صلاح بدرالدين
تعريف: المقصود هو حل أزمة الحركة #الكردية# السورية ( إعادة بناء تنظيمي، توحيد، شرعنة، فكر قومي ديموقراطي، توجه وطني - )، وذلك لانها تعاني التفكك، والانقسام، وضياع المشروع القومي - الوطني المتوافق عليه بين الغالبية الشعبية، وتحول الصراع السياسي والحوار السلمي الفكري الخلاق الى مواجهات النبذ، والتخوين، والاقصاء، والتجاهل بين أحزاب، ومحاور حول المصالح الذاتية الخاصة، وتحريف المسار السياسي عن الخط القومي الديموقراطي من النواحي التاريخية، والجغرافية، وتقزيم الأهداف، والمطالب القومية، وافراغها من المضمون الحقيقي المستند الى مبدأ تقرير مصير شعب كسائر شعوب المنطقة، والعالم، الى جزئيات مناطقية في الشكل والجوهر، مما تضيف تعقيدات جديدة امام حلها، ومجرد رغبات لتحسين أوضاع حزبية سلطوية .
في الأولويات، والنضال السياسي، والكفاح المسلح
ولكن لماذا اعتبار إعادة بناء الحركة الكردية من الأولويات ؟ لان الحركة الكردية السياسية هي الأداة الوحيدة لنضال الكرد السوريين الذين اختاروا الأسلوب الحواري،السلمي، السياسي، الجماهيري، الثقافي، منذ اول الانطلاقة القومية، لتاكيد الوجود، واستعادة الحقوق، ومن الناحية الفعلية خسر الكرد أداتهم النضالية في الظرف الراهن ولابد من استعادتها، من جهة أخرى وباستِناء ظروف طارئة ووقتية مرت على سوريا والكثير من شعوب، وبلدان المنطقة خلال التصدي لجحافل ارهابيي – داعش – كدفاع عن النفس، فان الحل العسكري غير وارد بشأن القضية الكردية السورية، والكرد السورييون بغالبيتهم الساحقة يرفضون عسكرة المجتمع، وتسليح المرأة والرجل، والشباب، والقصر، ومن الممكن ان تعقب التسليح مواجهات دموية لحل الخلافات في ظل الوضع الموبوء الراهن، وصولا الى حروب أهلية او ( اقتتال الاخوة ) كما حصل في كردستان العراق في مراحل دامية سابقة .
هنا لابد من الإشارة ان المسالة العسكرية – الأمنية للمناطق الكردية ستكون ضمن الصيغة التي يتم التوافق حولها بشأن حل القضية الكردية النهائي في سوريا، وحسب إرادة الغالبية الكردية، وبالتوافق مع الشركاء من الوطنيين الديموقراطيين وفي الاطار السوري العام، بضمانة دستورية مثبتة، وموثقة، وليس من خلال مداولات جانبية سرية لفرض ميليشيات حزبية في هذه المنطقة وتلك .
من المسلمات ان لكل جزء خصوصياته وبينها الاختلاف في وسائل النضال، ومن المعلوم ان العمل العسكري – الثوري كان طاغيا على معظم حركات الأجزاء الأخرى منذ تقسيم كردستان، ولاشك ان العامل الوطني كان له دور فاعل في كثير من الحالات حيث نشأت المعارضة العراقية على سبيل المثال منذ تولي حزب البعث مقاليد السلطة على مفاهيم الكفاح المسلح، والتقت بذلك مع الحالة الكردية الثائرة، وبخلاف تجربة كردستان العراق المميزة لم تتحقق اية انتصارات عبر العمل العسكري في ساحتي تركيا، وايران .
تداعيات التخلي عن حل الازمة
لم تكن الحركة في احسن احوالها منذ نحو عقد، ثم تفاقمت أزمتها أكثر منذ بد ايات الثورة السورية المغدورة، عندما دب الانقسام في صفوف الأحزاب حول الموقف من الثورة، والقضية الوطنية، ونظام الاستبداد، واستطرادا نشاطات الشباب الكرد، ومشاركة تنسيقياتهم في التظاهرات الاحتجاجية السلمية اسوة بنظيراتها السورية بمختلف المناطق، مما خلق ذلك شرخا في الصف الكردي السوري تحديدا بعد وقوف – ب ي د – وتوابعه في صف النظام، واتخاذ أحزاب أخرى موقف المحايد، ومضي الشباب والوطنيين اللاحزبيين بالانخراط بالثورة، ولو لمدة زمنية محدودة وحتى اكتشاف انحراف مكونات المعارضة التي تصدرها الاسلام السياسي عن خط الثورة .
