اللواء المتقاعد فوزي جواد هادي البرزنجي
تنويه
قبل فترة أكثر من سنتين حقق اللواء الركن علاء الدين حسين مكي خماس أطال الله في عمره بعد جهد مضني نشر مذكرات المرحوم الفريق الأول الركن إبراهيم فيصل الأنصاري بالتعاون مع نجله المهندس خليل إبراهيم فيصل الأنصاري حيث بدأ والده المرحوم العمل في القاطع الشمالي عندما كان يشغل منصب ضابط الركن الأول في قيادة فرقة المشاة الثانية في كركوك ثم شغل منصب آمر لواء المشاة الحادي عشر في قاطع زاخو ثم شغل منصب قائد فرقة المشاة الثانية في كركوك ثم رئيس لأركان الجيش العراقي ، لايفوتني الثناء على معلمي الأول العميد الركن صباح علي غالب الذي بذل جهداً متميزاً في تدقيق هذه المذكرات سبق جهد اللواء الركن علاء الدين حسين مكي خماس بفترة ليست قصيرة لكن لم تسنح الظروف بنشرها في حينه .
اللواء الركن علاء الدين حسين مكي خماس
ج. توثيق تأريخ حركات الجيش العراقي في شمال العراق لمجابهة تمرد الشيخ أحمد البارزاني وشقيقه الملا مصطفى البارزاني :
أولاً. سبق وأن وثقت مقالين حول نفس الموضوع جرت أحداثها في العهد الملكي في حقبة االثلاثينات و الأربعينات من القرن االماضي ونشرت في مجلة الكاردينيا الثقافية تحت الروابط التالية:
https://www.algardenia.com/terathwatareck/32445-2017-10-25-15-56-58.html
https://www.algardenia.com/terathwatareck/33183-2017-12-12-22-02-21.html
ثانياً. كذلك وثقنا مقال قبل فترة قصيرة حول نفس الموضوع جرت أحداثه في العهد الجمهوري الأول في حقبة بداية الستينات من القرن الماضي ونشر في مجلة الكاردينيا الثقافية تحت الرابط التالي:
https://www.algardenia.com/terathwatareck/45357-2020-07-23-16-24-10.html
ثالثاً . كذلك وثقنا مقال قبل فترة أقصر حول نفس الموضوع جرت أحداثه في العهد الجمهوري الثاني في حقبة منتصف الستينات من القرن الماضي ج1 ونشر في مجلة الكاردينيا الثقافية تحت الرابط التالي:
https://www.algardenia.com/terathwatareck/
45700-2020-08-20-09-08-03.html
رابعاً. لكون عدد صفحات مقال الجيش العراقي خلال حركات إنفصال كردستان في العهد الجمهوري الثاني بلغت أكثر من ثمانون صفحة ، ولتحديدات النشر تم تقسيم نشرالمقال إلى جزئين ، وتم نشر الجزء الأول في الرابط أعلاه وفيما يأتي تكملة بقية المقال لذا إقتضى التنويه:
19. عملية الإندفاع إلى (قلعة دزة)
أ. بعد إنجاز واجب الفرقة في كل من ( لواء كركوك والسليمانية) إندفعت قطعاتنا عبر مضيق هيبة سلطان إلى رانيه حيث وصلتها بدون قتال.
ب. لغرض الإندفاع عبر (مضيق سنكسر) إلى قلعة دزة إشتبكت قطعاتنا بقتال عنيف ولمدة خمسة أيام مع قوات البيشمركة إستطعنا خلالها السيطرة على ( مضيق سنكسر) والإندفاع إلى قلعة دزة والسيطرة عليها بعد أن نفذنا عملية عبور لبحيرة دوكان ، لقد كانت خسائرنا 6 شهداء و21 جريح بسبب قصف مقر الفرقة المتقدم في منطقة رانية .. وضابط واحد جريح و7 مراتب جرحى تكبدتها وحدات جحفل لواء المشاة 20 في معارك يوم 5 أيلول 1965.
ج. إن السيطرة على ( مضيق سنكسر) والإندفاع إلى ( قلعة دزة) كانت في الواقع من الأعمال الباهرة التي نفذتها قطعات فرقة المشاة الثانية .. فقد نفذنا عملية عبور مانع مائي كبير هو بحيرة دوكان .. والواقع أن عملية العبور هذه كانت أول عملية عبور يقوم بها الجيش العراقي بهذا المستوى.
20. تفاصيل عملية العبور من سنكسر ثم إحتلال قصبة قلعة دزة عام 1965 كما وثقها اللواء الركن علاء الدين حسين مكي خماس
أ. عام
تضمنت عملية عبور بحيرة دوكان ، وهي مانع مائي كبير إستعدادات كثيرة قام بها صنف الهندسة العسكرية ، وإستخدمت فيها تجهيزات العبور الحديثة ومنها العجلات المسرفة البرمائية التابعة لصنف الهندسة وتلك التابعة للصنف المدرع ، والتي لم تكن مجربة سابقاً في العمليات القتالية الفعلية ، عدا التمارين بقطعات ، إن هذه العملية بينت القدرة القتالية والفنية الكبيرة التي وصلت اليها قطعات الفرقة الثانية وهي تعمل بإمرة قائدها الشجاع والمتميز إبراهيم فيصل الأنصاري رحمه الله .ِ وفيما يلي وصف مختصر لهذه المعركة المهمة والتي لم يجر توثيقها لأسباب عديدة والتي غاب معظم قادتها ، ولم يتبق إلا عدد ممن ساهم بها من الضباط وكان برتبة صغيرة آنذاك ،
ومنهم الفريق الركن الدكتور محمد عبد القادر الداغستاني ، والذي ساعدني في إستكمال صورة هذه المعركة
، إذ كان في تلك الحقبة أحد المساهمين بتنفيذها وهو بمنصب آمر سرية في الفوج الأول من اللواء المشاة العشرين .
ب. الأرض
منطقة المعركة كما هو واضح جبلية وعرة في الشرق مع وجود بحيرة دوكان في السهل إلى الغرب ، والتي تكونت بسبب إنشاء السد على نهر الزاب الصغير هناك ، تنتهي البحيرة عند مضيق يدعى بمضيق سنكسر، نسبة للقصبة القريبة منه والواقعة على الضفة الشمالية (اليمنى) من نهر الزاب ، أهم الطرق في المنطقة هو الطريق من رانية إلى قلعة دزة القريبة من الحدود مع إيران ، ويمر هذا الطريق من المضيق معقباً الكتف الجنوبي لسلسلة جبل (كيوة رش) ومتجها نحو قصبة سنكسر ثم ينعطف جنوباً إلى قلعة دزة ، تسيطر على كتفي المضيق عارضتان جبليتان هما (كيوة رش) إلى الشمال و(أسوس) إلى الجنوب ، وكان يتعين على القوة المكلفة بالوصول إلى قصبة ( قلعة دزة) أن تمر بهذا المضيق ، ومن أجل تأمين مرور القوات في المضيق كان من الضروري مسك كتفي المضيق من قبل قطعاتنا.
ج. القطعات
قامت فرقة المشاة الثانية بهذه العملية ، وكلفت لواء المشاة العشرون الذي كان بإمرتها ، القيام بهذا الواجب المهم ، تم تعزيز اللواء بعدد من سرايا مغاوير الفرقة ، وقامت كتيبة هندسة الفرقة بإسناد عملية العبور من حيث تخصيص الزوارق والأطواف الضرورية للعملية ، كما خصصت كتيبة مدفعية الميدان الثامنة (مدافع ميدان 122 ملم) والبطرية الخفيفة التاسعة ( هاونات 120 ملم) بتقديم الإسناد الناري ، أما من القوة الجوية فقد قدمت الطائرات المقاتلة الإسناد الناري القريب ، كما خصص عدد من السمتيات (الهليكوبترات) لأغراض الإستطلاع وتنقل القادة والأمرين وإخلاء الجرحى.
