$زلزال كهرمان مرعش$ من أقوى الزلازل في العصر الحديث، بلغت قوته 7.8 درجات، ضرب يوم السادس من فبراير/ شباط 2023 مدينة كهرمان مرعش وامتد نحو الولايات الجنوبية بتركيا ومدن شمال سوريا ومعظم محافظاتها.
وأدى هذا الزلزال إلى سقوط ما يزيد على 7 آلاف قتيل وأكثر من 50 ألف جريح مع أضرار كبيرة في المدن والقرى التي ضربها. ويعد الأقوى من نوعه منذ العام 1999.
$منطقة زلزالية نشطة$
تقع تركيا في منطقة نشطة بالزلازل ضمن منطقة الحزام الألبي، وهي منطقة ممتدة لأكثر من 15 ألف كيلومتر، تبدأ من جاوة وسومطرة والهند مرورا بجبال الهيمالايا، ثم جبال إيران، والقوقاز، والأناضول انتهاء بالبحر المتوسط. ويحدث 17% من أكبر الزلازل في العالم في هذا الحزام.
وتحيط بتركيا 3 صفائح تكتونية، وهي الصفيحة الأوراسية شمالا، والأفريقية جنوبا والعربية شرقا، كما تنشط فيها 3 خطوط زلزالية فاعلة من الصدوع:
صدع شمال الأناضول: يمر بالمناطق المقابلة للبحر الأسود ويصل من جهة الغرب إلى بحر مرمرة وطوله 1350 كيلومترا.
صدع غرب الأناضول: وهو أكثر الصدوع حركة ويمر من بحر مرمرة وبحر إيجة.
صدع شرق الأناضول ويمتد بين الصفيحتين الأناضولية والعربية، وهو ثاني أكبر خط زلزالي في تركيا يبلغ طوله 530 كيلومترا، يبدأ من مدينة هاتاي وينتهي في مدينة موش.
ويلتقي الصدعان الشرقي والشمالي في مدينتين هما موش وبينغول.
والصدوع هي كسور تحدث في صخور القشرة الأرضية تؤدي إلى انزلاقات تعمل على تدافع الألواح الصخرية على امتداد خطوط الصدوع، مما يؤدي إلى زيادة الضغط وانزلاق إحدى الألواح الصخرية وخروج طاقة هائلة على هيئة زلزال.
$تاريخ الزلازل في المنطقة$
سبق هذا الزلزال مجموعة من الزلازل حدثت في العقود الأخيرة، وهي:
في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022 حدث زلزال شمالي غربي تركيا بلغت قوته 6.1 درجات على مقياس ريختر وأدى إلى إصابة 50 جريحا، وبعض الأضرار المحدودة.
أكتوبر/تشرين الأول 2022 حدث زلزال في بحر إيجة بلغت قوته 7 درجات أدى إلى مقتل 114 شخصا وإصابة ما يزيد على ألف آخرين.
فبراير/شباط 2020 حدث زلزال في منطقة على حدود تركيا وإيران قوته 5.7 درجات أدى إلى مقتل 9 أشخاص وجرح 51 شخص.
يناير/كانون الثاني 2020 ضرب زلزال منطقة إلازيغ قوته 6.7 درجات، وأدى إلى مقتل 40 شخصا.
أكتوبر/تشرين الأول 2011 حدث زلزال في مقاطعة فان قرب حدود إيران قوته 7.2 درجات أدى إلى مقتل 138 شخصا وإصابة ما لا يقل عن 350 شخصا.
وفي عام 2011 حدث زلزال في مدينة فان أدى إلى مقتل أكثر من 500 شخص.
في مارس/ آذار 2010 حدث زلزال شرق تركيا بقوة 6 درجات أدى إلى مصرع 51 شخصا وضرر بالغ طال 4 قرى.
