طالت عمليات الاحتجاز 107 أشخاص، بينهم 8 نساء و 11 طفل/ة في منطقة #عفرين#، وكذلك عشرة أشخاص، بينهم امرأة وطفل في مناطق رأس العين/#سري كانيه# وتل أبيض، وقد تمَّ الإفراج عن 21 شخصاً، من عموم المحتجزين/ات، فيما لا يزال مصير 96 شخصاً، بينهم 7 نساء و9 أطفال مجهولاً
سبتمبر 3, 2022 214 مشاهدة تحميل كملف PDF هذا المنشور متوفر أيضاً باللغة: الإنجليزية
مصدر الصورة: غرفة القيادة الموحدة عزم التابعة للجيش الوطني السوري - تويتر.
مقدمة:
وثقت رابطة “تآزر” للضحايا، اعتقال ما لا يقل عن 117 شخصاً، بينهم 9 نساء و 12 طفل/ة، خلال شهر آب/أغسطس 2022، في مناطق عفرين ورأس العين/سري كانيه وتل أبيض التي تسيطر عليها القوات التركية وفصائل “الجيش الوطني السوري” المُعارض، كنتيجة لعمليتي “#غصن الزيتون#” في عام 2018 و “نبع السلام” في عام 2019.
تركز العدد الأكبر من حالات الاعتقال في منطقة عفرين، حيث جرى اعتقال 107 أشخاص، بينهم ثمانية نساء و 11 طفل/ة، في حين شهدت منطقتي رأس العين/سري كانيه وتل أبيض اعتقال عشرة أشخاص على الأقل، بينهم امرأة وطفل. وقد تمَّ إطلاق سراح 21 شخص، بينهم امرأتين وثلاثة أطفال من عموم المحتجزين/ات، فيما لا يزال مصير 96 شخصاً، بينهم سبعة نساء وتسعة أطفال مجهولاً.
تعرض معظم المحتجزين/ات للاعتقال بشكل تعسفي، وتنوعت أسباب احتجازهم/ن والتهم الموجهة لهم/ن، ففي حين واجه بعضهم/ن تهماً من قبيل التعامل مع “الإدارة الذاتية” أو العمل لدى إحدى مؤسساتها سابقاً، أو محاولة العبور إلى تركيا بطريقة غير شرعية، اعتقل آخرون بهدف ابتزاز عائلاتهم/ن وتحصيل فدية مالية.
وقال 12 من المحتجزين المُفرج عنهم/ن ل “تآزر”، إنهم/ن تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة في السجون التي تديرها فصائل “الجيش الوطني السوري” المُعارض في مناطق عفرين ورأس العين/سري كانيه وتل أبيض.
اعتمدت الرابطة في توثيقاتها التي جمعتها في قاعدة البيانات الخاصة بها على شبكة باحثيها الميدانيين، والمعلومات التي حصلت عليها من ذوي المحتجزين/ات وشهود عيان، فضلاً عن التحقق من معلومات المصادر المتاحة للعموم (المصادر المفتوحة).
وتُنوّه “تآزر” إلى أن الانتهاكات التي ترتكبها تركيا وفصائل “الجيش الوطني السوري” في مناطق عفرين ورأس العين/سري كانيه وتل أبيض هي أكثر بكثير مما يتم توثيقها والتحقق منها، إذ تعتقد الرابطة أنّ العدد الفعلي لحالات الاعتقال هو أعلى بكثير من الرقم الوارد في هذا التقرير.
وكانت رابطة “تآزر” قد وثقت في تقرير لها، ما لا يقل عن 79 حالة اعتقال في مناطق “نبع السلام” و “غصن الزيتون” خلال تموز/يوليو 2022، حيث طالت عمليات الاحتجاز والحرمان من الحرية 63 شخصاً، بينهم أربعة نساء، في منطقة عفرين، و 16 شخصاً في مناطق رأس العين/سري كانيه وتل أبيض.
المسؤولية القانونية:
انتهك “الجيش الوطني السوري” حقوق المحتجزين وفقاً للالتزامات القانونية الدولية، فقد اعتقلت فصائله المختلفة الأفراد واحتجزتهم تعسفاً، فضلاً عن ممارسة المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة على المحتجزين والمختفين قسراً وعائلاتهم/ن، بوسائل منها تعمد إخفاء مصير هؤلاء الأشخاص وأماكن وجودهم، في انتهاك للقانون الدولي الإنساني والمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان[1]، كما أن الاستبعاد الفعلي لهؤلاء الأشخاص من دائرة حماية القانون، إن وجدت هذه الحماية أساساً، والامتناع عن تحديد مصير هؤلاء الأشخاص يشكل أيضاً انتهاكاً للحق في الحياة.[2]
وفي ضوء الاستخدام الموثق المستمر للتعذيب ضد المحتجزين، وامتناع قيادة الفصائل والحكومة السورية المؤقتة/الائتلاف السوري المُعارض عن اتخاذ خطوات فعالة لمنع مثل هذه الممارسات، توجد أسباب معقولة للاعتقاد أن “الجيش الوطني” قد يمارس مثل هذا السلوك عملاً بسياسة تنظيمية. ولذلك، قد يكون هذا السلوك جزءاً من هجوم منهجي على المحتجزين في عهدتها، يرقى إلى مستوى جريمة ضد الإنسانية هي جريمة التعذيب.