د. الخطة : كانت الخطة تتكون من صفحتين:
أولاً. الصفحة الأولى هي مسك كتفي المضيق بفوجين بضمنها تأسيس رأس جسر وفوج إحتياط .
ثانياً. الصفحة الثانية الإندفاع لمسك ( قلعة دزة) من قبل الفوج الذي كان إحتياطاً بالصفحة الأولى.
ه. التنفيذ
أولاً. الصفحة الأولى: مسك كتفي مضيق سنكسر
يوم 4 أيلول 1965 ، قام الفوج الثاني من لواء المشاة العشرين بالإندفاع وتسلق السفوح المشرفة على المضيق من سلسلة جبل (كيوة رش) ، بينما قام الفوج الثالث المكلف بالعبور بتنفيذ عملية العبور كالاتي: دفع سرية لمسك الضفة القريبة لمنطقة العبور، ثم قامت سرية مغاوير محمولة بالزوارق المطاطية بالعبور ليلة 4/5 أيلول 1965 وتأسيس رأس جسر على الضفة البعيدة ، بعد ذلك عبر باقي الفوج بالأطواف لتوسيع رأس الجسر والإندفاع للسيطرة على الكتف البعيد للمضيق وتأمين منطقة العبور.
ثانياً. الصفحة الثانية: مسك قلعة دزة
يوم 5 أيلول 1965 إندفع الفوج الأول لواء المشاة العشرون معقباً الطريق المار عبر المضيق بمحاذاة الحافة الجنوبية لجبل ( كيوة رش) فعبر مضيق سنكسر وإتجه بعد ذلك الى قلعة دزة مروراً بقرية سنكسر، وقد حسمت معركة إحتلال قلعة دزة في يوم واحد وتم إحتلال القصبة بدون معركة ، بسبب عدم تواجد المسلحين في تلك القصبة ، لم تكن المقاومات شديدة لأن المسلحين كانوا مبعثرين في المنطقة الواسعة ، عدا سلسلة جبل (كيوة رش) حيث جرت معركة عنيفة مع الفوج المكلف بمسكها ، والذي إنسحب البيشمركة بعدها
رئيس الجمهورية يزور منطقة قلعة دزة
في أول يوم جمعة بعد وصولنا إلى قلعة دزة زار رئيس الجمهورية المرحوم عبد السلام عارف مقرنا المتقدم قرب بحيرة دوكان وقد أبدى
رغبة في أن يؤدي الصلاة في جامع قلعة دزة .. ولتحقيق رغبته تحركنا إلى قلعة دزة حيث أدى فريضة الصلاة .. بعدها عدنا إلى مقرنا المتقدم حيث تناول طعام الغداء معا.. وعاد بعد ذلك إلى كركوك بالسمتية
21. العمليات العسكرية في أزمر وجوارته وبنجوين
بعد السيطرة على قلعة دزة إنتقل مقر الفرقة المتقدم إلى السليمانية مع بعض من تشكيلات الفرقة لغرض تنفيذ ما ورد في وصايا قيادة قوة الميدان التي تنص على تطهير جبل أزمر وجوارته وبنجوين .
بعد معركة عنيفة في مضيق جبل أزمر تمت لنا السيطرة على المضيق المذكور حيث إندفعت قطعاتنا إلى جوارته ولم تلاق أية مقاومة ، وبعدها تمت الحركة إلى بنجوين حيث تمكنا من السيطرة عليها بعد معارك عنيفة إستمرت بضعة أيام .. إنسحبت على أثرها قوات البيشمركة الى أماكن غير معروفة.
22. معركة أزمر ( أو معركة دبابة)
أ. تمهيد
تطرق العميد الركن إبراهيم الأنصاري في مذكراته في الصفحة 251 وبشكل سريع إلى فتح ومسك مضيق أزمر القريب من السليمانية ، ومن ثم الإندفاع لمسك قصبة جوارته ، ونظراً لأن هذه العملية كانت من العمليات النوعية والفريدة التي نفذتها قطعات فرقة المشاة الثانية وبالإستفادة من إمكانات الصنف المدرع والدبابات التي هي غير مصممة أصلا للعمل في مثل هذه الأنواع من الأراضي ، مما يشكل حالة إبداع فريدة في قيادة وإستخدام القطعات المدرعة من قبل الجيش العراقي الأصيل وبكافة مستوياته القيادية والقطعات . ولما كنتُ أعرف معرفة شخصية وأخوية الضابط البطل الذي كان له الفضل الكبير في حسم هذه المعركة ، والتي كرمه صاحب المذكرات على إثرها بنوط الشجاعة ، والقدم الممتاز لمدة سنة واحدة ، هذا الضابط الشجاع هو الفريق الركن شوكت أحمد عطا ، حيث كان آنذاك برتبة ملازم بمنصب آمر رعيل دبابات من كتيبة دبابات خالد الملحقة إحدى سراياها باللواء المشاة الجبلي الخامس ، فقد إتصلت به ورجوته أن يذكر ويسجل ، وللتاريخ بعض ما علق بذهنه من مجريات هذه المعركة ، علاوة على بعض إنطباعاته عن قائدنا المقدام المرحوم إبراهيم فيصل الأنصاري الذي أقوم بتحقيق مذكراته هنا. وفعلا فقد بعث لي السيد الفريق الركن شوكت الأسطر التالية ، ودونها من الذاكرة وبعد مرور أكثر 52 عاما على وقوعها ولغرض التوضيح فقد قمنا بوضع تصاوير جوية عمودية ومائلة تبين الطبيعة الطبوغرافية للمنطقة وسير المعركة التي نحن بصددها.
الفريق الركن شوكت أحمد عطا يتحدث عن معركة أزمر:
معركة دبابة (هكذا أطلقوا على المعركة كاسم رمزي لها) تثميناً للدور الذي قامت به هذه الدبابة في حسم المعركة.
ب. المهمة الرئيسيّة:
تم تكليف جحفل لواء المشاة الجبلي الخامس بفتح طريق السليمانية - جوارتة وتحرير هذا القضاء والقرى والقصبات الممتدة على طول هذا الطريق وصولاً إلى قضاء جوارتة الحدودي من البيشمركة.
ج. الوصف الطبوغرافي للمنطقة.
توجد في المنطقة سلسلة جبلية تمتد من الجنوب إلى الشمال تحيط بمدينة السليمانية من الشرق وتبعد عنها بحدود 10-15 كم وهذه السلسلة تمتد شمالاً حتى التقائها بجبل ( پيرة مگرون ) الشاهق عند منطقة ( سرة دشت ) ، وهناك مجموعة من التلول الممتدة بموازاة الجبل المشار إليه آنفاً من جهة الغرب تشكل معه مضيقا أو وادياً ضيقاً في منطقة ( أزمر) ، والطريق الوحيد الذي يربط مدينة السليمانية بقضاء جوارته يمر من هذا المضيق وهو طريق (السليمانية - مضيق أزمر - مخفر وقصبة أزمر -قلة چولان - قضاء جوارتة ) ومن ناحية قلة چولان ، يتفرع طريق بإتجاه الشمال إلى منطقة ( ماوت ) ومنها إلى نهر الزاب الذي يشكل منتصفه خط حدودنا مع إيران علماً أن المنطقة بعد إجتياز عارضة أزمر التي يتراوح عرضها بين ( 100-200 متراً ) تصبح عبارة عن سهل مفتوح حتى مدينة جوارتة بعدها تصبح الأرض جبلية حتى حدودنا مع إيران ، لذا فإن مضيق وجبل أزمر تعتبر مفتاح المعركة كما أسلفت.
