بدل رفو - النمسا\غراتس- في مقهى صالة شوبارت السينمائية حيث الجو الربيعي الجميل وتحت ظلال ابداعات شوبارت الشاعر والملحن والموسيقار ، كان لي حديث صريح وشيق مع الفنان الكوردي العالمي رزكار خوشناو الذي ادهش الجمهور النمساوي بعزفه على خشبة دار اوبرا مدينة غراتس وكونسيرتات.
والحديث ضمن حلقات من مشاهداتي في غراتس حيث الجالية #الكوردية# والعراقية ضمن مشاهداتي وتحية حب واحترام لهذا الفنان على صراحته وحبه الكبير لفنه وناسه وكما هو هو هدفنا ان نلتقي على ضفاف الكلمة الاصيلة والصراحة وحب الناس والوطن. في مدينة غراتس القديمة كل شئ يصبح له مذاق ونكهة خاصة حتى احاديث المعاناة والأشجان. وتبدأ حكاية هذه المدينة قبل تسعمائة عام ، وتحكي بأن غراتس كانت مركز السلطة والشهرة للامبراطورية الهابسبوركية في القرون الوسطى و عصر النهضة. و كإرث من ذلك الزمان، فقد احتفظت غراتس الى اليوم بمكانتها كإحدى المدن القديمة التاريخية في اوربا الوسطى. ولهذا اختيرت كإرث للثقافة العالمية من قبل اليونيسكو.وفي هذه المدينة كان اللقاء بوجه كوردي مبدع ادهش الغرباء وابتعد عنه الاقرباء ومن السبب؟؟
**قبل 31 عاما حين غادرت كوردستان كنت تحمل جرحا وعدت اليها بعد 30 عاما من الغربة كي تظل فيها وتعيش بقية عمرك فيها. ولكنك عدت بخيبة امل وبجرح اخر فأي الجرحين آلمك اكثر الجرح: الاول ام الاخير؟
حين وصلت النمسا كان عمري 29 عاما وبعد مرور 29 عاما على غربتي عدت بعمرين الى كوردستان. ربما سأعوض عمر الغربة بعمر اخر في الوطن!!جرحي الاول حين وجب علي مغادرة الوطن بعد ان تعرضت للضغوط من جهات في الامانة العامة للثقافة والشباب للعزف والتأليف للنظام السابق، ولكني رفضت ان تكون موسيقاي رخيصة وكنت في قمة هيجاني واستنكاري لمطالبهم. وكان الجرح الاول التوجه الى المنفى كي ابحث عن ذاتي الحرة. وعلى الفنان ان يكون حرا كي ينتج فنا حرا.والجرح الثاني حين عدت بعد 29 عاما والجرح صار اكبر. واذا بي ارى مجتمعنا صار ماديا بحتاً ومقلداً وبعيداً عن الحس الفني والادبي ولم يبق مكانة للادب والانسان والفن. ففي احاديث التجمعات لا حديث سوى الجانب المادي. ولذلك عدت الى غراتس ثانية بعد سنة في كوردستان بخيبة امل كبيرة وكي اقضي العمر المتبقي من سفر الحياة هنا.
**ما الذي اضافته لك سنوات الغربة كإنسان وكفنان؟
أعيش في وطن حر وديمقراطي يقدر انسانيتي وأحس بفني. وهناك في بعض الاحايين عداء للاجانب ولكن الاجنبي هو الذي يفرض نفسه في المجتمع بعمله واجتهاده واندماجه.وكفنان درست الموسيقى في اكاديمية غراتس الموسيقية عام 1989 وحصلت على دبلوم وماجستير في الفن حول التأليف الموسيقي. وانا سعيد بالعمل مع نخبة من الموسيقيين العالميين وعلى رأسهم البروفيسور(ماركوس شيرمار)عازف البيانو الشهير في اوربا.
**كيف تقيم الموسيقى الكوردية بصورة خاصة والفن بصورة عامة في كوردستان بعد ان عشت فيها اكثر من عام؟
مستوى الموسيقى في كوردستان ليس بالمستوى المطلوب في وقت نحن نعيش وضعا سياسيا حرا وكل المستلزمات متوفرة. والمشكلة لا تتوقف عند الموسيقيين والفنانين فقط بل تتعدى إلى القوانين والمؤسسات الفنية التي لا تضمن للفنان حقه في التلحين والتوزيع والتصرف باعماله .
** ماذا تعني لك مدينة غراتس وانت قدمت من جنة الله كوردستان؟
غراتس تعني لي الوطن الثاني الذي ترعرعت فيه اكثر من 31 عاما ودرست في جامعاتها وعشت حريتي الضائعة فيها. واقامتي في غراتس كانت صدفة وقتها كنت اعيش في فيننا وبعد زيارة الى غراتس وتنزهت ليلا على شاطئ نهر مور الرومانسي وقتها احببت المدينة كالعاشق من النظرة الاولى وهكذا بقيت وقد مضى 31 عاما على اقامتي. واما جنة الله كوردستان ستظل جنة الله وجنة قلبي.
