نورالدین ویسي
غطرسة العبادي وغروره ضد كردستان
الغرور والغطرسة التي يتعامل بهما رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وحكومته الطائفية تجاه اقليم كردستان شعبا وحكومة، تبرهن يوماً بعد آخر صواب قرار الاستفتاء الذي اُجري في ايلول الماضي وحظي بتأييد اكثر من 92 بالمئة للاستقلال عن العراق.
ومن بين جملة اسباب، كان اجراء الاستفتاء نتيجة او ردة فعل طبيعية، على المعاملة الاستعلائية والتمييز العنصري والعرقي ضد الكرد من جانب الحكومات العراقية المتعاقبة بدءا من العهد الملكي الى الجمهوري، والى يومنا هذا.
وها هو حيدر العبادي يثبت، بإجراءاته العقابية ضد اقليم كردستان، النظرية التي لطالما رددها الكثيرون بان العراق ليس ذاك الوطن الذي يشعر فيه المواطنون الكرد بان كرامتهم وحقوقهم مصانة ومحترمة فيه.
ولولا الصمت الدولي وبخاصة الامريكي ما كان بوسع الحكومة العراقية والميليشيات المدعومة من إيران، احراز أي نصر ضد اقليم كردستان، حيث سبق للعبادي أن تفاخر وتباهى بهذا الانجاز والذي قال في مناسبات عدة إنه لا يقل اهمية على الانتصار ضد داعش.
وليس من السهل أن يصمت المسؤولون في كردستان حين يطرح رئيس وزراء العراق مقارنة يساوي فيها بين الكرد وداعش!، وما تجاهله لدور قوات البيشمركة في خطاب النصر على تنظيم داعش إلا دليل لا يقبل اللبس ولا التأويل ولا التفسير الكثير.
ورغم ما حل بالكرد من كوارث، الا إنهم ما جنحوا إلاّ للسلم، بل وصل بهم الحد الى التوسل من اجل البدء بتدشين مرحلة جديدة من المحادثات مع بغداد، لكن العبادي لم يكترث، وليس هو فحسب، بل حتى الولايات المتحدة لا تبدو متحمسة للضغط من اجل الدفع بالحوار إلا اذا طُلب منها، وهو أمر لا ترغب به بغداد حتماً.
ولعل الموقف الامريكي لا يفسر صمتا بل هو اقرب الى التأييد، فالسفير الامريكي لدى بغداد دوغلاس سيليمان فقد حياديته وبات يدعم بغداد ضد اربيل حيث وجه سيلا من الانتقادات اللاذعة فيما يتعلق بالعقود النفطية التي ابرمها اقليم كردستان في الآونة الاخيرة، واعتبرها مصدر قلق واشنطن، هو لم يكن كذلك بقدر ما هو تلميح للعقد المبرم مع شركة روسنفت الروسية، لكنه لم ينطق ببنت شفة بشأن توقيع العراق اتفاقا لتصدير نفط كركوك الى ايران!
ما يجب أن يحدث، هو ألاّ تعوّل حكومة كردستان على ضغط المجتمع الدولي او وعوده حيال بغداد، بل يتعين التحرك سريعاً لإطلاق حملة واسعة لفضح وكشف اهداف سياسة التجويع والحصار المفروض على الكرد كعقاب جماعي فرضته بغداد بسبب ممارسة ديمقراطية تمثلت بالاستفتاء.
ومع عدم استجابة بغداد لحسن نوايا كردستان، فما على المسؤولين الكرد هناك وعلى رأسهم رئيس الجمهورية فؤاد معصوم والوزراء الكرد (لم يبقَ منهم سوى وزيري الثفاقة والمهجرين) وأعضاء مجلس النواب، إلاّ الانسحاب من العملية السياسية والعودة الى الإقليم والبدء بحملة موحدة ضد السياسات التعسفية لبغداد... لان بغداد لم ولن تتغير، وكما يقول الشاعر الفلسطيني محمود درويش في الستينيات، لا شيء (فيها) مباح إلا دم الاكراد![1]