسية مصبوغة بزخارف أدبية فهل استطن الترجمة بأن تنقل روح أعمالك الى العربية؟
- في قسم من أعمالي إستطاع المترجمون أن يقولوا ما أردت قوله وبكل صدق ولكن في القسم الآخركان ملفوفاً بكثير من الضبابية واللف والسبب يكمن في محلية وقروية ما كتبته أو أردت قوله.
*كيف تقيم الروائي المبدع الذي يترك وراءه تأريخاً للأجيال القادمة؟
بكل تأكيد سيكون المرآة الصادقة لتأريخ شعبه بكل تألقه ونضاله وإرهاصاته وستذكره الأجيال بكل حب وتقدير.
*ألا ترى بأن الأدباء الكرد تخلوا عن واجبهم في رفد المكتبة الكردية بإبداعاتهم وإتجهوا صوب السياسة من أجل مصالحهم الشخصية؟
- ليس فقط عند الادباء الكرد بل وفي عالم تنقص شعوبها الكثير من الثقافة والوعي بأهمية الكتاب والفن والإبداع والمبدعين حيث الإبداع عندهم متاع كمالي بل ورخيص فيضطر الكاتب إلى سبل أخرى أكثر ضماناً للعيش واللقمة السائغة والسانحة لأطفاله حتى ولو كانت على حساب كل مستقبله الأدبي والإبداعي ، والسياسية في أوطاننا اليوم أبسط وأسهل طريق لينال الكثيرون من غير الكفوئين والهامشيين مبتغاهم من مال وجاه وسلطة فيكون الحظ أوفر لمن يُحسب أديباً أو صحفياً.[1]