قامشلو/ علي خضير
يسطَّرَ الكاتب جاسم العاني تاريخ قبائل شطُّ الفرات وبلاد ما بين النهرين، وهو ذو إلمام بالقبائل والعشائر الكرديّة والعربيّة وما جاورهم من سريان وكلدان وآشور، ودوّنها في سبعة كتب.
ينحدر الكاتب جاسم من أصول عراقيّة في مدينة عانا (العراق)، وُلِدَ في بلدة الميادين (دير الزور)، التي كان جدُّه قد هاجر إليها من قبل.
عن بداياته وحياته قال: “تركت بلدة الميادين في عمر 15 سنة، وكنت قد نلت شهادة التعليم الابتدائي في دير الزور عام 1969، واستهوتني الجزيرة السورية فقصدت قامشلو، وفيما بعد عملت مديراً لمدرسة جل آغا، وتنقّلت في أرجاء مدينة قامشلو ومدارسها”.
يضيف الكاتب الهويدي: “سافرت لليمن في بعثة تعليمية لمدة أربع سنوات في لواء تعز، وانسجمت وأُعجبت كثيراً بها وعشت حياةً طيّبةً، ووجدت آثار القدماء فيها مثل السبئيين، والكهلانيين والحميريين والحضارمة، وجلبت من هناك تاريخ زبيد”.
تاريخ وأصول قبائل شمال وشرق سوريا
أما عن البدايات مع الكتابة، فذاك حديث آخر، يقول الهويدي: “في بداية حياتي كنت أكتب في مجلة طبيبك، وكتبت في مجلة “هنا دمشق” وفي “منارة الفرات”، ومن ثمَّ بدأت بالبحث عن منبع وأصول قبائل شمال وشرق سوريا من كرد، وعرب وسريان، فمن القبائل العربيّة قبيلة طي، وزبيد وشمر وبني شيبان وقيس وتغلب، وهناك القبائل الكرديّة، التي يعد منبعها وحقيقتها ووجودها باشور كردستان السليمانيّة وهولير ودهوك وزاخو، والقبائل الكردية مشهورة بتاريخها، وعراقتها، وفي عاداتها وتقاليدها، حيث هناك قبيلة جاف أكبر قبيلة في مناطق السليمانية، والدوسكي، والبريفكاني، والجاباري، واللر، والكرمنج، والبرزنجي، والتي لها امتداد إلى مدينة نصيبين، أما السريان فيعودون لقبيلة تغلب، أما مدينة قامشلو فلم تكن موجودة إلا بعد العقد الثاني من القرن العشرين، والأرجح أنها، قد نشأت عام 1926م”.
مؤلفات الكاتب جاسم الهويدي
الكتاب الأوَّل: (قبيلة العكيدات) هذه القبيلة المشهورة بقوّتها وشراستها وجودها وحبّها للحروب، في عام 2008 قمت بجولة انطلاقا من مدينة دير الزور إلى البوكمال، حيث كانت تتواجد على ضفتي النهر قبيلة العكيدات بالإضافة إلى “أفخاد” وعوائل وأسر 73 قرية من مختلف مدن سورية، من حمص وحماة، وغربي حلب ومن العراق، واليمن، والذين جاؤوا عبر خمسة هجرات، يذكر إن معركة حصلت بين الإنكليز وقبيلة العكيدات عام 1919م، حينها تصدّت هذه العشيرة للإنكليز بعدما جاؤوا ليدخلوا سوريا بعد دخولهم العراق، قُتِلَ فيها الكولونيل مركي، وسيفه موجود في أحد دواوين “الجراح” إلى يومنا هذا، ومعركة جرت قرب مدينة قامشلو ضد الفرنسيين اسمها بياندور، اشترك فيها الكرد والعرب، وخاصّةً قبيلة الجوالة، قُتِلَ فيها النقيب روكال، ومعركة أبو سيباط والمجرود، والمشروفيّة.
تلاهُ كتاب (رحبة الميادين) التي بناها نينوس ابن بلوس، باني نينوى من قبل 4000 سنة، مدينة الميادين كان اسمها في التاريخ “فرضة نُعُم” واسمها “رحبوت النهر” في سفر التكوين في التوراة في الإصحاح 36، ظهر منها ملوك مملكة دمشق الآرامية بيت سملا.
الكتاب الثالث، هو (قبيلة الكرعان) وجمعت فيها الكثير من المعلومات حول الطبيعة والفلك، والأرض والنبات والآثار، وفي الطير والحيوان بشكل عام، وبخاصة في منطقة “الروضة” بين الحسكة ودير الزور، سميت بالروضة لسبب أنَّه كان يمر فيها “نهر العجيج” الذي كان يجري من سنجار إلى “الروضة” ما يجعل أرضها دائمة الخضرة، وفيها الكثير من أنواع الحيوانات، التي انقرضت الآن، ويوجد فيها آثار بابلية وآشورية وسومرية وعمّورية، ووُجِدت فيها فخّارة مكتوبٌ عليها “هرم ابن سنان” الذي أصلح ما بين قبيلة عبس وذبيان.
الكتاب الرابع: (الأمثال الفراتية) والذي دوّنت فيه 5000 من الأمثال الجميلة والمشوِّقة والمرتبطة بالتراث الأصيل للمنطقة.
الكتاب الخامس: (الضياغم) وهم البوليل شمر عبدة، شمّر قبيلة كبيرة ومتعددة الأجناس مثل شمر الطائية، وشمر الجربا والذين هم الأمراء الآن.
الكتاب السادس، (عشيرة الداغر) الذين كانوا هم الشيوخ في مدينة البوكمال.
الكتاب السابع، (شخصيات ورجالات على شطِّ الفرات) كتبت فيه عن 75 شخصية ومنهم علي السالم الصهيبي، حَمُّود الحمادي، الذي أوقف الحملة الفرنسية ثلاثة أيّام بقيادة لاتوريت سنة 1943م، والتي كان عددها 3000 مقاتل في موقعة السن، وقال وقتها: “أنا لها أنا أخو حميدة” عندما كان يقاتل ونفذت ذخيرته نادى على أصحابه المقاتلين وقال لهم: “من يعطيني خمسة طلقات أُزوِّجه ابنتي” بعدها قُتِلَ على يد رقيب في الجيش الفرنسي، ولازالت بندقيّته وسيفه موجودين ليومنا هذا”.
واختتم “العاني” قائلاً: “إنّ القبائل الموجودة في شمال وشرق سوريا من كرد وعرب وسريان لها أصول تاريخيّة قديمة كانت تعيش عل أرض واحدة وبثقافات واحدة، وعيش مشترك وكانت تقاتل وتصدُّ الهجومات، التي كانت تطال المنطقة من قوات الإنكليز والاحتلال الفرنسي والعثمانيين، وتحمل متاحفنا الآن سيوفاً ومتارس، ومذكّرات لأبطال المنطقة تؤكِّد على عراقة قبائلنا وبطولاتها”.[1]