د. كيف بدأت المعركة.
في صباح أحد أيام فصل الربيع المشمس من عام 1965 وتحديداً بالساعة 0700 إستدعاني آمر اللواء العقيد (آنذاك) سعيد حمو(رحمه الله) بالإسم ، وكنت آمراً لأحد رعائل الدبابات التابع إلى س1 ك دب خالد ، وقال لي بالحرف الواحد( إسمع ملازم شوكت ، هل ترى تلك العارضة المطلة على مضيق أزمر والمقابلة إلى المخفر المهدم الذي يحمل نفس الأسم؟ فأجبته نعم سيدي أراها ، ثم إستطرد قائلاً إن مفتاح نجاح المعركة بأقل الخسائر يكمن بإحتلالها والسيطرة عليها ، عندها تسقط كافة مقاومات العدو وينسحبون من كافة مواقعهم المحصنة هناك ، لذا عليك بالتسلق بدباباتك وإحتلالها ، فأجبته بأن زاوية الإنحدار المسموح بها لتسلق الدبابة أكبر من قدرتها فنياً ، فأجابني أطلب منك أن تحاول ، لأنها مسألة حياة أو موت بالنسبة للتضحيات المتوقعة في صفوف جنودنا وتتعلق بتحقيق النصر من عدمه ، ثم أردف قائلاً ، بأن موعد المعركة هو غداً وليس اليوم فإذا تمكنت من إحتلال العارضة فسنقوم بتقديم موعد الهجوم يوماً واحداً وإذا لم تنجح بإحتلالها فسنعتبر عملك عملية إستطلاع بالقوة ، فقلت له سأحاول ، وسألته بعدها هل العارضة محتلة من قبل العدو؟ فأكد لي خلوها من أي تواجد للعدو) ، لكن المنطقة المطلة على مضيق أزمر والطريق المار به من جهة الشرق محتلة بقوات كبيرة من البيشمرگة وكانوا يعتبرون هذه المعركة بمثابة المقبرة التي تنتظر الجيش العراقي.
وبينما كان آمر اللواء يشرح لي الموقف ، كنت إسترق النظر لأدرس طبيعة هذه العارضة للوصول لكيفية تسلقها ، فلم أجد أي منطقة منها تصلح لتسلق الدبابة ، فذهب تفكيري إلى أن يكون التسلق بشكل مائل لكي نتجاوز شدة إنحدارها ، ومع ذلك لم أقرر من مكاني مع آمر اللواء البقعة التي عليً البدء بالتسلق منها إلا بعد أن أكون قريباً منها.
بحدود الساعة 0900 أصدرت الأمر إلى جنود الرعيل بوجوب إحتلال هذه العارضة مهما كلّف الأمر وأمرتهم بأن تكون دبابتي هي أول المتسلقين وعلى الدبابتين الأخريين أن تتبعا نفس أثر دبابتي في التسلق. وعند الإقتراب من العارضة قررت من أين أبدأ الصعود ، كانت دبابات رعيلي من نوع تي 54 الروسية الصنع ، وبعد أن شرحت أسلوب التسلق إلى منتسبي رعيلي ، ولاسيما سائقي الدبابات ، باشرت دبابتي بالتسلق بصورة مائلة حول العارضة ، وبعد المسير والتسلق لمسافة ، عجز سائق دبابتي عن إكمال التسلق وكادت الدبابة تنحدر ، إخذت القيادة وقمت بسياقة الدبابة بالأسلوب الفني الذي جعلها تستمر بالتسلق ، وكلما كانت الدبابة تعجز عن الصعود ، كلما كنت أغير من زاوية الميل بزيادة ميلها قليلا ، إلى أن وصلت إلى القمة لوحدي ، أما بقية الدبابات فقد فشلت في التسلق ، ولابد ان أذكر هنا إن سائق دبابتي الشهم ، وقبل الوصول إلى القمة ، طلب مني أن يعود هو لقيادة الدبابة بعد أن راقبني وفهم الأسلوب الفني لقيادتها على هذا المنحدر الشديد ، وحال وصولنا القمة ، فوجئت بان العارضة كانت محتلة من قبل العدو ببضع أفراد فروا من أمامنا بمجرد وصولنا إلى الأعلى ، وكان من حسن حظنا إنهم لم يكونوا مجهزين بالقاذفات ضد الدبابات بل كانوا يحملون البنادق فقط لإعتقادهم بإن المنطقة لا تصلح لعمل الدبابات ، ولم يتوقعوا وصول هذه الأسلحة الثقيلة إلى مثل هذه المناطق ، ومن الجدير بالذكر أن عملية التسلق إستغرقت حوالي الساعة والنصف ، ولم يكن ذلك ممكنا لولا التصميم الجاد والإصرار على تنفيذ الواجب مهما كلّف الأمر من تضحيات ،
وبعد هروب الأعداد القليلة من المسلحين الذين كانوا يحتلون العارضة ، ومباشرتنا بتوجيه نيراننا المباشرة من مدفع الدبابة على مواضع العدو الكائنة على السفح الأخر للعوارض المطلة على المضيق ، بدأ بالإنسحاب مكرهاً ، مما سهل لفوج الزيباريين (الفرسان سابقاً) بقيادة أرشد الزيباري من إحتلال منطقة أزمر بدون مقاومة تذكر ، وبذلك تم مسك مفتاح النصر للمعركة من دون أن يطلق الجانب الآخر ولا إطلاقة واحدة ، وبذلك إنفتح الطريق للواء المشاة الجبلي الخامس في اليوم التالي ، حيث تمكن من إحتلال قصبة جوارتة بدون خسائر سواء في الأرواح أو العتاد الذي كان متوقعاً أن تكون كبيرة جداً.
