بيار روباري
غزت تركيا هذه الدولة اللقيطة الغير شرعية منطقة “چيايه كرمينج” الكردية الخالصة والأمنة أي منطقة (أفرين) الواقعة في أقصى غرب كردستان والتي لا تبعد عن شواطئ البحر المتوسط سوى (30) ثلاثين كيلومتر، وذلك في شهر أذار من العام (2018)، وإحتلتها بالقوة المسلحة الغاشمة ودمرت في طريقها عشرات القرى ومئات ألاف من أشجار الزيتون، وهجرت مليون مواطن كردية منها، وأحلت محلهم كل قذارة العالم بما فيهم: فلسطينيين، شيشان، عربان، قوقازيين تتر، كل ذلك بهدف تغير ديمغرافية المنطقة، ومنع الشعب الكردي من نيل حقوقه القومية المشروعة في غرب كردستان في إطار سوريا فيدرالية.
غزت الدولة التركية الإجرامية منطقة “چيايه كرمينج” الكردية “بإسم الدين الإسلامي اللعين ومحاربة الكرد الإرهابيين“، تمامآ كما كان يفعل صاحب الدين نفسه أي محمد. هذا الأخير لم يكن بإمكانه سرقة الأثار وخاصة حمامات بهذا الحجم، لأنه ببساطة لم يكن يملك الإمكانيات لنقلها، وثانيآ لجهله بأهمية الأثار، فإكتفى ذاك المجرم واللص بسرقة المواشي، الدواب، الجمال، المال، وسبي النساء والجواري والأطفال وقتل الرجال.
أما التتر (الترك) أحفاد هولاكو، فسرقوا كل شيئ بدءً من: “الأثار، الزيتون، الزيت، معامل الصابون، الجرارات، السيارات، المواشي، الدواب، الدجاج، وحتى روث الحيوانات، وصادروا كل أملاك الكرد
من أساس، وحتى الوثائق الرسمية والصور الشخصية”. والأثار التي يتمكنوا من نقلها حطموها بهدف محور تاريخ الشعب الكردي كي يبقى بدون ذاكرة. جرى كل ذلك تحت أنظار الأمريكيين، الروس، الأوروبيين، العربان، الفرس، بالمختصر أمام أنظار العالم كله، المسيحيين منهم والإسلاميين والبوزيين واليهود وسواهم، ولم يتفوه أحدٌ بكلمة واحدة ولا حتى العاهرة “منظمة اليونسكو” ومجلس العهر (الأمن) ولا حكام إقليم جنوب كردستان الأوباش، ولا الداعرين في جماعة المكنسة.
إذا كان هدف الدولة التركية كما إدعت هو تحرير المنطقة من أتباع حزب العمال الكردستاني، فلماذا هجرت مليون مواطن كردي من ديارهم؟ ثم ألم يخرجوا عناصر حزب العمال الكردستاني من المنطقة، بعد الإحتلال، فلماذا قامت عصابة أردوغان بسرق هذا الحمام الأثري المعروضة صورته في الأعلى وذهبت به إلى تركيا؟؟؟ ثم لماذا قمتم بتحويل القرى اليزدانية (الإيزيدية) إلى قرى إسلامية عبر تحويل المعابد اليزدانية إلى مساجد لعينة؟؟
لقد أثبتم بأفعالكم الشنيع والشريرة هذه، أيها التتر والعربان حلفاء أردوغان وتركيا من والإسلاميين، و القومجيين أنكم فعلآ لصوص ومنحطين ودينكم الإسلامي دين لعين. دين قتل، وذبح وقطع الرؤوس بالفؤس، ونهب وسبي، وأن قلوبكم متحجرة ومليئة بالحقد تجاه كل من هو مختلف عنكم. وهذا بان بشكل واضح من أفعالكم الإجرامية والبربرية بحق الشعب الكردي في: أفرين، شنكال، سريه كانية، غريه سبي وكوباني، وقبل ذلك في الأنفال وحلبجة وحتى ثناء غزوكم البربري والوحشي لكردستان قبل (1400) الف وأربعمئة عام.
