عبدالله جعفر كوفلي
ليت الكورد مستأجرين
الاستئجار ضرورة حياتية نظمها القانون وتدل على اختلاف المستوى المعيشي للشعوب وباتت ظاهرة مستفحلة في بعض المجتمعات رغم الجهود والخطط الحكومية وتخصيص الميزانيات للقضاء عليها وإنقاذ المستأجرين، إلا انها باقية وستبقى طالما الطموحات والمصالح الانسانية تحكم، ولعقد الايجار اركان و شروط.
خرجت الاستئجار من اطار البيوت الى مجال اوسع لتشمل الدول، فمثلا قامت بريطانيا باستئجار (هونغ كونغ) من الصين ومدة عقدها كان (99) سنة، وعندما انتهت المدة عادت الى حضن الصين بكل هدوء وسلاسة دون مخاض وصعوبات، وكذلك عندما تم فتح قناة السويس عام (1869) بعد مضي عشر سنوات من بدء العمل به في عهد الخديو سعيد تنفيذا لفكرة طرحها المهندس الفرنسى (دي ليسيبس)، وكان له الدور الكبير في تحسين الوضع الاقتصادي لمصر ودول العالم بأسره، وكانت الحصة الكبرى هي لبريطانيا وفرنسا حيث استأجروها من مصر لمدة (99) عاما، ولكن الخطأ الذي وقعت فيه مصر هي قيامها بتأميم القناة أي استعجالها قبل انقضاء مدة العقد مما سبب بالعدوان الثلاثي عليها عام (1956) وكان باقي المدة لا يتجاوز (8) سنوات، فان اقدامها على هذه الخطوة افسد المنفعة المرجوة من هذا المشروع الاقتصادي الضخم، فأن صبر و(ماو) وتريثه رغم حقده لبريطانيا حقق له ما يربو واستعجال المصريين امطر عليهم الوبال والحرب .
ولكن السؤال الذي يفرض نفسه؟ ما الذي منع بريطانيا وحتى فرنسا عند توقيعهما اتفاقية سايكس بيكو عام (1916) من استئجار المنطقة الكوردية للمدة المعتادة (99) سنة وهل انهما حققتا ما خططتا له بأقل كلفة وخسارة ام ان الشعب الكوردي وقيادته لم يكونا في مستوى التأثير والمطالبة بمثل هذا الاجراء ام ان الطرف الذي كان يسيطر على المناطق الكودرية والتي هي الدولة العثمانية قد اصابها الانهيار وباتت اراضيها وليمة يتجمع عليها الغرباء لتجد كل منها حصته، فيا ليت الكورد كانوا مستأجرين لدولة وان طالت مدة عقدها وحينها كان تحقيق حلمنا بالحقوق المشروعة وتقرير المصير سهلا يأتينا دون جهد وبمجرد مرور الزمن، فان الوقت يمر والجهود تبذل ولكننا لازلنا نركض وراء الحقوق وهي تتهرب لان المصالح الدولية اخذت بزمامها و توجهها حسب ما تشتهيها وفي الوجهة التي تريدها .
ان طلب الايجار مر وغريب و خاصة عندما يكون المستأجر صاحب ارض ومال ولكنه كان أسلوباً في تحقيق الاهداف لمن علم واعتبر.
فيا ليت الكورد أن يوقعوا عقدا للإيجار مع دولة عظمى، وأن طالت مدته لتنعم الاجيال القادمة بحقوقهم، وأن الفرصة سانحة للعقد مع أمريكا لان سياستها ترسمها بريطانيا في الخفاء، وما بناء أكبر قنصلية امريكية في اربيل إلا فرصة ذهبية لمثل هذه الخطوة.[1]