حاورته- سماح عادل
“حواس محمود” كاتب وباحث سوري، مقيم بالنرويج، من مواليد1960/ سورية. حصل على بكالوريوس هندسة مدنية جامعة حلب 1986.
له ستة كتب مطبوعة هي:
1- “موضوعات سجالية” أفكار حول المشهد الثقافي الراهن، دار الينابيع دمشق 2002.
2- “التكنولوجيا والعولمة الثقافية”، دار الحكمة، دمشق 2003.
3- “المائدة الأدبية”، مطبعة اليازجي، دمشق 2005.
4- “المشهد الثقافي #الكردي# والسبيل لبناء فكر قومي كردي معاصر” دهوك – جامعة دهوك – مركزالدراسات الكردية وحفظ الوثائق 2010.
5- “العالم العربي.. قضايا معاصرة”، دار الزمان 2020.
6- “مائة كتاب في كتاب”، دار أوراق القاهرة 2021.
نشر في أكثر من سبعين صحيفة ومجلة.
كان لنا معه هذا الحوار:
** رغم أن تخصصك في الهندسة المدنية إلا أنك اتجهت إلى طريق الكتابة الثقافية لما؟
– منذ نعومة أظفاري أحببت مطالعة الكتب والروايات وقراءة الصحف والمجلات، إلى درجة أنني كنت في أحيان كثيرة أهمل واجباتي المدرسة والجامعية وأتوجه بنهم غريب إلى قراءة مجلة أو كتاب ثقافي، ولعل هذا كان من أحد أسباب تأخري عن أقراني في نيل البكالوريوس في الهندسة المدنية، وباختصار فإن الثقافة عشقي الأبدي والهندسة مهنتي.
** لك كتاب بعنوان “موضوعات سجالية.. أفكار حول المشهد الثقافي الراهن” صدر في 2002 حدثنا عنه، وكيف هو حال الثقافة في سورية الآن وخاصة بعد ما حل بها من أحداث عصيبة؟
– هذا الكتاب “موضوعات سجالية.. أفكار حول المشهد الثقافي الراهن” هو باكورة أعمالي الفكرية والأدبية، نشرت فيه مجموعة من المقالات التي كان القسم الأعظم منها قد نشر في الصحف والمجلات المحلية والعربية، أتحدث فيه عن عدة موضوعات: (المثقف والثقافة- الأمية الثقافية- إشكالية العلاقة بين الثقافة والتعليم- العولمة- الإعلام- الايديو تكنولوجيا- معاناة الكاتب- الإنسان بين الألم والأمل) وغيرها من الموضوعات.
أما بالنسبة لوضع الثقافة في سورية الآن بعد ما حل بها من أحداث عصيبة، فإنني قد بعدت عن الوطن من أكثر من ثمان سنوات وإطلاعي على وضع الثقافة بالداخل السوري قليل، ولكن أستطيع القول أن الثقافة في سورية هي الأخرى تأثرت كثيراً بما حل بالشعب السوري والوطن السوري، من حروب وكوارث وتدمير البنى التحتية، واهتزاز كبير في البنى الفوقية من ثقافة وفكر وأدب.
ومعروف أن الفكر والثقافة لا ينتعشان في أجواء الاستبداد والقمع السلطوي والحروب والمنازعات البينية الداخلية، إلا أنّ ما يدعو للتفاؤل والأمل هو حال الثقافة في المغتربات، فهي في حالة صعود كبير وملفت، إذ وجد الكاتب والمبدع السوري نفسه في أجواء ديموقراطية وفي مناخات حرية التعبير لم تكن متوفرة له في وطنه من قبل، لذلك أبدع بشكل لافت ومميز وبخاصة في فن الرواية، وأعتقد أنّ فن أو أدب المقاومة السوري سيكون في صدارة الآداب العالمية تميزاً وإبداعا ورُقياً في المستقبل القريب، وذلك بسبب نقل أحداث في غاية القسوة والغرابة والدهشة إلى حيز روائي مع توفر المناخات لذلك.