أما عن قائد فرقة المشاة الثانية الرائع ، العميد الركن حينها إبراهيم فيصل الأنصاري ، وبعد أن عرف إن موعد الهجوم قد تقدم يوما واحداً ، فقد حضر إلى مقر اللواء الخامس وإستمع إلى شرحٍ لما جرى ، وكيف أن دبابة واحدة يقودها رجل شجاع مقدام هو الملازم شوكت ، قد حسم المعركة وحل العقدة ، فعلق رحمه الله قائلاً: (كيف إستطاع هذا الضابط وبقية أفراد طائفة هذه الدبابة أن يتسلقوا هذا الجبل؟ ولا أظنهم قد أوصلوها إلى هذا الإرتفاع الشاهق إلا بعد أن فككوها إلى أجزاء ثم أعادوا تركيبها في الأعلى ، وطالما إن ذلك لم يحصل ، أي يفككوها ويعيدوا تركيبها وحسموا هذه المعركة لفعلهم الشجاع ، قررت منح آمر الرعيل نوط الشجاعة وقدماً ممتازاً لمدة سنة واحدة ، ورتبتين أعلى لبقية طائفة الدبابة ، ورتبة أعلى لطائفتي الدبابتين اللتين فشلتا في الصعود ، وذلك لمحاولتهم وإسناد الدبابة المتسلقة بالنيران من مكان متقدم)
القائد الأنصاري يتصرف كوالد ويدافع عن مرؤوسيه
يستمر الفريق الركن شوكت بالقول ، وهناك حادثة أخرى عشتها مع هذا الرجل النبيل (رحمه الله) العميد الركن (آنذاك) إبراهيم فيصل الأنصاري ، أود سردها علَّها تكون شاهداً حياً ومثالاً يحتذى به في العلاقة الحميمة بين القائد ومرؤوسيه وذلك من خلال دفاعه المستميت عن حقوقهم حتى مع رؤسائه وهذا ملخصها:
في أعقاب النصر الذي تحقق في معركة چوارتة قام السيد رئيس الجمهورية المشير الركن عبد السلام محمد عارف (آنذاك) والعديد من المسؤولين العسكريين بزيارة مقر اللواء الجبلي الخامس في موقعه بالقرب من جوارته ، وكان من ضمن من رافق السيد الرئيس في زيارته العميد الركن قائد الفرقة المدرعة الثالثة ، بإعتباره قائداً للفرقة الذي كان من نظام معركتها اللواء المدرع التابعة له كتيبة دبابات خالد ولما رآني ، إنزوى معي جانباً بعيداً عن تجمع الزائرين مع المقاتلين أثناء كلمة الثناء للمقاتلين من قبل السيد الرئيس ، فدار بيننا الحوار التالي حرفياً:
هل أنت الملازم فلان؟ (قالها بتهكم وإستعلاء) فأجبته بالإيجاب ، ثم إستطرد قائلا ً، لماذا كل ما يهمكم هو تحقيق مصالحكم الشخصية على حساب مصلحة الوطن عندما تسلقت بدبابتك الغالية الثمن هذه العارضة الجبلية العالية ؟ فأجبته كيف يستقيم ذلك وأنا كنت مستعداً للتضحية بحياتي فداءً للوطن عندما عرضت نفسي للموت من أجل أن أسهل تنفيذ مهمة اللواء الذي أنا بإمرته بأقل الخسائر؟ بعدها فاجأني بأنه سوف لن يوافق على التكريم الذي إقترحه لي قائد فرقة المشاة الثانية وأنه سوف يغرمني ثمن الدبابة التي تسببت بعطبها لأغراض شخصية بحتة وتحقيق أمجاد بطولية كاذبة على حساب مصلحة الوطن (وهذه كررها ثانيةً) وقد ذكر لي أثناء حديثه معي بأن ثمنها هو ( 16000 دولار أمريكي ) أجبته ، عفواً سيدي فإن كلامكم غير دقيق حول عطب هذه الدبابة وأؤكد لكم بأنها لم تصب بأي عطب وهي الآن موجودة ضمن الرعيل مع مقر اللواء هنا ورقمها 412 وتستطيع أن تتأكد بنفسك من صحة ما أقول إن أردت ، لكنه لم يقتنع بكلامي وبما قلته ، له لأنه أساساً لا يريد أن يصدقني وبقي مصراً على قراره بتغريمي ثمن الدبابة رغم أنها سليمة وعلى عدم الموافقة على ترويج مقترح القدم الممتاز المقترح لي.
وهنا يجب علي أن أعترف بأني بعدما سمعت منه هذا الكلام الفج والمغاير للحقيقة تصرفت معه بقلة إنضباط وأدب وبطيش الشباب عندما أجبته وبإستخفاف (من تكون حتى لا توافق على منحي التكريم؟ فأجاب بأنه قائد فرقتي المباشر فأجبته بأنني لا أعرف من تكون لأن قائدي المباشر هو إبراهيم فيصل الأنصاري وليس أنت ، وبعد أن سمع مني هذا الكلام غير المنضبط ، وخزني على صدري بعصاه التي كان يحملها ، فسحبتها منه بقوة الشباب ووخزته بها على صدره رداً على فعلته معي ثم سحبت مسدسي مهدداً إياه بالقتل إذا ما إستمر بتوجيه إهاناته لي ، وبعدها سأهرب إلى جانب المتمردين بمجرد القفز من خط المواضع الأمامية ، علماً كان شجارنا حاداً ومسموعاً بعض الشيء).
ويبدو وبينما كنت أنا والسيد القائد بهذه الصورة غير الطبيعية من الحوار الخشن ، كان كل من العميد الركن إبراهيم الأنصاري ، والعقيد سعيد حمو ( رحمة الله عليهما ) ينظران إلينا من بين الحضور، وإذا بهما يتركان الجمع ويتوجهان نحونا بسرعة ، وحال وصولهما إلينا توجه نحونا العميد الركن إبراهيم الانصاري ( رحمه الله) وبدل أن يوبخني لسوء تصرفي مع من هو أقدم مني عسكريا ً، وخصوصاً أنه قائدي المباشر، بدأ بتوجيه اللوم الى قائد الفرقة الثالثة ، على سلوكه الفج معي قائلاً له بالحرف الواحد ( كيف لك أن تعتدي على أشجع ضابط عندي ، وهذا الإعتداء أعتبره موجهاً لي شخصياً لأنه هو الآن تحت حمايتي حتى لو كنت أنت قائد فرقته الأصلي ، وعندما أراد قائد الفرقة الثالثة أن يرد عليه لم يسمح له بالكلام ، بينما وجه الكلام لي قائلاً إذهب أنت ولا يهمك أي شيء ولا يستطيع أحد إيذائك طالما أنت بإمرتنا) بعدها تفرق الجمع والعميد الركن قائد الفرقة الثالثة يتوعدني بأنه لن ينسى لي فعلتي هذه معه وقال بالحرف الواحد ( إلا أگص لسانك هذا الطويل وأعلمك كيف تتصرف مع أسيادك) فتركته دون أن أنبس ببنت شفة.
بعد مرور حوالي شهر من هذه الواقعة إتصل بي أحد ضباط هيئة ركن فرقة المشاة الثانية وأظنه (الرائد الركن غانم محمود القزاز ، رحمة الله عليه ) قائلاً لي بأنني سأتسبب أو سأكون سبباً في خلاف قائدين كبيرين من قادة الجيش العراقي هما قائدي الفرقتين الثانية والثالثة ، بسبب القدم الممتاز الذي إقترحه لك قائدنا وإعتراض قائدك المباشر عليه للمشادة الكلامية التي حصلت في جوارتة بينكما ، مما حدى بالعميد الركن إبراهيم فيصل الأنصاري الإتصال هاتفياً بالسيد وزير الدفاع الذي كان في حينه ( اللواء الركن عبدالعزيز العقيلي ) قائلاً له سيدي الوزير إما أن يروج القدم الممتاز المقترح مني للملازم شوكت ، وإلا أعتبر نفسي مستقيلاً من منصبي كقائد لفرقة المشاة الثانية ، فكان له ما أراد ، (هذا هو القائد الفذ اللواء الركن إبراهيم فيصل الأنصاري - أبو عماد- رحمه الله وأسكنه الجنان مع المقربين إليه - آمين يا رب العالمين ) هكذا هم القادة العظام الأفذاذ وإلا فلا.
الدبابة المرقمة 412 نوع تي 54 بعد انتهاء عملية التسلق
من كتاب( مذكرات مقاتل) للفريق الأول الركن نزار الخزرجي رئيس أركان الجيش يروي واقعة هندرين
23. واقعة هندرين 12 أيار 1966
واقعة هندرين الواقعة التي أكثر إيلاماً في نفوس منتسبي الجيش العراقي الباسل التي تعرض لها جحفل لواء المشاة الرابع في جبل هندرين وأقل خسائر نسبياً جحفل لواء المشاة الثالث في جبل زوزك ، جائت كنتيجة لسوء تخطيط وزير الدفاع في حينه ، ولتنسيقق مشترك بين البيشمركة من جهة والحزب الشيوعي العراقي من جهة أخرى وإسناد مدفعية الجيش الإيراني من جهة ثالثة ، وتخطيط ودعم عملياتي من طرف رابع يحمل ضغينة على الجيش العراقي يعود لسنة 1948 كما نشر وينشر اليوم في الشبكة العنكبوتية وهم يفتخرون بذلك الدعم .