ويعد زلزال إزميت الذي حدث عام 1999 من أكبر الزلازل في تركيا في الوقت الحديث، إذ كانت قوته 7.6 درجات وأدى إلى مقتل 17 ألف شخص وإصابة ما يزيد على 43 ألف شخص آخرين.
وبالعودة تاريخيا لبدايات القرن العشرين فقد حدث زلزال عام 1939 في مدينة أرزيجان أدى إلى مقتل أكثر من 33 ألف شخص، ويعد من أسوأ الزلازل في تاريخ تركيا الحديث.
$تنبؤات مختلفة$
لم يكن زلزال كهرمان مرعش مفاجئا لعلماء الجيولوجيا، إذ صدرت عدة تحذيرات عنهم من زلازل محتملة توقعوا أن تكون مدمرة، لكن التحذيرات استهدفت مدينة إسطنبول لكثافتها السكانية. كما ظهرت بعض التوقعات قبل الزلزال بأيام قليلة تحذر من حدوثه في منطقة كهرمان مرعش.
وفي يوم 30 يناير/كانون الثاني 2023 حذر مركز إس إس جي إي أو إس (SSGEOS) المختص بتنبؤات الزلازل، من توقعات بحدوث زلزال قوي في المنطقة.
كما أن البروفسور ناجي غورور المختص بعلم الزلازل حذر في عدة مقابلات تلفزيونية من احتمال وقوع حركات زلزالية شديدة ممتدة على صدع جنوب الأناضول، مبررا تحذيراته بأن صدع شمالي الأناضول حدثت فيها زلازل متوسطة الشدة في السنوات الأخيرة، مما يضعف احتمال حدوث زلازل شديدة فيه. أما المناطق الواقعة على أطراف الصدع الجنوبي فاحتمال حدوث زلازل شديدة فيها كبيرة نتيجة لتراكم الطاقة بين الطبقات التكتونية عند الصدع الزلزالي.
وفي وقت سابق حذرت دراسة صادرة عن جامعة إسطنبول من حدوث زلزال قوي في منطقة صدع ملاطية المتفرع من صدع جنوب الأناضول، لأن المنطقة لم تشهد زلازل عنيفة منذ 1500 عام.
كما أكد عالم تركي أن تاريخ منطقة كهرمان مرعش ومناطق ولاية إلازيغ سجل كوارث زلزالية شديدة على نحو متكرر.
زلزال كهرمان مرعش
وقع الزلزال يوم الاثنين السادس من فبراير/شباط 2023 الساعة 1:17 صباحا بتوقيت غرينتش، في ولاية كهرمان مرعش، وامتد إلى معظم الولايات الجنوبية التركية، وهي: غازي عنتاب وهاتاي وأضنة وملاطية وديار بكر وشانلي أورفا وعثمانية وأديمان وكليس.
وفي سوريا، ضرب الزلزال منطقة الشمال السوري ومحافظات حلب وإدلب وحماة واللاذقية وطرطوس، ووصلت بعض الهزات الأرضية إلى العاصمة دمشق وعدد من المحافظات الأخرى، ووصلت آثار الزلزال إلى لبنان وفلسطين والعراق.
بلغت قوة الزلزال 7.8 درجة وفقا لمقياس ريختر، وتمركز على عمق 17.9 كيلومترا تحت سطح الأرض، عند صدع شرق الأناضول، وانطلقت جراء الزلزال موجات باتجاه الشمال الشرقي، مما تسبب بأضرار بالغة في كثير من المناطق.
ويعد زلزال كهرمان مرعش من أكثر الزلازل ضررا وفتكا في الفترة منذ العام 2013 وحتى العام 2022.
$تبعات زلزال كهرمان مرعش$
تبع زلزال كهرمان مرعش زلزال آخر في اليوم ذاته في الساعة 10:24 صباحا بتوقيت غرينتش، ضرب المنطقة نفسها مرة أخرى، وبلغت شدته 7.6 درجات وفقا لمقياس ريختر، إلا أن مركزه كان أقرب لسطح الأرض، فقد حدث على عمق 10 كليومترات فقط.