** حدثنا عن كتابك “المشهد الثقافي الكردي والسبيل لبناء فكر قومي كردي معاصر”؟
– أعالج في هذا الكتاب موضوع أزمة المثقف الكردي، أزماته، أمراضه، تشتته، وعدم قدرته على تشكيل قوة فكرية رصينة ووازنة قادرة على التأثير في الرأي العام الكردي وبخاصة في #كردستان# سوريا، وتم عنونة الكتاب ب”المشهد الثقافي الكوردي والسبيل لبناء فكر قومي كوردي معاصر”، بناء على طلب الناشر، علما أنني كنت أحبذ أن أعنونه ب “أزمة المثقف الكردي” حتى يكون واضحا مضمون الكتاب، رغم احتوائه على فصل أخذ عنوان الكتاب، وأعتقد أن موضوع هذا الفصل غير مسبوق كردياً على مستوى أجزاء كردستان الأربعة، وذلك يتجلى عند البحث في محركات غوغل أو غيره من المحركات عن “الفكر الكردي” أو “الفكر الكردي المعاصر” وكنت سأحاول تطوير الدراسة وجعله كتاباً، لكن ندرة المصادر حالت وتحول دون ذلك.
** ما هو سبب اهتمامك بالشأن الكردي وبرصد التاريخ السياسي والثقافي الكردي؟
– سبب اهتمامي بالشأن الكردي ورصد التاريخ السياسي والثقافي الكردي يعود إلى أنني كردي الانتماء القومي، واهتمامي الكبير بالموضوع الكردي سببه الحرمان القومي، ومتابعتي منذ الصغر لأخبار الثورة الكردية في كردستان العراق بقيادة الراحل “ملا مصطفى البارزاني” الذي كان من أنبل وأشجع وأروع القيادات الكردية التي شهدها التاريخ الكردي.
الأكراد في سورية حرموا من الجنسية السورية وتم إسكان مواطنين عرب في مناطقهم في الجزيرة السورية وسميت بمناطق الغمر، لأن هؤلاء السكان الذين تم استيطانهم في المنطقة الكردية كانت قد غمرت أراضيهم نتيجة فيضانات في نهر الفرات بمنطقة الرقة السورية، مما استصعب زراعتها فلجأ النظام السوري إلى عملية تغيير ديموغرافي في المنطقة الكردية، تحسباً لآثار الثورة الكردية في العراق، آنذاك، على كرد سوريا.
هذا كله شكل لدي دافعا قوياً للبحث في الموضوع الكردي، ولم أكتف بشرح القضية الكردية في كتاباتي وحسب، وإنما تناولت الأحزاب الكردية وبالتالي السياسة الكردية بالنقد والتحليل لأجل تصحيح المسارات الخاطئة، وأحسب أنّ هذه مهمة المثقف الملتزم بقضايا شعبه العادلة والتي تستحق الاهتمام من كل مثقف غيور على شعبه ووطنه.
كما لا أخفيك سيدتي أنني سجنت بسبب الموضوع الكردي وموضوع الحريات في سورية مرتين من قبل جهات أمنية سورية.
** هل أثرت الثورة السورية على مجال الثقافة في رأيك وكيف كان هذا التأثير؟
– نعم أثرت الثورة السورية على مجال الثقافة، بحيث باتت ثقافة الحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان ظاهرة بارزة وجلية في المشهد السوري بعد 2011، وقبلها كانت محاولات عدة لإبراز هذه الثقافة، لكن زخم الثورة كان قوياً كالفيضان بحيث تحول المشهد السياسي السوري إلى جهتين متناقضتين جهة النظام وجهة الثورة. ورغم انكسار الثورة، لا أقول فشل، فإن تأثيراتها باقية إلى أجيال قادمة عديدة لأنها زرعت هذه الثقافة في تلافيف الدماغ السوري، وازداد تأثير هذه الثقافة مع هجرة ملايين السوريين إلى المغتربات، وبينهم نخبة ثقافية ممتازة استطاعت أن تستغل أجواء الحرية الديموقراطية في مغترباتها لصالح توظيف الألم السوري في قوالب إبداعية متميزة، وبخاصة في مجال الرواية كما أوضحت ذلك في جواب السؤال الثاني.
** كيف أتتك فكرة أن تجمع “مائة كتاب في كتاب” وما أبرز المجالات التي تناولها كتابك؟
– الحقيقة أنني كنت أفكر في أن أجعل من عروض الكتب الصادرة (التي قمت بقراءتها منذ تقريباً عام 2000 إلى عام 2020) كتاباً جامعاً لها، لكنني كنت متردداً في ذلك لسبب بسيط وهو أنني كنت أعتبر نفسي لا آتي بجديد عندما أقدم هذا الكتاب للقراء، لكنني غيرت من رؤيتي هذه عندما اقترح عليّ الكاتب السوري “صبحي دقوري” الذي شجعني على تأليف كتاب بعنوان “مائة كتاب في كتاب” أي أنّ القارئ سيقرأ 100 كتاب في كتاب واحد وحيد.