الفريق الأول الركن نزار الخزرجي رئيس أركان الجيش االعراقي السابق يروي تفاصيل المعركة كما مبين أدناه :
أ. عام
في صبيحة يوم مشمس من أيام بداية شهر نيسان 1966 ، حضر وزير الدفاع اللواء الركن عبد العزيز العقيلي مع عدد من ضباط الأركان العامة ، وعقد فور وصوله إجتماعًا بقائد فرقة المشاة الثانية اللواء الركن الأنصاريّ في غرفته في مقر القيادة ، وفيها بيّن الإستراتيجية التي سيعمل عليها للمرحلة المقبلة في مقاتلة مسلحي البارزاني ، والتي ستجبر الزعيم الكردي على التخلي عن الخيار المسلّح في خلافه مع السلطة ، وذلك بتحويل الجهد الرئيس للعمليات من جبهة الفرقة الثانية – في السليمانية إلى جبهة الفرقة الأولى – في أربيل ، على أن تعزز بألوية ووحدات من قطعات الفرقة الثانية ، والغاية من ذلك هو عزل مسلّحي الملا مصطفى البارزاني عن الدعم الإيراني ، وذلك بالسيطرة على المحور الرئيس الذي يربطهم بإيران أي محور ( راوندوز - برسريني - حاج عمران ) ، وقال على القطعات أن تبدأ فورًا بالتحشد في سهل راوندوز، وتشرع بالعمليات بعد عطلة العيد المقبلة ، بعد أكثر من شهر، وأن اللواء الركن زكي حسين حلمي ، قائد فرقة المشاة الأولى ، سيقود العملية.
ب. وجهة نظر قائد فرقة المشاة الثانية
كانت النظرة الإستراتيجية للواء الركن إبراهيم فيصل الأنصاريّ مختلفة تمامًا ، إذ قال: «إن هذه العملية وأي عملية مشابهة أخرى لن تحقق الغاية التي إستهدفها السيد وزير الدفاع ، وأوضحُ أن العمليات المسلحة الحالية تختلف عن تلك التي شارك فيها الوزير في منتصف الأربعينيات ، آنذاك كانت حركات عشائر متمرِّدة ومحدّدة في مناطق نفوذ الملا مصطفى البارزاني والعشائر المؤيدة له ، وكان وصول الأرتال العسكرية إلى مناطق تواجد ونفوذ تلك العشائر كافيًا لإخمادها ، أما الآن فالوضع مختلف تمامًا ! إذ تحوّل قتال المسلحين الأكراد إلى عمليات أنصار وحرب عصابات مشابهة لتلك التي حدثت في يوغسلافيا والإتحاد السوفياتي ، وتدرّب عليها البارزاني ومن معه أثناء لجوئهم إلى الإتحاد السوفياتي ، فالقتال الآن ليست له جبهة محدّدة وواضحة بل يجري تقريبًا في كل مكان من المنطقة الكردية في الشمال ، ففيما نحن نقاتل المتمرِّدين في المناطق الحدودية لمنع تعاونهم مع إيران أو تركيا ، هناك قتال في مناطقنا الخلفية وعلى طرق المواصلات ، إن إمساك الشريان الذي يربطهم بإيران وقطعه شيء جيد ، ويمكن أن يكون بإمساك العوارض المسيطرة فيه بعدد محدود من القطعات ، وإبقاء القسم الأكبر منها لضربهم وإيقاع الخسائر الموجعة فيهم ، ومطاردتهم أينما كانوا ، ذلك ما يردعهم ويجبرهم على التخلي عن إستمرارهم بالقتال ، ولا تنسى سيادة الوزير أن هناك محاور أخرى عديدة تربطهم بإيران ، وإختتم اللواء الركن الأنصاريّ قوله: أخشى يا سيادة الوزير أن يؤدي إصراركم على هذا النهج وتنفيذه بالصيغة التي عرضتها إلى نتائج وخيمة للقطعات التي ستقوم به ولبقية القوات المسلحة ..
ج. وجهة نظر وزير الدفاع المدعوم بتأييد الرئيس عبد السلام عارف
لكن الوزير المعروف بعناده أصر على رأيه ، مدعومًا بتأييد الرئيس عبد السلام عارف ، جرى حشد القطعات في سهل ( راوندوز) طوال الشهر الذي سبق تنفيذ العمليات ، الأمر الذي أتاح للملا مصطفى البارزاني الوقت للذهاب إلى طهران وزيارة شاه إيران حيث طلب من شاه إيران وحدات مدفعية من الجيش الإيراني مع أطقمها إلى القاطع ، لبى الشاه الطلب ، وبدأت قصفها القوات المتحشدة في سهل راوندوز فتكبَّدت خسائر كبيرة أثّرت سلبًا في معنوياتها .
د. منطقة تموضع تشكيلات الجيش الماسكة للأرض
كانت عارضتا (جبل هندرين - وجبل زوزك) تسيطران على مدخل محور راوندوز - حاجي عمران من الشرق ، كان جحفل لواء المشاة الرابع يمسك عارضة (هندرين) التي تسيطر على الطريق من جهة اليمين ، وجحفل لواء المشاة الثالث يمسك عارضة ( زوزك) التي تسيطر على الطريق من جهة اليسار ، وقد كثف المسلحون الأكراد القصف عليهما فكبدوهما خسائر كثيرة.
ه. هجوم البيشمركة المباغت
البيشمركة والشيوعيين المتعاونين مع الأكراد حسب ما مثبت في أدبياتهم االمنشورة في الشبكة العنكبوتية وإسناد شاه إيران المقبور بكتائب مدفعية ثقيلة ، قد إستغل حادث سقوط طائرة الرئيس عبد السلام عارف ومقتله في البصرة وما تبعها من إختلاف بين عدة أشخاص في مجلس الدفاع الأعلى المكون من قادة الفرق و الأركان العامة ووزير الدفاع حول من سيكون رئيس الجمهورية القادم بدل االرئيس الراحل ،
وفي ليلة 12 أيار 1966 الدامسة الظلام بوغتت قطعات جحفل لواء المشاة الرابع الماسكة جبل هندرين بهجوم صاعق أجبرها على ترك العارضة في حالة من الفوضى الشاملة ، وإحتمى العسكر في السفوح والأودية القريبة ، كما تركت بعض وحدات جحفل لواء المشاة الثالث معظم مواضعها على عارضة زوزك ، لم يسبق لقواتنا االمسلحة أن تعرضت لمثل هذه النكسة المؤلمة والمهينة مطلقًا ، وكنا نخشى إنعكاسهاعلى بقية قطعات الجيش .
و. تدخل ضباط ركن قيادة قوة الميدان
كان اللواء الركن إبراهيم فيصل الأنصاريّ قائد فرقة المشاة الثانية يغلي غضبًا ، والأخبار السيئة عن قاطع راوندوز ترده تباعًا ، فقد توقع أن يحدث ما لا تُحمَد عُقباه عندما حشدوا القطعات في رمضان قبل أكثر من شهر من موعد تنفيذ عملياتها ، كان يقطع غرفته ذهابًا وإيابًا عندما دخل عليه اللواء فاضل ياسين واللواء حسن صبري محمد علي المكنى (حسن سكراب) من هيئة أركان قيادة قوة الميدان ، وكان إسُتحدث مقرّ باسم قيادة قوة الميدان لإدارة العمليات في الشمال برئاسة عبد الرحمن عارف ( رئيس أركان الجيش وكالة) .