وفي اليوم الأول للزلزال حدثت أكثر من 312 هزة ارتدادية وصلت قوة بعضها إلى 6 درجات على مقياس ريختر.
$أضرار الزلزال$
أدى الزلزال إلى سقوط أكثر من 7 آلاف شخص، بالإضافة إلى 35 ألف جريح. وأُعلن عن مناطق منكوبة في تركيا وشمال سوريا. وأوضحت منظمة الصحة العالمية أن عدد المتضررين من الزلزال قد يصل إلى 23 مليونا في البلدين معا.
وقد أدى الزلزال إلى سقوط عدد ضخم من الأبنية فوق رؤوس سكانها، لا سيما أنه حدث فجرا في وقت كان فيه معظم الناس في بيوتهم، وترافق مع عاصفة ثلجية وأوضاع جوية سيئة، وقد تضررت البنية التحتية في كثير من المدن التي أصابها الزلزال في كل من سوريا وتركيا.
وأكدت إدارة الكوارث والطوارئ التركية أن الدمار طال ما يقارب 6 آلاف مبنى، في حين أكدت منظمة الخوذ البيضاء في شمال سوريا أن الضرر طال ما يقارب 750 مبنى بين ضرر جزئي وكلي. فضلا عن التصدعات في الأبنية والمنازل.
وشهد الناس سقوط بنايات سكنية وتشقق الشوارع وتصدع الطرق وتهاوي الأبنية مع الهزات الارتدادية، كما دمر الزلزال أحياء كاملة في كل من هاتاي وأنطاكية وغازي عنتاب في تركيا، وكذلك في كل من حارم وسرمدا في الشمال السوري.
وقد هبت الحكومة التركية لإنقاذ الوضع ومساعدة الناس ففتحت الفنادق والقاعات والصالات الرياضية والنوادي والمدارس لاستقبال المتضررين وخصصت ميزانية أولية بنحو 100 مليار ليرة تركية لمعالجة الأزمة.
غير أن الوضع في الشمال السوري كان أسوأ بسبب استمرار الحرب بين قوات النظام والمعارضة المسلحة، وبسبب قلة الموارد وغياب المعدات اللازمة لاستخراج الناس من تحت الأنقاض وقلة عدد فرق الإنقاذ، مما يجعل عدد القتلى مرشحا للزيادة على نحو كبير.
وأدى الزلزال إلى تراكم الجثث في المستشفيات وعلى الأرصفة، وتم حفر مقابر جماعية للقتلى لكثرة أعدادهم.
$أضرار في الأماكن التاريخية$
أدى الزلزال إلى حدوث أضرار جسيمة في مبان وأماكن تاريخية في كل من تركيا وسوريا، منها:
قلعة غازي عنتاب التاريخية: تعرضت القلعة لأضرار كبيرة لقربها من مركز الزلزال.
قلعة حلب: تعرضت القلعة لأضرار بالغة وسقطت أجزاء من الطاحونة العثمانية فيها، وتشققت الأسوار النفاعية وتساقطت أجزاء منها، كما سقطت أجزاء من قبة منارة الجامع الأيوبي وتضررت المداخل وواجهة التكية العثمانية.
المتحف الوطني في حلب: تعرض لأضرار طالت بعض القطع الأثرية المخزنة في أماكن العرض، وحدثت تصدعات وتشققات في الواجهة.
المدينة القديمة في حلب: شهدت أضرارا كبيرة وانهيارات في المباني وسقوط عدد من مآذن الجوامع التاريخية في حلب.
المباني التاريخية في حماة: تضررت هذه المباني وسقطت أجزاء منها وتعرضت جدرانها لتصدعات وشقوق.
جامع الإمام إسماعيل: طاله الضرر وسقط الجزء العلوي من المئذنة، وتصدعت واجهة الجامع.[1]