قانون الاعلام... قوننة الانتهاكات بحق الصحفايين في روجآفا
مركز آسو للدراسات
أفرزت الحرب السورية فوضى أكبر من قدرة الكيانات المجتمعية السورية على تحمل وطأتها. وعمّقت في المقابل، خذلان الناس الذين قدموا أبناءهم كقرابين للتحرر من نظامٍ مستبد، ليُبتلوا بتنظيمات عسكرية أكثر سوءً، ناهيك عن ظهور ثلاثة أقاليم، تحكمها سلطات متنابذة. يرتبط جزء من هذا التنابذ بالجانب الداخلي في كل إقليم، سواء في علاقة السلطة المحلية بالشعارات والمبادئ الحقوقية التي تعلنها دون أن تكون قادرة على تطبيقها، وأحيانا تبدو أنها لا ترغب في تطبيق ما تدعيه من شعارات. أو في علاقتها العقائدية مع الشعب غير المنتمي لنفس التوجه الحزبي. غير أن أكثر المناطق التي وعدت فيها جماهيرها بالديمقراطية، وربطت تجربتها الإدارية بعبارة الديمقراطية -المفهوم البراق للأمة الديمقراطية- هو الإقليم الذي ظهرت فيه تجربة الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، أو بالأحرى، ما تبقى من هذا الإقليم بعد احتلال نصفه من قبل تركيا بين سنتي 2018 عفرين، و2019 سرى كانية/ رأس العين و تل أبيض.
إحدى تجليات هذه التحولات، هي التجربة الإعلامية التي تشعّبت في مناطق الإدارة الذاتية لأسباب متعددة. من بينها الحاجة إلى توجيه الرأي العام إلى ما يحدث في تلك المناطق، وتركيز انتباه الناس على قضايا محددة دون غيرها، سواء لأغراض أيديولوجية محضة، أو لإلهاء الشارع عن المعضلة الحقيقة التي تضرب المنطقة منذ اندلاع الحرب في سوريا أواخر 2011. جاء ما تقدم بكلفة أخرى، وهو قضية المهنية الإعلامية التي وُضِعت على الرف، وبات ولاء الكتيبة الإعلامية للتوجهات السياسية أهم من مهمتها الأساسية في تزويد المجتمع بالمنبهات الضرورية لتداول قضايا الشأن العام. فاختفى الشأن العام، ليحل محله الشأنُ الحزبي العقائدي.
فالتجربة الإعلاميّة في شمال وشرقي سوريا، هي إحدى إفرازات تحوّل السلطة الحاكمة في المنطقة، وهي من أبرز المستجدات الّتي ظهرت في المنطقة، إلى جانب الظهور المباغت لمنظّمات المجتمع المدني التي مازالت عاجزة عن تجاوز العتبة الإغاثية. لذلك، في أثناء الحديث عن التجربة، نجد أن أغلب الضوابط والقوانين والانتهاكات الّتي تحدث في قطّاع الإعلام في شمال وشرق سوريا، تنطلق من أسباب سياسية مرتبطة إما بالمشهد السياسي السوري، أو تكون مرتبطة بمحاور إقليمية أيديولوجية تتسرب، وأحيانا تهيمن على السياسة الإعلامية للمؤسسات التابعة للإدارة الذاتية، وبالتالي، على ما يصدر عنها من قوانين، بل وكذلك انتهاك هذه الإدارة للقوانين التي تضعها هي بنفسها.
يضاف إلى ما تقدم، غياب الإرث الإعلامي لدى هذه المؤسسات التي أوجدتها ظروف الحرب بعد سنة 2011. وهي ظروف لا علاقة لها بفكرة الإعلام. لذلك تأسست مؤسسات إعلامية بدون رأسمال بشري مؤهل. مجرد أفراد، وجدوا أنفسهم فجأة أمام مهمة إرسالية، مضبوطة الإيقاع العقائدي، مهلهلةُ الخطاب، مبتسرة الإرسالية، وأحيانا، مشغولة بقضايا ليست لها علاقة بالحرب السورية التي أنتجت هذه المؤسسات، ووفرت لها أسباب تمويلها، وتمدها باستمرار بالمواضيع التي يفترض منها أن تحملها إلى الراي العام المحلي و الدولي.
قبل سنة 2011، كانت المنشورات الحزبية هي الوسيلة الخبرية لتداول الشأن السياسي الكردي في المدن الكردية في سوريا. مطبوعات رديئة الطباعة. توزيعها يتم باليد فيما بين الأعضاء الحزبيين. محتواها مواضيع منوعة جدا، وخطابها السياسي توجيهي لإرشاد الأعضاء الحزبيين إلى مسارهم الحزبي المستقيم. ثم جاءت الفورة الإعلامية في عموم سوريا. وتشعّب الفِطرُ في رواق كل خَرابة.
وهكذا، بعد عام 2011، في عجالة ودون ضوابط، تأسّست عشرات المؤسسات الإعلامية المحلية في المنطقة، بعد أن قامت الجهات الدولية المانحة بدعم قطاع الإعلام في سوريا، وعلى وجه الخصوص الإذاعات المحلية، التي أصبحت فيما بعد من أهم مصادر تلقي المعلومات لدى السكان المحليين، بسبب الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، وفقدان التلفزيون مكانته وقيمته السابقة.
أما بعد ظهور تنظيم الدولة الإسلامية داعش وسيطرته على مساحات واسعة في شمال وشرقي سوريا عام 2014، وتشكل وحدات حماية الشعب في عام 2014 لمُحاربةِ تنظيم داعش وحماية المنطقة الكرديّة، ووصول مئات آلاف النازحين إلى المنطقة، وصعود القضية الكردية إلى الواجهة، تحركت عشرات المؤسسات الإعلامية الإقليمية والأجنبية نحو المنطقة، وعينت مراسلين وافتتحت مكاتب، وتعاملت بشكل قانوني مع الإدارة الذاتيّة، الّتي أصدرت القوانين والتشريعات الضابطة للعمل الإعلامي.
منذ عام 2012، ومع تشكًّل أولى صيغ الحوكمة في روجآفا بدأت الإدارة المحليّة العمل الإعلامي في المنطقة، وضبطه، وفرض القوانين المتعلقة به، من خلال تأسيس اتحاد الإعلام الحر في شهر تموز من عام 2012، الذي تكفّل، وقتها، بتنظيم العمل الإعلامي ومنح التراخيص وتوقيف الصحافيين المخالفين عن العمل. ومن ثم انتقلت هذه المهام إلى مديريات الإعلام التابعة لمقاطعات الإدارة الذاتية في الجزيرة وكوباني والرقة، ولاحقاً مع إعلان الإدارة الذاتية لشمال وشرقي سوريا في عام 2018، انتقلت كل المهام والقوانين والأنظمة إلى دائرة الإعلام.
وبعد أن أصدرت الإدارة الذاتيّة في شمال وشرقي سوريا، القرارات والقوانين الناظمة للواقع الإعلامي في شمال وشرقي سوريا من خلال اتّحاد الإعلام الحرّ، منحت التراخيص لمئات المؤسسات الإعلاميّة المحليّة والإقليميّة والدوليّة، ومنحت أذونات العمل لصحافيين محليين وإقليميين ودوليين للعمل في المنطقة، وإنتاج المواد الإعلامية.[1]
=KTML_Link_External_Begin=https://www.kurdipedia.org/docviewer.aspx?id=466691&document=0001.PDF=KTML_Link_External_Between=انقر لقرائة قانون الاعلام... قوننة الانتهاكات بحق الصحفايين في روجآفا=KTML_Link_External_End=