**البعض يقول بانه حين يغترب الفنان والاديب يموت ابداعه والهامه في حانات الغربة وأرصفتها، فهل مت انت ؟
انا لست مع هذا الرأي، ومن خلال تجربتي الفنية وما اقدمه للموسيقى الكوردية هنا فمن المستحيل كنت سأقدمه وأنا في الوطن. وحين قدمت اعمالي على خشبات مثل دار الاوبرا وتصفيق الجمهور للموسيقى الكوردية فهذا هو الهدف بان يصل نتاجنا للآخر وان يتعرف العالم على الموسيقى الكوردية. وهذا الجسر الكبير اشيده وحدى من دون صرف الملايين .
** رزكار يعني المحرر او المنقذ فهل تمكنت ان تحرر نفسك من الموسيقى الكلاسيكية الكوردية او انت تنهل من منابعها؟
اقدر ان استفيد من الموسيقى الكوردية الفلكلورية الشعبية واعدها كمادة اولية لأعمالي الفنية. وكذلك هي مصدر الهامي وإبداعي. وحين اعزف على العود منذ اكثر 31 سنة في الغربة امنح المقطوعة الموسيقية روحا كوردية وثيابا تذكرني بجبال كوردستان وقرية خوشناو وجامعها الذي ينبع منه الماء النقي .موسيقانا هي الحياة بحد ذاتها.
**قبل اكثر من 10 سنوات تحدثت لي عن مشروع موسيقي كبير كوردي نمساوي مشترك فاين وصل مشروعك؟
بطلب من مدينة كلايسدورف النمساوية كلفت بتأليف وتلحين عمل فني يجمع ما بين الفلكلور الكوردي والموسيقى النمساوية على طابع اقليم شتايامارك النمساوي. وقد لقي العمل نجاحا باهرا ومدة العمل كانت 20 دقيقة. واحببت ان اعطي هذا العمل للقنوات الكوردية ولكن للاسف نوعية مادة الفيديو لم تكن جيدة مقارنة بتقنيات اليوم ولمرور 10 سنوات عليه.
** هل تمكن رزكار ان يربط كوردستان بالنمسا موسيقياً؟
الموسيقى عندي هي حلقة الوصل ونحن الان مجموعة من الموسيقيين وهي فرقتي وتعزف الموسيقى الكوردية. سنقوم للتوجه الى كوردستان بتكليف من الاذاعة والتلفزيون النمساوي لاعداد فلم وثائقي حول الفرقة ومسيرة حياتي ومشواري الفني في كوردستان. وكذلك سنقوم بورشة عمل واحياء حفلات ومقابلات تلفزيونية وزيارة المراكز والمعاهد الموسيقية.
** ما كلمتك للموسيقيين الكورد والمستمعين وهواة الموسيقى في كوردستان؟
مع الاسف الموسيقى الكوردية بحاجة الى بناء هوية خاصة بها وكيان يحفظها والابتعاد عن التقليد والموسيقى التركية والفارسية والعربية. فما زلنا لم نتفيأ تحت ظل دولة كوردية مستقلة ذات سيادة.
**كلمة اخيرة ،او امنية اخيرة ،او عتاب لأننا مشهورون بالعتاب؟
امنيتي ان اتمكن يوما ان اقدم جهد سنوات الغربة لتكون اعمالا كبيرة ولكنها تحتاج لمؤسسة ووزارة تقوم بتمويل هذه الاعمال. والفن هو اقرب الطرق لتوصيل البلدان ببعضها.
ودعني رزكار خوشناو، وبقيت انا جالسا في مقهى صالة شوبارت أتطلع بوجوه المارة. فهل هم مثلنا يحملون قصصا وحكايات كحكايات المغتربين والباحثين عن وطن يعوضهم مأساة عاشوها!!. ولكن تستمر رحلة الغربة.
رزكار خوشناو في سطور:
مواليد 10\2\1952 شقلاوة كوردستان العراق
اكمل دراسته في معهد الدراسات النغمية عام 1977.
قدم برنامج مسابقات بين فريقين لتلفزيون كركوك عام 1971 وبعدها قدم برنامجا حول النفط.
لحن لكثير من المطربين الكورد ومنهم :حمة جزا،قادر زيرك،فواد احمد،شيرزاد عبدالرحمن،جلال سعيد،عرب عوصمان،ناصر رزازي،مرزية رزازي،صلاح نجم الدين،علاء صالحيان واخرون.
اشترك لاول مرة في مهرجان الفن الكوردي في بغداد عام 1973 ضمن فرقة اتحاد طلبة كوردستان.
اكمل دراسته الجامعية ونال الماجستير في غراتس عام 1989.
يعمل حالياً كمعالج موسيقي لذوي الاحتياجات الخاصة في غراتس.[1]