تخضع قوات “الجيش الوطني السوري” للقيادة والسيطرة الفعليتين للقوات التركية، لذا فأن الانتهاكات التي ترتكبها هذه الجهات قد تنطوي على مسؤولية جنائية للقادة العسكريين الأتراك الذين كانوا على علم بالجرائم أو كان ينبغي أن يكونوا على علم بها، أو لم يتخذوا جميع التدابير اللازمة والمعقولة لمنع أو قمع ارتكابها[3].
في جميع الأحوال، وبصفتها قوة احتلال، على السلطات التركية ضمان عدم قيام مسؤوليها ومن تحت قيادتهم في “الجيش الوطني السوري” باحتجاز أي شخص تعسفياً أو إساءة معاملته، كما أنها ملزمة بالتحقيق في الانتهاكات المزعومة وضمان معاقبة المسؤولين عنها بالشكل المناسب.
اعتقالات “غصن الزيتون”:
وثقت “تآزر” اعتقال 107 أشخاص، بينهم ثمانية نساء و 11 طفل/ة، خلال شهر آب/أغسطس 2022، في منطقة عفرين ذات الغالبية الكُردية، وقد تمَّ الإفراج عن 18 شخصاً منهم، بينهم امرأتين وطفلتين، فيما لا يزال مصير 89 شخصاً بينهم ستة نساء وتسعة أطفال مجهولاً.
وشهدت ناحية “جنديرس” في عفرين أكبر عدد من حالات الاعتقال، بواقع 35 حالة اعتقال خلال شهر آب/أغسطس، تلتها ناحية شيخ الحديد/شيه ب 16 حالة اعتقال، وشهد مركز مدينة عفرين والقرى المحيطة بها 15 حالة اعتقال، وناحية شيراوا 14 حالة، وناحية شران 13 حالة، وراجو 9 حالات اعتقال، في حين شهدت ناحية معبطلي/موباتا ثلاث حالات اعتقال، وناحية بلبل حالتين فقط.
وكانت قوات الشرطة التابعة للجيش الوطني السوري مسؤولة عن أكثر من 50% من إجمالي حالات الاعتقال في منطقة عفرين، خلال آب/أغسطس 2022، حيث كانت قوات “الشرطة المدنية” وراء 28 حالة اعتقال، فيما كانت “الشرطة العسكرية” مسؤولة عن 27 حالة، فيما نفذت قوات الاستخبارات التركية ست حالات اعتقال على الأقل.
كما نفذت “الجبهة الشامية” 11 حالة اعتقال، و “فيلق الشام” عشر حالات، و “الفرقة 13” ست حالات، وفرقة السلطان سليمان شاه “العمشات” أربع حالات اعتقال، في حين كانت فصائل أخرى، لم تُحدد هويتها بدقة، مسؤولة عن 15 حالة اعتقال.
وتحققت “تآزر” من مسؤولية “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقاً) المُصنفة على قوائم الإرهاب عن حالة اعتقال واحدة على الأقل في قرية “كباشين” التابعة لناحية شيراوا بريف عفرين.
وجهت فصائل “الجيش الوطني السوري” تهمة التعامل مع الإدارة الذاتية و/أو العمل لدى مؤسساتها سابقاً إلى ما لا يقل عن 33 محتجز/ة في منطقة عفرين، وطالبت “الشرطة المدنيَّة” ذوي أحدهم، على الأقل، بدفع مبلغ 300 دولار أمريكي كفدية مالية مقابل إطلاق سراحه.
اعتقالات “نبع السلام”:
شهدت منطقتي رأس العين/سري كانيه وتل أبيض، اللتان تحتلهما تركيا منذ تشرين الأول/أكتوبر 2019، كنتيجة لعملية “نبع السلام”، اعتقال ما لا يقل عن عشرة أشخاص، بينهم امرأة وطفل، خلال شهر آب/اغسطس 2022، على يد فصائل “الجيش الوطني السوري” المُعارض. وقد تمَّ الإفراج عن ثلاثة أشخاص من عموم المحتجزين/ات، فيما لا يزال مصير سبعة آخرين، بينهم امرأة مجهولاً.