ز. صراع إرادات القادة المبنية على تقدير موقف غير صحيح يدفع ثمنها منتسبي الجيش العراقي الباسل الذي أصر عبد العزيز العقيلي وزير الدفاع على إبعاده عن الوزارة ، لأنه لم يكن ضابط ركن ، ولا يحق له أن يكون رئيساً لأركان الجيش ، كما تنص بذلك اللوائح والنظم العسكرية ، فكان ذلك حلًا لتلافي أزمة بينه والرئيس عبد السلام عارف.
ح. إستجابة اللواء الركن إبراهيم فيصل الأنصاري
دخلوا عليه اللواء فاضل ياسين واللواء حسن صبري محمد علي المكنى (حسن سكراب) من هيئة أركان قيادة قوة الميدان يسألونه ويرجونه أن يتدخل لإنقاذ الموقف بالذهاب إلى راوندوز لمعالجة الحالة المتدهورة هناك ، فردّهم اللواء الأنصاريّ بجفاء وذكّرهم بتحذيره الوزير من النتائج الوخيمة لإجراءاته تلك ،
رد اللواء حسن صبري ، والعبرات تخنق صوته: «لواء إبراهيم أستحلفك بالله أن تذهب ، إنه شرف الجيش والوطن». فوافق الأنصاريّ وأصدر أوامره لقوات مغاوير الفرقة للتحرّك فورًا إلى راوندوز، وإصطحب معه آمر مدفعيته العميد أحمد سعيد وبعض ضباط ركنه في طائرة سمتيّة [هليكوبتر] إلى هناك ، وكنت معهم .
ط. قائد فرقة المشاة الأولى في حالة ذهول
في المقرّ المتقدّم لقيادة فرقة المشاة الأولى كان اللواء الركن زكي حسين حلمي قائد الفرقة ، الذي كان قبل أشهر آمرًا لأحد ألوية فرقة المشاة الثانية ، يبدو تحت تأثير الصدمة التي فاجأته .
ي. إجراءات الأنصاري فور وصوله إلى مقر فرقة المشاة الأولى
قال له الأنصاريّ ، لواء زكي!! أوجز لي آخر موقف ، فأوجزه بعد الإيجاز قام الأنصاري بما يأتي :
أولاً. تسلّق اللواء الأنصاريّ تلة مرتفعة قريبة تشرف على الجبهة ، مصطحبًا معه اللواء زكي والعميد أحمد آمر المدفعية ، وعددًا من ضباط الركن والمُخابرين (مشغلي أجهزة الإتصالات) وإمتدّ الجميع على الأرض ،
ثانياً. أصدر أول أوامره بأن ترتبط كافة وحدات المدفعية في الجبهة بشبكة الإتصالات اللاسلكية لآمر مدفعية فرقة المشاة الثانية .
ثالثاً. إتصل مباشرة بأحد آمري الأفواج الأمامية المقدّم الركن زاهد إسماعيل (كان مدرّسنا عندما كنت تلميذًا في كلية الأركان) للتعرف إلى الموقف من الأفواج المشتبكة بالقتال مباشرة .
فقال: «أنا اللواء الركن إبراهيم فيصل الأنصاريّ ، جئت لإدارة المعركة ؛ أعطني موقفك والعدو بدقة ، وسأسندك بمدفعية الفرقة كلها ، أعطنا التصحيحات لصب نيراننا على العدو.
رابعاً. باشرت بعدها المدفعية بالقصف ، وبعد نصف ساعة أو أقل إتصل المقدّم الركن زاهد إسماعيل وتكلم مع اللواء الأنصاري وقال :
سيدي القائد إنني أرى جثثهم تتطاير بفعل نيراننا ، وشرعوا بالفرار، تركنا اللواء زكي لمتابعة الموقف وذهبنا لإستقبال قوات مغاوير الفرقة التي بدأت طلائعها بالوصول والتجمّع قرب راوندوز عند المدخل الشرقي لمضيق كلي علي بك.
خامساً. اللواء الركن إبراهيم فيصل الأنصاري يلتقي قوات مغاوير الفرقة
حال تكامل وصول قوات المغاوير قرب راوندوز عند المدخل الشرقي لمضيق كلي علي بك وقف اللواء الأنصاريّ بينهم وحيّاهم بحرارة ، وجال ببصره في وجوههم التي يعرفها ويعتزّ بها ، حيث كانوا من وحدات مغاوير الفرقة الثانية المعروفين بشجاعتهم وشراستهم في القتال ، وخاطبهم قائلًا: «إن وحدات اللواء الرابع قد إنسحبت من جبل هندرين ذاك الذي ترونه على اليمين (وأشار إليه) ، وكذلك بعض وحدات اللواء الثالث من جبل زوزك على اليسار ، وإن المتمرِّدين إحتلوا المرتفعات المسيطرة ، أريدكم أن تسترجعوها من أيديهم سيموت بعضكم ويُجرح آخرون ، لكنّ شرف الجيش والوطن أكبر وأعظم ، أريد أن أرى أعلامكم ترفرف على قمم هذه الجبال ، لقد إدُّخرتكم لمثل هذا اليوم ، إذهبوا والله معكم». كان زئيرهم يشق عنان السماء وهم يحيّون قائدهم ، وإنطلقوا ، وبعد ساعات كانت أعلامهم ترفرف على قمم الجبال ، والمرتفعات بعد أن سقط العديد منهم .
24. معركة جبل هندرين 12 أيار 1966 كما وثقها الطرف الأخر
أ. قرأتم تفاصيل معركة جبل هندرين 12 أيار 1966 حسب ماورد أنفاً عن ما خزنته ذاكرة الفريق الأول الركن نزار الخزرجي رئيس أركان الجيش السابق و وثقته أنامله في كتابه (مذكرات مقاتل ) هذه المعركة التي حدثت ونحن لا زلنا طلاب في الكلية العسكرية ، إذ كانت تشغل ذاكرتي طيلة فترة خدمتي العسكرية التي بلغت أكثر من 44 سنة ولم أجد ضالتي لغرض معرفة حقيقة هذه المعركة ، لم يذكر الفريق الأول الركن نزار الخزرجي في مذكراته تاريخ وقوع المعركة ، وبدأت رحلة البحث عن تأريخ وقوعها في الشبكة العنكبوتية ولم أستغرق وقتاً طويلاً حيث وجدت ما أبحث عنه والحقيقة وجدت كنزاً من المعلومات وثقها الطرف الأخر المشترك في هذه المعركة وسأنقله نصاً بدون تصرف لنضع أمام أنظار القراء من كان يضمر شراً للجيش العراقي الباسل من أبناء البلد ومن خارج أبناء البلد إليكم نص ما وجدت :
ب. روايتان مختلفتان عن معركة جبل هندرين/خسرو حميد عثمان
الحوار المتمدن-العدد: 5383 - 2016 / 12 / 26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
((البصيرة فن رؤية مالا يستطيع الآخرون رؤيته)) جوناثن سويفت
بَدَرتْ الى ذهني كتابة هذ المقال عندما كنت بصدد نقل بعض
الفقرات من مذكرات بهاء الدين نوري لنشرها في سياق الحلقة 7/ 19 حيث يتطرق إلى عبد
الرحمن البزاز وبيان 29 حزيران 1966 ومعركة هندرين، بالذات إشارته الى مقولتي حميد عثمان: «العصى المخري بها من الطرفين والوسط» و« إنه لرائع أن يخرج المرء من هذه الثورة-الثورة الكردية- ويقول عنه الناس أنه لا يزال وطنياً».