وفي هذه الصدد أود أضيف بشكل لا لبس فيه:
إن كل كردي يوالي الإسلام والمسلمين بلا كرامة وشرف، ولا يستحق أن يكون كرديآ وعليه أن يخجل من نفسه. وكل كردي يتعاون مع تركيا على حساب أبناء الشعب الكردي في شمال وغرب كردستان، أيضآ بلا كرامة وشرف، وهو أسوأ من العدو التركي نفسه وأخطر.
في كل دراسة تاريخية أكتبها عن تاريخ مدننا الأثرية والتاريخية وأسلاف شعبنا الكردي الكرام: “الخوريين، السومريين، الكاشيين، الإيلاميين، الهكسوس، الميتانيين، الهيتيين والمديين، والساسانيين” أؤكد دومآ على أهمية التاريخ، وأطالب أبناء شعبنا الكردي بدراسة تاريخه وتاريخ أسلافه ومدنه دراسة عميقة، ودون ذلك سنبقى إمة بلا ذاكرة. وأطالب كل مرة القيادات الكردية السياسية الإهتمام بالتاريخ من خلال دعم مؤرخينا والباحثين المهتمين بكتابة هذا التاريخ، ليتمكنوا من إكمال مهمتهم وتدوين هذا التاريخ بأفضل السبل وتقديمه لأبناء الشعب الكردي. إن أكبر خطآ إسترايجي إرتكبه الكرد عبر تاريخهم هو: عدم كتابة تاريخهم بيدهم!!! إلا مؤخرآ جدآ بدأ الكرد الإهتمام بالتاريخ وكتابة ولكن نسبة المهتمين بذلك ضعيفة. الجيل الحالي من نحن المؤرخين نحاول إستعادة ما فاتنا، وقطع الطريق على لصوص التاريخ الكردي وكردستان قدر ما نستطيع، وفي هذا المجال أحيي جميع زملائي الأحياء الذين يبزلون جهدآ كبيرآ لتدوين هذا التاريخ المشرف، وأيضآ أحيي الرحيل الأول من مؤرخينا الكبار.
إن الأثار ليست مجرد حجارة وأدوات فخارية وتماثيل نتفرج عليها فقط، ويخطئ كثيرآ من يظن أنها أشياء جامدة. ولو كان الأمر كذلك لما سرق المحتلين وعبر التاريخ أثار الشعوب التي إحتلوها، فهي تنبض بالحياة، وهي ذاكرة الأمم والشعوب وحضارتهم وأوطانهم وتلخص تجارب ألاف السنين، ومن هنا فإن هذا الحمام الأثري الخوري – الهيتي – الكردي، يختزل في حجارته وطينه تاريخ إمة وحضارة بأكملها وهي الحضارة: الخورية – الميتانية – الهيتية – الكردية.
إن تحرير منطقة “چيايه كرمينج” من رجس الإحتلال التركي والإرهابيين المتحالفين معهم من العربان، لا يمكن أن يكتمل إلا بعودة هذا الحمام الأثري وغيرها من الأثار التي سرقوها، وهو يلخص أي الحمام مرحلة تاريخية برمتها من تاريخ شعبنا الكردي وأسلافه العظام من الخوريين والميتانيين والهيتين، الذين قدموا للبشرية أول حضارة عرفتها الإنسانية في تاريخها وذلك إنطلاقآ من مدينة “گوزانا” مهد الحضارة الخورية – الكردية – البشرية. هذا إضافة لمئات الإبتكار العلمية وحتى إبتداع الأديان وأول أبجدية للكتابة والتعليم، علم الموسيقى، إستخراج المعادن وتعدينها، تدجين الحيوانات، وقبل كل ذلك الزراعة. والزراعة لمن يجهل فإنها تعني الثقافة بمعناها الواسع والشامل في اللغة الكردية وبقية اللغات الهندو- أوروبية. من هنا أكرر دعوتي لأبناء شعبنا في “أفرين” وجميع المناطق المحتلة بغرب كردستان تدوين وتوثيق كل السرقات، كي نطالب بأثارنا بعد التحرير ودحر المحتلين التتر.[1]
09 – 08 – 2022