وكانت قوات “الشرطة العسكرية” مسؤولة عن اعتقال خمسة أشخاص، على الأقل، فيما كانت فصائل أخرى تابعة ل “الجيش الوطني السوري” مسؤولة عن حالات الاعتقال الأخرى. وكانت دوافع اعتقال غالبية المحتجزين/ات هي ابتزاز عائلاتهم/ن وطلب فدى مالية مقابل الإفراج عنهم.
وقال أحد المدنيين المُفرج عنهم ل “تآزر” إنَّ تجمع “أحرار الشرقية” التابع للجيش الوطني السوري ابتز عائلته وأجبرها على دفع مبلغ 23 ألف دولار أمريكي، مقابل الإفراج عنه، بعد اعتقاله أثناء عودته من عمله بالقرب من بلدة “سلوك” في ريف تل أبيض.
ووصف الشاهد عملية اعتقاله بالتعسفية، وتحدث حول تفاصيلها ل “تآزر” قائلاً:[4]
“تعرضت للاعتقال بتاريخ 3 آب/أغسطس 2022، على الطريق الواصل بين رأس العين/سري كانيه وتل أبيض، حيث أوقفت مجموعة مسلحة لتجمع أحرار الشرقية، سيارة النقل العامة التي كنا نستقلها، على أحد حواجزها العسكرية، وقامت باعتقالي مع شبان آخرين، بعد تقييد أيدينا وتعصيب أعيننا، فضلاً عن معاملتنا بقسوة وتوجيه الشتائم وعبارات مهينة إلينا طوال الطريق إلى مركز الاحتجاز، دون أن نعلم سبب اعتقالنا”.
نُقل الشاهد إلى سجن يديره فصيل “أحرار الشرقية” في بلدة “سلوك”، وبقي محتجزاً أحد عشر يوماً في ظل ظروف احتجاز، قال حولها الآتي:
“طوال فترة الاحتجاز، لم يتم التحقيق معي مطلقاً، وبقيت يداي مُقيدتان بالأغلال (الكلبشات)، التي جرحت معصمي، وعانيت إثر ذلك من ألم فظيع، ورغم ذلك لم يحرروا القيود أو يجلبوا لي الدواء رغم طلبي وإلحاحي، وقد طلبوا مني رقم أحد أفراد عائلتي للاتصال به، وعلمت أنهم سيطلبون المال مقابل الإفراج عني”.
رضخت عائلة المحتجز مُجبرةً لابتزاز تجمع “أحرار الشرقية”، خوفاً على حياة ابنها، حيث تمَّ اطلاق سراحه بتاريخ 14 آب/أغسطس 2022، بعد حصول المجموعة المسلحة على مبلغ 23 ألف دولار أمريكي، وفقاً للشاهد، الذي قال حول ذلك:
“طلب فصيل أحرار الشرقية من عائلتي أن تدفع مبلغ 22 ألف دولار أمريكي مقابل إطلاق سراحي، وما كان بيد أهلي حيلة، حيث اُجبروا على تأمين المبلغ ودفعه لمسلحي الفصيل، الذين قاموا أيضاً بنهب مبلغ ألف دولار كان بحوزتي، ثم تمَّ الإفراج عني بعد ذلك”.
وبلغ عدد حالات الاعتقال التي وثقتها رابطة “تآزر” للضحايا في رأس العين/سري كانيه وتل أبيض، منذ بدء عملية “نبع السلام” التركية، في 9 تشرين الأول/أكتوبر 2019 وحتى نهاية تموز/يوليو 2022، اعتقال ما لا يقل عن 488 شخص، من بينهم 65 امرأة و 37 طفلاً، على يد تركيا وفصائل “الجيش الوطني السوري” التي تدعمها “أنقرة”، كما تمّ توثيق ما لا يقل عن 299 حالة تعذيب للمحتجزين/ات في سجون تلك الفصائل، في حين قضى 5 أشخاص على الأقل نتيجة التعذيب الذي تعرضوا له.[1]
——————————-
[1] قاعدة اللجنة الدولية للصليب الأحمر 98، كما وصفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الاختفاء القسري بأنه جريمة حرب مركبة، انظر/ي القاعدة 156.
[2] الأمم المتحدة، اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، التعليق العام رقم 36 (2018)، الفقرة 58.
[3] نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، المادة 28.
[4] تمَّ إجراء المقابلة عبر الانترنت، بتاريخ 25 آب/أغسطس 2022، وتمَّ التحفظ على نشر بيانات الشاهد بناءً على رغبته.