تعد الثقافة واللغة اللبنة الأساسية في تراث كل الشعوب، هي مستقبلها وحاضرها قبل أن تكون هويتها التي يتم التعرف بها على الشعوب والأعراق، الثقافة واللغة بالنسبة للكرد من وجهة نظر المفكر الكردي عبدالله أوجلان هي:
$الثقافة:$
الثقافة بالمعنى الضيق: هي تراكم قيم المجتمع وقانونُه الخُلُقِيّ، وذهنيتُه وفنُّه وعِلمُه عبر تاريخه الطويل.
الثقافة بالمعنى الواسع: إن علم المجتمع وأخلاق المجتمع وذهنية المجتمع وجمال المجتمع من جهة مع وجود مؤسسات لعلم وأخلاق وذهنية وجمال المجتمع من جهة أخرى تتشكل الثقافة.
التعريفُ الضيقُ للثقافةِ كثيرُ التداولِ إلى حدٍّ ما. يمكن توضيح الفرق بين المعنى الضيق والمعنى الواسع فالمعنى الضيقِ هو عالَم المعنى لدى المجتمع، وقانونُه الخُلُقِيّ، وذهنيتُه وفنُّه وعِلمُه, أي المعنى الضيق هو الجوهر فقط. وبتوحيدِ المؤسساتِ السياسيةِ والاقتصاديةِ والاجتماعيةِ مع هذا المعنى الضيق، يتمُّ الانتقالُ إلى التعريفِ العامِّ للثقافةِ بمعناها العام.
و بالتالي، لا يُمكنُ الحديثُ عن الثقافة بالمعنى العام إلا بوجودِ أرضيةٍ مؤسساتيةٍ ومعنىً جوهريٍّ له.
وإذ ما عَزَّزنا التعريفَ بتشبيه، فبالإمكانِ تحديدُ ماهية المؤسسات بوصفِها الإطارَ الماديَّ الملموسَ، وأما المعنى هو مضمونَ هذا الإطارِ الماديِّ الملموس.
وزيادة للتوضيح إليك المثال التالي: المؤسسةُ في هذه الحالِ كالقدح. والمعنى هو الماء الموجود في القدح.
فالقدح مع الماء يشكلان كأس الماء فبدون القدح لا يمكن حمل الماء وشربه كما أن القدح الفارغ من الماء لا يروي عطشك وكسر الكأس يؤدي إلى سيلان الماء ولا يمكن الشرب أيضاً, فالقدح هو شكل الثقافة والماء هو معنى الثقافة وجوهرها وباتحاد القدح مع الماء يمكن حمل الماء وشربه أي باتحاد الشكل والجوهر نحصل على الثقافة. لا يمكننا القول بأن ثقافتنا متقدمة مالم تكن هناك مؤسسات سياسيةِ واقتصاديةِ واجتماعيةِ تحقق ذلك التقدم.
كما ولا يمكننا القول بأن ثقافتنا متقدمة مالم تكن هناك قيم لمجتمعنا وأخلاق وذهنية وفنُّ وعِلمُ يبين ذلك التقدم. بمعنى آخر: فمجتمعٌ خاسرٌ لعالَمِه الذهنيِّ والجماليّ، أَشبَهُ بِجِيفةٍ متروكةٍ للتفسخِ والتحلُّلِ. وأبسَطُ مثالٍ يمكِنُنا تقديمُه في هذا المضمار، هو واقعُ المجتمعِ الكرديِّ الذي نَشهَدُ مأساتَه الدراميةَ بكثافة. فنظراً لمعاناتِه من التمزُّقِ العميقِ والخُسرانِ الذهنيِّ مؤسساتياً ومعنىً على حدٍّ سواء، فلا يُمكننا تسميةُ المجتمعِ الكرديِّ إلا ب “المجتمعِ القابعِ تحت نيرِ الإبادةِ الثقافية”.
لأنه لم يبق المعنى ولا الجوهر ولا توجد مؤسسات في هذا المجتمع.
عندما تريد دولة السيطرة على شعب فإنها تحارب ذهنيته وأخلاقه وعلمه ثم تقوم بصهر هذا الشعب بذهنيته وأخلاقه وعلمه وبالتالي يكون قد سيطر على هذا الشعب وأباده ويصبح هذا الشعب كالدجاجة مقطوعة الرأس.
معادلة حماية الثقافة:
(الذهن + الأخلاق + العلم + جمال المجتمع + المؤسسات) + (تحقيق التقدم) = (نحمي ثقافتنا ونحقق تقدمها)
$معادلة الثقافة:$
1 -المعنى+ الشكل = الثقافة
2-المعنى الضيق للثقافة + المؤسسات = الثقافة بالمعنى الواسع.
أما اللغة: فهي ثورة اجتماعية.
كانت اللغة في البداية لغة الإشارات ثم أصبحت لغة الرموز (التي لها الدور الكبير في تطوير فن الرسم حيث يعتبر فن الرسم من أقدم الفنون المعروفة.
