سامان سورانی
المجتمع الكوردستاني لا يؤمن بالخلاف العربي الكوردي
قبل أيام شاهدنا وللأسف إقدام ثلة من المخربين ومثيري الشغب على مهاجمة عدد من السيّاح القادمين من بغداد والمحافظات العراقية الأخرى الذين قصدوا إقليم كوردستان لقضاء عطلة رأس السنة.
بالتأكيد لا تمت هذه السلوكيات الدخيلة إلى قيم المجتمع الكوردستاني وأخلاقه النبيلة بصلة، فشعب كوردستان وحكومته قدموا في السنوات الماضية خير مثال للعالم باستقبالهم لملايين النازحين واللاجئين من المحافظات العراقية والدول المجاورة، وهكذا أصبح أرض كوردستان ملاذاً آمناً لهم وستبقى أبواب الإقليم دائماً مشرعة على مصراعيها أمامهم وأمام السيّاح والزائرين.
ومن يتصفح تاريخ الحركة الكوردستانية فسيجده حافلاً بالكثير من المواقف الداعية للأخوة بين الشعبين العربي والكوردي.
ففي عام 1943 أصدر القائد الخالد مصطفى بارزاني بياناً باسم الثورة الكوردستانية آنذاك قائلاً: أننا لا نقاتل ولا نحارب الشعب العراقي والعربي بل نقاوم حملات القوات العسكرية والبوليسية البريطانية والعراقية، وهذا إن دلّ على شيء فيدلّ على أن المجتمع الكوردستاني وقيادته الحكيمة يتحاشون النزاع العربي الكوردي وهم دوماً مع التآخي والتآزر والتفاهم والتواصل الثقافي والاجتماعي.
هذا المفهوم انتهجته وحافظت عليه القيادة الكوردستانية حتى اليوم، رغم معاداة الشوفينيين وضيقي الأفق من العرب وغيرهم، الذين كانوا دوماً يجاهدون في سبيل زرع الشقاق والفتنة و صهر الكورد ويشجعون حكوماتهم المستبدة والشمولية على مواصلة القتال والتنكيل وممارسة التهجير والقتل الجماعي ضد شعب كوردستان الآمن.
وما إصدار رئيس حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني في 2-1-2021 من بيان، أدان فيه وبأشد العبارات حوادث الاعتداء على السيّاح، متوعداً باتخاذ أشد الإجراءات ضد من يحاول تشويه الثقافة الرفيعة للمجتمع الكوردستاني، إلا دليل آخر على إيمان القيادة الكوردستانية بأهمية الحفاظ على فضاءات التعايش السلمي والحرية.
حكومة إقليم كوردستان محكومة بدستور ومبادئ وقيم وتراث كبير للتاريخ القريب والعلاقات التضامنية بين الشعوب وتبذل المزيد من العطاء لتقديم نموذج جيد عن الممارسة الديمقراطية وتهيئة الأرضية لانتصار الحرية والديمقراطية على عقلية الإقصاء والتهميش والشحن والتبغيض.
وجه التعقل والحكمة والمسؤولية الوطنية تدفعنا أن نعمل دوماً على أساس قواعد العمل الديمقراطي والتعايش السلمي المطلوب وبناء علاقات ديمقراطية بين كافة القوى المجتمعية وصيانة التضامن المتبادل وتعميقه بدلاً من التوترات والنزاعات واحترام المؤسسات الدستورية وسيادة القانون الحريات وحقوق المواطنة. وعلينا أيضاً ألا نسمح بظهور الانعزالية والشعور بالتهميش في صفوف أي مكون عراقي.
ختاماً: كفی بالعراق والمنطقة نزاعات وخصومات ومآس ودمار ولتتحول المنطقة إلى واحة سلام ورخاء ورفاه وتقدم للجميع، ولنبحث عن حلول سياسية سلمية لمشاكلنا بعيدة عن التطرف والعنف والطائفية في العمل السياسي.[1]