لم يتوضح لي فيما إذا كان بهاء الدين نوري من سياق روايته أدرك تماماً ما قال له حميد عثمان بصورة غير مباشرة أو وصلته الرسالة من حيث المضمون بصورة واضحة ، وهو الإحتمال الأرجح ، لكنه تحاشى توضيح الأمر للقاريء ووضع النقاط على الحروف. لكى نعطي للقاريء الفرصة ليستنتج بنفسه الأسباب التي دفع ب(حميد عثمان) للتحدث مع بهاء الدين نوري بهذه الدرجة من التشائم أنقل روايتين مختلفين عن كلٍ من معركة جبل هندرين وحيثيات صدور بيان 29 حزيران:
أولاً- معركة جبل هندرين:
1- رواية بهاء الدين نوري عن معركة جبل هندرين التي وقعت يوم 12أيار1966, حينها كان أحد الأعضاء في قيادة الحزب الشيوعي العراقي ومسؤول إقليم كوردستان للحزب :
(قدر لي أن أكون في قرية كليته ، بالقرب من جبل هندرين العملاق ، يوم معركة هندرين التأريخية ، التي كانت آكبر معركة عسكرية وأبرز نصر تحرزه الفصائل المسلحة في كردستان في العراق حتى ذلك اليوم. وقد بدأت المعركة في الثاني من أيار 1966، عندما تسللت تحت جنح الظلام وحدات من الجيش بمساعدة ومشاركة الجيوش الأكراد إلى مرتفعات فوق الجبل واتخذت لنفسها مواقع قبالة فصيل الحراسة الشيوعي الصغير. وعندما نقل المسلحون الشيوعيون من مقرهم في قرية برسرين ومن سفوح هندرين بعض التعزيزات إلى فصيل الحراسة الأمامية كان الجيش قد أقام لنفسه العديد من الربايا والتحصينات العسكرية والمدافع الخفيفة. وقد أثار البعض من خصومنا ضجة كبيرة ضد رفاقنا الفدائيين متهمين إياهم بالتواطؤ مع السلطة وبيع هندرين لها. كان لا بد من عمل كبير يعيد المياه إلى مجاريها.
كان المسؤول العسكري لوحدتنا المسلحة كمال نعمان ، النقيب الشيوعي العربي من أهالي ديالى ، الذي كان قد هرب من الجيش إثر إنقلاب 1963. كان كمال رجلاً هادئا خلوقا ومحترماً بين الفدائيين. وقد تأثر بما حدث في هندرين شديد التأثر ليس فقط كمسألة سياسية وعسكرية ، بل كمسألة شخصية مسته بوصفه قائد الفصائل الفدائية المناطة به حراسة هندرين. فسهر على وضع خطة لشن هجوم مضاد يؤدي إلى استعادة الجبل. وكان عليه تدبير الأمر في ظروف عدم تكافؤ القوى العسكرية عدداً وتكنيكاً. فقد كانت في حوزته قرابة (250) مسلحاً بأسلحة بدائية بسيطة أفضل ما فيها بندقية سوينوف، إضافة إلى مدفعي هاون عقدة (3) ، في حين قدرت قوات السلطة بما يزيد عن ألفي جندي مع تجهيزات جيدة ومع دعم قوي بالمدفعية والطيران..........
في صبيحة 12 أيار وبعد إطلاق القذيفة الثالثة من مدفع الهاون الصغير صدر الأمر إلى الفدائيين، بضمنهم قسم من مسلحي عزت سليمان بك القريب منا سياسياً ، بالهجوم. وفي معركة عسكرية خاطفة ألحقوا. الهزيمة الكاسحة بالعدو ولاحقوه حتى اقتربوا من معسكر رواندوز. استشهد خمسة من فدائينا ، بضمنهم الفدائي الشجاع عريف يونس، الذي كان آمر فصيل الحراسة حين تسلل الجيش إلى الجبل.
وحسب المعلومات التي أرسلها رفاق منظمتنا في رواندوز بلغ عدد قتلى العدو75 قتيلاً إضافة إلى حوالي 250 جريحاً، أصيبت غالبيتهم جراء سقوطهم في الأرض الجبلية الوعرة.
كنت لا أزال في (كليته) حين أتى إلينا مراسلنا السريع مشياً (عريف نورى) حاملاً إلينا نبأ الانتصار المفرح فوق الجبل. بادرت إلى إرسال جميع مندوبي الكونفرس ومن حوالينا شطر هندرين كي يشاركوا في جمع ونقل ما يمكن الحصول عليه من الغنائم المفيدة لنا من سلاح و عتاد وأجهزة لاسلكية وغيرها. ذهبوا جميعاً ، وسبقهم رؤوف قادر ثم عاد نحوهم قبل أن يصعدوا الجبل وأخبرهم بأن ليس هناك ما يمكن جلبه ولا داعي لمواصلة السير. فرجعوا أدراجهم دون أن يجلبوا شيئاً. وفي وقت لاحق حصلنا فقط على عدد من أجهزة اللاسلكي، التي جلبها لنا فدائيونا المشاركون في المعركة. وأشيع على نطاق واسع بأن الشيوعيون أخذوا وأخفوا أسلحة كثيرة- وكان حجم الانتصار الكبير يساعد على خلق وتصديق مثل هذه الاشاعة. وأرسلت قيادة الحركة المسلحة إلى رفاقنا مَن طلب منهم عدداً من الغدارات بذريعة أنها بحاجة إليها كي ترسلها إلى الفدائيين المكلفين بالعمليات العسكرية في المدن.) مذكرات بهاءالدين نوري،الطبعة الأولي-الناشر دار الحكمة ، لندن عام أب2001, ص335-337
2- رواية المقدم في الجيش الإسرائيلي/ قائد الكتيبة 890 التابعة للواء المظلات (تسوري ساجي- شينكين) الذي كان منتدباً من قبل الحكومة الأسرائية للعمل في كوردستان في تلك الفترة:( في الثاني عشر من أيار وقع اختيارنا على اللواء الرابع كهدف نضربه من اجل تخفيف العبء الواقع على الاكراد. وكان من الواضح ان وضع هذا اللواء صعب. فقد كان يتقدم على طول سلسة جبلية تقود نحو قمة جبل هندرين، ومن جانبي هذه السلسلة كانت هناك مناطق مرتفعة ، ولم يكن. هذا اللواء يكف عن طلب الاسناد المدفعي ، والجوي. وقامت القوة الكردية بانتظار اللواء في مكان معين، وعندما وصل الى تلك المنطقة اقترحت شن هجوم مضاد عليه.
وكان هناك موقع كردي يعرقل تقدم اللواء الى النقطة التي اعددنا الهجوم فيها، فوجهنا اليه امر بترك اللواء يمر، بيد ان قائد القوة رفض الانصياع للأمر، فهو لم يفهم لماذا يجب ان يتراجع ويدع القوة تمر في الوقت الذي ينفذ مهمته على افضل وجه، وعلى اتم الاستعداد لتنفيذ شعار (الباش مرجه): نحن على استعداد للموت.
توجهت انا و(مورخان) وهو ضابط كردي رفيع من المقربين للبرزاني الى الموقع ، وبعد جهد جهيد اقنعنا قائده بالتراجع، بعد ان وجه الينا نظراته شذرا وقال: تذكروا انكم انتم الذين ارغمتموني على الانسحاب.
دخل اللواء العراقي الى منطقة الموقع الذي تم اخلاؤه. كان قوامه حوالي اربعة الاف جندي، مسلحين بصورة جيدة، ولديهم عدد كبير من البغال، والمدافع.
سار اللواء العراقي في شيه نصف دائرة، وطوابير جنوده متراصة بشكل متقارب جدا، بينما الاسناد اللوائي، وقيادة اللواء تغطية ومن الخلف.