ولقد تم تقسيم الكتاب إلى ثمانية أبواب ومائة فصل، الباب الأول بعنوان انثروبولوجيا، والباب الثاني الإعلام والعولمة، والباب الثالث خصص للفلسفة والفكر والسياسة، والباب الرابع عرضت فيه موضوعات عن التربية والاجتماع وعلم النفس، والباب الخامس تمت فيه معالجة موضوعات عن الأدب والفن والنقد، والباب السادس خصص لحقل الثقافة، والباب السابع تم فيه عرض موضوعات عن الحضارة والتاريخ وشخصيات، والباب الثامن والأخير تم فيه عرض كتاب عن تحولات الطبقة الوسطى في الوطن العربي.
** كيف أضرت العولمة ببلدان الشرق الأوسط في رأيك؟
– بالأساس العولمة عبارة عن ثمرة تطور معرفي وتكنولوجي هائل طرأ على العالم، وهي تعبر عن مرحلة تاريخية من عمر البشرية لا بد منها، ولكن البنى المتخلفة في العالم العربي وبخاصة في مجال التعليم والعلم والتكنولوجيا وكذلك نمط أنظمة الحكم التي هي أنظمة عسكرية غير مدنية ولا تهتم بالتنمية في كافة المجالات، أقول هذه البنى المتخلفة وطبيعة أنظمة الحكم السائدة أديا إلى الاستثمار السلبي للتقنية والتكنولوجيا والفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي، أسميها ب”ظاهرة الشعبوية الافتراضية”، لأن هناك تناقض هائل بين أقصى تطور تقني في الأجهزة والمعدات والبرامج المعلوماتية والتكنولوجية المستخدمة في كل العالم بما فيه العالم العربي، وبين البنى الفكرية والنفسية والاجتماعية للفرد من العالم العربي الذي يستخدم هذه الأجهزة والمعدات.
لذلك نرى وكأن ضرراً بالغا قد أصاب العالم العربي لسبب أساسي وهو أنه غير مهيئ للتكيف مع التطور المعرفي والتكنولوجي وبالتالي العولمي في العالم، وقد بينت الكثير من الأمور المتعلقة بهذا الجانب في كتابي الموسوم ب “التكنولوجيا والعولمة الثقافية” الصادر عن دار الحكمة دمشق عام 2003.
** ماهي أهم محاور كتابك “العالم العربي قضايا معاصرة”؟
– أهم محاور كتابي “العالم العربي قضايا معاصرة” هي:
البحث العلمي، ودور العلم والتقانة في عمليات التنمية، الثقافة العلمية، اقتصاد المعرفة، المجتمع المدني ومفهومه وعلاقته بالدولة، مشكلات الشباب في العالم العربي، العولمة وجوانبها وخطابها عربياً من خلال تناول أبرز الاتجاهات الفكرية العربية، وعلم اجتماع الانترنت، والشعبوية الافتراضية، والمستقبلية، والدراسات الثقافية، العروبة والديموقراطية كجدلية غائبة عن الفكر العربي) وموضوعات أخرى.
** تعيش في بلد أوروبي، هل أثر اغترابك على الكتابة والإبداع لديك؟
– الاغتراب عن الوطن يولّد لدى الكاتب والمبدع المغترب طاقة متحركة ناتجة عن طاقة كامنة تتعلق بمسألة الديموقراطية الغائبة في بلداننا، وعندما يغترب المواطن إلى دولة ديموقراطية فإن الكمون الإبداعي المختزن يتفجر كنبع ماء دافق ينبثق ويتفجر من جوف الأرض، وبسبب الغربة والحنين للذكريات والمواقف والأماكن والأشخاص والطفولة تتولد لديه طاقة للكتابة عن تلك الأيام أو عن أثر تلك الأيام في حياته.
وبالنسبة للمفكر يكتب بحرية تامة غير خائف من رقيب أو شرطي أو عنصر أمن كان يقف دائما بالمرصاد تجاه آرائه أو كتاباته أو مواقفه تجاه شعبه المقموع والمسحوق من كل الجوانب.
وباختصار أستطيع القول أنّ الاغتراب فسحة نفسية جيدة للإبداع والكتابة ووقت للشجن وللنوستالجيا والحنين للطفولة والذكريات والأماكن والشخصيات.
...........................................................................
3 أغسطس، 2022 – موقع كتابات
[1]