#ديرك# – نورث برس
“نحن لسنا إرهابيين”، بهذه العبارة استنكرت صافية إبراهيم (65 عاماً) من سكان مدينة ديرك، أقصى شمال شرقي سوريا، الهجمات التركية على مدينتها، إذ أودت بحياة 11 مدنياً، فجر الأحد الفائت.
وقالت “إبراهيم” من مقبرة “الشهيد خبات” بريف ديرك، بعد تشييع ضحايا القصف، “#الكرد# لا يقتلون الأبرياء”، في إشارة إلى هجوم إسطنبول الذي اتهمت أنقرة #حزب العمال الكردستاني# وقوات سوريا الديمقراطية “#قسد#” بالوقوف وراءه، فيما نفى الطرفان علاقتهما بالاعتداء.
وبعد أيام من انفجار إسطنبول الذي ذهب ضحيته 6 قتلى وعشرات الجرحى، قصفت تركيا بالطيران الحربي مناطق عدة في شمال شرقي سوريا.
الغارات الجوية التركية ووفقاً لما أعلنته “قسد”، أسفرت عن فقدان 13 مدنياً بينهم صحفي، ومقاتل في صفوف “قسد” لحياتهم، وإصابة 9 مدنيين آخرين.
كما قضى 13 عنصراً في الجيش السوري، وأصيب سبعة آخرون، في غارات تركية استهدفت قرية الشوارغة بريف حلب الشمالي، كما أصيب عنصر في الجيش بجروح بليغة جراء قصف الطائرات التركية لقرية قزعلي بريف كوباني الشرقي.
وفقد 3 عناصر في الجيش السوري حياتهم وأصيب آخر، في قصف تركي على ريف بلدة زركان (أبو راسين) شمالي #الحسكة#، بعد منتصف ليل السبت الفائت.
ضحايا صحفيون
وأمس الاثنين، شيع الآلاف من السكان الذين توافدوا من مختلف مدن شمال شرقي سوريا إلى ديرك، ضحايا الغارات التركية، وسط ترديد هتافات تندد بالهجمات التركية.
واتهمت المسنة الكردية التي فقدت أحد أبنائها في الحرب ضد “داعش”، القوات الأميركية بإعطاء “الضوء الأخضر” لتركيا بتنفيذ هجمات ضد الكرد في شمال شرقي سوريا.
وأضافت بغضب شديد: “أين حقوق الإنسان؟ أين المجتمع الدولي من هذه المجازر”.
وفي تعليق لها على الهجمات التركية الأخيرة، حثت واشنطن على لسان المتحدث باسم خارجيتها نيد برايس، الثلاثاء، على وقف التصعيد في سوريا، “لحماية أرواح المدنيين ودعم الهدف المشترك المتمثل في هزيمة داعش”.
وكذلك قالت روسيا، الثلاثاء، إنها تأمل في أن تتحلّى تركيا ب”ضبط النفس” وأن تمتنع عن “أيّ استخدام مفرط للقوة” في سوريا.
ولكن سكاناً في شمال شرقي البلاد، يجدون أن مواقف الدول الضامنة “لا تردع” الهجمات التركية المتكررة ويطالبون باتخاذ إجراءات جدية.
ومن بين ضحايا القصف التركي على محطة الكهرباء في قرية تقل بقل بريف ديرك، فقدان الصحفي عصام عبدالله مراسل وكالة أنباء هاوار المحلية، لحياته.
واستنكرت مالفا علي، الرئيسة المشاركة لاتحاد الإعلام الحر في شمال شرقي سوريا، استهداف الصحفيين من قبل القوات التركية.
واعتبرت أثناء مشاركتها في مراسم تشييع الصحفي عصام عبدالله، “استهداف الصحفيين انتهاكاً صارخاً وجريمة قانونية ينبغي العقاب عليها”.
فيما قال مصدر طبي من مشفى كوباني في وقت سابق لنورث برس، إن مراسل فضائية “ستيرك تي في” محمد الجرادة أصيب بجروح في رأسه.
“هجمات عدوانية”
وغلب على مدينة ديرك خلال اليومين الفائتين، هدوء شبه تام وتراجع لحركة المارة وإغلاق للمحال التجارية.
وهذه ليست المرة الأولى التي تستهدف القوات التركية محطة الكهرباء في قرية تقل بقل، إذ تعرضت في شباط/ فبراير الفائت، لقصف جوي تركي أدى لفقدان عدد من الحراس المدنيين والعسكريين لحياتهم.
وتوعد القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، الجنرال مظلوم عبدي، في تغريدة على تويتر، أمس الاثنين، بالرد على “مجازر الدولة التركية”.
فيما اعتبر طلعت يونس، الرئيس المشارك للمجلس التنفيذي في إقليم الجزيرة التابع للإدارة الذاتية، أن “الاستهدافات اليومية من قبل الاحتلال التركي لمناطقنا هدفها تقويض الجهود الرامية لمحاربة داعش”.
وشدد “يونس” على أن “جميع الاستهدافات للمراكز الخدمية والعسكرية تكون قريبة من مخيمات الدواعش ومراكز لقوات التحالف والقوات الروسية دون اتخاذ أي إجراءات أو ردود فعل”.
وأضاف: “هذا الأمر يشكل هاجساً لدى شعوب شمال شرقي سوريا بالسماح لتركيا بالاستهدافات والانتهاكات أمام الجهود الرامية لمحاربة داعش، تسعى تركيا دائماً لضرب الاستقرار بالمنطقة”.
ويتخوف سكان أن يتكرر سيناريو هجوم تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” على سجن الصناعة مطلع العام الحالي، نظراً لوقوع الهجمات التركية بالقرب من مخيم “روج” الذي يضم الآلاف من عائلات التنظيم الأجانب.
وبالعودة إلى مكان حدوث الاستهداف، لا يزال سكان القرى المحيطة في حالة الصدمة والخوف من تجدد القصف التركي، وسط هدوء يخيم على المنطقة التي عادةً حركة المارة فيها لا تنضب لوقوعها على طريق المؤدي إلى معبر “سيمالكا” الحدودي مع إقليم كردستان العراق.
وقال حمزة حسن وهو ابن عم أحد الضحايا من قرية تقل بقل، تفاصيل ليلة الاعتداء “عندما حصل انفجار، هرع ابن عمي لمكان الانفجار قبل أن يحدث انفجار ثان، وفي صباح اليوم التالي أخبرونا أنه لم يعد”.
وأضاف: “في المشفى لم نتعرف على جنازته بسبب عدم وضوح الملامح”.
واعتبر “حسن” أن هذه الهجمات “عدوانية ولكن لو تحرك المجتمع الدولي لما حصلت هذه المجازر”.[1]
إعداد: دلسوز يوسف- تحرير: سوزدار محمد