بدأت القوات الكردية بقيادة قائد الهندرن فاخر محمد البرزاني تقترب من القوة العراقية من ثلاث اتجاهات، وقد قسمت نفسها الى اربع وحدات يبلغ كل واحد مائتين وعشرين جنديا بهدف التوغل الى داخلها، وفي نفس الوقت قامت قوة قوامها ثلاثين جنديا برئاسة الرقيب يونس بحركة التفاف واسعة، بهدف احتلال قيادة اللواء، والامساك بقائد اللواء حيا، لاسباب نفسية واستخبارية.
وعندما دخل اللواء منطقة المصيدة، وجهت اليه جميع النيران المتوفرة في الجهاز الدفاعي ، بما فيها المدفعية التي هي عبارة عن اربعة مدافع من عيار خمسة وعشرين رطلا، وراجمتين من عيار 120مم وسبع راجمات من عيار 81 مم. ولا شك ان قوة هذه الاسلحة المدفعية لم تكن كبيرة، خصوصا اذا ما أخذنا بعين الاعتبار الكثافة المدفعية النيرانية التي كان العدو يستخدمها، بيد ان الظروف التي استخدم فيها كانت تجعله اسنادا هائلا اكثر بكثير من قوته الحقيقية.
لم تكن هناك اوامر قيادية مسبقة للقوات، بل كانت الاوامر تعطي اثناء الهجوم. بيد ان هذه المرة كانت المرة الاولى التي يستخدم الاكراد مثل هذه الكثافة النيرانية والمدفعية قبل الهجوم. اضف الى ذلك انها كانت المرة الاولى التي يشعرون فيها بمدى جدوى نقل الاوامر بالراديو اثناء القتال.
وبعد نصف ساعة من القصف المدفعي انف الذكر، فوجىء العراقيون بالهجوم الكردي الذي لم يسبق له مثيل بالنسبة، وقد استخدم المقاتلون في البداية البنادق، ثم لجأوا لاستخدام المدافع الرشاشة البريطانية من طراز(سترلينغ)، وكالوا للعراقيين ضربات دون رحمة.
قامت القوة بقيادة يونس بتطويق قيادة اللواء، بيد انها لم تستطيع القاء القبض على قائده حيا، ولا شك انه لولا هذا الامر لما تمكن القائد من الفرار ولما قتل يونس. فقد اتاح الامر للقائد الفرصة ليهرب، وقتل يونس وهو يطارده على بعد عشرات الامتار من القاء القبض عليه.
استغرقت المعركة ساعة كاملة لم يبق في نهايتها اي جندي من جنود العدو على قيد الحياة باستثناء خمسة اسرى، وبعض الجنود الذين تمكنوا من الفرار.
اما قائمة الغنائم الجزئية، فقد شملت ستة مدافع جبلية من عيار 75ملم، واربعة مدافع غير مرتدة، وثلاث راجمات بريطانية من عيار ثلاثة انشات، واربع راجمات من عيار 81 ملم امريكية، وخمسة رشاشات متوسطة من طراز(فيكرس) وخمسة واربعين مدفع (برن) والف بندقية من طراز موزر، وثلاثمائة مدفع رشاش من طراز (سترلينغ). وستة واربعين جهاز اتصال، وجهاز اتصال للاسناد الجوي، وستة الاف بطانية، وكميات كبيرة جدا من الذخائر.
قدر عدد القتلى والجرحى الاكراد بمائة وخمسين شخصا، هذا في حين بلغ عدد القتلى العراقيين الفين وخمسمائة شخص.
وفي التصريح الذي ادلى به مسئول عراقي لمجلة ميدل ايست جنرال قال: الاسلحة التي تم ضبطها لدى الاكراد خلال العملية كانت تحمل علامات ورموز الصناعات الاسرائيلية.)شلومو نكديمون، الموساد في العراق ودول الجوار - انهيار الأمال الاسرائيلية والكردية، ترجمة بدر عقيلي الصادر من دار الجليل للنشر- عمان عام 1997، ص152-154
25. أخطاء الآمرين والقادة وتأثير نتائجها السلبية على معنويات الجيش
إرتكاب بعض الآمرين المشار إليهم بالبنان أخطاء جسيمة نتيجة ثقتهم بالنفس وتسرعهم بإتخاذ القرارات الغير صحيحة خلال سير العمليات العسكرية كبدت الجيش خسائر بشرية غير مبررة نذكرها بإجاز :
أ. المرحوم العقيد سعيد حمو آمرجحفل لواء المشاة الخامس أخفق في السيطرة على مضيق هيبة سلطان في كوسنجق نتيجة لأتخاذه قرار شن الهجوم بدون إستطلاع مفصل للأرض وخلافاً لتوجيهات قيادة الفرقة وتكبد الجحفل خسائر بشرية غير مبررة .
ب. المرحوم العقيد الركن زكي حسين حلمي آمر جحفل لواء المشاة الرابع أخفق في السيطرة على قاعدة زيوي في جبل بيرة مكرون في السليمانية نتيجة لأتخاذه قرار شن الهجوم بدون إستطلاع مفصل للأرض وخلافاً لتوجيهات قيادة الفرقة وتكبد الجحفل خسائر بشرية غير مبررة .
ج. المرحوم اللواء الركن عبد العزيز العقيلي وزير الدفاع أخفق في تقدير موقف قوة البيشمركة ونواياهم وإتخاذه قرار تحشيد القطعات في سهل راوندوز قبل وقت الشروع بالعمليات بفترة زمنية شهر كامل وكشف نوايا الجيش بالتعرض ما أعطى فرصة للمرحوم الملا مصطفى البارزاني الإستعانة بشاه إيران ووفر له المدفعية المطلوبة لقصف القطعات المتحشدة في سهل راوندوز وتكبدها خسائر بشرية جسيمة كذلك قصف التشكيلات المتموضعة في جبل هندرين وجبل زوزك وتسبب في تسهيل هجوم البيشمركة على جبل هندرين مما أدى إلى إنسحاب جحفل لواء المشاة الرابع بشكل غير مسيطرعليه نتيجة شدة القصف الغير متوقع وتكبد الجحفل خسائر بشرية جسيمة والتي عرفت هذه بواقعة هندرين .
26. وقف إطلاق النار
بعد سيطرة تشكيلات الفرقة على قصبة قلعة دزة إستمر الموقف العسكري و إستمرت قيادة الفرقة تعالج المواقف التي كانت تفرضها قوات البيشمركة في قاطع الفرقة الواسع ،
هكذا في قاطع الفرقة لغاية يوم 29 حزيران 1966 حيث إتفق رئيس الوزراء المرحوم الأستاذ عبد الرحمن البزاز مع المرحوم الملا مصطفى البارزاني على وقف لإطلاق النار.
وبعد صدور الأمر بإيقاف إطلاق النار أعيدت قطعات الفرقة إلى معسكراتها الدائمية عدا تلك التي كانت تقوم بواجب مسك المناطق الإستراتيجية .. كمضيق كلى علي بك والسدود المائية في دوكان ودربندخان .. حيث أعطينا إستراحة للقطعات .. وباشرنا بإعادة التنظيم والتدريب على الحرب الحديثة.
وقد إستمر العمل بإيقاف إطلاق النار في منطقة كردستان عدا حدوث بعض الإشتباكات التي كانت تحدث بين قطعاتنا وبين قوات البيشمركة والتي كنا نعمل مع المرحوم الملا مصطفى البارزاني على تطويقها إستمر الهدوء يخيم على منطقة كردستان حتى يوم 17 تموز 1968.
تحقيق اللواء المتقاعد
فوزي جواد هادي البرزنجي
المصادر
1. كتاب أيام لا تنسى مذكرات الفريق الركن إبراهيم فيصل الأنصاري
2. الحوار المتمدن-العدد: 5383 - 2016 / 12 / 26.[1]