كما تروي القّصة رجلٌ فقير ومتديّن جدّاً من عامّة الناس، ولكنه مهنيٌ بارع في صنع السلال المستخدمة حينها في حفظ الفاكهة، له سبعة أولاد يحبّهم كثيراً كما يحبّ زوجته لدرجة الجنون، ومن أجلهم يجوب البلاد معظم نهاره، صيف شتاء في سبيل جمع بعض النقود من عمله لإطعام أولاده، ويقال إنه كان جميلاً جدّاً لدرجة أن أميرة البلاد أحبّته وأرادته عشيقاً أو غاوياً لها، وهنا تبدأ المأساة بالنسبة له، على عكس بقية رجال القرية الذين لم يتوانوا في خدمة الأميرة كالعبيد في سبيل الفوز بالرضا، ففي أحد الأيام وعندما كان يجوب القرية في سبيل بيع السلّة الأخيرة وعند غروب الشمس تلمحه الأميرة، عندما كانت على شرفة القصر، فتغلي عشقاً وحلماً بهذا الرجل الوسيم الساحر رغم آثار التعب الظاهرة عليه، فترسل جاريتها في طلبه متحججة بأن الأمير يريد أن يشتري منه بعض السلال، ولكنه يتردد ولاسيَما أنه يعلم أن الأمير خارج القرية، ولكنه يخشى أن يكون الأمير قد عاد، فيذهب مع الجارية إلى حيث يقيم الأمير».
الأمير غير موجود في القصر، فمن أرسل في طلبه؟ هذه جارية الأميرة التي ترافقه، أيُحسب أن تكون الأميرة، فماذا تريد منه؟ بدأت الظنون تضيّعه، : «يدخل الديوان الأميري فيندهش من سحر القمر الذي أمامه، إنها الأميرة التي أمرت حرّاس القصر بإغلاق جميع الأبواب عندما يدخل زمبيل فروش، إنها الأميرة التي لبست الذهب فستاناً لها، إنها فرصته للغنى، لدفن الفقر تحت أرجله، ولكنه تذكر ربّه، زوجته، أطفاله الجياع العراة الذين ينتظرونه، سألها عن طلبها فأجابت بكلمات إغراء لم يتعوّد على سماعها حتى من زوجته، فيرفض فتحاول إغواءه مجدداً، فيصدّها، فتهدده، فيستسلم لإرادتها خداعاً، ويبادلها الحديث المعسول، فمن يرفض لأميرة البلاد طلباً كهذا، ومن يجرؤ أن يتمادى في رفضه حتى للأوامر الظالمة بحقه؟ لكنه يتوسّل إليها أن يخرج إلى سطح القصر ليصلي ركعتين، فلا يمكن الصلاة أمام امرأة، فتسمح له، ولكنها لا تأمن له وتخشى فراره ربّما، فتلحق به وتراقبه لتجده يناجي ربّه ويرجو منه العفو، ويدعو لأولاده ولزوجته أن يحميهم من كلّ شرّ.
وقف على حافة شرفة القصر، وبدأ ينظر إلى السماء، إلى ما حوله، إلى منزله، يريد أن يرمي بنفسه ليتجنب المعصية، لتعلم زوجته أن زوجها أطهر رجل في الكون، لتعلم الأميرة أنها لن تغريه بوعودها له أن يكون أميراً.
الأميرة الباكية تتوسل له ألا يحرق قلبها بقتل نفسه، تتبادل الأدوار فبائع السلال المعذّب دائماً يبتسم، والأميرة تبكي، ولكن لا أمل يرتجى من رجلٍ أصرّ أن يفدي بحياة الدنيا في سبيل الآخرة، تقترب الأميرة منه لتصدّه ولكنه يرفض أن تلمسه، فيرمي بجسده من أعلى القصر ليسقط ميتاً، ولتسقط معه أحلام الأميرة التي رفضت أن تبقى حيّة دونه، فترمي نفسها أيضاً فتموت، لتبقى قصة زمبيل فروش رمزاً للطهارة وملهمة لرفض الحياة الفانية».[1]