مثلا إذا كنت تريد تعريف حيوان ما كنت تقوم برسمه لأنه لم تكن هناك لغة.
لكن الإنسان وجد صعوبة في الرسم للتعبير مثلاً عن الأشياء المعنوية مثل الجوع والألم أو كانت الرسوم تستغرق وقتاً كبيراً لذلك ظهرت لغة الصوت فكلمة نملة تستغرق ثانية واحدة فقط أما رسمها يحتاج إلى وقت أكثر.
ثم تطورت فظهرت المصطلحات وماتزال تتطور اللغة.
اللغة الأكثر تطوراً هي اللغة التي تؤثر في عواطف المجتمع وتطوره. إن مستوى تطور لغة مجتمع مرتبط بمستوى حياة هذا المجتمع فكلما كان المجتمع متطوراً كانت لغته متطورة أيضاً. وليس تطور لغة مرتبط بالسلطة أو بكونها لغة رسمية أو لا.
$على سبيل المثال:$
دولة آشور فرضت بالقوة لغتها على الشعوب التي تحكمها لكن السؤال أين اللغة الآشورية اليوم؟
فبالرغم من هيمنة الدولة الآشورية وجبروتها ضاعت لغتها.
لماذا لم يتم تصفية #اللغة الكردية# بالرغم من محاولات الفرس والترك والعرب على صهر هذه اللغة؟
لأنها لغة تاريخية حية نشأت من المجتمع ومرتبطة بالمجتمع الذي يعيش عليه ولا يمكن إزالتها إلا بإزالة المجتمع الطبيعي, مثلا نقول :Xuşxuşe Avê , şîqşîqe şûra أي خرير النهر حتى نزيل مصطلح Xuşxuş يجب إزالة صوت النهر من النهر حتى يتم إزالة هذا المصطلح, فاللغة صوت ومصطلح.
هذه القاعدة تسري على جميع #اللغات الآرية# الأخرى. يوجد حوالي 40 ألف مصطلح في اللغة الكردية
هذا التنوع سببه تنوع البيئة الطبيعية التي يعيش عليها.
أكثر من نصف هذه المصطلحات مؤنثة وذلك بسبب تأثير الثورة الزراعية الأولى في المجتمع النيوليتي.
يرتبطُ مصطلحُ اللغةِ بمصطلحِ الثقافةِ بأواصر متينة، مُشَكِّلاً أساساً العنصرَ الرئيسيَّ في حقلِ الثقافةِ بمعناه الضيق. لذا، بالإمكانِ تعريفُ اللغةِ بمعناها الضيقِ على أنها الثقافةُ أيضاً. فاللغةُ بذاتِها تعني الزخمَ الاجتماعيَّ للذهنيةِ والأخلاقِ والجمالياتِ والمشاعرِ والأفكارِ التي اكتسَبَها مجتمعٌ ما. وهي الوجودُ الهوياتيُّ واللحظيُّ المُدرَكُ والمُعَبَّرُ عنه بالنسبةِ للمعنى والعاطفة. والمجتمعُ الذي يُعَبِّرُ عن ذاتِه يدلُّ على امتلاكِه الحجةَ القويةَ للحياة. ذلك أنّ مستوى رُقِيِّ اللغةِ هو مستوى تقدُّمِ الحياة. أي أنّه بقدرِ ما يَرقى مجتمعٌ ما بلغتِه الأمّ، يَكُونُ قد ارتَفعَ بمستوى الحياةِ أيضاً بالمِثل. وبقدرِ ما يخسرُ مجتمعٌ ما لغتَه ويدخلُ تحت حاكميةِ ونفوذِ لغاتٍ أخرى، يَكُونُ مُستَعمَراً ومتعرضاً للصهرِ والإبادةِ بالمِثل. من الواضحِ أنّ المجتمعاتِ التي تحيا هذا الواقعَ لن تتمتعَ بحياةٍ مفعمةٍ بالمعاني ذهنياً وخُلُقياً وجمالياً، بل سيُحكَمُ عليها بحياةٍ مأساويةٍ إلى أن تُمحى وتَفنى بوصفِها مجتمعاتٍ مَريضة. هذا ولا مَهربَ من توظيفِ القيمِ المؤسساتيةِ للمجتمعاتِ التي تعاني من فُقدانِ المعنى والجمالياتِ والأخلاقِ كمادةٍ خامّ لقِيمِ المستعمِرين. خلاصةً؛ إذا تمَّ عيشُ لغةٍ كما هي الحالُ لدى الكردِ مثلاً، فجليٌّ جلاءَ النهارِ أنّ مجتمعاً يمرُّ بحالةٍ كهذه سوف يَغدو مقهوراً وبائساً حتى الحضيضِ على الصعيدِ الماديّ، وسيَهوي نحو التشتُّتِ إلى أشلاء متناثرة؛ ولن يتفادى العيشَ مشحوناً بالأخطاءِ والخياناتِ والشناعاتِ معنىً وأخلاقياً وجمالياً.[1]