تهجير سياسي، ثم موجة جديدة
نتج عن تفاقم الخلافات، وقمع سلطة الامر الواقع، وبقاء الازمة دون حل، هجرة واسعة وفي بعض الأحيان التهجير القسري، وتم افراغ المناطق الكردية لاكثر من النصف، ومنذ ان فقد الشعب أي امل بتحسن الوضع، وانفراج ازمة الحركة الكردية، ظهرت موجة جديدة للهجرة – الانتحارية – عبر المهربين، والبحار، ولجأت الأحزاب الى دعم المحاور، والمال السياسي، وتراجعت القضية الكردية السورية، وتبدلت ملامحها، وأهدافها، بعد تبنيها لاجندات الاخرين، وتم الخلط بين الصديق، والعدو حيث اصبح نظام الاستبداد صديقا بل ملاذا، واختير أعداء افتراضييون، واستفحل العداء الكردي – الكردي، وتعرضت مبادئ العيش المشترك للاهتزاز .
الشأن الفكري الثقافي
تأثرت الحركة الثقافية الكردية سلبا في ظل ازمة الحركة السياسية، وتراجع الابداع الثقافي الحر، وانقسم المثقفون بدورهم ليتبعوا هذا الطرف الحزبي او ذاك ولم يتمكنوا حتى الان من تنظيم صفوفهم مهنيا ومن خلال اطرهم، واتخاذ الموقف المناسب الملتزم بمصالح شعبهم بمعزل عن التبعية، او المواقف الرمادية، فالموقع التاريخي للمثقف الملتزم هو الى جانب الغالبية الشعبية، ومع التطوير، والتغيير الديموقراطي، وإعادة البناء، ومع الحركة الكردية الموحدة، بل مع اثرائها بالعلم، والمعرفة، ومع إعادة كتابة تاريخ الشعب الكردي، ودوره في احداث المنطقة قديما وحديثا، لا ان يكتب بدافع العيش حسب عرض، وطلب السوق يمدح هذا، ويهجو ذاك ؟! .
من دون انكار تصدر مجموعات من الجيل الجديد في الكتابة النقدية الواعدة، واطلاق أصوات شبابية تدعو الى التغيير بالداخل ( بالرغم من محاولات استيعابها، وتدجينها ...) الا ان الساحة الكردية السورية تفتقر بشدة الى نتاجات جادة حول تطورات الفكر القومي، وتحولاته على ضوء حركة التغيير المتسارعة في بنية، وبرامج حركات التحرر، والانتقال الى مراحل جديدة بعد توقف الحرب الباردة، وسقوط المعسكر الاشتراكي، والصراعات بين الأقطاب، والتقدم التكنولوجي المعولم، وتبدل ملامح القضايا القومية في العالم، ورجحان كفة البعد الوطني في الدول التي تقتسم الكرد، وافول نجم الآيديولوجيات، وظاهرة الثورات الشبابية – النسائية العفوية المسالمة .
لقد دفعت الازمة وادامتها، وعدم حلها الجزء الأكبر من مسؤولي أحزاب طرفي الاستقطاب المتنفذين، وبشكل خاص الطرف الذي يقود البقية الباقية من سلطة الامر الواقع اعتبار انفسهم في بعض المواقف أولياء أمور الكرد، والمتكلمين باسمه، والمتاجرين بقضيته، وفي مواقف أخرى لايابهون بمصيره، ويتبرؤون من قضيته القومية، ويقفون ضد وحدة حركته، نعم فان الازدواجية المتناقضة هذه وتدني الشعور بالمسؤولية، وأساليب التضليل والخداع، من تداعيات ازمة الحركة وتفاقمها، وهي العنوان الذي يطبع المشهد الحزبي في هذه المرحلة الأكثر خطورة في تاريخنا .
عودة الى ماقبل الانتماء القومي
من المشاهد المؤلمة والمدمرة التي خلفتها أزمة الحركة، واستعصاءات حلها، العودة الى الاحتماء باالعشائرية، والدعوة الى المناطقية، والقسم الأكبر من الظاهرة هذه من صنع وتشجيع أحزاب الطرفين، فهناك من يسعى الى توسيع الهوة بين كرد الجزيرة، وكوباني، وعفرين، فعدد الروابط، والجمعيات، والاطر، والمواقع الإعلامية والنشاطات على أساس مناطقي، وعشائري في الاعوام الثلاثة الأخيرة يفوق أعداد منظمات المجتمع المدني المهتمة بالثقافة القومية، والجامعة لكل الكرد السوريين، وهناك بوادر تشكل تيارات، وشلل ترجح الانتماء المناطقي على القومي، والوطني، وتمنح الأولوية للحلول الجزئية على حساب الحل الشامل للقضية القومية الكردية في سوريا .
لذلك كله ومن اجل وقف التدهور، وقطع الطريق على جميع أنواع الردات الفكرية، والثقافية، والأخلاقية، لابد من العودة الى الشعب الوحيد الذي يمكن ان يعيد الأمور الى نصابها، والبحث عن اداتنا النضالية، من خلال العمل الجاد على توفير شروط عقد المؤتمر التصالحي الكردي السوري وإزالة كل العقبات من طريقه ( راجع مبادرة بزاف المنشورة فيwww.bizav.org )، لاعادة توحيد الحركة – الأداة، وصياغة المشروع الكردي بجانبيه القومي، والوطني .
والقضية تحتاج الى نقاش[1]